الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجامعة الأردنية: سباق نحو القاع؟

ناجح شاهين

2017 / 12 / 30
التربية والتعليم والبحث العلمي


لجامعة الأردنية: سباق نحو القاع؟
(سبق أن كتبت منتقداً الجامعات المحلية مثل جامعة بيرزيت، وقد أزعج ذلك الإدارة وبعض المحاضرين، بل إنه لحزني الشديد أثار الغضب في نقوس بعض الأهالي الذين ظنوا أن ذلك يطعن في ذكاء أبنائهم الخريجين أو كفاءتهم. الجامعة الأردنية هي الجامعة التي درست فيها بكارلوريوس وماجستير في أواخر الثمانينيات، وكانت مثالاً لتطبيق نظام التلقين والحفظ الصم على الرغم من سمعتها "المحترمة". لكن "الأردنية" تنحدر الان باتجاه القاع، مثل جامعاتنا المحلية بالضبط."
ناجح شاهين
أنا أحب الجامعة الأردنية، وأحب عمان. هناك تعلمت الحياة بعد أن أنهيت الثانوية. هناك تعرفت إلى أجمل الأشخاص: عوني شاهين، الراحل أحمد، وإبراهيم، وباسم وعلاء، ونادية، وعايدة، وعاصف...الخ وهناك تعلمت الشعر والفلسفة والسياسة. من عادل ضاهر أستاذ الفلسفة اللبناني ابن النبطية تعلمت حب المنطق وفلسفة العلوم وفنون المحاجة المنطقية. ومنه تعلمت الصرامة العلمية والأكاديمية. عادل كان الأستاذ الوحيد المختلف في جوقة من معلمي الكتاتيب في الدوائر المختلفة. ربما كان هشام غصيب مختلفاً ولكنه لم يدرسني شيئاً لأنه كان في دائرة الفزياء. قال عادل ساخراً ممن دعوا لفتح برنامج دكتوراة في الفلسفة: " عندهم عشر دكاترة بفكوا الخط بشق الأنفس. من يريد الدكتوراة والبحث الفلسفي يجب أن يكون لديه أساتذة بقامة فلاسفة."
ذهب عادل إلى نيويورك محبطاً من أشياء كثيرة. اليوم دائرة الفلسفة في الجامعة الأردنية تقدم برنامج دكتوراة شرطه الوحيد أن يكون المتقدم حاصلاً على أية درجة ماجستير في أي تخصص.
يا إلهي هل هذا ممكن؟ يعني هل يمكن لشخص درس الزراعة أو الجغرافيا أو التمريض أو الهندسة أو الطب أن يلتحق ببرنامج دكتوراة في الفلسفة؟ وهل سيكون قادراً على القيام بالمهام اللازمة للحصول على الدرجة؟ يعني هل سيتمكن من قراءة "نقد العقل الخالص" لكانط؟ أو مينافزيقا أرسطو وهيغل؟ او "أطياف ماركس" لدريدا؟ أو ايبستمولوجيا غاستون باشلارد؟ أو "تهافت التهافت" لابن رشد؟
كنت أظن الفلسفة والفيزياء والرياضيات أصعب أنواع المعارف، وأن التدريب عليها يجب أن يبدأ في عمر مبكر وأن يقتصر على نخبة الطلبة. لكن الجامعة الأردنية لها رأي آخر: المهم هو أن ننجح في استقطاب الطلبة لنحصل من واحدهم على 350 ديناراً ثمن الساعة المعتمدة، وكل شيء بعد ذلك يهون. هذا هو التفسير الوحيد للسيرك الذي تقيمه الجامعة الأردنية حالياً وتسميه برامج دكتوراة.
على فكرة من بين المساقات المقدمة للطلبة مساق حول "فتجنشتين" الذي اضطر جورج مور الفيلسوف المعروف الى الاعتذار عن الإشراف على رسالته في الدكتوراة في جامعة لندن مطلع القرن العشرين لشدة صعوبتها وعجز الأستاذ مور عن فهم الطالب.
أود دون رغبة في إهانة أحد أن أتساءل بإخلاص: من في "الأردنية" الآن يستطيع أن يقرأ فتجنشتين أو كانط؟ ربما أن طلبة الدكتوراة من حملة تخصصات الزراعة والتمريض هم من سيتمكن من حل متناقضات برتراند رسل وألغاز "الوجود والزمان"؟
لم أكن أتخيل أن جامعة مثل الأردنية ستصل إلى هذا الحضيض، ولكن يبدو أن تسليع كل شيء في سياق التبعية العولمية سيصل بنا إلى بيع العلم والإنتاج والأوطان، ولن يبقي لنا شيئاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل حسن نصر الله.. هل تخلت إيران عن حزب الله؟


.. دوي انفجار بعد سقوط صاروخ على نهاريا في الجليل الغربي




.. تصاعد الدخان بعد الغارة الإسرائيلية الجديدة على الضاحية الجن


.. اعتراض مسيرة أطلقت من جنوب لبنان فوق سماء مستوطنة نهاريا




.. مقابلة خاصة مع رئيس التيار الشيعي الحر الشيخ محمد الحاج حسن