الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجه من أوجه نظام المدارس الدينية قديما من حيث التموين والتمويل في ولاية ادرار الجزائر

مولاي جلول فضيل

2018 / 1 / 18
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


وجه من أوجه نظام المدارس الدينية قديما من حيث التموين والتمويل في منطقة توات ولاية أدرار الجزائرية :
كان نظام المدارس القرآنية او ما كان يسمى ( الكتاتيب ، المحاضر ، اقربيش ، الجامع ، الزوايا) نظام قائم من حيث التمويل والتموين على التبرعات سواء كانت عينية أو نقدية حيث لم يكن انذاك للمعلم أو ما كان يدعى بالطالب او الإمام أو الشيخ أو الفقيه ، أجر رسمي يقتضيه ولم يكن للمدرسة القراءنية أيضاً أي مداخيل رسمية عدا تلك المداخيل التي كانت تاتي من الهبة والهدايا وما كان ياتي من عند اباء وأولياء التلاميذ .
لذلك ونظراً للحاجة الماسة لأستمراية وبقاء نظام هذه المدارس قائماً ، أبتكرت عدة طرق منذ القدم لتموين وتمويل هذه المدارس وهذا من خلال جمع التبرعات و إقامة مأدبات جماعية لتلاميذ هذه المدارس أثناء إلتحاقهم بهذه المدارس حيث كانت تقام موائد من الحليب واللبن والتمر لجميع الناس وكان يطلق عليها مصطلح " دخول أقربيش أو دخول لمحضرة أو دخول الجامع " كما كانت تقام مأدبة عشاء او غذاء على شرف حفظ القرءان من قبل تلميذ أو مجموعة من التلاميذ تمول هذه المأدبة من قبل اولياء التلاميذ الذين حفظو القراءن وكان يطلق على هذه العادة مصطلح " الحفوظ " اي حفظ القرءان إضافة الى تلك الأطعمة التي كانت تاتي من البيوت بمناسبة أو غير مناسبة كلها ساهمت في بقاء واستمرارية نظام المدارس القرآنية .
ومن عاداتنا في توات (ولاية أدرار وضواحيها) وما جاورها من الولايات الأخرى التي يجمعنا بها التاريخ المشترك ونتشارك في العادات والتقاليد والتراث الثقافي بصفة خاصة والجزائر قاطبة بصفة عامة وبعض دول الجوار. وكنموذج ومثال على ذلك ما كنا نفعله ونقوم به في قصر تيلولين بشقيها (تيلولين الشرفاء وتيلولين لمرابطين) وهي أحد قصور ولاية أدرار.
ونحن صغار لما كنا ندرس في إحد الأقواس أوما يسمى بقوس لقرايا (غرفة كبيرة لتعليم القرءان) وقبل العيدين (عيد الفطر و عيد الأضحى) بعشرة أيام ، يجمعنا معلم القرءان (الطالب ، الشيخ ، الفقيه) ، ويقسمنا جماعات جماعات وفرق فرق ويختار واحد من النجباء أو الشجعان من كل فريق لتولي قيادة الفريق أو المجموعة إنه النظام الذي كان يسود المدارس الدينية ، ويعطينا إشارة الانطلاق لنجول في البلد ونصول كل الاحياء والديار والبيوت لنجمع التبرعات تحديدا القمح والبيض في عيد، والعيد الآخر نجمع الخبز الرقيق (خبز الطاجين ، لفتات) ، كل مجموعة تتجه إلى حي معين أوزقاق معلوم من أزقتنا العريقة المشهورة في قصر تيلولين ، ومن هذه الاحياء والأزقة للدلالة على ذلك (اقبور، الوسط ، بحمو سيدي ، الرحيبة ، زقاق أقار ، الزقاق الجديد ، الزقاق الفوقاني ، زقاق بالحاج ،قصبة الشرفاء ، القصبة التحتانية ، القصبة القديمة القصبة الجديدة ، دار الضمان ووو..... )
نتجه وبأيدينا اكياس من الكتان أو الحلفاء قاصدين الله وكل البيوت من أجل جمع القمح البلدي الأصيل فكل دار تمدنا حسب مقدورها واستطاعتها.
فهناك من يمدنا بمد قمح وهنا من يمدنا بطبق قمح وهناك من يمدنا بصاع قمح قد تتعدد وتتنوع أحجام الاطباق والأواني والهدف واحد ، وقد يحالفنا الحظ ايضا ونحصل على بيضة دجاج من كل بيت فالبيض قديماً كانت له قيمة كبيرة ويعادل اللحم،وللدالة على ذلك كان بيض النعام يعلق للزينة في الاماكن الفاخرة التي لها هبة ووقار وإنني اتذكر قبة سيد الحاج في تيلولين عندما كانت تزينها تلك الانواع من بيض النعام التي كانت معلقة في أعلى سقف الروضة (القبة) وما القباب بالقبور ولكن القباب كانت بها قبور وهي رياض بعض الصالحين، والقبر عندنا عرضه شبر واربعة أصابع وطوله طول المقبور وسقفه مع الأرض استوى .
ونحن نجمع القمح نردد جهراً وجماعة أمام كل بيت الآيات فواتح سورة الفتح " إنا فتحنا لك فتحا مبينا (1) ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما (2) وينصرك الله نصرا عزيزا (3) " ثم نقول اللهم آمين
ونتبعها بالمديح التالي علَّنا نفوز ببيضة دجاج:
بيضة بيضة لله باش انصوَّر لوحي ، لوحي عند الطالب والطالب فالجنة والجنة محلولة حللها مولانا ، مولانا مولانا ياسامع دعانا لاتقطع رجانا بجاهِ محمد .
نجمع مكان في النصيب ، ويحزم كل فوج ما بحوزته بعدما يكون قد أنهى المهمة التي كلف بها ، ثم نحمل ما جمعناه الى المدرسة القرآنية ونسلمه لمعلم القرءان فيأخذ نصيبه الكافي مكافئة له ولو أخذه كله لا يكافيه ، ويقوم بتوزيع الباقي على الطلبة .
في ذاك اليوم الذي يتم فيه توزيع القمح اويوم قبله نكون قد زينا جزأ من الواحنا بأشكال هندسية جميلة تعبيراً عن الفرح بالعيد نسمي تلك الرسوم بالعُرْفَات أشتِقاقاً من وقفة عرفة أو عَرَفَات ، آخذين بالمناسبة عطلة قدرها عشرة أيام.
وقبل العيد بيوم الكل يزور المقبرة وبيديه كسرة أو حلوة نتبادلها كهدايا والكل في غيطة وسرور نقرأ ما تيسر من القرءان على القبور ونتضرع بالدعاء لنا ولاهل القبور ونأخذ العبرة من الاموات ونتذكر الدار الآخرة.
-شرح مفاهيم:
التموين : التموين يقصد بع التموين العيني بالمؤونة من أكل ولباس وافرشة .....
التمويل : يقصد به التموين النقدي أي بالمال سواء كان نقداً او في شكل ودائع وسندات
.
.
بقلم السيد : مولاي جلول فضيل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيسة وزراء إيطاليا في ليبيا لبحث التعاون المشترك بين البلدي


.. العراق.. زفاف بلوغر بالقصر العباسي التراثي يثير استفزاز البع




.. المخاوف تتزايد في رفح من عملية برية إسرائيلية مع نزوح جديد ل


.. الجيش الإسرائيلي يعلن أنه شن غارات على أهداف لحزب الله في 6




.. إنشاء خمسة أرصفة بحرية في العراق لاستقبال السفن التجارية الخ