الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرية بما هي العود الى الجوهر القرآني

هيثم بن محمد شطورو

2017 / 12 / 30
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


هل لنا ان نـتخـلص من أصنامنا و أوثانـنا العديدة؟ الأوثان هي كل مفاهيم الحياة التي تبعد الانسان عن نـفـسه و أن يعيش ذاته بحرية. يعيشها لذاتها دون لأجل المال او المصلحة او الرفاه..في هذا التمشي تـظهر رسالة التوحيد بالله و تحطيم الاصنام التي تجعل الانسان يؤمن بشيء خارج ذاته بما انه ملموس..الايمان بالله هو عيش الذات بكل حرية. عيش الذات في حقيقـتها العارية و لأجل الحقيقة الغير ملموسة في ذاتها..حياة الذات هي حياة الله بما ان الله هو نحن كروح..
هذا هو اساس الرسالة القرآنية و هو اساس الاسلام الذي قبل ان يتحول الى دولة، كان في قمة شرارته الروحية الخالصة التي قهرت الفرس و الروم..
الرسالة ليست في ما يسمى الشريعة فـتلك نتاج التحول الى دولة و الحاجة الى التـنظيم لا تعني تحويل النظام الى أصنام جديدة.. الرسالة القرآنية لا تعني سنة و شيعة فتلك مذاهب ناتجة عن حرب الفتـنة الكبرى و هي اذن في فلك الصراع على السلطة و صراع مفهومين للسلطة.. الرسالة القرآنية لا تعني كذلك مسيحية و يهودية و زرادشتية و اسلام فالكل نادى بفكرة التوحيد التي هي فكرة الحرية الانسانية العميقة. الدين عند الله الاسلام هي بمعنى من المعاني، الاسلام كتجلي اخير يحاول ازالة الايمان بما هو غير الله و الايمان بما هو خارج الذات كأنا روحي، و في ذلك أزال الواسطة بين الانسان و ذاته و بينه و ما بين الله من رجال دين و كهنوت اللذين حرفوا الدين، اي حولوه من علاقة مباشرة بين الانسان والله، الى علاقة بين الانسان و رجل الدين الذي اصبح يتحكم فيه و بالتالي ضاع مفهوم الايمان الحقيقي بما هو حرية روحية عميقة .
صحيح ان هذه المفاهيم النقية قد تم التراجع عنها شيئا فشيئا و شيئا فشيئا انحط العربي المسلم..
لكننا اليوم نحن بحاجة الى العودة الى جوهر الرسالة القرآنية بما يتوفر من اعلاء لقيمة الحرية الانسانية اليوم. هذا الجوهر الذي جـسدته لحظة تحطيم الاصنام كتعين حي من قبل رسول الله محمد، و لكن بما هي جهد تـفكري عـقلي نتجه الى العمق الروحي للمسالة بعيدا عن التقديسوية التي تحجب الحقيقة اكثر مما تحصنها.. فالحقيقة التي تتحصن انما تحجب نفسها و تغيب..
في هذا العصر المليء بالضجيج. ضجيج الآلة و الانسان المتخارج عن نفسه..العصر الذي فجر مفهوم الحرية الإنسانية هذه الحرية التي ما أن تـنأى عن جوهرها الروحي فانها تـنـقـلب الى عبودية.. عبودية للمال و التملك و التمايز و الآلة..
عصر الحرية الانسانية لا يبلغ غايته إلا بالروحنة و الولوج الى الذات.. الذات الروح، الفكرة غير الملموسة، الله الواحد الأحد
انه ليس بنداء عربي مسلم يبحث عن الوحدة و السلام و الحرية و الكرامة الانسانية للعرب و المسلمين، فقط.. انها دعوة اكثر المفكرين في العالم جدية في الاهتمام ببناء غد انساني أفضل
الرسالة القرآنية التوحيدية بالنظر اليها من هذه الزاوية و بناء مفهومية تحررية انسانية عميقة من خلالها يمكن ان تساهم في خلق مجتمعات سليمة.. ليس بالنسبة للعرب و المسلمين فقط و انما للعالمين..
و هذه فقرة من كتاب "المجتمع السليم" للمفكر الشهير "آريك فروم" و هو عالم نفس أمريكي من اصل الماني ( 1900 ـ 1979):

"إننا في الوقت الحاضر نقدس أوثانا كثيرة و نعبدها، و لو آمنا بالله لحطمنا هذه الاصنام.
فنحن نؤله الدولة، و نؤله في الدولة الدكتاتورية القوة، و نؤله الآلة، و نؤله فكرة النجاح في الحياة. و في سبيل ذلك ينفصل نشاطنا عن احتياجات نفوسنا، و نضعف في الانسان صفاته الروحانية، و مهما يكن من أمر، فواجب الانسان الحر ان يستنكر عبادة هذه الاوثان سواء كان مؤمنا بوحدانية الله او من دعاة دين جديد، و واجبنا ان نهتم بالجوهر دون العرض، و باللباب دون القشور، و بالخبرة دون اللفظ، و بالإنسان دون النظم، و بهذا الاجماع على استنكار عبادة الاوثان الجديدة تتألف القلوب حول عقيدة مشتركة اساسها المحبة و التواضع، و الايمان بالعالمية، و التعاليم الانسانية في الديانات العظمى في الشرق و الغرب، و النظر الى الامور بعين العقل، و الاهتمام بالحياة نفسها لا بالمعتقدات و المذاهب.
و بهذا الاتجاه الجديد تـنـشأ طقوس جديدة، و تعبيرات فنية جديدة، تؤدي الى احترام الحياة، و تماسك الناس"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تداعيات دعم مصر لجنوب إفريقيا ضد إسرائيل


.. طالبة بجامعة جنوب كاليفورنيا تحظى بترحيب في حفل لتوزيع جوائز




.. الاحتلال يهدم منازل قيد الإنشاء في النويعمة شمال أريحا بالضف


.. الجيش الإسرائيلي: قررنا العودة للعمل في جباليا وإجلاء السكان




.. حماس: موقف بايدن يؤكد الانحياز الأمريكي للسياسة الإجرامية ال