الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الارهاب النفسي وشائعات الذعر... د. ناهض موسى

ناهض موسى

2017 / 11 / 18
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


psychological Terrorism& Rumors-Panic
يرتبط الارهاب النفسي وشائعات الذعر الى حد كبير ارتباطا وثيقا في النوايا والاهداف والتأثير على النفس والسلوك.. والميدان هو شخصية الانسان ...
وأشرنا في مقال سابق من ان الإرهاب النفسي : كما بين Gollin,F ,2000
هو : " التهديد باستعمال العنف دون تقدير او تمييز بهدف تحطيم كل مقاومة وذلك بإنزال الرعب في النفوس , والقضاء على الكائنات , وتدمير الممتلكات واستعمال العنف بشكل منسق لتخويف النفوس وإزهاقها , واستعمال جثث الضحايا لزرع اليأس في قلوب الأحياء " .. فهو : يسعى لبذر الخوف في قلوب الناس وعقولهم عن طريق القوة المدمرة ومقدرتها على إشاعة الفوضى والدمار والمتاعب النفسية ...
فالإرهاب النفسي مؤثر نفسي خطير وفعال على نفس الانسان ...اذ نجد مجرد النطق بكلمة ارهاب يولد الخوف والذعر عنده كونه يرتبط بالخطر المميت ، والعجز عن الدفاع عن النفس ، في موقف ما ، وما سبيل للنجاة منه.
ولو أمعنا النظر بالآثار النفسية والاجتماعية للإرهاب وشائعات الذعر لوجدنا ان الطريق المعبد للذعر والهلع الذي يناور به الارهاب قد يكون كلمة او شائعة ذعر ... كون ان الافراد تحت تأثير حالة الذعر والخوف الشديد المرتبط به قد يسيئون تفسير الاشياء الاعتيادية ويصورونها على انها بشعة تهددهم : ( سيارة ملغومة ،انتحاري، ارهابيون يفجرون او يخطفون الناس ) وقد بينت الدراسات ان في حالة المضطربين نفسيا تحت تأثير الذعر قد يخيل لهم انهم يرون اشخاصا قادمين ( انتحاريين) لمهاجمتهم في الوقت الذي لايكون فيه هناك اشخاصا مطلقا ،او قد تصل الى انوفهم رائحة غاز مميت او دخان في الوقت الذي لا يكون فيه غاز او دخان ، وقد يحدث الشئ نفسه حتى للافراد العاديين في حالات الخوف والذعر الشديد ( Leighnton , 1945 , p339) .
وكثيرا ما يصاب بعض الأفراد إبان تواجدهم وقت وقوع الحادثة الإرهابية بكثير من الاعراض والعاهات النفسية رغم عدم إصابتهم جسديا او ماديا فنجد البعض من يعاني الفزع والارتعاد والخوف الشديد ( الفوبيا) أثناء الحادثة او حالات كالإغماء أو الغيبوبة عن الوعي وفقدان القدرة على النطق بكلام أو من يصاب بعاهة او صدمة نفسية تؤدي بحياته كون ذلك كله يعد خارج تحمل نطاق النفس البشرية وتجاربها .
ففي حادثة جسر الائمة ببغداد مثلا ولمجرد سماع كلمة – ارهابي – يرتدي حزام ناسف يروم تفجير نفسه وسط الحشود المؤلفة المتجه لإداء ذكرى زيارة الامام موسى بن جعفر (ع).. فقد اكثر من 831 شخصا حياتهم نتيجة التدافع والسعي للهرب من فوق الجسر المكتظ بالناس فسحق بعضهم بعضا وتساقط المئات غرقا في نهر دجله.
وعاشت المستوطنات الإسرائيلية القريبة من الحدود مع لبنان، قبل مدة ليست ببعيدة حالاً من الذعر والهلع، بعد تداول المستوطنين أخباراً عن اجتياز مجموعة من حزب الله الحدود في اتجاه إحدى المستوطنات لتنفيذ «عملية خطف» مما دفع الذعر المستوطنين إلى إقفال محالّهم التجارية، وخلت الطرقات من المارة والسيارات، وأغلقت الشرطة والجيش الطرق الرئيسية ومفترقاتها. وأعلنت المؤسسة العسكرية رفع حالة التأهب على طول الحدود مع لبنان، واتباع الإجراءات الاحترازية لمواجهة حالة تسلل لخطف جنود ومستوطنين وزاد من مستوى الهلع التعزيزات العسكرية التي انتشرت في القطاع الأوسط من الحدود، وإقفال الطرق، والطلب من المستوطنين البقاء في منازلهم حتى انتهاء عمليات البحث والتمشيط.
وقد أدركت الدول الكبرى منذ زمن بعيد أهمية الشائعات فأبان الحرب العالمية الثانية، ركزالفكر النازي بشكل كبير على أهمية الدعاية والشائعات، حتى أنه أنشأ، وربما لأوًل مرة، وزارة البروباجاندا، أو الدعاية، والتي رأسها (جوزيف جوبلز)، أحد مؤسسي علم الشائعات، الذي عد الشائعات فن من فنون عالم الجاسوسية، له تقسيماته وأنواعه وتأثيراته، ولكل شائعة مهمة وغاية، وعده أحد فنون الحياة، وفن عميق أيضاً، يدرك كيفية استخدام الشائعة المناسبة، في الوقت المناسب؛ لبلوغ الهدف او الاهداف المتوخاة …
فالشائعة بشكل عام كما يصفها (جولدن البورت ، وليوبوستمان ) في كتابهما سيكولوجية الشائعة بأنها : اصطلاح يطلق على رأي موضوعي معين مطروح كي يؤمن به من يسمعه وهي تنتقل عادة من شخص إلى أخر عن طريق الكلمة الشفهية دون أن يتطلب ذلك مستوى من الدليل او البرهان...
وتعتمد الشائعات ، على قاعدة أساسية، توصّل إليها خبراء علم النفس، منذ سنوات تقول: «إن الناس ميالون لتصديق الكذب، مهما بدا زيفه، إذا ما صادف هواهم، وأرضى دوافعهم ، وتكذيب الصدق، مهما بلغ وضوحه، إذا ما خالف هواهم»….
وان الرعب والشائعة نتاج اجتماعي إذ هما ضربا من الاستجابات الاجتماعية في وضعيات تتسم بالتوتر. (Banks, 1972, p. 15).
ولما كان الارهاب يسعى الى التركيز على اهمية جذب الانتباه من خلال اذاعة ونشر افعال الارهاب (كما حصل في قضية الكساسبه او قطع الرؤوس وغيرها )، بغية خلق وتشجيع نشوء بيئة خوف وترهيب ملائمة يستغلها الارهابيين لنشر افكارهم ..معتمدا الذعر والرعب ، فان نجاح الارهاب وتفوقه في تحقيق ماَربه لا يقاس من وجهة نظر من يقوم به بمقاييس الحرب التقليدية – عدد القتلى في المعركة او بحجم القدرات العسكرية المدمرة او المساحة الجغرافية التي تم الاستيلاء عليها - بل بالأثر النفسي الضار الذي يأمل الارهابيون الحاقة في الجمهور المستهدف ومدى انتشاره فهو يحمل بين طياته أهداف نفسية وأخرى سياسية تكاد تكون أكبر من ضحاياه .
وهنا يلتقيان الارهاب النفسي مع شائعات الذعر في اشاعة الخوف في النفوس باستعماله او التلويح به ، والتخويف بأقصى الدرجات بتوظيف السلاح السايكولوجي الذي يشكل جزءا اساسيا من الظاهرتين التي تسعى بفرض ارادة احد الخصوم على الاخر ... وهو اسلوب يعتمد على المعرفة النفسية وتطبيقاتها في التعامل مع الوعي الإنساني بمستوى يحقق التفوق المطلوب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين أنستغرام والواقع.. هل براغ التشيكية باهرة الجمال حقا؟ |


.. ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 34388 منذ بدء الحرب




.. الحوثيون يهددون باستهداف كل المصالح الأميركية في المنطقة


.. انطلاق الاجتماع التشاوري العربي في الرياض لبحث تطورات حرب غز




.. مسيرة بالعاصمة اليونانية تضامنا مع غزة ودعما للطلبة في الجام