الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرق الكتب من جديد

عماد حبيب

2006 / 3 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لم أستغرب الخبر الذي وصلنا أمس عن عزم رجل أعمال سعودي مقاضاة مواقع بعينها بتهمة التطاول على الإسلام. و على رأسها و ربما أهمّها
إيلاف و الحوار المتمدّن. بل ربّما إستغربت أن خطوة كهذه جاءت متأخرة رغم أن هذه المواقع تتمّ مهاجمتها و تكفيرها علنا منذ ظهورها. لكن ما
استرعى انتباهي أوّلا الاسلوب المضحك الذي اتخذه صاحينا لطلب الدعم و المساندة لخطوته، و ثانيا و خاصّة، الإستبلاه العام الذي بصم بيانه
لدرجة أن جعل على قدم المساواة التطاول المزعوم على الاسلام، مع التطاول على العلماء و الدعاة. حقا، تبّا لنا كيف تجرّئنا على التّطاول على
العلماء و الدّعاة، كرّم الله وجوههم، و قبّح وجوههنا.

في زمن قبل زماننا هذا كانت الكتب تحرق في الساحاة العامّة. أحيانا مع من كتبها. و حتّى منذ سنين قليلة طالب الجماعة إيّاهم، بحرق كتاب
الف ليلة و ليلة. و لا أعلم لما ألف ليلة و ليلة بالذات و ليس الروض العاطر مثلا. أم أن كتب الفقاه مسمومة كلحومهم لا يجوز الإقتراب منها. و
الآن جاء دور الانترنت. باعتبار وسيلة الإتّصال الحديثة هذه قد قلبت كل المعطيات. و حلّت الكتب و الجرائد و المجلات الإلكترونية عن جدارة
محلّ نظيراتها الورقية. بل لا نبالغ لو قلنا أن عدد قرّاء هذه المواقع قد يبلغ عشراة الملايين، في كل أنحاء العالم، مما لا يمكن أن تدّعيه أية
مطبوعة على حد علمي.

لا أعتقد أن أي حديث قد يفيد عن مصير هذه القضية. فمهما سيكون الحكم فيها، فأن الأثر المرجو من الزّوبعة المثارة بها لن يتحقّق. سيكفّر
غير كاتب على أمل أن يخرس قلمه، أو يحجّم، و هذا أضعف الإيمان. لكن كما لم يمنع حرق الكتب سابقا الفكر الذي تحمله من الانتشار و المكوث
في الأرض لانه ممّا ينفع الناس. لن تحقق إدانة او حجب هذه المواقع غرضها. و سيخرج لكم الف قلم مقابل كل قلم تحاولون قصفه.

عبد الله القصيمي مات وحيدا منفيا. فرج فودة استشهد غدرا و طلع علينا في الجزيرة من قال رحم الله من قتله. و مع ذلك أمامكم الآن مئات و
مئات الكتّاب على نفس نهج الفكر الحر، الباحث عن الحقيقة. و ستستمر إيلاف، و يستمر الحوار المتمدّن، و ستطلع كلّ يوم مواقع على خطاهما،
قد لا يكون لها أموالكم أو دعمكم و مساندتكم، قد تمنع و تحجب و تهاجم، و ستطالبون بحرقها كما طالب من قبلكم بحرق الكتب، لكن الفكر الحر
هو ما ينفع الناس و هو ما سيمكث في الأرض. و فكركم المتحجّر سيذهب حتما جفاءا، لأنه زبد، مجرّد زبد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah