الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجار الاوهام

سامي عبدالقادر ريكاني

2017 / 11 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تفرض يوما بعد يوم حقيقة مفادها انه لايوجد شيء اسمه القيم المطلقة او الموضوعية العارية عن المصلحة الفردية كقيم(القومية والدين والوطن والدولة)بل ان مردودها النفعي والمصلحي على الكينونة الانسانية الفردية بصورة عملية هي التي تعطي لتلك القيم وزنها واهميتها، واصبح هذا واضحا بعد كشف زيف ادعاء حاملي لوائها من الحركات السياسية بعد فشلهم في تحقيق ذلك على ارض الواقع ، فلم ترفع راية لقيمة مطلقة او موضوعية الا وكان ورائها منفعة فئوية او شخصية ولم نر من مدعي تلك القيم في صراعهم ضد الاخر الا وراينا بان تلك القيم اصبحت بعدها محرقة لاتباع هذه القيم تنصب لهم على ايدي قياداتها لتضحي بهم قربانا لمصلحة شخصية او عائلية او مجموعة فئوية معينة.
واصبح هذا السلوك جليا عند النظر الى سياسات الدول والاحزاب والحركات الايديولوجية في الشرق الاوسط في الاونة الاخيرة وتحولها الى نوع من البراكماتية النفعية المعلنة والمكشوفة في صراعهم القائم ضد بعضهم البعض سواء على المستوى الداخلي او الخارجي وخاصة محاولتهم جاهدين للخروج من الارث النفاقي المفضوح الذي اداروا خلفها نزاعاتهم النفعية خلف ستار الدفاع عن القيم الكلية او المطلقة كقيم الدين او الطائفة او المذهب او القومية، حيث اصبح اليوم الدفاع عن المصالح العارية دون روتوشات وتجميل مكياجي هي لغة الصراع اليوم على الساحة السياسية الشرق اوسطية، والذي كان قد سبقهم اليها الغرب قبل اكثر من قرن ، ولكن الغرب استطاع من وضع تلك المصالح وادارتها بتقنينها عبر الدساتير والعقد الاجتماعي وبصورة اقرب الى العدالة يكون فيه الفرد مركز وهدف كل القيم، وبذلك خرجت من النفاق والسباحة في فضاء القيم المثالية العليا وانزلتها الى الارض ووضعها في خدمة الفرد .
ولكن بعد عقود من الصراع الصفري في المنطقة الاسلامية بين العقليتين البدويتين القومية والدينية، متمثلة في الحركات السياسية الاسلامية والحركات القومية الموسومة بالعلمانية (بهتانا)في صراعهم على السلطة وعلى شكل الدولة الحديثة بعد انهيار الامبراطورية العثمانية اثبتوا للقاصي والداني بانهم فشلوا في بناء تلك الدولة المزعومة التي كانت من المؤمل منها بانها ستحقق لهم ما وعدوا بها شعويهم و نادوا بها خلف تلك القيم القومية والاسلاموية من شعارات كالتحرر والوحدة والحرية والاخوة والعدالة والرفاهية والتطور والسلام والعيش الكريم، بل انها بدلا من ذلك نجحت في تثبت اركان قيم الوهم فلا وحدة قومية حصلت ولاوحدة اسلامية ولاحرية ولاعدالة ولا اخوة، بل اثبتت التجارب بان القيم التي نادى بها تلكم العقليتين بانها لم تكن سوى شعارات كاذبة وخادعة ومعارضة لكل السنن الكونية ، وانها لم تاتي الا بعكس اهدافها، ولم تخدم سوى فئة نفعية تسلطية دكتاتورية، ولم تكن اول ضحاياها الا افرادا من ابناء جلدتها وايديولوجيتها، وكما لم تستطع دعاة الطرفين من التحرر من التسميتين، الاستعمار الغربي، والمغتصب الكافر، الا بالالتجاء اليهم ليحرروا انفسهم من غصب البطل القومي والاسلامي.
ونتسائل هنا الم يحن الوقت لنجعل من قيم المصلحة الفردية المجردة منطلقا لبناء قواعد مجتمعاتنا ومن ثم نقوم بوضعها في دساتير وقوانين تضبط حدود تلك القيم بصورة عادلة، ومن ثم نجعل من كل مؤسساتها في خدمة هذه القيم ومن ثم ننطلق منها وعليها حتى نصل بها الى بناء قيمه الكلية (قيم الدين والوطن والقومية)، ونحاول التخلص من ذلك الارث النفاقي التاريخي بالادعاء باننا حمات القيم العليا ، ام تريدون ان نبقي الشعوب عبيدا لبضاعة الوهم القيمي الزائف التي تكدست في حوانيت واسواق الاحزاب السياسية الايديولوجية التي تنادي بها سماسرتهم من اجل الاتجار بهم وبعقولهم وبمستقبلهم؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي


.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ




.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها


.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة