الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام والعلمانية - بْرِسِيللا فورنييه ترجمة حنان قصبي

حنان قصبي

2018 / 1 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


منذ سنين عديدة والإسلام في قلب النقاشات الاجتماعية التي تساءل الكُتّاب فيها عن مدى تلاؤمه مع العلمانية. وتثير هذه المسألة نقاشا خصبا ومُساءلة مُلائِمة لمبادئ العلمانية. ومع ذلك، فالعلمانية تفترض وجود تصور ثابت وجوهري للمسلمين ولممارسة الإسلام. ولهذا السبب، يبدو لنا هامّا التطرق لجانين من هذه المسألة هما: اختلاف وجهات النظر بين الكتاب المسلمين حول العلمانية والتعددية، وإعادة النظر في العلمانية. ويتساءل الكتاب الذين سوف يتم التطرق لمواقفهم عن مكانة الإسلام في المجال العمومي وعن التعددية، في سياق تُفهم فيه العلمانية بصفة عامة كوسيلة تمكن الناس من "العيش المشترك" في إطار الاختلاف. سنقدم في البداية مقاربة لسيد قطبن الذي كان له تأثير كبير على جماعة الإخوان المسلمين، الجماعة المصرية التي تعتبر من بين مراجع إيديولوجيات الإسلام السياسي. وسنتطرق بعد ذلك لموقف "فريد إيزاك" Farid Esack الذي طوّر تأويلا للقرآن وتصورا عن التعددية. وسنعرض في الأخير مقاربة عالم السياسة "وِلْيَم كونوللي" William Conolly، ومقاربة الأنثروبولجي طلال أسد، اللذان يعيدان الاعتبار لمفهوم العلمانية.

سيد قطب والإسلام الشامل:

كان سيد قطب (الذي ولد سنة 1906 وأعدم سنة 1966) عضوا مؤثرا في جماعة "الإخوان المسلمين" المصرية. ولقد تأثر تصوره تأثر قويا بالسياق الاجتماعي والسياسي بمصر. وتميزت كتاباته برفض المسيحية والماركسية. والإسلام بالنسبة له هو أساس العدالة والحياة الاجتماعية والسياسية.



التمييز بين الإسلام والمسيحية:

يجب التمييز بشكل أساسي، في نظر سيد قطب، بين الإسلام والمسيحية، بما أن الديانتين تختلفان عن بعضها البعض بمحتواهما وبتطورهما التاريخي. ويعتقد أن المجتمعات المسلمة تتجه نحو استيراد أفكراها من خارج الإسلام ودمجها به، بينما الدين الإسلامي هو منظومة شاملة وكاملة. وانطلاقا من وجهة النظر هذه، فقد واجهت المسيحية، لما انتشرت في أوروبا، ظروفا تاريخية حيث انتقلت من ديانة تجسد السلطة العليا إلى ديانة للسلطة الروحية. فتاريخ المسيحية، بالنسبة لسيد قطب لا يجب خلطه بتاريخ الإسلام. يجب أن يُنظر إلى الإسلام كنظام مكتمل يتضمن قواعد اجتماعية ودينية وشرعية، والذي لم يقتبس شيئا من خارجه. إذا كانت أوروبا قد أزاحت الدين من الحياة الاجتماعية، فإن هذا لا ينطبق على الإسلام. ويذكّر سيد قطب بعدم وجود "رجال دين" في الإسلام، ويؤكد على أن المسيحية أقامت، بسبب وجود فئة "رجال الدين"، نوعا من السلطة ما بين المؤمن والله يجسدها "رجال الدين"، بينما لا وجود في الإسلام لأية سلطة ما عدا سلطة الله والقرآن.

الإسلام كنظام سياسي:

إن الواجب الأول المفروض على كل مؤمن، بالنسبة لسيد قطب، هو أن يتصرف وفق مبادئ الشريعة المستمدة من القرآن والسنة (القَوْلِية والفعلية). إذا كانت السلطة السياسية لا تخضع لتعاليم الإسلام، فإن المؤمن في حِلّ من احترام هذه السلطة. ولن يعرف أي نظام سياسي أو اجتماعي، حسب سيد قطب، الاستقرار إذا لم يتم تبني الإسلام كنظام شامل. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الحياة الإنسانية هي أيضا حياة شاملة وكلية توجد ما بين الرغبات المادية للحياة الدنيا والحياة الروحية التي تسمو في اتجاه ما وراء العالم المادي. لا يمكن القيام بأي فصل ما بين الحياة الروحية والحياة المادية. ويؤكد سيد قطب أن الإسلام كنظام سياسي يشمل تصورين: أساسيين هما: أولا، المساواة بين أعضاء النوع البشري، ثم كون الإسلام يمثل نظاما خالدا بالنسبة لجميع سكان الأرض وبالنسبة لمستقبل الإنسانية.

التنوع الديني:

يفسح المجتمع الإسلامي، حسب سيد قطب، مكانا محددا للأقليات الدينية، يتمثل في ما يلي:
- يمكن لمن ينتمي لأقلية دينية أن يعتنق الإسلام، وفي هذه الحالة، لن يُطالب إلا بالخضوع للمبادئ الإسلامية وأداة الزكاة.
- يمكن لمن ينتمي لأقلية دينية أن يظل على دينه ولا يعتنق الإسلام، وفي هذه الحالة سيطالب بأداء الجزية، التي هي الضريبة المفروضة على غير المسلمين حتى تقوم الدولة الإسلامية بحمايته. وإذا رفض أداء الجزية، فإن ذلك يعتبر بمثابة إعلان الحرب على الدولة الإسلامية.
وبصفة عامة، لا توجد بالنسبة لسيد قطب أية سلطة ما عدا سلطة الله والقرآن. وهكذا يختص الإرث المسيحي بمفهوم العلمانية. ومع ذلك، فإن الاهتمام الذي يخصصه للتصور المسيحي المتعلق بفصل الكنيسة عن السلطة السياسية يبين أنه كان مطلعا على تأثير الإيديولوجيات الغربية على التصور السائد في المجال السياسي المصري. وفي نفس الوقت الذي يؤكد فيه على وحدة وشمولية الإسلام، يقوم بإبطالهما.

فريد إيزاك: الهرمينوطيقا، التأويل والعدالة

يُعتبر "فريد إزاك" -الجنوب إفريقي ذو الأصول الباكستانية- باحثا في الإسلاميات، ومناضلا سابقا ضد نظام الأبرتايد (نظام التمييز العنصري في جنوب إفريقيا سابقا). وقد ناضل ضمن العديد من المجموعات الإسلامية بهدف تطوير "لاهوت التحرير الإسلامي" (إيزاك، 1997). هناك جانبان من فكر فريد إزاك وهما: تصوره الخاص للهرمينوطيقا، ومسألة الوحي.

الهرمينوطيقا، التأويل والسياق:

يجب علينا، حسب فريد إزاك، أثناء محاولة فهم أي نص كيفما كان نوعه أن نتساءل عن صاحب النص وعن مؤوّله في نفس الوقت. وبما أنه من المستحيل معرفة النوايا والأهداف الدقيقة لمُنَزّل القرآن (الله)، فلماذا يختص بحقّ تأويله بعض المؤمنين، أي العلماء، فقط؟ بالنسبة لفريد إزاك، يمكن للمؤمن العادي أن يمتلك سلطة التأويل. إنه يتبنى مقاربة مضادة للمقاربة الأرثوذكسية التي تنكر أن الوحي مرتبط بسياق تاريخي وبقوم محددين، ويرفض الفكرة القائلة بأن القرآن يحتوي على رسالة ثابتة زمنيا. وكل مُؤوِل للقرآن في نظره لا يمكنه غض الطرف عن ثقافته الخاصة وعن سياقه الاجتماعي والتاريخي والسياسي الذي يعيش فيه. ومن جهة أخرى، يساهم المؤول في خلق تراث وبلورة خطاب يحيط بهذا التراث. إن "هرمينوطيقا الوحي" هي المقاربة التي يستعملها فريد إزاك (1997) لتدعيم رأيه القائل بأن كل نص لا يمكن فصله عن سياقه. ونتيجة هذه المقاربة هي أن كل نص يمكن أن يستعمل كـ"ذريعة". لا يمكن للمهمة الهرمينوطيقية، بالنسبة لفريد إزاك، ولا يجب عليها ادعاء الحياد،. فالسياق الاجتماعي والسياسي للشخص الذي يقوم بالعمل الهرمينوطيقي يؤثر بالضرورة على العمل المُؤَول. وبالنسبة لكل عمل هرمينوطيقي، يمكننا أن نتساءل: "من أنجزه؟"، و"لصالح من أنجزه". وبما أنه لا يمكننا فصل مُؤوِل النص عن سياقه، فإن النص يمكن ويجب أن يُستعمل كـ"ذريعة" لمحاربة الظلم. لهذا السبب يهتم بالكيفية التي يمكن لمجموعات معينة أن تتملك الرسالة الدينية. إن الاعتقاد بالصلاحية الخالدة للقرآن، بالنسبة لفريد إزاك، لا يعني الاعتقاد بأن هذا النص هو نص لا زمني (إزاك، 1997). فَموضَعة القرآن في سياقه لا ينقص شيئا من مُلاءمة وصلاحية الرسالة.

الإسلام، التعددية والعدالة:

يجب أن يُفهم "لاهوت التحرير الإسلامي" الذي طوره فريد إزاك (1997) في سياق النضال ضد الأبارتايد، باعتباره التزاما تجاه "الآخر" الديني. يذكر القرآن مرارا مفهوم "الكفار". وتقدم القراءة التقليدية للقرآن "غير المسلم" على أنه "كافر" (بالمفرد)، والذي يشير إلى "الآخر" الديني (الكفار، المنكرون) الذي يجب أن يعارضه المسلم. يعتقد فريد إزاك أن مشاركةَ الكفارِ مُحاربةَ الظلم لا يمكن أن يُعتبر شرا، لأن الفعل الخيِّر الذي يقوم به "غير المسلم" يظل فعلا خيِّرا. وبصفة عامة، يجب على الذي يعمل من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية أن يعيد قراءة القرآن ويُؤوله انطلاقا من وضعية الاضطهاد المعاشة. يشكل القرآن حسب فريد إزاك (وحسب سيد قطب أيضا) منبع سلطة. ويفقد الإسلام في نظره طابعه الشمولي، وعلى المسلم أن يفهم الإسلام حسب وظيفة السياق التاريخي. أما بالنسبة لسيد قطب، فلا وجود للتاريخ ولا للسياسة ولا للعدالة ولا لسلطة خارج الإسلام. ويرى فريد إزاك أنه لا يجب إزاحة الدين بالضرورة من العمل السياسي، وما يمكن تغييره هو قراءة القرآن لكي تُمَكّن من النضال ضد أي شكل من أشكال الظلم والقمع لتحقيق المساواة لصالح النساء على وجه الخصوص، ولتحقيق العدالة الاقتصادية وضمان التعددية.

وِليَم كونوللي: إعادة التفكير في العلمانية

يحلل وِليَم كونوللي، في كتابه "لماذا لست علمانيا؟" (1999)، مفهوم العلمانية في سياق يتميز بالتنوع الثقافي والديني، وتسود فيه العديد من التساؤلات الأخلاقية، في قلب نقاشات اجتماعية وسياسية حيوية، سواء تعلق الأمر بالإجهاض أو بزواج المثليين والمثليات أو الموت الرحيم. إنه يرفض علمانية تفرض نفسها كحقيقة ثابتة، متحجرة في الزمن, وينطلق موقفه من استحالة التأكد من أن كل ما نعتقد أنه أساسي هو بالفعل كذلك. ويجب أن نكون مستعدين دوما في نظره لكي يجد أحدهم "نقيصة" في ما نعتقد أنه أساسي.
يرفض كونوللي العلمانية باعتبارها فصلا للمؤسسات السياسية عن المؤسسات الدينية، ولكنه يريد إعادة التفكير فيها بناء على تعددية لا يمكن أن تنتصر عليها أية إيديولوجية باعتبارها حقيقة فوق جميع الحقائق. وينتقد بالخصوص تصور كانط وجون راولز للعلمانية: فتصور كانط يعلي من شأن أخلاق يضعها فوق كل مساءلة، أما تصور راولز فإنه يضع الانتماءات الجماعية (الخاصة بالجماعات التي لها هوية تميزها) والدينية في مرتبة ثانوية. إن راولز، في نظر كونوللي، لا يدافع إلا على الهويات البارزة، وبالخصوص الهويات الاقتصادية. إن إعادة الاعتبار للعلمانية، يعني فهمها باعتبارها اتفاقا سياسيا عوض فهما كمبدأ لا يناقش.
وهكذا، يجب أن يُفكّر مفهوم العلمانية لكي يتضمن "روح الالتزام الجماعي"، في الإطار الذي يسمح للعديد من المعتقدات والإيديولوجيات أن تغني الحياة العامة. (كونوللي، 1999). يقتضي "روح الالتزام الجماعي" مقاربة أكثر خصوبة، تأخذ بعين الاعتبار جميع المكونات في تداخلاتها، تكون مرنة، وقادرة على التغير. إن تنمية "الروح الجماعية" تعني تطوير الروح الجماعية بحيث يكون من الممكن تغيير النظام انطلاقا منها. يعتقد كونوللي أنه من الضروري التفاوض حول العلاقات بين المواطنين حتى لا تتمكن أية مجموعة من فرض تصورها باعتباره مصدرا للسلطة وللعقل السياسي. ويراهن الكاتب أيضا على مفهوم "رد الفعل النقدي" الذي يكمن في مقاربة منفتحة على قيم ومتطلبات بعض المجموعات، والاعتراف بالخاصية المميزة (المتنازع حولها) لمعتقدها الخاص. تقترن العلمانية المفكر فيها من جديد بما يسميه كونوللي "سياسة الصيرورة"، أي عملية تُسائلُ الهويات عبرها القيم الأخلاقية التي يعتقد أنها ثابتة. وتساهم بذلك في تشكل هويات جديدة: " تغير سياسة الصيرورة شكل ومحيط الهويات المحصنة سلفا في حدود النجاح في موضعة هوية جديدة في المجال الثقافي" (كونوللي، 1999: 57). وما يسمح بالتعددية بصفة عامة، حسب كونوللي، هو قدرة كل فرد على مساءلة قيمه وأخلاقه باستمرار، وليس التشكيك فيها. أي قدرته على الوعي بأنها قابلة للنقد وقادرة على نقد مواقع القيم الأخرى.

طلال سعد: أنثروبولوجيا العلمانية

يلتقي منظور الأنثروبولوجي، حول مسألة العلمانية، مع موقف وليم كونوللي. لكن طلال سعد يتأمل بشكل مباشر علاقة الإسلام بالعلمانية. لقد اكتسبت العلمانية في الغالب شرعيتها من الاعتقاد بأنها قادرة على وضع حد للصراعات الدينية. لكن العلمانية ليست بالنسبة لطلال سعد جوابا عن ضرورة تحقيق السلم والتماسك الاجتماعي. إنها تفرض نفسها كمرتكز يَستَنِدُ عليه "تَمَثلُ المواطنةِ" ليُقدِمَ تعريفا جديدا للخصوصيات وليتَجاوزَها، تلك الخصوصيات التي تُعبّرُ عن نفسها عبر الطبقات الاجتماعية، وعبر الذكورة والأنوثة والدين.
لا تضمن الدولةُ العلمانيةُ، في نظره، تحقيق التسامحَ. إن ما تحققه هو ضبط التوترات فقط. وبالرغم من أن التعددية والعلمانية مرتبطين أوثق الارتباط بالحداثة والليبرالية، فإن طلال سعد يرى أنه من الصعب جدا تحويلهما إلى واقع معاش، حتى في أوروبا وأمريكا الشمالية. فوضع الأقلية المسلمة في أوروبا مرتبط بالكيفية التي يتصور من خلالها الأوروبيون أوروبا. إن الإسلام مُستبعد، في نظره، من التمثلات التي تُدرِك أوروبا نفسَها من خلالها. ولهذا السبب، يُنظرُ للمسلمين كأقلية. ويفسر هذا المثال طبيعة العوائق التي تعيق التعددية في المجتمعات الغربية.
وفيما يتعلق باحترام التعددية داخل الديمقراطيات الليبرالية الغربية، يحيل الكاتب على تصور وليم كونوللي، ويؤكد على ضرورة إعادة التفكير في تصور التعددية داخل الديمقراطية الليبرالية. وعوض فهم التعددية كأغلبية تحكم أقلية داخل دولة ديمقراطية، يجب أن تُفهم بالأحرى كدولة ديمقراطية تشارك عدة أقليات في تدبيرها.
يجب أن يمكن هذا التصور للتعددية المفكِك للمركزية –في سياق يطبعه التسامح و"رد الفعل الإيجابي"- من القيام بتفكيك أو إعادة نظر منتظمة في الهويات والحكايات التاريخية. إنه من الضروري، بالنسبة لطلال سعد، مساءلة الحكايات التاريخية للبلدان الغربية، كما أنه من المهم جدا احترام الحكايات التاريخية التي تنتجها الأقليات لكي يتم احترام التعددية. وبهذه الكيفية، يتضح أن الفضاء العمومي ليس فضاء فارغا. إنه فضاء بنته الذاكرة والحساسيات التاريخية وآمال الناس المكونة له. لا تُلحّ العلمانية فقط، في نظر طلال سعد، على أن الممارسة الدينية والإيمان يظلان سجينان في أماكن لا يمكنهما فيها تهديد الاستقرار السياسي، وحريات المواطنين "الأحرار والمفكرين"ن غنها تبني ذاتها بالارتكاز على تصور خاص عن العالم، وبالارتكاز على مشاكل نتجت عن هذا العالم.

الخاتمة:

يتضح مما سبق وجود منظورات مختلفة لكتاب مسلمين حول مدى ملاءمة العلمانية للإسلام. فرضت العلمانية نفسها باعتبارها عنصرا مركزيا للحداثة السياسية، وباعتبارها الكيفية التي تمكّن الناس من "العيش المشترك" في إطار التنوع، حتى يتممكن أفراد لهم مصالح مختلفة من التوحّد بناء على قيم مشتركة عديدة. لكن كيف يمكن تصور العلمانية في مجتمع يتم التعبير فيه عن مطالب جديدة تخص الهويات، وبالخصوص تلك التي تتعلق بالانتماء الديني؟ إن النقاشات العديدة التي تولدت عن بعض المطالب التي يطالب بها المسلمون الغربيون دفعت البعض إلى القول بأن ممارسة الإسلام لا تتلاءم مع العلمانية. ومع ذلك، فلقد اهتم الفكر الإسلامي بمسألة "العيش المشترك" في إطار التنوع. ويمكن لمساهمات بعض الكتاب أن تسمح باستثمار طرق جديدة للتفكير فيما يخص كيفية فهم تصور العلمانية في مواجهة المطالب التي تتعلق بالهويات التي تهددها.
إذا كانت مقاربة سيد قطب لا تترك مكانا للعلمانية، فإن كتابا آخرين يسمحون بالتفكير في ملاءمة العلمانية للإسلام، وذلك بالتساؤل عن إمكانيات تأويل الحكايات التاريخية للمجتمعات الإسلامية. إذا كانت العلمانية التي تُفهم هنا كفصل للسلطات السياسية والقانونية عن السلطة الدينية، قادرة على توفير هامش معين للتأويل وإعادة التأويل لضمان التعددية، فإنه ليس من المفروض أن يكون المواطنون علمانيين. إن التعايش ما بين مختلف الحساسيات هو الذي يجعل مسألة العلمانية والتعددية مسألة صعبة. وعلى ضوء تصور وِليَم كونوللي، يمكن للعلمانية أن تحترم التعددية في حدود كوننا نستطيع التفكير فيها من جديد، وفي حدود كونها لا تفرض نفسها كمبدأ مطلق وثابت في الزمان.


بْرِسِيللا فورنييه Priscilla Fournier
ترجمة: حنان قصبي


المرجع:
FOURNIER, Priscilla (2008), Regards sur la laïcité, le pluralisme et l’islam : Actes du colloque « Comment vivre ensemble ? La rencontre des subjectivités dans l’espace public » (Université du Québec à Montréal, 20-21 octobre 2007), sous la -dir-. De Charles Perraton, Fabien Dumais et Gabrielle Trépanier-Jobin.
-----------------
(*) الأستاذة حنان قصبي، أستاذة الفلسفة، مهتمة بالترجمة، وبظاهرة الإسلام السياسي وبالثقافة الأمازيغية، سيصدر لها قريبا عن دار توبقال للنشر كتاب حول "مفهوم المنهج".
بيبليوغرافيا:
ASAD, Talal (1986), The idea of an anthropology of Islam, Georgetown University, Center for Contemporary Arab Studies.
ASAD, Talal (1993), Genealogies of religion: Discipline and reasons of Power in Christianity and Islam, Baltimore, John Hopkins University Press.
ASAD, Talal (2003), Formations of the Secular, Stanford, Stanford University Press.
BENZINE, Rachid (2004), Les nouveaux penseurs de l’islam, Paris, Albin Michel.
CONNOLLY, William E. (2005), Pluralism, Durham, Duke University Press.
CONNOLLY, William E. (1999), Why I am not a secularist, Minneapolis, University of Minnesota Press.
ESACK, Farid (1997), Qur’an Liberation and Pluralism, Oxford, Oxford Oneworld.
MAHMOOD, Saba (1996), " Talal Asad, modern power and the reconfiguration of religious traditions ", SEHR, vol. 5, no 1: Contested Polities, 27 février, (en ligne dernière consultation le 22 janvier 2008: http://www.stanford.edu/group/SHR/5-1/text/asad.html).
QUTB, Sayyid (2000), Social Justice in Islam, New York, Islamic publications international.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا