الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منابر مأجورة لطعن الإسلام في أقدس قيمه

فاضل عزيز

2017 / 12 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني




خطيب الجمعة بمسجد حينا بطرابلس ليبيا، الذي لا تعنيه مدينة القدس التي تحتضن المسجد الأقصى، مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم و أولى القبلتين وثالث الحرمين، التي كرسها المجنون ترامب قبل يومين عاصمة للسرطان الصهيوني، هذا الخطيب الذي لم يثر غيرته على الإسلام هذا القارار العدواني الجائر، و الذي لا يزيد عن كونه بوقا لسدنة ظلام الوهابية ، التي تسيطر على منابر ليبيا منذ فبراير 2011م، هذا البوق يردد ما يلقونه له هؤلاء السدنة دون أن يعي معناه. ففي خطبته لهذه الجمعة التي تجاهل فيها قرار تهويد القدس، و كرسها للتدليل على وجوب حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاعته والامتثال إلى أقواله وأحكامه، أفتى و بشكل غير مباشر، وبالاستناد إلى رواية مشكوك في صحتها عن النبي صلى الله عليه وسلم، بحق إهدار دم المسلم إذا أعلن معارضته لأي قول أو حكم صادر عن الرسول صلى الله عليه وسلم تتناقله كتب الحديث أو ما ينسب للصحابة كناقلين عنه !!! مع العلم أن آلاف الأحاديث والروايات المنقولة عنه صلى الله عليه وسلم لا تمت للواقع والحقيقة بصلة إنما هي أحاديث و روايات نسبت له زورا و وضعت بعد وفاته بقرن وأكثر لتكون سلاحا بأيدي السلاطين لتأبيد حكمهم وإنفاذ مظالمهم ضد رعاياهم ، وهو ما لا يزال جاريا حتى اليوم في ربوع العالم الإسلامي وفي مقدمتهم مشيخات الزيت في الخليج العربي..

أورد لنا هذا البوق خلال خطبته السمجة، رواية لا يصدقها العقل بل يمجها، ويصنفها ضمن الروايات التي تستهدف الإسلام كدين في واحدة من قيمه العظيمة وهي العدل و الإنصاف بكل ما يقتضيه من دقة وتحقيق ودراسة وتأنِّي في إصدار الأحكام.. الرواية التي رددها هذا البوق تقول أن مسلما منافقا (حسب وصف هذا البوق ) ويهوديا اختلفا ، فاحتكما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعد أن استمع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى دفوعاتهما حكم الرسول صلى الله عليه وسلم لليهودي..

وأمام هذا الحكم الذي لم يرضه اقترح المسلم "المنافق" على اليهودي الاحتكام إلى عمر بن الخطاب، فذهبا إليه، وعرض عليه اليهودي تفاصيل الخلاف وأنهما احتكما للرسول صلى الله عليه وسلم فحكم له (لليهودي) وأن خصمه رافضا للحكم. فسأل عمر هذا الأخير ما إذا كان ما ذكره اليهودي بخصوص حكم الرسول صلى الله عليه وسلم له صحيحا، وما إذا كان (المسلم المنافق) لا يوافق على هذا الحكم، فأكد له ذلك وأنه رافضا للحكم ، فما كان من عمر إلا أن طلب منهما الانتظار لحظة ، ودخل إلى داره واستل سيفا ودق عنق المنافق الرافض لحكم النبي فوراً، انتصاراً للرسول صلى الله عليه وسلم وتأكيدا لعدالة حكمه!!!

أي عاقل يمتلك نصف عقل يمكنه أن يصدق هذه الرواية الفجة ويرددها على الملأ ومن فوق منبر مسجد، وهي رواية لمشهد مفبرك لخدمة أغراض اقتضتها حوادث وصراعات تاريخية لا زال زلزالها يهز بلاد الإسلام ويسفك دماء المسلمين حتى اليوم، وهي رواية لا تمت للعدل والإنصاف باي صلة، بل هي تطعنه في صميمه وتحوله من قيمة فرضها الله في كتابه العزيز وعمل بها الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته، وكانت سلاحهم القوي والحاسم في الانتصار على الباطل والشرك، تحوله أداة للظلم و تطعن الدين الحنيف في واحدة من أهم ركائزه ؟!!

فأين العدل في دق عنق إنسان هكذا وفي لحظات لا تتوفر فيها أية ركائز ضرورية لإصدار حكم بالقتل، فما بالك بتنفيذه الفوري، وبدون أي تدقيق ودراسة متأنية لقضية خلافية ، مؤكد أن لا علاقة لها بالإيمان بالدين؟ وهل يمكن لأي عاقل أن يصدق أن الفاروق، أيقونة العدل والإنصاف في الاسلام، يمكن أن ينفذ هكذا حكم وبهذه السرعة لمجر الانتصار للنبي صلى الله عليه وسلم ولإظهار حبه وطاعته له؟؟ وهل تقتضي أصلا الطاعة والمحبة للرسول صلى الله عليه وسلم سفك الدماء؟ و هل يمكن أن يكون إزهاق الأرواح واحدة من طرق التدليل على محبته ؟!!!

إن الغزو المبرمج الذي تتعرض له منابر مساجد ليبيا منذ فبراير 2011م من قبل مؤسسات التضليل والمسخ الوهابية وما أفرزته من جماعات الإرهاب والتضليل المختلفة والتي تشكل رأس الحربة القاتل في الحرب على الإسلام الحَقْ برعاية مؤسسات التضليل والفساد المخابراتية الغربية ، يستوجب من كل مسلم مثقف أن يخوض المعركة الثقافية عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل المختلفة ، ويفضح هذه الترهات ويكشف للقارئ زيفها ، وينبه إلى ضرورة أن تتم قراءة التراث بعقل متفتح ومتزن يفرق بين مقاصده البناءة وتلك المزيفة والمضللة والتي تستهدف هذا الدين الحنيف في قيمه وجوهره، وأن لا ينجر وراء رواية أي بوق جاهل يردد فبركات مؤسسات المسخ الوهابية وربيباتها التي اشترت بأموال النفط ألْسِنَةَ هؤلاء الأبواق وضمائرهم الرخيصة.. فالإسلام كدين والنبي كرسول والصحابة كرفاق أسسوا هذا الصرح الحضاري، لا يمكن أن تكون بداياتهم بهكذا نزق وتهور واندفاع ليصدروا أحكاما لا يمكن أن يفهمها العاقل إلا على أنها طعنة في الدين وسقوط مريع للعدل كقيمة، لا تفرق بين هوية إنسان وآخر في إصدار الأحكام..
فاضل عزيز / 8 ديسمبر 2017م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في


.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج




.. 101-Al-Baqarah


.. 93- Al-Baqarah




.. 94- Al-Baqarah