الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تضارب المصالح في قضايا التغير المناخي

لينة حسين الطيب

2017 / 11 / 26
المجتمع المدني


الوقود الإحفوري هو عبارة عن بقايا الكائنات الحية من نباتات و حيوانات، دفنت عميقاً في باطن الأرض و تعرضت إلي درجات حرارة و ضغط مرتفعين مما أدى إلي تركيز مادة الكربون فيها و تحولها الي وقود إحفوري او ما يعرف بالوقود الطبيعي و يشمل الفحم و النفط و الغاز الطبيعي, يشكل الوقود الإحفوري نسبة 90% من مجمل الطاقة المستخدمة في حياتنا اليومية. اهم مميزات هذا الوقود انه يمتلك كثافة طاقة عالية و عندما تتم معالجته بتروكيميائياً ينتج أنواع مختلفة من الوقود ذات استعمالات متعددة. بالرغم من حسنات هذا الوقود و لكنه يلعب دوراً رئيسياً في دمار البيئة و ظهور ظاهرة الاحتباس الحراري و تلوث الهواء بفعل الغازات و المواد المتطايرة الناتجة عن حرقها و كل هذه تؤدي إلي ظواهر بيئية خطيرة ذات ابعاد محلية و إقليمية و عالمية. قامت الثورة الصناعية تزامناً مع إستعمال الطاقة الإحفورية في المجال التقني و خاصة الفحم الحجري في ذلك الوقت, أما في يومنا هذا يلعب النفط الخام الدور الأكبر في تلبية إحتياجات الطاقة نظراً لسهولة استخراجه و نقله و معالجته. الوقود الإحفوري لعب دوراً كبيراً في زيادة نسبة غاز ثاني اكسيد الكربون في الغلاف الجوي حيث زاد تركيزه بنسبة 35% منذ بداية الثورة الصناعية و هذا الغاز يمثل نسبة 60% من غازات الغلاف الجوي التي تتميز بقدرتها على امتصاص الأشعة التي تفقدها الأرض مما يسعاد على تسخين الأرض و لكن مع زيادة نسبة هذه الغازات اصبحت درجة حرارة الكرة الأرضية في ارتفاع مستمر يهدد مستقبل البشرية بأكملها ولذلك اصبح العالم يبحث عن مصادر طاقة اخرى صديقة للبيئة و يتوفر فيها عنصر التنمية المستدامة.
هناك تقارير تدل على ان صناعة النفط لها تأثير كبير على انبعاثات الكربون وبتالي على المناخ العالمي، ولكن تم إخفاء هذه التقارير من قبل شركات الوقود الاحفوري حتى لا يلتفت العالم إلى خطورة هذه الصناعة و حتى يستمر اصحاب هذه الشركات في إنتاج الاموال. وقد تم الكشف عن مدى الخداع الذي تمارسه العديد من شركات الوقود الأحفوري الكبيرة في التقارير الأخيرة الصادرة عن اتحاد العلماء المعنيين ومجموعة الدعوة التي تسمى مركز القانون البيئي الدولي. وقد قامت بعض المؤسسات المدعومة من قبل شركات كبرى مثل إكسون موبيل و كوش إندستريز بمهاجة هذه الأدلة العلمية و إنكار صحتها من خلال حملات إعلامية مضللة على نطاق واسع. وعلى الرغم من وجود أدلة متزايدة على عكس ذلك، فقد عرض على العلماء والسياسيين مبالغ هائلة من المال للكذب على الجمهور بشأن حقيقة قضية التغير المناخي. وتواصل شركات النفط الضغط من أجل إبطال التشريعات المتعلقة بالمناخ في الاقتصادات العالمية الرئيسية. ومن المثير للاهتمام أن الاستراتيجية لمتبعة الاَن من قبل هذه الشركات تعتبرمماثلة للإستراتيجية التي تم إتباعها من قبل عمالقة صناعة التبغ الذين عرفوا في وقت مبكر أن التدخين قد يسبب السرطان.
سعت الدول النامية على مدار السنين إلى إضافة قضية "تضارب المصالح" كأحد القضايا التي يناقشها مؤتمر قمة المناخ الدولبة الذي يعقد كل عام و يتم فيه مناقشة جميع القضايا المتعلقة بالتغير المناخي و كيفية التخفيف من اضراره ولكن الدول المتقدمة مازالت رافضة تماماً لقضة تضارب المصالح و كان احد مخرجات مؤتمر قمة المناخ لهذا العام ان يتم "تشجيع اطراف الإتفاقية على زيادة الشفافية" وهذا يعتبر قرار ضعيف جدا لا توجد فيه اي نبرة حادة او إلزام قانوني.
من الناحية البيئية السودان يعتبر من اقل الدول مساهمة في إنبعاثات غازات الدفيئة التي تؤدي إلى إرتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية حيث تتصدر الدول العظمى قائمة المتسببين و لكن هذا لا يعني ان السودان لا يجب ان يساهم في مكافحة التغيير المناخي بل على العكس يكمن مفتاح نجاح المفاوضات العالمية المتمحورة حول مكافخة التغيير المناخي و تبني موارد الطاقة المتجددة في الدول النامية مثل السودان حيث ان الدول ذات الإقتصاد القوي نتيجة للصناعات النفطية لا تريد ترك هذه الصناعات من دون ان تضمن ان الدول النامية ستساهم أيضاً و لن تعتمد في تنمية إقتصادها على الصناعات النفطية بشكل كامل.
التغيير المناخي ظاهرة مثبتة علمياً بل تعتبر تهديد حقيقي للبشرية، كما ان آثارها تواجهنا في حياتنا اليومية و يتضرر منها ملاين الناس و يقع الضرر بأشكال مختلفة مثل الفيضانات التى تجرف بيوت الآلاف و التصحر الذي يجبر الناس على النزوح الى مناطق تنعدم فيها ابسط مقومات الحياة، كما ان الاضطراب في موسم و كمية الأمطار السنوية هى احد أثار التغيير المناخي حيث يؤدي إلي فشل المحاصيل الزراعية او نقص كمية الحصاد و عدم توفر ارض صالحة لرعي الحيوانات و نحن نعتبردولة تعتمد إعتماداً كبيرا على المنتجات الزراعية و الحيوانية. لذلك يجب على العالم ان يأخذ خطوات عملية في موضوع مكافحة التغيير المناخي حيث ان العائق الذي يقف في طريق نجاح جميع الاتفاقيات هو جشع و طمع شركات النفط دون الاهتمام او المبالاة بحال المتضررين من هذه التغييرات او بمستقبل الكرة الأرضية الذي يتجه نحو الهاوية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار


.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم




.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #


.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا




.. هل كانت المثلية موجودة في الثقافات العربية؟ | ببساطة مع 3