الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أن ينتقِدوا، ذاك حقهم ..من واجبكم مجادلتهم والرد عليهم بالحسنى..

الطيب طهوري

2018 / 1 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ترتفع هذه الأيام، وبشكل حاد، أصوات رافضي نقد الدين وحتى نقد الفكر الديني..مبررهم في ذلك أن الدين حقيقة مطلقة ، لايمكن الشك في صحتها، ومن ثمة لا يجوز ، بالمطلق ، نقده او الاعتراض على ما جاء فيه من أحكام أو قصص أو توجيهات..إلخ..ترفق هذه الأصوات ،عادة، باتهام الناقدين أو المعترضين بشتى الاتهامات :الإساءة إلى الدين..المس المتعمد بمشاعر المسلمين..خدمة أعداء الدين..الإلحاد والزندقة..الفسق..الجهل بحقيقة الدين..إلخ..
المنطق يقول:
- الاتهامات تبقى اتهامات، ليس إلا..اتهامات لا تقدم أو تؤخر في الأمر شيئا، ذلك أنه ليس من حق أي كان أن يفرض على الآخرين الاعتقاد بما يعتقد هو..الاعتقاد قناعة شخصية في الأساس..ليس من حقه أن يفرض على المخالفين لاعتقاده الإيمان بأن معتقده حقيقة مطلقة لا يمكن نقدها أوالاعتراض على مافيها..من حقه ،فقط، مطالبته بأن يبتعد في نقده ذاك عن لغة السب والشتم والتهديد والوعيد..
- قد يكون الناقد أو المعترض مسلما لديه بعض الشك ويريد أن يطمئن قلبه.. قد يكون ليس مسلما بالمرة..قد يكون صاحب اعتقاد آخر..قد يكون ملحدا..قد يكون لا دينيبا..كل واحد من هؤلاء من حقه أن يكون كما شاء..لا أحد يفرض عليه ما لا يريد..ومن حقه أن ينتقد دينك ما دمت أنت أيها المسلم تدعو الآخرين من غير المسلمين إلى الاعتقاد به..من حقك انت أيضا نقد ما يعتقد الآخرون..من حقك أن تنتقد المسيحي في مسيحيته واليهودي في يهوديته والبوذي في بوذيته والمجوسي في مجوسيته..من حقك أن تنتقد اللاديني في لادينيته والملحد في إلحاده.. إلخ..فقط، لا تسب و تشتم ،لا تهدد وتتوعد..لغة السب والشتم والتهديد والوعيد لغة العاجز فكرا وأخلاقا..
- أوامر الله أوامر عليا، واجبات، فروض، أنت أيها المسلم ملزم بتنفيذها..أنت مأمور بأن تدعو إلى سبيل ربك..في دعوتك تلك ستجد نفسك ملزما حتما بأن تجادل الذين تدعوهم إلى دينك.. الذين تدعوهم إلى دينك ،بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر، قد يواجهونك بنقد دينك الذي تدعوهم إليه..كيف ترد عليهم؟.. بالحكمة والموعظة الحسنة..أنت مأمور بذلك..كيف تجادلهم لتقنعهم؟..بالتي هي أحسن..أنت مأمور بذلك أيضا..قال تعالى:( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن..)..حتى الذين يسيئون إليك أو إلى دينك أنت مطالب بأن تقابلهم بالحسنى..جاء في الحديث الشريف:( ادفع السيئة بالحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن)..
عندما يقول أحدهم: جاء في القرآن ( ولا تزر وازرة وزر أخرى)، وجاء أيضا ( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها، فدمرناها تدميرا)، ثم يسأل: ترى، كيف نوفق بين الآيتين؟..أنت ملزم بأن تبين له كيف يكون ذلك التوفيق..انت ملوم بأن تناقشه في رأيه ذاك لتقنعه..إذا اتجهت إلى أسلوب الاتهام والتهديد في الرد عليه، فإنك ، بالتأكيد، تدل على عجزك الفكري في مقارعة الحجة بالحجة..
عندما يسأل آخر: في القرآن نجد الآية تقول: (من شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر) أي أن حرية المعتقد مضمونة للشخص، يمكنه أن يدخل الإسلام ،ويمكنه أن يخرج منه أيضا، وفي نفس الوقت نجد نقيض ذلك لدى المسلمين فيما يعرف بحكم الردة..كيف يا ترى يحدث ذلك؟..أنت، أيها المسلم ملزما بالرد عليه، بدل محاولة تكميم فمه بالتهديد والوعيد..
عندما يطرح ثالث مشكلة العبيد والجواري قائلا بأن الإسلام لم يحرم العبودية بنص صريح، وقد استغل المسلمون في مختلف العصور غياب التحريم فامتلكوا الكثير من العبيد، وامتلأت قصور حكامهم وأغنيائهم بالجواري،ولم يتورعوا حتى عن اصدياد البشر ووضعهم في الزرائب، وكأنهم حيوانات، مثلما كان يحدث في العصر العباسي..وقد بقي المسلمون يمتلكون العبيد ويتاجرون بهم حتى عصرنا الحديث،مثلما كان عليه الحال في السعودية وموريطانيا، مثلا، ولولا ضغط منظمات حقوق الإنسان في العالم عليهم ما حرروا عبيدهم وجواريهم.. ويسأل: كيف لدين يقول بأنه جاء ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وأنه دين العالمين وخاتم الديانات أن لا يحرم العبودية، وهي أفضع الممارسات التي عرفها الناس في علاقاتهم ببعضهم البعض عبر التاريخ؟..لا تقل أيها المسلم إنها شبهات تثار من أجل الإساءة إلى الإسلام..إنها أسئلة مشروعة ، وعليك بالبحث فيها والرد المسؤول على طارحيها بالعقل المتزن المسؤول وبالجدل بالحسنى.وهكذا دواليك..
- حتى يرتفع مستواك فكرا وأخلاقا لابد أن تقرأ كثيرا..تقرأ المختلف أساسا، حتى تعرف كيف يفكر الآخرون، حتى تعرف فكرهم..كلما ارتفع مستواك الفكري والأخلاقي امتلكت القدرة على الجدل ..امتلكت القدرة على الرد بالحسنى..أنت بذلك تستجيب لأمر الله لك..الله يقول لك: ( اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم)..أن تعلم ، لابد أن تقرأ..
- مشكلة مسلمي اليوم أنهم لا يقرأون..لا يقرأون المختلف..لا يسعون إلى رفع مستواهم المعرفي..لا يسعون إلى امتلاك وعي العالم الذي هم فيه..و..
في غياب المعرفة ،في غياب الوعي، لا يجدون أمامهم إلا لغة السب والشتم، لغة الاتهامات المجانية، لغة التهديد والوعيد..لغة العجز أساسا..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah