الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الاصلاح البيئي والزراعي في العراق .. ضرورة عاجلة من ضرورات المرحلة .
حامد حمودي عباس
2017 / 12 / 21الصناعة والزراعة
ثمة خبر يقول ، بان الاتحاد الاوروبي وعدد من الدول الغربية ، وضعوا امام السيد رئيس وزراء العراق الدكتور حيدر العبادي شروطاً ستة ، لإرساء الحياة المستقرة في البلاد خلال مرحلة ما بعد داعش .. الشروط تبدأ بضرورة تثبيت أسس مركزية الدولة ، مروراً بالإصلاح الاقتصادي ، ومحاربة الفساد ، كأهم شرطين سيؤديان بالضرورة الى تحقيق ضمني لبقية الشروط .
ومع الاعتراف بجسامة متطلبات المرحلة الحالية والمستقبلية ، والتي ستكون على انقاض ما خلفته الحروب وبشتى تصنيفاتها واسبابها ، فان عمليات الكشف عن ابرز العقد التي تعترض سبل بناء الاقتصاد العراقي ، وعلى أسس متينة تعتمد الحياد في النظرة الموضوعية بعيدا عن الاسقاطات السياسية المجردة ، هي من مهام جميع الوطنيين الشرفاء في البلاد ، كل من موقعه ، لكي لا تبقى الامور رهناً بنتائج حروب باردة بين القوى السياسية الحاكمة ، تلك الحروب التي كانت ولم تزل بمثابة الفخ المؤدي الى المزيد من الدمار والنهب واستشراء الفساد ، وزيادة الفقر بين المواطنين وبشكل متزايد .
انطلاقاً من هذه المؤشرات .. فانني أرى ، وكشرط اضافي آخر الى جانب ما ذكر من شروط لإرساء مبادئ التنمية الشاملة في العراق ، بأن الاصلاح الزراعي ( المقترن بالاصلاح البيئي ) ، باعتباره واحداً من أهم روافد البناء التنموي وبكافة اشكاله ومستوياته ، هو الكفيل بتوفير المناخات الملائمة لاعادة هيكلية المجتمع من جديد ، حتى تعود اواصر الاستقرار لشريحة الفلاحين ، بعد ان تسبب لها شرخ الهجرة القسرية من الريف الى المدينة بالأضرار البالغة ، فضلاً عن ما سببته هذه الشريحة أصلاً ، ودون وعي منها ، لمناطق الحضر من اضطراب شمل جميع البنى ، بما في ذلك إحلال الاعراف القبلية محل القوانين المدنية ، وانتشار البطالة ، والزيادة في خلق العشوائيات ، وكثافة كمية التسرب الدراسي بالنسبة للاطفال ، والاخلال بميزان المنظومة الأسرية جراء عوامل الجهل وانتشار اعراف الزواج المبكر .
ان ما اصاب المجتمع العراقي من عوار شملت آثاره كل جوانب الحياة ، جراء الالتفات بعيدا عن حال الزراعة ، مما ساهم في ازدياد المساحات ( البور ) وخلق خلل واضح وحاد في الميزان التجاري لصالح الاستيراد على حساب التصدير بالنسبة للمنتجات الزراعية ، وبشكل لم يحدث لهذا القطاع المهم من قبل ، يضعنا أمام حقائق تتركز في كون ان الزراعة ، وهي النفط الدائم حقاً ، في طريقها للانحسار ، تاركة السبيل سهلاً أمام امتداد رقعة التصحر في البلاد ..
وإذ تنطلق السياسات العامة ( المعلنة ) للدولة في الوقت الحاضر ، صوب التنمية الجادة للبلاد ، بعد تحقيق الانتصار المظفر على فلول داعش الارهابي ، فان الخطط المرتقبة للحكومة ، يجب ان تتضمن برامج مكثفة لانقاذ القطاع الزراعي مما اصابه من تردي طيلة عقود من الزمن .. وفي مقدمة تلك االبرامج ما يلي :
1- ان الواقع المتعلق بتوزيع المياه في محافظات العراق الجنوبية ، يسير نحو انزلاقات بلغت حداً جعل خطر الاحتكام الى القوة قائماً بين العشائر ، لفض تلك النزاعات بحجة تعدي بعض المحافظات على الحصص المائية للمحافظات الاخرى ، الامر الذي سيؤدي ، لو حصل فعلاً ، الى احداث الضرر الكبير بهيبة الدولة من جانب ، وما ستفرزه تلك النزاعات من خلق قيم جديدة لا علاقة لها بالأعراف العشائرية الموروثة ( الرصينة منها ) من جانب آخر .. وبذلك فان على الجهات المعنية ، وفي مقدمتها وزارة الموارد المائية ، ان تتحرك فوراً من اجل اقرار قوانين تنظم سبل حصول العراق على حصته المائية المقررة مع دول الجوار ، بهدف توفير المياه الكافية لسد الحاجة المطلوبة سكانياً وبشكل عادل ، مع الاخذ بنظر الاعتبار ما جاء في مقررات مؤتمر دبلن والذي تم عقده في عام 1992 بشأن ادارة المياه ، حيث نصت تلك المقررات على ( ضرورة اتباع نهج المشاركة في تنمية الموارد المائية وادارتها ، والاعتراف بكونها سلعة اقتصادية تتمتع بخصوصية استثنائية تجعلها من أهم السلع الضرورية لإدامة الحياة ) .. كما ان الوزارة ذاتها ومعها جميع الوزارات التي لها صلة بقطاع المياه ، عليها تشخيص جميع البؤر المؤدية الى الاستغلال الجائر وغير المنضبط للمياه ، سواء في طرق الارواء ( مع قلتها ) ، أو بالنسبة للاستخدامات الصناعية المختلفة .
2- لقد ظهرت مؤخراً وبشكل واضح ، نتائج التأثر بتغيرات المناخ على جميع دول العالم ، ويقيناً فان تلك النتائج سوف تكون اكثر وضوحاً في العراق ، لافتقاره الى برامج علمية من شأنها التنبؤ بما يحدث من هذه التغيرات ، ومن ثم الاستعداد لمواجهتها وبالطرق المؤاتية ودون تأخير .. وبالامكان إجراء تقييم أولي للواقع المخيف لنتائج التحولات المتسارعة للمناخ في العراق ، عندما نلاحظ ، وعن قرب ، انخفاض مناسيب نهري دجلة والفرات ، واقتراب بحيرتي الرزازة وساوة من الجفاف ( من المؤسف ان بحيرة الرزازة اصبحت الان موقعا لتجميع مياه المجاري ) ، الأمر الذي أدى ، وبشكل واضح الى حدوث ما يعرف بالرشح العميق ( deep percolation ( ويعني هذا ابتعاد مستوى المياه عن جذور الاشجار وبقية النباتات الاخرى والتسبب في النهاية بتركيز عوامل شح الانتاج الزراعي عموماً ، يضاف الى ذلك ، توقف شبه كلي لشبكة المبازل وتحولها الى خزانات دائمية للمياه الأسنة .. وهذا ما يدعو الى اطلاق الدعوات المتكررة والجادة لكافة الجهات ذات العلاقة ، وفي مقدمتها رئاسة مجلس الوزراء ، من اجل الاسراع في وضع الأسس العلمية الرصينة لتفادي ما يحدث من نتائج شهدتها اغلب دول العالم جراء التحولات المتسارعة في المناخ ، غير ان تلك الدول ، المتقدمة منها على وجه الخصوص ، وجدت نفسها ملزمة بالتناغم مع هذه التحولات ، وباتجاه الغاء حجم الضرر منها وبأوسع قدر ممكن .
3- ومن الظواهر الخطرة بشأن الواقع المائي في البلاد ، هو غور المستويات الثابتة للمياه الجوفية ( static water level ) والذي يظهر وبشكل متزايد في الابار المائية المحفورة سواء داخل المدن ، أو في الصحراء .. ومما يزيد من هول الاضرار المصاحبة لهذه الظاهرة الناجمة عن انعدام التغذية المطلوبة لخزانات المياه الجوفية جراء قلة نسبة الامطار ، وجفاف الانهار، وهدر المزيد من المياه لأغراض لا تمت للتنمية الزراعية ولا الصناعية بصلة ، هو تلوث المياه الجوفية المستخرجة عن طريق عمليات حفر الابار ، بالمواد الهيدروكربونية الغير صالحة لملامسة التربة المعدة للزراعة .. وبذلك نكون في مواجهة نتائج كارثية لأهم رافد مائي لنهري دجلة والفرات .. وهذا يتطلب ، وعلى الفور ، الاتجاه صوب وضع دراسات شاملة من قبل الجامعات العراقية ذات الاختصاص ، وبالاستعانة بالجمعيات والمراكز العلمية العالمية ، من اجل اكتشاف الجوانب الكفيلة بمعرفة وتطبيق الحلول المناسبة لظاهرة زحف مواد هي اقرب لمواصفات مشتقات النفط الخام الى مكامن المياه الجوفية .
4- لقد دأبت ( المجالس الزراعية ) في المحافظات العراقية خلال فترة السبعينات ، وهي تشكيلات منبثقة عن تجمع اداري يشمل كافة الدوائر ذات العلاقة بالقطاع الزراعي ، على متابعة تنفيذ برامج مكثفة ورائدة لتوفير جميع المستلزمات المطلوبة لإدامة النشاط الزراعي وبكافة تفاصيله ، ومن نتائج تلك المتابعة هي خلق واقع زراعي اكتملت فيه جميع جوانب الدعم الكامل للمزارعين ، حيث الزمت دوائر الزراعة على وجه الخصوص ، بتوفير البذور والاسمدة والاغطية بكافة انواعها ( الزجاجية والبلاستيكية ) ، وكذلك توفير الاسواق والاسعار المشجعة حتى ظهرت نشاطات رائدة في استصلاح الاراضي حتى الصحراوية منها . وبالامكان الاستفادة من تلك التجارب ، وخاصة فيما يتعلق بتطوير البنى التحتية الضرورية لانعاش الاسكان الريفي .
لقد اصبح من الضروري وبشكل عاجل ، الالتفات الى اهمية احياء القطاع الزراعي وتوفير السبل الكفيلة بانعاشه ، ومن ثم القيام بالخطوات الجريئة والمتسارعة لوضع الخطط بعيدة المدى لتوجيه تيار الهجرة من الريف الى المدينة وبالشكل المعاكس ، من خلال برامج الاصلاح الزراعي والبيئي والتعليمي في الريف .. لكي ننعم بخيرات ارضنا المعطاء ، ونوفر سلة غذائية تساهم في توفير الامن الغذائي لشعبنا ، والذي انهكته الحروب .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. لماذا قرر #الجولاني الظهور على CNN للحديث عما يجري في سوريا؟
.. قيادي في فصائل المعارضة يدعو كبار ضباط الجيش السوري إلى الان
.. مع ارتفاع وتيرة التنكيل .. معسكرات إسرائيلية جديدة لاحتجاز م
.. عبر الخريطة التفاعلية.. الجزيرة تحصل على صور أقمار صناعية تظ
.. الاتجاه المعاكس | ما الذي يحدث في سوريا؟