الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبدأ نحن و هم

بلال مزياني

2018 / 1 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


نحن وهم ، هذه هو المبدأ الاساسي للدين والسياسة ، نحن المؤمنون وهم الكفار ، نحن الديموقراطيين وهم الرجعيين ، نحن الافضل و هم الأسوأ ، ان لم تعتنق ديني فانت ضمن بينما انا ضمن ، نحن الذين سنخلد في الجنة و نستمتع بأنهارها وفاكهتها وجمال فتياتها ، وانتم الذين ستصلون في جهنم خالدين فيها أبدا ، ان لم تتبنى سياسة حزبي فأنت ضمن – هم – الرجعيين ، بينما نحن الديموقراطيين العصريين ، والى هنا الامر غير مضر ، رغم ان فيه تمييز قد يؤدي للكراهية التي تؤدي بدورها للشر بوسائله المختلفة ، لكن المسألة لا تنتهي عند حد التمييز ، بل قد تمتد لدرجة محاربة الخارج عن التصنيف ، أي عن الصندوق الضيق .
بعد هذه المقدمة البسيطة اطرح سؤال المقال ، هل مبدأ < نحن وهم > غير مؤثر في زرع الكراهية في نفوس الناس ، وبالتالي تمييز الأخر عنصريا والى ما غير ذلك من الامور الشريرة ؟ ام ان المبدأ ضروري لكي نتصدى لأفكار الاخر التافهة او الشريرة ؟
بداية يجذر بنا الاشارة الى ان التمييز العنصري هو النظر للأخر بشكل مختلف لدرجة ان هذا يبرر معاملته بشكل سيء ، وهذا يدفعنا للمقارنة بين هذا التعريف البسيط و مبادئ الدين و العلمانية .
أما فكرة الدين – كنظام سياسي - في هذا الخصوص هي ان الكافر يعيش في مرتبة ادنى من المؤمن في الدولة الدينية ، بينما النظام السياسي حتى مع تبنيه للعلمانية التي يروج لها على انها تنص على مبادئ ارقى من الدين ، مثلا حرية التعبير وحقوق الانسان .... الخ ، لا يمكن ان نقول انه – النظام العلماني - تخلص من الوهم الذي ينصه الدين ، فهي قامت بتغيير لون بعض المفاهيم الدينية وأعطتها تعاريف جديدة واعتبرتها حقائق ، ومع انني لا انكر ان العلمانية ارقى من النظام الديني نسبيا لا يعني ان العلمانية هي النظام الارقى ، فدين العلمانية هو السوق ، اي نظامها الاقتصادي الذي يبدو في ظاهره جيد لكنه يخفي وراءه امور بشعة ، فهذه الديانة الجديدة التي يعتبرها اتباعها المنقذ من وهم دين ، هي وهم بلون مختلف ، و الدليل على ذلك هو انه في ظل هذا النظام يتم تقديس الربح ، فلا يؤبه بالجوع والامراض و كل ما يؤذي الانسان < هم > مادام يجلب الربح ل < نحن > .
الدولة الدينية و الدولة العلمانية لا يختلفون في نهب ثروات الشعوب الاخرى ، لا يختلفون في نظام السوق ، أي الاقتصاد الذي ادى لكل هذه الكوارث البشرية المرعبة ، فنحن نتحدث عن 800 مليون جائع في العالم ، امراض تفتك بملايين البشر ، مشاكل بيئية و ازمة نذرة الطاقة المفتعلة من اجل ابقاء النظام الاقتصادي البدائي ... اما الصدقة التي قد يعتبرها البعض كحل ، لن تفيد بل من المخجل التحدث عنها في عصرنا الذي يملك القدرة على توفير الطعام للجميع وصناعة ادوية لأغلب الامراض وابتكار حلول لأغلب المشاكل البشرية ...
لماذا توجد سجون في القرن الواحد وعشرين ، لماذا توجد جيوش ، شرطة ، صناعة الاسلحة ؟ اليس من المفروض القضاء على الدافع التي يؤدي للكارثة بدل هذه الحلول البدائية المشتركة بين الدولة الدينية والعلمانية ، اليس من العلم ان لا نعيد نفس التجارب لان ذلك يؤدي لنفس النتائج ، بمعنى بدل ان تسجن السارق ، اقضي على الدافع الذي جعله يسرق ....
ما اريد ان اقوله هنا ، هو انه لا فرق بين البشر ، رغم اختلاف الجنسيات والمناطق الجغرافية واللون واللغة والمعتقدات ، سنبقى بشر ، نشعر و نحب الحياة ، نريد السلام والامن ، الحرية و العدل ، لكن مادام هناك عدو و مبدأ < نحن وهم > لن يكون هناك سلام على الارض ، فالتعصب للانتماء الضيق هو المسبب لكل هذه الكوارث البشرية ، لانه يجعل من المتعصب يعتقد ان قوانين قبيلته هي قوانين الطبيعة كما اشار لذلك برنارد شو .
يقول بيتر جوزيف : حان الوقت لننمو عقليا للخروج من مصطلح و فكرة “نحن ضد هم” . هذا لا يعني أننا لا ينبغي أن نكون نشطاء ضد الفساد الاجتماعي المستمر، علينا أن نفعل ذلك، ولكن، يجب علينا أن نوقف هذا الهراء أننا “في حرب “مع شيء. هذا هو الوهم. كان مارتن لوثر كينغ عبقريا و محقا, بقولة، أقوى سلاح يمكن أن يكون هو الحب غير المشروط.
وانهي رسالة برتراند راسل لنا : الشيء الأخلاقي الذي أتمنى قوله لهم هو بسيط جداً. أود أن أقول: الحب حكمة والكراهية حُمق. في هذا العالم الذي يترابط أكثر وأكثر بشكل وثيق، علينا أن نتعلم التسامح مع بعضنا البعض. علينا أن نتعلم التصالح مع حقيقة أن بعض الناس قد يقولون ما لا نحب. بهذه الطريقة فقط نستطيع أن نعيش معاً. ولو أردنا العيش معاً -لا الموت معاً- فإنه يتوجب علينا تعلم شيء من الإحسان والتسامح، الأمر الذي يعتبر حيوياً للغاية لاستمرار الحياة البشرية على هذا الكوكب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز