الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرية الفيض من افلوطين الى الفارابي .

صادق العلي

2018 / 1 / 7
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


نظرية الفيض من افلوطين الى الفارابي .
,,,,
يعتقد البعض ان الايمان هو الملاذ الآمن لهم وانه خلاص الانسانية من عذاباتها , ايضاً هو الجواب الذي ينشده الانسان عبرتاريخه خصوصاً عند وقوع احداث لا يمكنه تفسيرها او هي خارجة عن ارادته , كالموت والولادة وغيرها الكثير من الاحداث التي تقع سواءً كانت له او للطبيعة.
وبعيداً عن الاديان واحقيتها بالاتباع او بالتقديس , فإن طُرق معرفة الاله والتعاطي معه كانت تشغل بعض العقول الاستثنائية , ممن عرفوا ان الايمان بالاله ليس مجموعة حركات يقوم بها الانسان في اوقات محددة لكي يحصل على ما يريد سواءً في الدنيا او بعد الموت , ففي الدين الواحد وكما هو معروف يتعاطى الجميع بذات التفاصيل مع الرب وتعاليمه ولكن ليس بالضرورة ان يحصلوا على ذات النتائج , مما يخلق ردود افعال متباينة بحسب قدرة الانسان على تقبل هذه النتائج او ما يطلق عليها ( الاختبارات او التجارب ) , منهم من يرفض هذه الاختبارات وهذه التجارب وبالتالي يرفض وجود الاله وهو ما يُطلق عليه الالحاد , ومنهم من يبحث عن طُرق او آليات معينة للتعاطي من الاله بمعزل عن التفاصيل الجماعية , هذه آلاليات ليست مقبولة من قبل المؤسسة الدينية لغرابة طرحها واختلافها عن المتعارف عليه او لخروجها عن قيادة القطيع , انها الروحانيات او العرفانيات التي تتجلى بعدة صور او طرق .
لقد اطلق البعض على هذه الروحانيات تعريفات او تسميات مختلفة مثلاً قلب الام التي تشعر باولادها , او الحاسة السادسة التي لا يعرف احد كيف تتولد او تتزايد فعاليتها او تتناقص , ومع ذلك اصبحت الحاسة السادسة ربما السابعة من البديهيات , حتى انها اساسية في الباراسيكلوجيا .
البعض الاخرتعاطى مع الطُرق الروحانية من زواية مغايرة تماماً لما هو موجود في الاديان , العقول الاستثنائية عبر التاريخ التي انتجت المعرفة والعلوم والنظريات والاختراعات العظيمة كانت عقول روحانية بأمتياز حتى وان لم تكن مقتنعة بوجود الاله , إذ لا نجد تفسيراً منطقياً لاختلافها وعظمتها وتفوقها سوى انها تختلف عن الاخرين وتتميز عنهم .
انه الفيض الالهي او ما يسمى بـ ( نظرية الفيض ) , وقبل تناولنا نظرية الفيض لابد من التذكير بأنه من الصعب الاحاطة بهذه الموضوع بمقال واحد , فلقد كتب علماء كبار وفلاسفة افذاذ مجلدات بهذا الشأن وتناولوا بكتبهم ادق التفاصيل , ايضاً انا هنا لا اعقد المقارنة او مقاربة بينهم .
افلوطين :
هو فيلسوف يوناني ( 204م-270م) قام بتأسيس مدرسة فلسفية مع معلمه امونيوس ساكاس أطلق عليها اسم الافلاطونية المحدثة .
لقد زاوج افلوطين بين فلسفة افلاطون المثالية وفلسفة ارسطو المادية حيث رأى ان الكامل الواحد ( يقصد الرب او الاله او الله ) هو الذي اوجد كل شيء , بمعنى انه موجد الوجود , وبالتالي كل شيء يدور بوجود الموجود الاول .
ايضاً بحسب افلوطين فأن الكامل الواحد غير محدود ولا متناهي وهو فوق كل شيء , هو الذي يفيض على الناقص او الاقل منه كمالاً , ينطبق هذا على كل الموجودات التي اوجدها هو ( الكامل الواحد ) بما فيها الانسان , بالمقابل لا يجب اضفاء صفات انسانية عليه ( الكامل الواحد ) لانها صفات موجودة انسانياً وهو المتعالي عنها وعمن اوجدها لانه غير موجود ضمن موجودات الانسان , بمعنى اخر ان الصفات التي يطلقها الانسان على موجد الوجود ( الاله او الرب او الله ) هي نتاج العقل الانساني ونتاج المعرفة الانسانية المتراكمة عبر الحضارات , فلا يجوز وصفه بصفة انسانية يكون هو طرف ويحتاج الى طرف اخرلاثباتها , لذلك يرى افلوطين بأنه لا يجب اضفاء صفات انسانية عليه .
ايضاً يرى افلوطين ان لا اهمية للجسد البتة لانه مادة وان الاشياء المادية غير حقيقية في هذا العالم , فهي متغيرة بتغير المكان والزمان ايضاً بتغير الظروف التي تحيطها , كذلك يرى افلوطين ان الجسد هو قيد الروح وسجنها الى ان تخرج منه *, لان الحياة بالنسبة للروح ما هي رحلة قصيرة بين اوهام الماديات والحقيقة هي ارتباط الروح بالكامل الواحد .
الفارابي :
هو فيلسوف كازخستاني مسلم ( 874م- 950م ) يعتبر اكثر الفلاسفة المسلمين تعمقاً في المنطق , كان استاذه في الفلسفة والمنطق متى بن يونس المسيحي الذي يعتبر افضل مترجم للفلسفة اليونانية الى العربية وقتئذ , مما جعل تأثر الفارابي بترجمات استاذه مبرراً خصوصاً الفلاسفة الكبار .
تناول الفارابي نظرية الفيض من منطلقين :
الاول - واجب الوجود.
الثاني - ممكن الوجود .
يقصد بواجب الوجود هو الله ( الله مصطلح اسلامي فقط ) الموجود قبل كل شيء , الذي لا يحتاج وجوده الى دليل , فهو موجد الوجود وموجد العلل ( الاسباب ) التي تتفاعل مع بعضها البعض طالما كانت موجودة , الى ان ينتهي بها المطاف في النهاية الى الواجب الوجود على اعتبار انه علة العلل .
ايضاً يتطرق الفارابي الى ان واجب الوجود ( الله ) يفيض على الموجودات التي اوجدها من قبل, وهي ناقصة بالمقارنة بكماله , قد يكون الفيض الالهي هنا اي شيء وكل شيء مخلوق ( ممكن الوجود ) على اعتبار ان جميع المخلوقات هي صادرة عنه فهي ممكنة الوجود ولا يتأثر الكون بزوالها , بمعنى اخر لقد فاضت جميع الموجودات عن واجب الوجود ( الله ) وانها سترجع لا محال الى خالقها وفق درجات كمالها النسبي او تكاملها مع بعضها البعض .
يؤكد الفارابي بـ ( ممكن الوجود ) هو كل ما دون واجب الوجود ( الله ) بما فيها الانسان طبعاً , كما اسلفت قد تتفاعل ممكنات الوجود او تتصادم او تتكامل فيما بينها ولكنها لا تؤثر على الكون الا بقدر نتائج تلك التفاعلات او التصادم او التكامل , انها الافاضة الالهية التي تصدر عنها ممكنات الوجود اخرى واخرى وصولاً الى واجب الوجود .

*أنظر القصيدة العينية لابن سينا .

صادق العلي – ديترويت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا جاء في تصريحات ماكرون وجينبينغ بعد لقاءهما في باريس؟


.. كيف سيغير الذكاء الاصطناعي طرق خوض الحروب وكيف تستفيد الجيوش




.. مفاجأة.. الحرب العالمية الثالثة بدأت من دون أن ندري | #خط_وا


.. بعد موافقة حماس على اتفاق وقف إطلاق النار.. كيف سيكون الرد ا




.. مؤتمر صحفي للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري| #عاج