الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هنتنغتون في صراع السنة و الشيعة !

حازم العظمة

2006 / 2 / 25
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


صاموئيل هنتنغتون البرفيسور الأمريكي الشهير صاحب نظرية " صراع الحضارات " ليس مجرد أكاديمي و نظري فحسب .. ، و لا" صاحب رؤيا " نافذة في التاريخ – على ما يبدو – فحسب .. ، و شهرته التي ما تزال تذاع و تروّج من أقصى العالم إلى أقصاه (تروجها أيضاً الفضائيات العربية ..) لا تنجم حسب عن نظرياته " العميقة" و " البعيدة " في التاريخ ..
، وفي الواقع ثمة دزينات من الكتاب " العباقرة " مثله ، فاشيون من أصناف عديدة ، منهم من هو " مموه" جيداً و منهم من هو صريح تماماً ، لم يحظوا أبداً بشهرة مماثلة ، لأنهم – بصدفة ما - لم يقعوا في "قلب الأحداث" ، وفي " متربول العالم " كما تصادف له ، و أن نظرياتهم ، المشابهة إلى حد بعيد ، لم تتفق - صدفة أيضاً - مع توجهات الإمبراطورية عشية انهيار الإتحاد السوفييتي ، مع بحث المنظرين في حينه و الاستراتيجيين و العسكريين و كل من يدير الإمبراطورية ، بحثهم عن " عدو" بديل يستطيع أن يبرر و يسوّق الراسمالية و ما يتبعها من حروب لا تستطيع أن تحيا بدونها ، و يستطيع أن يستمر في تغييب الوعي الأمربكي و يحافظ على وحدة "الشعب " الأمريكي و نضارة " الحلم الأمريكي " بحيث يرسل مئات آلاف الجنود – هم أساساً من فقراء أميريكا - ليقتلوا بعشرات الآلاف من الشعوب " الهمجية" و أن يعلموا العالم الديموقراطية و حقوق الإنسان كما في أبو غريب و غوانتانامو وغيرها ... إلى آخر ذلك ، فالرجل على ما يبدو هو في قلب " المجموعة " أو " الهيئة " التي هي في النهاية من يصنع السياسة الفعلية للإدارة- الإدارات الأمريكية لا النظريات فحسب ، و إن وجدوا أن نظريته لم يؤيدها في لحظة ما مسار الأحداث فعليهم أن يصنعوا – على الأرض – ما يؤيدها و يجعلها بادية للعيان ، شارون حين اقتحم المسجد الأقصى كان بطريقة ما يؤكد نظريات هنتنغتون و كان يعرف تماماً و ينتظر ما سيتبع ذلك من ردود فعل دينية تحديداً " صدام الحضارات" مهدت له طريق الوصول إلى قمة السلطة و إنجاز ما لم تستطع إنجازه إسرائيل إلا بهذا ، أعني تحويل القضية الفلسطينية من قضية عادلة ، بالنسبة إلى العالم كله ، قضية شعب أغتصبت أرضه و أغتصب وطنه إلى قضية صراع بين يهود " متمدنين" و إسلاميين " همج " و إرهابيين ... ، أشك في أن شارون كان ينتظر نظرية هنتنغتون في " صدام الحضارات" قبل أن يبدأ مسيرته هذه ، فالرجل هو أيضاً له " نظرياته" و فهمه العميق للـ"تاريخ" و "علم نفس الشعوب الهمجية"، و أشك في أنه قبل لحظات من زيارته " التاريخية" للمسجد الأقصى ، كان لتوه قد ترك كتاب هنتنغتون على المنضدة مقلوباً على أن يعود إليه بعد "غزوته" الظافرة ...
نظرية هنتنغتون في " صدام الحضارات" كما شرحها في كتابه بنفس العنوان ، كانت تبحث عن عدو ما يستطيع أن يحل محل الإتحاد السوفييتي في لعب الأدوار التي لن تستطيع الرأسمالية أن تعيش بدونها ، دور الخصم الذي هو أكثر من مجرد فزّاعة ، الدور الذي لن تستطيع الإمبراطورية التوسع بدونه ، و إقتراحاته في الكتاب هذا الذي نشر لأول مرة في عام 1996 هي " عملياتية" بدون مواربة – أو براغماتية إن شئتم – و هي هكذا براغماتية لأنها لسبب ما تنسجم تماماً مع ما تحلم به الأوساط التي تحكم واشنطن من خطط لإخضاع العالم فهو يقترح " عدوين" للـ "الحضارة الأنغلو ساكسونية "، و يضيف عليها في بعض الأماكن صفة " البروتستانتية" للتحديد أكثر و لإضفاء الصبغة الدينية – الرسالية عليها حتى لا تظل مجرد مصالح " مبتذلة" .. العدوّان اللذان يقترحهما : ما يسميه بالـ "كونفوشيوسية" و الإسلام ، الإسلام لأن البترول هناك و كونفوشيوس ( يعني الصين) – لاحظوا الإخفاء " البارع" للمصالح بـ " الحضارة " - لأن النمو الإقتصادي للصين يزعج و يقلق حكام العالم الإمبراطوري و يهدد التجارة الإمبراطورية
الإهتمام بالصراعات " الحضارية" الكبرى لا يستبعد الصراعات الصغرى – التفصيلية – و كما أن فصيلة الذئاب لا تحتوي على صنف واحد هو الكلب ... فالصراعات ينبغي أن لا تقتصر على صنف واحد فحسب ، و ينبغي أن تكون لها" أنواع " .. طالما أنها هي أيضاً تتيح السانحة للتدخل الإمبراطوري ( كما حدث في البلقان على سبيل المثال )، ففي المسعى الحثيث لإقناع العرب و غيرهم من المسلمين بأن العدو " الحضاري" للولايات المتحدة هو الإسلام ، ما يجعلهم يتمسكون بالإسلام ، بنفس الطريقة و " المفهوم" الذي أرسل شارون في زيارته للأقصى ، أصحاب الإمبراطورية دخلوا العراق و في ملفاتهم الصراع المذهبي السني – الشيعي ( صراع – أو صدام حضارات ثانوي ) و كل هذا مفيد ، أولاً و قبل كل شيء لأنه سيلهي العراقيين عن مقاومة الإحتلال ، ثانياً ، و ليس لأن أهميته أقل ، يعرفون من دراسات "علم نفس الشعوب الهمجية " أن صراعاً كهذا إن بدأ فلن ينتهي و لا في عشرين سنة ، و الفوائد من نزاع مديد كهذا لا تحصى .. ، فوائد " الحلم الأمريكي بطبيعة الحال ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الأمريكي يعلن إسقاط صاروخين باليستيين من اليمن استهدفا


.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص




.. حزب الله يقول إنه استهدف ثكنة إسرائيلية في الجولان بمسيرات


.. الحوثيون يعلنون تنفيذ 6 عمليات بالمسيرات والصواريخ والقوات ا




.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولياً