الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بارزاني رحل.. لكن القضية الكردية باقية.

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2017 / 10 / 30
القضية الكردية


بير رستم (أحمد مصطفى)
بدايةً وقبل كل شيء، أود أن أشكر كل الأصدقاء الذين تواصلوا على الخاص أو العام عن سبب غيابي هذه الأيام وإنني أطمئن الجميع؛ بأن لا شيء خاص وإنما هو نوع من مراجعة نقدية لبعض القضايا وكذلك عدم السماح لأن؛ تغلبني المشاعر الوجدانية على القراءات العقلانية وبالتالي محاولة الوقوف في منطقة "محايدة" قريبة من الحدث ودون السماح بأن يجرفني التيار؛ إن كان مدحاً ونواحاً على البارزاني والبارزانية أو شماتةً وإنتقاماً من الرجل وتاريخه النضالي مثلما نلاحظه مؤخراً في أغلب صفحات التواصل الاجتماعي وأيضاً في الواقع والشارع الكردي.. طبعاً ذلك ليس في إطار أن تهدأ العاصفة لكي نحدد الموقف مع التيار المنتصر حيث كل الإخوة يدركون؛ بأنني كنت من الذين ينتقدون سياسات الإقليم، لكن وعندما تعرض شخصية البارزاني لكل تلك الهجمة الشعواء وقفت داعماً له، كوني كنت وما زلت مدركاً بأن الهدف للنيّل من شخصيته الكارزمية ليس إلا لأنها تمثل إرادة شعب وأمة في نيّل الحقوق وتقرير المصير وبالتالي فإن الاستهداف هو استهداف لتلك الإرادة الوطنية الكردستانية ولذلك وقفت مدافعاً عن الرجل كمشروع أمة وليس كقائد زعاماتي، كما فسرها البعض وللأسف.

ولكن وبعد أن أصرّ هو على عدم قبوله بالتمديد للرئاسة له مرة أخرى _وبالمناسبة هذه ليست وليدة اللحظة، بل هو صرّح بها منذ أشهر_ ومع ذلك وجدنا خروج كل هذه الآراء والقراءات المتباينة، بل المتناقضة والمتصارعة والتي كشفت عن عمق الانقسام الكردي بين الحقد والولاء الأعميين وللأسف، فكان لا بد لأولئك الذين لا يريدون أن يكونوا جزءً من الفريقين بأن يهدؤوا بعض الشيء لكي لا يفقدوا هم أيضاً توازنهم وسط هذه المعمعة والسيل الجارف وهذا ما أحاوله مع ذاتي على الأقل، لكن مع إصرار الأصدقاء وبأن لا نكون دون صوت في وقت نحن بحاجة لكل صوت عقلاني والتي نأمل أن نمثله مع الآخرين، فقد أجبرت أن أقدم وجهة نظري والتي لا أدعي صوابيتها، بل هي محاولة للمساهمة فقط لعلها تساهم في وضع بعض النقاط على الحروف وإنني سأحاول أن أنطلق من العنوان ودلالاتها ورمزيتها التاريخية والتي تذكرنا بتلك المقولة التي قالها "أبو بكر الصديق" في موت "محمد" الصديق والرسول وقائد الجماعة الإسلامية والتي أصبحت فيما بعد أمة ودولة، بل وإمبراطورية أمتدت لحدود أوربا والصين حيث قال: "من كان يعبد محمدًا ، فإنّ محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت"، وقرأ "وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ".

وبقناعتي فإن مقولة "الصدّيق" تنطبق على البارزاني الرئيس والقائد التاريخي حيث من كان يعبد البارزاني، فإن البارزاني قد "رحل وترجل" عن قيادة الإقليم على الأقل، لكن الإقليم والقضية الكردية باقية وهذا لا يعني بأننا نريد أن نقول؛ بأنه كان معصوماً عن الخطأ أو إنه سبب البلاء والكوارث حيث له ما له من تاريخ نضالي يشهد له ويقره الأعداء قبل الأصدقاء، لكن وبنفس الوقت فهو وكأي زعيم سياسي له من النجاحات والاخفاقات التي تحسب له وعليه، لكن وفي كل تاريخه فهو كان ينطلق من قضية واحدة في كل سياساته؛ وهو كيف يخدم الشعب والقضية الكردية وبالتالي فإن تلك الأخطاء قد تبرر تحت الشرط السابق وإن كانت تحتاج لقراءات ومراجعات نقدية بهدف عدم الوقوع بها مجدداً .. وهكذا فعلى القيادة الكردستانية ومؤسساتها الدستورية وبالأخص البرلمان عدم الوقوع في الانقسام والمهاترات السياسية أو السياسات الثأرية، لا داخلياً بين الأطراف الكردستانية نفسها ولا حتى مع بغداد والدول الإقليمية ولا حتى مع الأمريكان حيث السياسة بالأخير هي قضية مصالح جيواستراتيجية والكل يبحث عن مصالحه والأمريكان هم أكثر من يجيدون هذه اللعبة وبالتالي وعندما وجدوا بأن الرئيس بارزاني يهدد مشروعهم السياسي في المنطقة وبأنه بطريقة ما يساعد في نجاح رجل إيران "المالكي" على حساب (رجلهم؛ العبادي)، فإنهم دعموا الأخير على حساب البارزاني، لكن ورغم ذلك علينا أن لا ننسى بأن؛ لولا الأمريكان لما كان للكرد ما كان في يومنا هذا لا في إقليم كردستان ولا في روج آفا والشمال السوري حيث وكما أن العرب مدينون للإنكليز قبل قرن بإنتصار قضيتهم، فإن الكرد سيبقوون مدينون للأمريكان.

ولذلك نعود ونجدد الدعوة لكل الأطراف الكردستانية بأحزابها وكتلها ومؤسساتها الدستورية؛ بأن تعيد الهدوء للشارع الكردستاني ومن ثم تعيد الأمور لسابق عهدها من التنسيق مع الأمريكان والضغط على بغداد للقبول بالحوار والشراكة وبقناعتي فإن هذه ربما تؤجل لبعد الانتخابات العراقية وضمان إفشال الإيرانيين من إيصال حكومة موالية لهم في بغداد حيث الأمريكان لن يسمحوا بسيطرة الإيرانيين ولكن وبنفس الوقت لن يسمحوا بسقوط حليفهم الكردي وإن قضية "المناطق المتنازعة عليها" سيتم البحث والبت فيها لتكون إدارتها مشتركة وتحت الوصاية والحماية الكردية. وهكذا فلا داعي لكل هذا النواح أو الشماتة في قضية "عدم قبول الرئيس بارزاني بالتمديد له" حيث ورغم إنني كنت أأمل أن لا يقدم على تلك الخطوة في هذا التوقيت العصيب والتي قد تفهم من بعض الجهات بنوع من إنكسار كردي، لكن وبنفس الوقت فإن الرجل ترك الساحة لكي يسهل الأمور على الجميع؛ الأمريكان وبغداد وحتى على الكرد أنفسهم لكي يعيدوا فتح الملفات مجدداً وبداية مرحلة جديدة من العلاقات السياسية، كون كاريزما الرئيس بارزاني يمثل مرحلة الثورة والبيشمركة والشعارات القومية الكبيرة، بينما المشروع الأمريكي والغربي في المنطقة هو مشروع الفدرلة وتقسيم السلطات ليكون الجميع رهن إرادتها .. ثم رحيل شخصية كاريزمية لا تعني نهاية قضية، كمثال المسلمين في رحيل قائدهم واليوم في رحيل البارزاني حيث الأمة التي أنجبت محمد أنجبت كذلك عمر ومعاوية وهكذا فإن الأمة التي أنجبت البارزاني فإنها أنجبت وستنجب غيره أيضاً ولذلك لا خوف على القضية الكردية حيث وبعد أن أخرج الأمريكان "المارد الكردي" من القمم لن يعيده أحد، بل إنتظروا المزيد من المكاسب الكردستانية ليس فقط على صعيد روج آفا والإقليم وإنما في مختلف أجزاء كردستان الأخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تصحيح
بير رستم ( 2017 / 10 / 30 - 22:27 )
ملاحظة؛ أنتبهت الآن بأن هناك خطأ كتابي في الفقرة الرابعة من المقال حيث جاءت -..ولكن وبنفس الوقت لن يسمحوا بسقوط حليفهم الكردي وإن قضية -المناطق المتنازعة عليها- سيتم البحث والبت فيها لتكون إدارتها مشتركة وتحت الوصاية والحماية الكردية- والصحيح هي -تحت الوصاية والحماية الأمريكية-.. نعتذر عن الخطأ.

اخر الافلام

.. موفدة العربية ترصد تطورات التصعيد على الضاحية ومأساة النازحي


.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - ‏الأمم المتحدة تدين العدوان الإسر




.. بتوقيت مصر يناقش رفض مصر للتصعيد في المنطقة أمام الأمم المتح


.. تفاقم معاناة النازحين في لبنان




.. عشرات النازحين يفترشون الأرض في الحدائق ببيروت بعد أن فروا م