الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإمام الهادي (رض) ضمن دائرة الطائفية

ماجد فيادي

2006 / 2 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تطورت اللعبة, فصار لابد من تطور الوسائل, هكذا ببساطة لم يعد أي شيء في العراق بعيدا عن دائرة الخطر والاستباحة, حتى وإن كان الإمام الهادي (رض) نفسه. فاليوم ظهرت آخر تقليعة في الحرب الإرهابية ضد الشعب العراقي, والتي اشترك فيها العديد من الأطراف, تتمثل في استهداف مقدسات المسلمين, إن كانوا من الشيعة أو من السنة (للأسف أجد نفسي مجبر على استخدام هذا التقسيم المقيت).
حاورت أحد الأصدقاء عن سبب استهداف الإرهابيين مقدسات المسلمين, ولماذا لم يستهدفوا أشياء أخرى لها علاقة بالمجتمع العراقي, مثلا تفجير الجسور أو الوزارات أو مخازن التجار أو أو أو ....
كان الجواب, لأنهم يكرهون الشيعة ( صديقي من الطائفة الشيعية). واستمر الحوار الى ما لا نهاية
كمـــا هي العادة ؟؟؟
لم أرى بداًََ من الإشارة الى أن الساسة العراقيون في عهد الدكتاتور صدام, والذين لحقهم بعد السقوط (هنا الحديث عن نسبة عالية منهم), طرف أساسي في تطور التدهور الأمني والاقتصادي والخدماتي والاجتماعي, فقد صعد هؤلاء من الخطاب والفعل الطائفي حتى صارت الطائفية وسيلة من وسائل صراع الشعب العراقي, كما دخلت الحكومة العراقية المنتهية ولايتها طرفا في هذه اللعبة الطائفية وفي مناسبات كثيرة. هذه ليست اتهامات, بل هي أمور حدثت على ارض الواقع, على سبيل المثال, القوى السياسية التي اختطفت الصوت السني ومقاطعتها للعملية السياسية, محاولة منها في إبقاء الوضع تحت نظام الفوضى, دخول قوى بعثية في صفوف قوى الإسلام السياسي دون اعتراض من احد, السماح والتعاون مع التكفيريين الزرقاويين, محاولات الإسلام السياسي السني إدخال البعثيين الى دائرة القرار من جديد, فسح المجال من قبل الاسلام السياسي الشيعي لتدخلات ايران في القرار العراقي , الدفاع عن إيران وفي كل الأحوال, لجوء العديد من هذه القوى الى الحفاظ على مليشياتها وتوسيعها, مما جعل الطرف الآخر يمعن في تطوير قدراته القتالية, السكوت عن ممارسات كل طرف أو تحريض أتباعه في إظهار قوته واستخدامها ضد الآخر, تصعيد الخطاب الطائفي بمناسبة أو بدونها, غض الطرف عن المأساة التي يتعرض لها احد الطرفين إمعاناً في تعميق الانتماء الطائفي, دور وزارة الداخلية في انتهاكات حقوق الإنسان, وتعذيب المعتقلين وقتل البعض منهم دون تقديمهم الى محاكمة قانونية حسب الدستور, القائمة طويلة مما أدى الى نتائج أكثر بشاعة.

إن القوى السنية التي تدعي تمثيل بنات وأبناء الطائفة السنية, إنما تقتات على هذه الفكرة الطائفية, لأنها ببساطة, لم تأتي من واقع حقيقي, بل هي صنيعة حاجة سياسية تمثل مصالح أفراد كانوا بالأمس القريب يحكمون العراق بكل ما يحمل اسم العراق من معنا, وأتباع هذه الاحزاب عدد كبير منهم ينتمون الى حزب البعث ممن شملوا بقانون إجتثاث البعث, مما سهل المهمة على أحزاب الاسلام السياسي الشيعي في مهاجمة هؤلاء واتهامهم بكل ما يجري على ارض العراق من أعمال إرهابية, وهم بهذا فتحوا الباب لهذه الاحزاب السنية الحديثة في اكتساب تأييد الجماهير السنية باعتبارها الند الذي يقف أمام المد الشيعي, الذي لم يقدم من الضمانات والأداء والتصريحات, ما يطمئن السنة على مستقبلهم في العراق بعد سقوط الدكتاتور (علما أن السنة لم تكن في يوم بمنأى عن ظلم صدام).

أما الاحزاب الشيعية فهي عاجزة عن تقديم برنامج تلتزم به وتخرج عن دائرة التبعية للجارة المسلمة ايران, وما تحالف هذه الاحزاب في الانتخابات الأولى والثانية, إنما دليل على استنادها على الفكرة الطائفية, دون تقديم برنامج يخدم المجتمع ويكسبون من خلاله الأصوات, ولو قارنا قرار رفع أسعار المحروقات بعد الانتخابات مباشرة, لوجدنا إن قادة هذه القائمة ابعد ما يكون عن خدمة الشعب العراقي.

ولتصريح السيد السستاني في خروج بنات وأبناء الشيعة بالتظاهرات وعدم المساس بالجوامع السنية, إنما ينطوي على اتهام مبطن للطائفة السنية بالقيام بهذا العمل, ولا افهم أين ذهبت حكمة السيد السستاني فيما لو دعا الى خروج التظاهرات لكل المسلمات والمسلمين, احتجاجا على هذا العمل الإرهابي وتوحيد كلمة المسلمين بتفويت الفرصة على الإرهابيين في تحقيق أهدافهم الرذيلة, هذا التصريح وبهذه اللغة يشعل نار الطائفية بين العراقيين ويحرق الأخضر مع اليابس, ويأخذ أبرياء بذنب المجرمين.

تصر بعض القوى في الغلو بهذه السياسة, عندما تعمل على إلغاء التوجهات غير الطائفية من المجتمع العراقي, وتسعا الى تقسيم المجتمع الى كيانات حسب مصالحها السياسية, فقد صرح العديد من ممثلي قائمة الائتلاف العراقي الموحد خطوطها الحمراء على القائمة العراقية, ووصفها بأنها لا تمثل مكون عراقي, معتبرين مكونات الشعب العراقي هي الشيعة والسنة والكرد, استنادا الى مكونات القوائم الفائزة الأولى بالوصول الى الجمعية الوطنية واعني بها قائمة الشيعة ( هي لا تحوي غير الشيعة) قائمة السنة ( هي لا تحوي غير السنة) قائمة الكورد ( هي لا تحوي غير الكورد), أما القائمة العراقية فهي خليط من بنات وأبناء الشعب العراقي الذين لا يحق لهم الدخول في الحكومة لأنهم غير طائفيين أو قوميين. وفي مكان ثاني فقد سكتت الحكومة العراقية المنتهية ولايتها عن أعمال العنف التي ارتكبت ضد مواطنين عراقيين بالقتل وحرق مقراتهم لأنهم ببساطة ينتمون الى القائمة العراقية. إن الرغبة في سحق القائمة العراقية نابع من نفس الهدف الذي تصعد من اجله الطائفية, وهو الوصول والانفراد بالسلطة لتحقيق مكاسب فئوية وشخصية ضيقة لا تمت بصلة الى الشعب العراقي بشكل عام.
إن التجربة التي تقدمها القائمة العراقية تنطوي على قدرة العراقيات والعراقيين في العمل المشترك وتقديم نموذج عراقي ناجح, يسكت كل الأصوات الطائفية والقومية التي تدعي تقسيم العراق الى مكونات طائفية وقومية, من هنا جاءت الرغبة في إبعاد القائمة العراقية لكي يستمر النزاع الطائفي والذي في حقيقته المغذي الوحيد لبعض القوى التي لا تريد للعراق الخير.
هذه السلوكيات وغيرها لن تصل بالعراق الى بر الأمان, ولن تبني بلدا مزقته الدكتاتورية والحروب, بل ستؤدي الى المزيد من التفنن في انتهاك حقوق الإنسان, وتدهور مستمر في تقديم الخدمات وتوفير فرص العمل, واستمرار بقاء قوات الاحتلال الى فترة أطول, وهجرة العقول العراقية الى بلدان المهجر لتستغل بأبخس الأجور, أو تركن لتتحول مع الزمن الى كفاءات وخبرات سابقة عفا عليها الزمن (كما هو حال صاحب المقال).

إن الحل يكمن في تقديم أعمال, تطمئن الطرف الآخر, وتشكيل حكومة متعددة الأطراف, تضمن للعراقيات والعراقيين عدم إبعاد أطراف لحساب أطراف أخرى, ونكران للذات, يتبعه قبول بواقع, أما يستمر بسفك دماء العراقيين, أو العمل المشترك للوقوف بوجه الإرهاب والإرهابيين, والابتعاد عن لغة الإقصاء.

إن لم يكن للعقل والبصيرة مكان في العراق, فالغد سيشهد فنون أخرى وأكثر تأثيراًَ في إرهاب الشعب العراقي واهانة كل ما من شأنه تعميق الخلافات الطائفية والقومية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah