الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلمانية دولة الإسلام

انطلاق الرحبي

2006 / 3 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الحديث عن العلمانية يحتاج منّا إلى تحديد مفهوم العلمانية هل هو مفهوم معرفي ،إجتماعي ، سياسي . لأنه بدون تحديد هوية العلمانية كمفهوم ينتبذ البحث بالقراءة التي تهدف إلى كشف الحقيقة المعرفية والإجتماعية للمفهوم. أنا أعتقد أن الحقل الذي نقرأ فيه المفهوم هو الذي يحدد إن كان المفهوم معرفيا أو إجتماعيا أو سياسيا . وبما إنّي أخترت العنوان ( العلمانية دولة الإسلام ) أي قرأته في وجوده السياسي أي كمفهوم سياسي يتحرك في الواقع الإجتماعي تحدده طبيعة وشكل البناء الفوقي ( الدولة).
ولكن السياسي ينطلق من قاعدة معرفية أي تحدده زاوية النظر التي ينطلق منها في ممارسته للسياسة فهناك إذن علاقة تلازم بين الإثنين المعرفي والسياسي وعلى هذا فهناك أكثر من تحديد لمفهوم العلمانية معرفيا وسياسيا بإختلاف زوايا النظر القارئة له في الواقع الإجتماعي المختلف. وهذه إشكالية أخرى تواجهنا في مسألة تحديد مفهوم العلمانية!. أنا سأنطلق من فهمي وقراءتي للقرآن وما جاء به النبي الكريم من موقع الرسالة أي وظيفته كرسول من تشريع واحكام للمجتمع ومن خلال ممارسته العملية في المدينة بتأسيسه لأول مجتمع مدني سماه: إنهم أمة واحدة من دون الناس.
وهذا كان البند الأول في الميثاق الجديد ( الدستور) للمجتمع الجديد. وقد ذكرهم في المقدمة بالعبارة التالية ( هذا كتاب من محمد النبي بين المؤمنين والمسلمين من قريش ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم). فتحولت يثرب ومن قدم إليها من المهاجرين (إلى أمة من دون الناس). مؤمنين ومسلمين متساوين في الحقوق والواجبات بميثاق إجتماعي توافقوا عليه تحت زعامة رئيسهم النبي محمد على إختلاف قبائلهم وعقائدهم وشرائعهم في مجتمع مدني ( مديني) كان التجربة الإنسانية الأولى من نوعها والتي دامت عشر سنين حتى وفاة النبي الكريم والتي وضعت حجر الأساس للمجتمع المدني القائم على التعددية وحرية الإختيار والإستقلال الذاتي لكل فئة أو مجموعة ترغب بالدخول في الميثاق – العهد ( الدستور) دون التخلي عن خصوصياتها العرقية والثقافية والإعتقادية. أي الفدرالية الإتحادية الطوعية بلغة الحاضر. فلنقرأ في معنى المؤمنين والمسلمين فالفئة الأولى من آمن بمحمد كنبي ورسول أتباعه أما الفئة الثانية فهم من أسلم له دون الإيمان به ولهذا قال عنهم إنهم من قريش أو من أتباعهم ليميزيهم عن الفئة الأولى وهو قول القرآن أيضا : قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لايلتكم من أعمالكم شيئا. إن الله غفورٌ رحيمٌ *. فدخلوا في الميثاق وهو مصداق طاعة الله ورسوله وكانوا مواطنين متساوين مع الآخرين في الحقوق والواجبات على ضوء الميثاق ( الدستور) . فأنا أدعو جميع الحركات السياسية التي تناضل في سبيل المجتمع المدني الحر المتعدد الذي يقوم على أساس حرية الرأي والتعبير والعدالة الإجتماعية بدراسة تلك الوثيقة الميثاق- العهد ( الدستور) بلغة الحاضر للأنها تشكل برأي القاعدة المعرفية لما نناضل من أجله وهو مشروعنا العلماني المتميز للناس أجمعين. مسألة مهمة أخرى أقف عندها وهي تميز الرسالة الإسلامية التي جاء بها الرسول الكريم محمد في قول القرآن :( ياأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً). وقوله ( وماأمروا إلاّ ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة). فما هي الميزة الأساسية التي تتميز بها رسالة محمد بن عبدالله لتكون للناس جميعا في القرن السابع والقرن المليون حتى يرث الأرض عباد الله الصالحين. هي هي وحدة الضدين الإستقامة ( الدين القيم) والحنيفية ( حنفاء) فماذا تعنيان في اللسان العربي المبين. القيم : من الأصل قوم وهو الأنتصاب والعزم ومن الإنتصاب جاء المستقيم والإستقامة ضد الإنحراف أي الثبات أما حنفاء , حنيف فمن أصل حنف : الميل والإنحراف. فبوحدتهما تميزت الرسالة المحمدية بأنها للناس جميعا لأنه أن تحمل الثبات والإستقامة مع الإنحراف ( التغير) هو مايعطيك الإمكان التاريخي في خط السيرورة والصيرورة الإجتماعيين ( السنة والجعل) بلسان القرآن العظيم للتشريع المفتوح مع تطور الحياة الإجتماعية وتجددها ووحدة الضدين تميزتا بشكل أساسي بمفهوم ( الحدود) أي رسالة حدودية والحدود من الحد وهو طرف الشيء والحاجز بين شيئين. أي الحقل الذي يتحرك فيه النقيضين دون أن يتعدا او يقتربا من الحدود مما يعطينا متوالية رياضية لانهائية من الإحتمالات على مستوى التشريع وهو معنى :( إني رسول الله إليكم جميعاً). صدق الصادق الأمين. فالوجه الحقيقي للإسلام في دولته العلمانية التي لاتشترط على الآخرين ان يغيروا أويبدلوا من ثقافتهم او إعتقادهم أو شكل حياتهم كما تريد العلمانية المعاصرة من أن تبدل جلدك ليقبلوك في ناديهم الإتحادي ولكنها خطوة على الطريق حتى يبلغ المجتع الإنساني مرحلة الرشد فيحقق الأخوة الإنسانية الحقيقية بين الناس. وهذا هو الحد المعرفي الفاصل بين العلمانيتين . المصيبة هو أن المسلمين خارج هذا التعريف ومنذ قرون طويلة بل أصبحوا حجر عثرة أمام التطور الإجتماعي للإنسانية لأنهم عاطلين عن الحياة مستهلكين غير منتجين توقف محور الصيرورة ( الجعل) في بنيتهم الإجتماعية الصنمية المستبدة يخافون من التاريخ فيمكرون ويمكر التاريخ وهو هو مكر الله بهم والله بالغ أمره ، فأصبحوا خارج التاريخ . وهو قول القرآن فيهم :( كذلك وأورثناها قوماً آخرين فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين). فالعلمانية ليس لها شكل واحد أو تميز واحد أوحد فهي ليست مسطرة يقاس عليها الناس بشكل واحد ولاأقول نموذج واحد بل هوقانون التميز في الواقع فلكل واقع إجتماعي تميزه وهو هو مظهر للإختلاف في مستوى تطور البنى الإجتماعية واختلاف أشكال البنى الفوقية فيها. فهي بهذا المعنى سنة تاريخية تمضي فينبغي أن نقرأها لنتملكها معرفياً ليتم لنا تسخيرها ماديا لخير بلداننا بدلاً من أن نكون حجر عثرة في الطريق، فإلى أن تكون لنا دولة علمانية تُقرَرُفيها الحدود داخل البرلمانات( المجالس المنتخبة من قبل الناس ) وليس مايسمى بالفقهاء والسادة العلماء!! فسنبقى خارج التاريخ الإنساني المتطور والمتغير مستهلكين غير منتجين ، عالة على الناس!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah