الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغرب من استراتيجية الخوف إلى استراتيجية الأمل

عبدالاله سطي

2006 / 2 / 26
المجتمع المدني


تجمع أدبيات " العلوم السياسية" أن هنالك استراتيجيتين اثنين تستعين بها البلدان النامية وبعض النظم الشمولية في السابق، لتصريف ميكانزمات السلطة و ضبط أداء الدولة وعلاقتها بالمجتمع.
ه>ين المنظومتين تتمثلان في استراتيجية الخوف و استراتيجية الأمل، فالأولى تستعين بها السلطة السياسية من أجل سوس الجماعة في اتجاه ترسيخ سيادتها وبسط نفوذها و سلطتها، عن طريق سلك سبل الترهيب و التهديد و غير ذلك من أشكال التنكيل التي تحز في نفوس العامة شكل من أشكال التردد و الإحساس بالخطر و الخوف من آلة الدولة وبالتالي الرضوخ التام لسياسة هذه الأخيرة.أما الشكل الثاني من استراتيجية الحكم فهو يسلك سبيل آخر مغاير لسابقه من خلال بعث الأمل في النفوس من خلال إشاعة الوعود البراقة التي تجعل العامة تواقة للغد و أكثر ثقة في السلطة و آليات اشتغالها، إلى درجة تفوق ثقتها في المؤسسات والتنظيمات السياسية الأخرى.
وبإسقاط بسيط لهذه المنظومتين على الواقع السياسي المغربي و آلية تدبيره وميكانزمات اشتغاله منذ سنوات الاستقلال حتى اليوم.
نجد أن الهاجس الأساسي الذي وسم منظومة السلطة السياسية في المغرب منذ بداية الاستقلال إلى بداية التسعينات ، كان يمزج مابين الاستراتيجيتين مع الميل أكثر إلى استراتيجية التعنيف والتخويف من السلطة، و لعل ما يبرر ذلك هو السياق السياسي العام الذي طبع هذه الحقبة من تاريخ المغرب وما امتاز به من تقلبات وتغيرات فرضتها العديد من الضغوطات سواء الداخلية أو الخارجية .فالنظام السياسي وجد في استراتيجية الخوف أو بمفهوم أدق السياسة الأمنية وما عرفته من إنفلاتات جمة على مستوى حقوق الإنسان المخرج الوحيد لمعالجة و مقاربة المعضلات الاجتماعية و الاقتصادية من جهة، و آلية ناجحة في توطيد قواعده وحفظ محيطة من الشوائب و جعله في منأى عن أي اضطرا بات من هذا الجانب أو ذاك من جهة أخرى.فكانت النتيجة كما لا يجهلها أحد (بؤس اجتماعي، فقر مدقع، انتهاكات بالجملة ووصاية على الحريات..).
لكن هذه السياسة سوف تعرف انفراجا كبيرا مع مطلع عشرية التسعينات بتأسيس العديد من المؤسسات التي سخرت لحفظ كرامة المواطنين و كذا ضخ نوع من الأمل في وسط الفاعلين السياسيين من خلال الإصلاح الذي طرأ على المنظومة الدستورية وتوسيع صلاحية المشاركة السياسية..الخ.و سوف تزداد هذه الاستراتيجية ـ أقصد استراتيجية الأمل ـ قوة مع ظهور العديد من الشعارات التي التي ملأت الوسط السياسي صخبا، كالمفهوم الجديد للسلطة و الانتقال الديمقراطي و المصالحة مع الماضي، وكذا بالإقدام على العديد من المبادرات التي خصت الحياة الاجتماعية والاقتصادية التي تهف إلى إعادة الاعتبار للمواطنين و صون حقهم في التنمية والنمو.لكن هل هذه الخطوات التي تدخل ضمن آليات استراتيجية الترغيب و بعث الأمل و شحذ الهمم الشعبية، تشكل حقا إرادة حقيقة نحو إرساء قوام الإصلاح الاجتماعي و الذهاب قدما نحو المستقبل المجيد؟ أم مجرد خطوات شكلية لا تخلو من نفس الفلسفة التي كانت تدار بها دواليب السلطة في إطار الاستراتيجية الأمنية التي كانت تنهج في السابق و التي كان همها الأساسي هو توطيد آليات النظام و الحفاظ على حظوره الشامل داخل المجتمع.هذا ما سنعرفه في السنوات القليلة القادمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مداخلة إيناس حمدان القائم بأعمال مدير مكتب إعلام الأونروا في


.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس




.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على


.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل




.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو