الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين النبي وسبينوزا

غازي صابر

2018 / 1 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بين النبي وسبينوزا
أوصى النبي الصحابة أن يخاطبوا المسلمين حسب عقولهم وهذا ما يمارسه الأنبياء مع أقوامهم والهدف من هذا السلوك تحنيط عقل المسلم وسهولة إقناعه وكسب طاعته العمياء .
تمسك رجال الدين بهذا السر وإضافوا اليه المزيد من التغبية و من خلال قصص الوهم والغيب والترهيب بعذاب الموت والقبر وما بعده من عذاب بنار شديدة أو جنة وغلمان وحور عين حتى تحولت العقول البسيطة الى مجرد عبيد لرجال الدين وأساطيرهم .
ولأن الحكام هم الأقوى فقد سخر رجال الدين هذه العقول التي يتحكمون فيها لخدمة الخليفة والحاكم وبغض النظرعن قوميته أو جنسيته عربية أو أجنبية أو حاكم مستبد وكل هذا والمواطن مستسلم لرجال الدين ويسبح في الطمأنينة وحلم السعادة بعد الموت وهو لايعرف ما بين الحاكم ورجل الدين من مصالح مشتركة .
هذا يعني لايسعى رجل الدين الى تبصيرعقل المسلم بالعبادة الخالصة ودفعه للبصيرة وممارسة الشك بأي قصة يسمعها حتى يتوصل للحقيقة لأن هذا التوجه لايخدمه ولايخدم شريكه الحاكم السياسي ويبقى سعيه الدائم مزيداً من التغبية للمتلقي وتكفير أي عقل يحاول التحرر من قيد الغيب والوهم والتفكير بالعقل الناجز والمنطق وهذا ما نراه اليوم لدى كل دعاة الطوائف الإسلامية قاطبة وما حصل لشعوب المنطقة من كوارث ودمار .
عانى النبي كثيراً مع أبو سفيان ومحاولة إقناعه بنبوته رغم أن النبي أصبح هو الأقوى في المدينة وفي صلح الحديبية رفض صخر بن حرب التوقيع و كتابة محمد النبي بل محمد أبن عبد الله ووافق النبي مجبراً وفي دخول مكة كرم النبي أبو سفيان عندما جعل داره مكان أمن كما هي الكعبة أمام جيش المسلمين وهذا القرار نابع من فهم النبي لعقل أبو سفيان ومحاولة إستيعابه وحتى عند مشاركته مع النبي في غزوة الطائف أغدق عليه ومن معه بالغنائم وهذا ما أغاض الأنصار لكن النبي وإيمانه بمخاطبة البسطاء حسب عقولهم إنفرد بهم قائلآ :
ــ هل هدفكم الغنائم أم رضى النبي ورضى الله . تقول كتب التأريخ فبكى جمع الأنصار وشعروا بالندم وهذا قمة فهم عقل الناس ومخاطبتهم حسب عقولهم .
سبينوزا هذا المفكرالهولندي الكبير( 1632- 1677) من رواد الحداثة في أوربا تسائل في كتابه عن اللاهوت السياسي :
ـ لماذا يناضل الشعب من اجل عبوديته وكأنها الحرية ؟
سبينوزا يعرف السر وعندنا في الإسلام السر أن المسلم يشعر بالراحة وهو عبداً لرجل الدين يسيره كيف يشاء يعيش الراحة والكسل الفكري في ضل رجل الدين ويعيش الحلم بالجنة والحوريات والغلمان بعيداً عن عذاب النار وما عليه سوى تطبيق نصائح وتوجيهات رجل الدين خليفة الله على الأرض .
العلة التي تسائل عنها سبينوزا في عقل المواطن البسيط وكيفية تحريره من هذا الوهم والخداع الشيطاني من بين مخالب رجل الدين والسياسي نجح فيه علماء الحداثة في أوربا من تحرير العقل من وهم الدين ومن خلال تبصير العقل بما يدور حوله ومن خلال التربية العلمية والمدنية وفصل الدين عن السياسة والأهم تطور وسائل الإنتاج الصناعية والزراعية لديهم ودورها في إنهاء البطالة وتحريك العقل الإنساني بما ينتج وما يتم إكتشافه وإختراعه وهذا دعم ثورة علماء وإدباء وفلاسفة الحداثة في مسعاهم فكانت أوربا وكان العالم الحر .
نحتاج في مجتمعاتنا للذي يوخز العقل العربي المسلم ويثيره لكي يتحرك ويبحث ويشك حتى يتخلى عن الخوف والمقدس وليس للذي يضيف اليه الدثار لكي يبقى على كسله وشخيره وهو يغط في سبات عميق كما تفعل أحزاب ومراجع الدين والطوائف اليوم وكأنهم في ثورة دينية من خلال المساجد والحسينيات ومن خلال الفضائيات والمدارس الدينية ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي