الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أستاذ الجامعة ... والفراغ الثقافى

ياسر العدل

2006 / 3 / 2
المجتمع المدني


تلعب الجامعات دورا هاما في قيادة الحراك الثقافى لدى للمجتمع، والقوى البشرية فى جامعاتنا المصرية تضم حوالى ستين ألفا من أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم، وما يزيد عن نصف مليون طالب جامعى يتخرج منهم عشرات الألوف سنويا، وباعتبار أن الخريج الجامعي هو منتج اجتماعي مثقف تتأثر كفاءته المستقبلية سلبا أو إيجابا بمدى فاعلية العملية التثقيفية داخل الجامعة، لذلك فان طبيعة العملية التثقيفية داخل الجامعات تتأثر بطبيعة الوعى الثقافى لدى أساتذة الجامعات.
والمراقب الموضوعى لحركة الثقافة في بلادنا يرصد فراغا ثقافيا كبيرا يؤثر بالسلب على وجودنا وعلى مستقبلنا الحضارى، وهو فراغ أكثر بروزا لدى كثير من أساتذة جامعاتنا، ويرجع ذلك الفراغ الثقافى لدى أساتذة الجامعة لأسباب كثيرة أبرزها :-
أولا: طبيعة نظامنا التعليمى الذى تخرج بموجبه الكثير من الأساتذة الحاليين ، نظام يزكى أسباب النجاح الدراسى لطالب العلم فى حفظ واستعادة المعلومات دون الاهتمام بمضمونها فانحسرت نسبة العقول المتفتحة بين الطلاب والخريجين وقلت فرص الإبداع ، ذلك بأن طبيعة سلوك المبدعين يغلب عليه الخروج على النمط العام السائد فى تداول المعلومات وتشغيلها لإنتاج معرفة جديدة، فالمبدع يميل للتحليل والاستقراء فى الفهم فى الوقت الذى يميل فيه الحفظة والمستظهرون إلى الجمود وعدم القدرة على الابتكار.
ثانيا: تخلف العمليات النفسية والعقلية والاجتماعية المصاحبة للأستاذ الجامعى في حالات استهلاكه وإنتاجه لعناصر الثقافة ، ففي استهلاك عناصر الثقافة تنخفض عدد المرات التي يقرا فيها الأستاذ كتابا خارج تخصصه أو يحضر فيها حفلات موسيقية أو مسرحيات أو عروضا أوبرالية أو متاحف، وتنخفض لدي الكثيرين دلائل الانتماء إلى نادى اجتماعى أو حزب سياسى ، وفي إنتاج عناصر الثقافة ينخفض الميل لدي كثير من أساتذة الجامعة لإبداء الرأى في المشاكل العامة، وتتدنى لديهم طبيعة الهوايات والرحلات وتكثر استخداماتهم لتعويذات يتطيرون بها تفاؤلا أو تشاؤما.
ثالثا: انخفاض مقدار ما يخصصه الأستاذ الجامعى لتمويل العملية الثقافية ، فغالبية الأساتذة ذوي دخول منخفضة لا تسمح لهم أصلا بتمويل الأبحاث العلمية الخاصة بهم مما اضعف إمكانياتهم في تمويل عمليات الثقافة التى تعتبر بين عناصر التخلف الاجتماعي ترفا يمكن الاستغناء عنه ، وحتى إذا ارتفعت الدخول لدي البعض القليل من الأساتذة إلا أن مصادر دخولهم تحول بينهم وبين الثقافة ، مثل الدخل المرتفع من الإعارات خارج الوطن الذي يأتى بعد فترة يعاني فيها المعار من ضيق فرص الارتقاء النفسى والاقتصادى في الداخل بعدها يتم سفره ليجمع المال وسط إيقاع ثقافي مختلف لدول مختلفة يغلب على تفكيره مناورات الحفاظ على عمله وإنهاء فترة الإعارة بسلام ، ومثل الدخل الذي يأتى من الدروس الخصوصية ومن بيع أشباه الكتب الدراسية والاشتراك في اللجان غير الموضوعية وكلها أعمال تنشأ في ظل تكريس عناصر التخلف الاجتماعي والتدهور الثقافى.
ولتحسين الوضع الثقافي لأساتذة الجامعة نري نوعا من المعالجة في الخطوات الآتية :-
أولا: تزكية الانتماء السياسي الفاعل للأساتذة فى الأحزاب والجمعيات وغيرها من مؤسسات المجتمع المدنى، وما يستتبع ذلك من التدريب على التعامل مع حرية الرأى وحرية انتخاب كافة المستويات القيادية في الجامعة.
ثانيا: دراسة الوضع الثقافي للأستاذ الجامعي لإعادة تأهيل كثير من الأساتذة من أجل المشاركة فى حركة المجتمع الثقافية دون أن يقتصر نشاط الأستاذ علي عمليات الحفظ والتدريس.
ثالثا: أن تتولى الجامعات إنتاج وتقديم عروض ثقافية يشترك فيها الأساتذة تتناول الدعوة نحو تفعيل دور الجامعات فى حيادها العلمى وحرية البحث والإبداع لدى أعضائها.
رابعا: تحصيل اشتراكات إجبارية من الأساتذة لدعم الأنشطة الثقافية ويعني ذلك اندفاع الكثيرين منهم لمحاولة الاستفادة مما يقدم لهم من منتجات ثقافية.
خامسا: أن تفتح الجامعة مدرجاتها وملاعبها لتقديم منتجات ثقافية يشترك فيها الطلاب والأساتذة والمحترفون والهواة وأفراد المجتمع المحيط لتزول الحواجز النفسية ويعم التفاعل الثقافى بين عناصر المجتمع.
إن تفعيل أدوات الثقافة فى بلادنا إنتاجا واستهلاكا واستفادة، بحاجة ماسه لتحريك الوعى الثقافى لدى كثير من أساتذة الجامعات المنوط بهم تربية الوعى بالوجود الحضارى لدى مئات الألوف من أجيال المستقبل فى بلادنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: الأوضاع في غزة كارثية ج


.. جهاز الشاباك: حذرنا بن غفير والأمن الوطني من استمرار الاعتقا




.. شهادات أسرى غزة المفرج عنهم حول التعذيب في سجون الاحتلال


.. مواجهة شبح المجاعة شمالي غزة بزراعة البذور بين الركام




.. مدير مستشفى الشفاء: وضع الأسرى في السجون الإسرائيلية صعب ومأ