الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنقذ في الاديان

سالم جورج

2017 / 11 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


موجز عن المحاضرة الاخيرة لجمعية الرافدين الثقافية

سالم جورج

منذ فترة وجمعية الرافدين الثقافية العراقية في امستردام تنظم محاضرات ولقاءات حوارية وزيارات تدور كلها حول الاصلاح والتنوير والتسامح الديني ، وكانت البداية بمحاضرة عن التطرف الديني وتلتها محاضرة عن المرجعية الدينية والدولة المدنية ومن ثم محاضرة عن الفيلسوف التنويري سبينوزا وبعدها عن اليهودية ومن ثم عن الاب مارتن لوثر وذلك بمناسبة مرور 500 عام على ثورته الاصلاحية ضد الكنيسة الكاثوليكية .

في يوم السبت الموافق 28-10-2017 كانت جلسة في قاعة الجمعية وحضرها جمهور واسع من العراقيين وبعد تناول وجبة الغداء افتتح الجلسة الزميل حسين سميسم وبعد الترحيب بالحضور وبالمحاضر تحدث عن موضوع الجلسة حول المخلص والمنقذ المنتظر في مختلف الديانات ، وكان هذا مدخل لمحاضرة الزميل د. احمد الشيخ احمد ربيعة وكانت بعنوان " الاثني عشرية ونظرية الامام المهدي المنتظر او المخلص في الفكر السياسي الشيعي " .

وهنا نوجز ما احتوته هذه المحاضرة :

في بدء المحاضرة تطرق المحاضر الى مدخل مهم حول التصالح مع التاريخ وذكر ( نحن شعوب لم تتصالح مع تاريخها وتاخذ الماضي بكل خزعبلاته وتدخله عنوة في الحاضر والمستقبل ولسبب بسيط ولكنه قاهر هو كوننا خير أمة انزلت الى الناس وكون الله اكرمنا بالاسلام ... دخلت اوروبا الحضارة والتمدن حين تصالحت مع تاريخها ومع نفسها واسقطت سلطة المقدس من خلال القراءة النقدية لحياتها وماضيها ، فانهت سلطة الدين على المجتمع والدولة ، وحتى اليهودية دخلت التاريخ حين خرجت من معطفها القديم ... تحول الاسلام الذي اكرم الله العرب به كما يدعى من سلاح خارق للزمان والمكان الى ماكنة للموت والاذلال وتهمة وعار يلاحقنا بكوننا ارهابيين، محكومين بالتخلف ... يبدوا اننا شعوب، مخبولة بالموروث وتتخوف من ملامسته ومراجعته بعقلانية، هي اساس او جذر ازمتنا مع الحياة والمستقبل ... ان التنوير يحتاج الى ارادة سياسية من السلطة او القوى المتنفذة فيها وتتربط بارادة على المستوى الشخصي والجماهيري بالقراءة الناقدة لموروثنا ، وبدون مقدسات، قراءة باحثة عن حقيقة ما حصل وصحة ما كتب، قراءة تنتشلنا من المستنقع الذي نحن فيه ).

وفي هذا الصدد تناول الزميل المحاضرثلاث موضوعات : فكرة المهدي المنتظر او المنقذ ، مفهوم السنة والشيعة ، والروافض .

في موضوعة المهدي المنتظر المنقذ تطرق الى ان الدين هو السحر الذي انقلب على صاحبه، فالانسان خلق الدين وتحول هذا الدين الى قوة خالقة وصانعة للانسان. ان فكرة المنقذ كانت على الدوام جزء من البنى الدينية في كل الاديان وحتى في المجاميع الدينية، انها تجسد تراجيديا العذاب والامل ... تأسست فكرة المنقذ على عودة كائن الهي للارض التي تمتليء جورا وظلما وفسادا، هذا المنقذ سيقوم بعملية تصفية الاشرار ومنابع الشر، وبالتالي يقوم عالم الخير والعدالة، عالم طالما حلم به معذبوا الارض. ان فكرة المهدوية فكرة عميقة في الفكر الانساني، ففكرة المنقذ موجودة في الديانات المصرية القديمة والهندوسية، والبوذية، والزرادشتية، واليهودية، والمسيحية، والاسلام.

ويشير هنا المحاضر الى ان المهدوية تعكس عمق التناقضات بعد ما يسمى تحول الاسلام المحمدي البدوي الى ما بعده بفعل التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقبلية والاثنية وغيرها بعد الفتوحات، لقد خرج الاعراب الى الفضاء المفتوح والى عالم لم تكن لهم عدة لمواجهته.

اما حول مفهوم السنة والشيعة فيذكر انه لا يوجد في تاريخ الاسلام شيء اسمه السنة، حيث ظهر مفهوم السنة في أواخر العصر العباسي الاول وبالذات بعد تشكيل المذاهب، فالعباسيون كانوا فرقة شيعية ويطالبون بحق ال البيت في قيادة الامة .. ولتوضيح ذلك يشير الى كتاب الدكتور علي الوردي " دراسة في طبيعة المجتمع العراقي " .

المحاضرة كانت واسعة وتطرقت الى جوانب عديدة حول الامويين ونظريتهم الايديولوجية السياسية القائمة على اساس التفويض الألهي وان المسلمون ملزمون بطاعة ولي الامر، بل اعتبر ان خلفائهم لا يتعرضون للحساب والعقاب يوم القيامة، وان الانسان مجبر ومسير وليس مخيراً.  ومن ثم تم التطرق الى الشيعة الذين اضافوا الى اركان الدين عند السنة وهي التوحيد والنبوة والميعاد اضافة الى الامامة والعدل وبذلك خلق الشيعة نظريتهم السياسية بموازاة النظرية الاموية وهي نظرية الأمامة الالهية لان جوهرها التوريث اضافة الى العصمة والنص والتعين وهذه العملية لا تتم بارادة بشرية وانما بارادة الهية  وان الائمة كالانبياء في وجوب عصمتهم وان الامامة مفروضة من الله ولكن لا يوجد فيها وحي، وحيث ان العالم لا يمكن ان يكون بدون امام .

وبعد ذلك انتقل المحاضر الى ظهور فكرة المهدي، وركز على الطبيعة السياسية والايديولوجية والاجتماعية التي شكلت تيار الاثني عشرية ووصولا الى الامام الحادي عشر(الحسن بن علي العسكري) وبسبب وفاته وعدم وجود عقب او ولد ظاهر له ادعى مناصروه اختفاء ولده المزعوم. وهذا الولد المزعوم لا وجود اي اتفاق في المعلومات في كتب فقهاء الشيعة عنه، حيث اختلفت الروايات حول: فترة الحمل وتاريخ وطريقة الولادة ونموه والعمر وسنة اختفائه ولونه ومن كانت امه وطريقة ومكان اختفائه وعلامات ظهوره والتي تتغير من وقت لاخرومن هي وكيلته بعد الاختفاء هل عمته ام جدته حكيمة      ( التي ادعت وصايته ولقاءه وحصولها على اجوبته ) ام السفير الاول ؟ وهل يسمح الفقه الاسلامي او الشيعي ان تتولى المرأة هذه المكانة ؟ وكذلك لم يرَ احد توقيعاته او رسائله.

لقد كانت للحسن العسكري جواري عديدات ولم تلد له اي منهن، وترك وصية لأمه حُديثَ ( أم الحسن )، لذلك نشأ صراع بين اخيه جعفر وام الحسن استمر لسنوات وحصل جعفر في النهاية على نصف الميراث، خاصة انه يعلم ان ليس لاخيه عقب. يروى ان جعفر كان سكيرا، فاجر وحرض الخليفة على شيعة اخيه وكان يعمل لصالح الدولة ضد الشيعة وقام بعد وفاة الحسن بسرقة بيته وجواريه.

لم يعيش اي من الائمة في وضع مادي صعب او كان أحدهم فقيراً او معوزاً، وقد ذكرت روايات عديدة عن وجود صراع على المواريث والاملاك والعبيد بعد الوفاة، ويصف الدكتور جواد علي صعوبة تحديد وضع مدخولاتهم بسبب السرية فيما يبعثه الاتباع لهم وقلة ما كتب عن ذلك، لكن واقع الامر وبالنظر لعدد الزوجات والاماء والصراعات على الميراث وغيرها تعكس طبيعة حياتهم المرفهه.

اما ما يمكن التوصل اليه هو ان الائمة الاثنا عشر من عهد علي بن الحسين لم يمارسوا السياسة ولم تكن لهم اي طموحات للوصول للسلطة، وانحصر نشاطهم الاساسي في مجال الفقه وبالذات محمد الباقر وجعفر الصادق، وكان اغلبهم منقطع عن الناس، ولم يسعوا الى بناء تنظيم سري لحركة سياسية او ذات اهداف سياسية، وكل الروايات تعكس شيء من التنظيم ( الوكالة ) محوره الاساسي هو قضايا فقهية والاهم هو جمع الاموال وايصالها للامام المعني.

ان الاثني عشرية كفرقة او تيار او حزب سياسي ظهر كما يقول احمد الكاتب في القرن الرابع الهجري ولم يكن له اي اثر في القرن الثالث ولم يشر لذلك متكلموا الشيعة، حيث الامامة كانت لاخر الزمان .

هنا لا بد من اشارة مهمة للمحاضر تخص وضعنا الحالي وهي انه الان تتحكم ومنذ عام 2003 قوى سياسية قادت الوطن والشعب من خراب الى خراب، وهي سائرة بوعي واصرار على تصفية وطننا وشعبا، مواصلة بذلك سياسة النظام الساقط في معاداة أي طموح انساني مشروع للعراقيين في حياة وعالم سعيد. فقد شنت الطغمة او الاولغارشية المالية الصاعدة وبالذات بعد 2008 حربا شعواء ضد شعب اعزل خرج من أتون نظام فاشي بتحالفها مع رجال الدين وشيوخ العشائر وتلعب البيوت المالية الشيعية وهي القاعدة الاوسع في هذه الطغمة المالية دوراً بارزاً، فهي أضافة الى قدراتها المالية الخارقة، ما زالت متحكمة بمفاصل التكوين والتطوير السياسي للبلد وكل جوانب الحياة الاخرى ... هناك حركة وقوى سياسية مسيطرة في السلطة ومتحكمة في المجتمع بعد عام 2003 تلتزم وتعيد أنتاج الموروث الديني – الطائفي بأعتباره قاعدة فكرية لا يرقى اليها الشك أو التشكيك، الى جانب ذلك اخذت فكرة المهدي المنتظر وعودته تستعيد حيويتها من ايمان قوي لسياسة ذات منهج عقائدي محدد بها من جديد.

وان ازمة الفكر الاسلامي في مواجهة الواقع الحاضر او المستقبل وحتى التعديلات التي انتجتها نظرية ولاية الفقيه فأنها في واقع الحال نظريا وعمليا لم تنتج سوى دولة دكتاتورية ثيوقراطية.

كانت محاضرة الزميل د.احمد شيخ احمد ربيعة واسعة ومتعددة المحاور وغنية بالاحدث التاريخية وصراعاتها وتواريخها وشخوصها.

في هذه المقالة استعرضنا بشكل مختصر لأهم الجوانب الواردة فيها.

وبعد ان انهى الزميل احمد محاضرته وقد استغرقت حوالي الساعة والنصف، فسح المجال لمداخلات واستفسارات الحضور.

في الختام قدم الزميل حسين سميسم باسم جمعية الرافدين الثقافية العراقية في امستردام الشكر للزميل المحاضر على الجهد الكبير الذي بذله وكذلك للحضور الكرام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المقدس
Almousawi A.S ( 2017 / 11 / 5 - 18:17 )
عزيزنا الدكتور سالم جورج
احسنت الايجاز المثمر المفيد
عن هذا الاسهاب التأريخي الطويل
كذلك تقيمكم الايجابي
للدور التثقيفي الممنهج لجمعيه الرافدين الثقافيه العراقيه في امستردام
ودورها في معالجه ظهور ونمو مفهوم المقدس
حجرا او بشرا اوكلمه اوحيوانا كان او كتابا
وما يستنتج من هذه المحاضرات من روى وافكار
تخص معالجه الوضع المأساوي
بل والقوانين المتخلفه والمسيئه لتاريخ العراق وحضارته
وذلك في باب النقاشات والاسئله بعد كل محاضره
والمقارنات المدروسه حول النافع والاصوب
بين اسلوب الاصلاح او التغيير
واحيانا منهج الاصلاح الذي يستطدم
بلا مناص عن تبني منهج التغيير الملائم لتجاوز القديم البالي عسير الاصلاح
جميل طروحاتكم عزيزي ابو ليزا
وحبذا الاستمرار في القادمات
مع شديد الاعجاب والتقييم لجمعيه الرافدين المؤقر في امستردام
مع فائق الشكر والتقدير


2 - المنقذ
ابوعلي ( 2017 / 11 / 5 - 22:25 )
المحاضرة واسعة اطلت على كل مقدمات الافكار التي ادت الى الغيبة ، وقد اضافت المداخلات والاضافات عمقا جعل الاسئلة تتناسل .شكرا للمحاضر والحضور النوعي .


3 - 2 المقدس
Almousawi A.S ( 2017 / 11 / 6 - 09:54 )
قد تختلط الامور على البعض تصورا خاطئا
ان مشروع الجمعيه هو الخوض في وحل الاديان
بحثا من خلالها اي هذه الاديان على ما يقارب درجات
الخلاف في هرطقه طقوسها او تعصب منهجيتها العدوانيه
غير ان لجنه الجمعيه على درجه راقيه من الوعي في
اختيار سلسله هذا المشروع الفكري الظخم وبمناعه
عاليه وخبره وحياديه للمساهمه دون خوف لتبيان
خطوره نوايا ومصلحه مثيري العنف الديني
وذلك من خلال فتح الابواب على مصراعيها
لتوضيح وبالملموس عدم افضليه دين عن اخر
من خلال زيارات ميدانيه للمواقع والرموز
المتمثله بهذا الدين او ذاك بما يساهم
في تحسين روابط المواطنه في كل مكان
وبما يساعد على رفع الكابوس الخانق
الجاثم على كيان عراقنا الحبيب


4 - يراجع = المنقذ من الضلال -لأبي حامد الغزالي
عبد الله اغونان ( 2017 / 11 / 6 - 14:53 )
يراجع هذا الكتاب الذي استمد الكاتب منه عنوان مقاله


5 - 3 المقدس
Almousawi A.S ( 2017 / 11 / 6 - 19:48 )
اسمحوا لي اخيرا قتباس الاتي عن الصديق وليد مهدي

ماهي بإختصار أهم عناصر وسمات المنظومة التبريرية في العقائد التوحيدية ؟

1- غير مسموح بمحادثة الله
2- غير مسموح بمحادثة ملائكة الله
3- غير مسموح التفكير متى يتدخل الله
4- غير مسموح مجرد التفكير برؤية الله أو ملائكته إلا يوم القيامة !!

هذا ليس من العقلانية في شيء ، أنه فصام و جنون وافلاس أخلاقي وقيمي ..

العقل البشري أعظم وأجل ويتمتع بإمكانيات وطاقات تفوق حدود هذا السجن الذي كبلت افاقنا به المؤسسة الدينية الانتهازية التي تبرر لايقونة هذا الإله اختفائها من العالم كي تحافظ على وجودها وهالة القداسة التي اطرت به نفسها .. !!

اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب