الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الآخر متهم.

مجدي السماك

2017 / 11 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هناك ظاهرة ملفتة شائعة في المجتمع العربي المسلم.. تظهر نظرة غير سوية لأنفسنا كمسلمين.. وتظهر نظرة غير سوية لغيرنا من أصحاب الديانات الأخرى.. هي نظرة تعكس ما هو كامن في عمق وعينا.. وفي عمق لا وعينا.. وفي عمق وجداننا.. وفي عمق نفوسنا.
تتجلى هذه الظاهرة في أن الإنسان في مجتمعنا العربي المسلم.. عندما يرى أو يسمع عن جريمة بشعة نكراء في مجتمعات الغرب أو الشرق.. أو يسمع عن شذوذ جنسي.. فإن هذا الإنسان المسلم يردد على الفور بصوت متهدج أو قويم: الحمد لله على نعمة الإسلام.. أو قد يردد: الحمد لله الذي جعلنا مسلمين.
الخلل هنا والخطأ يكمن في أن هذا المسلم.. يرجع الجريمة أو الشذوذ إلى ديانة هذا المجرم أو الشاذ غير المسلم.. وبالطبع هذا خطأ فادح.. فكل الديانات تنهى عن الجريمة وتنهى عن الشذوذ.. سواء كانت ديانات سماوية أو ديانات وثنية. وبالطبع فإن الجريمة والشذوذ مرجعهما عادة إما خلل نفسي أو عقلي أو جيني أو اجتماعي.. أو تربوي.. وفي كل الأحوال هي تحتاج إلى بحث ودراسة المختصين.
وخلل آخر يتجلى هنا.. وهو النظر إلى مجتمعاتنا المسلمة وكأنها محصنة ضد الجريمة والشذوذ.. وكأنها مجتمعات ملائكية.. طاهرة ونقية مثل عين الديك. مع إن مجتمعاتنا أيضا مليئة بالجرائم والشذوذ الجنسي.. ولكن بالسر وليس بالعلن.. من مثلية وزنا محارم ولواط ومضاجعة البهائم...الخ وهناك في تراثنا الفقهي قلة من الفقهاء أقروا وحللوا مضاجعة البهائم.. وهناك من حلل ممارسة الجنس مع ابنته إن كانت بنته نتيجة الزنا والسفاح. وبعضهم طالب باحتشام البنت في ملابسها عند جلوسها مع أبيها كي لا يغتصبها أو يغويها أو يفتن بها. ونحن كلنا سمعنا وقرأنا وشاهدنا برامج تلفزيونية عن جرائم بشعة وشذوذ موجودة في مجتمعاتنا.. فنحن مثل غيرنا من المجتمعات.. لسنا بأفضل منهم ولسنا بأقل منهم فيما يخص والجريمة والشذوذ.. وإن اختلفت أسبابها ودوافعها من مجتمع إلى آخر.. ومن فرد إلى آخر.
وتصور معي هنا.. لو أن شخصا بوذيا سمع عن جريمة زنا المحارم في مجتمع مسلم كالسعودية مثلا.. وفعل مثلما نفعل بالضبط.. وظن وفكر كما نظن ونفكر بالضبط.. وأرجع هذا البوذي جريمة زنا المحارم إلى الدين الإسلامي.. وقال مثلما نقول بالضبط: شكرا للإله لبوذا الذي جعلني من البوذيين.. شكرا للصدفة التي جعلتني بوذيا.. شكرا للرب بوذا الذي حرم ونهى عن زنا المحارم.
لا تستغرب يا عزيزي القارئ.. فهو فعل كما تفعل أنت تماما.. وفكر مثلك.. وقال وردد كلامك أنت. مع إن الدين الإسلامي والدين البوذي كلاهما ينهى عن زنا المحارم ويمقته ويجرمه.. ومع ذلك فأن كلا منكما أرجع الجريمة وسببها إلى ديانة الآخر.
هناك طبعا من يرجع الجريمة والشذوذ إلى الديمقراطية والعلمانية.. وهنا نحن أيضا أمام نظرة قاصرة.. فالمساوئ والقبح في المجتمعات الحرة أقل بكثير من المساوئ والقبح في المجتمعات الفاقدة للحرية. والديمقراطية والعلمانية لا علاقة لها بالجريمة.. وقدرة المجتمعات الديمقراطية على إيجاد حلول للجرائم أكبر بما لا يقارن من قدرة المجتمعات التي تعاني من القمع والظلم والاستبداد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مجتمعات منافقة
Amir Baky ( 2017 / 11 / 2 - 09:51 )
النفاق و الكذب على الذات هى جوهر المشكلة

اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah