الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثلاثة إسلامات ..

جعفر المظفر

2018 / 1 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ثلاثة إسلامات ..
جعفر المظفر
في المقالة السابقة التي تم نشرها تحت عنوان (إسلامان سياسيان, واحد إيراني والثاني عراقي), ورغم أنها حملت مقتربات عامة من الإسلام السياسي بشقيه الشيعي والسني إلا أنها أعطت شقه الشيعي إهتماما أساسيا وذلك من خلال الحديث عن حزب الدعوة كإنموذج, ,أما الأسباب فهي متعددة ولكن دون إهمال لحقيقة أن الإسلام السياسي السني, رغم تجربته القصيرة المعاصرة في الحكم (مصر وتونس) يشترك مع الإسلام السياسي الشيعي في قاعدة التوجه الأممي الذي يسبق الإهتمام الوطني, وهو عامل تقدر له أن تكون له تداعياته المدمرة أو المقلقة على صعيد ترتيب العلاقة بين الوطني والإقليمي, وخاصة على صعيد (مَن’ يسبق مَنْ) مِن ناحية الإهتمام, و(مَنْ في خدمة مَنْ) مِن ناحية الترتيب.
لكن من الحق القول, حينما يكون هناك حديث حول الإسلام السياسي (العراقي), أن الشق الشيعي سيكون عرضة للوقوع في شرك التبعية لجاره الإيراني, ليس بسبب وحدة الفقه المذهبي الذي يتبعه الطرفان الإيراني والعراقي فحسب, وإنما أيضا بسبب العلاقات السيئة للشيعة بموضوعة الدولة العربية على مدار التاريخ, ويبدو الأمر من هذه الناحية وكأن هناك وحدة جدلية بين المشهدين ,ولكي يجزم المرأ على المستوى العام أن الحديث عن وجود دولة وطنية عراقية مستقلة وصاحبة سيادة بدون وجود نظام علماني هو أمر من الصعب تحقيقه لأن النظام ذا الطبيعة الدينية في العراق لا بد أن يكون نظاما مذهبيا طائفيا وخاضعا بالتالي لتداعيات الإرث السياسي الند للدولة الوطنية العراقية التي تجعل شقه الشيعي تابعا للنظام في طهران وتجعل شقه السني ميالا للبحث عن الدولة العربية (السعودية) أو الإقليمية المجاورة (تركيا مثلا) التي من شأنها ان تمده بمقومات البقاء والقوة في وطن الطوائف السياسية .

إن كثيرا من الإهتمام يجب ان ينصب هذه الأخيرة, ذلك أن سوء علاقة الفقه الشيعي العراقي عموما بموضوعة الدولة العربية كان جعل الخطاب السياسي الشيعي ينشأ وينمو ويتبلوروهوفي وضع المعارضة التاريخية للسلطة وللدولة. فمن الدولة الأموية إلى الدولة العباسية إلى الدولة العثمانية, كانت الأربعة عشر قرنا كافية لأن تَخلق وتُعملِق كراهية فقهية ونفسية كان من شأنها أن تترسب عميقا في الوعي الشيعي العام, ليس ضد مفهوم السلطة وحدها وإنما ضد مفهوم الدولة أيضا, بحيث يمكن القول أن (الشيعي) كان يولد وهو يحمل جينات المعارضة.

في المقابل ظلت الثقافة (السنية) خلال تلك الفترة الطويلة تتراكم وتتبلور كثقافة سلطة ودولة بحيث يمكن القول أن السني ظل يولد وهو يحمل جيناتها. وبما أن تلك الأمم الثلاث (الأموية والعباسية والعثمانية) كانت قد حكمت بعناوين مذهببية سنية وبفقه ديني تحت ذات المسمى فقد كان متوقعا أن يتصاعد بالمقابل تراث الخصومة الشيعية لقضايا الدولة التي كادت أن تتحول إلى ملكية تاريخية سنية غير مسموح وليس من السهولة إختراقها من قبل الشيعة إلا بالتمرد عليها أو الثورة ضدها.

ولأن الحكم, خلال الأربعة عشر قرنا السابقة على إنهيار الدولة العثمانية كان سياسيا دينيا, وإن مفهوم الدولة المدنية لم يكن قد خرج إلى النور, وخاصة في العراق, إلا بعد الحرب العالمية الأولى, فإن بقاء الشيعة في موقع العزلة, ومعاناتهم من الظلم وشعورهم بالحيف والمرارة ضمن وضع العزلة تلك كاد أن يحولهم من طائفة إلى شعب, خاصة بوجود مشاهد تاريخية تراجيدية كان أهمها شأنا وأشدها تأثيرأ إستشهاد الإمام الحسين مع كثير من أخوته وابنائه وبعضا من صحبته المقربين في واحدة من أشد المعارك فتكا وإبادة في تاريخ الدولة الأموية, حيث أسس هذا المشهد لتاريخ سياسي ذا عنفوان هائل على صعيد التأسيس لتاريخ وخطاب شيعي مستقل.
وسنرى تأثير مجموعة المعطيات تلك على طبيعة الممارسات التي إلتزمت بها الأحزاب الطائفية الشيعية ونموذجها المتقدم حزب الدعوة حال إستلامها الحكم في العراق .

لقد كان حزب الدعوة العراقي أكثر تماسكا في اثناء حكم صدام حسين لكونه كان يمتلك محرك التشغيل الفاعل الذي صنعته له ضديته للنظام كوظيفة تطغى على بقية الوظائف الأخرى مستغلا عمق الخطاب الشيعي التاريخي النقيض مع حالة الدولة العراقية أو المتحفظ عليها.
لكن هذا المحرك التشغيلي الفاعل في زمن المعارضة سرعان ما إنتهت صلاحيته حال سقوط النظام الصدامي, بما وضعه في حالة سياسية ضدية خطيرة مع الدولة العراقية ومع مفهوم الوطن العراقي, النقيض لهما أصلا, فراح يقود الدولة من موقع الخصومة بدلا من موقع الحكومة, ومن موقع التبعية الفاقد لأي بوصلة وطنية.

وبدلا من السعي لإعادة تكوين هذه الدولة من جديد, كما فعل إسلاميو إيران, فقد راح الدعوة يتحرك في مساحة تهديم الدولة القديمة, غير مهتم ببناء دولة وطنية جديدة, لأنه لا يملك بالأصل مشروعا عراقيا للبناء بل يملك مشروعا نقيضا لحالة الدولة الوطنية, وقد زاد الأمر سوءا وجود نظام حكم إسلامي شيعي في إيران الأمر الذي ادى إلى المزيد من التناقض والخصومة الدعوية مع حالة الدولة الوطنية العراقية لصالح الدولة الإيرانية الأم, لأن الإسلامين الشيعي والإيراني يتبعان في الغالب مذهبا فقهيا واحدا هو فقه الإمامية الذي تجتمع عليه النسبة الأعظم من شيعة العراق وإيران بما جعلهما الأقرب إلى بعض, إضافة إلى أن قضية الجوار ومشاكله التاريخية العميقة وإضطراب العلاقات فيما بين البلدين.
إن الحديث عن النماذج الشيعية السياسية الأخرى لا يخرج بشكل عام عن طبيعة هذا الموروث الفقهي السياسي, بل لعله في الحالات الأخرى لا تجسده سوى أحزاب وتجمعات هي من إنتاج دائرة المخابرات الإيرانية ومثال ذلك المجلس الإسلامي الأعلى بقيادة عائلة الحكيم الذي تاسس في إيران لغرض تجنيد العراقيين الشيعة المتواجدين في إيران للقتال إلى جانب الجيش الإيراني ضد الجيش العراقي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القسم الآخر من هذه المقالة يتحدث عن الإسلام السياسي السني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - النظام العراقي لا يمكن تصنيفه الا بنظام نشاز
علاء الصفار ( 2018 / 1 / 23 - 21:58 )
تحية طيبة
الاحزاب الاسلاموية بشقيها هي تابعة للامريكان والراسمالية العالمية(عمالة خانعة)! فالتبعية للسنة كانت دائما لامريكا وصارت سرطان وبشقيها العربي_السني (الاخوان) وبشقيها العلماني _ الديني.الدول العربية كلها بتبعية لامريكا وللحكام الرجعيين سواء في مصر زعيمة العروبة ام السعودية (زعيمةالسنة)مع الخليج (الامريكي)مشروع العروبة بدء وانتهى بتبعية البعث لامريكا! الثورة العراقية ل 1958 هي الثورة الوحيدة التي كانت خالية من الخنوع لامريكا(لاعروبية)!لذا قام العروبيين بأغتيالها!و قد توحد في هذا الامر السنة والشيعة العرب مع الشاه ايران!بعدها جاء البعث على السلطة فانتجوا سلطة بربرية لم يعرف لها التاريخ العراقي مثيل,فجاء صدام و بكصطلح التهجير للشيعة العرب متهم اياهم بالتبعية لايران, وكان البعث والعرب (من المحيط الى الخليج ) تابعون راضخون لامريكا,فصرخ فيهم مظفر(اعرب انتم_(بعروس عروبتكم)!اطاحت امريكا بكل عملائها العرب وجاءت بالفوضى المدمرة,اي ان الواقع الجديد ( العرب في العراق وليبيا وو بلا دولة)!العرب (سنة وشيعة)في الحقيقة مهددون بالدمارعلى يد العرب التابعون لامريكا وليس بجهد ايران ام الشيعة!ن

اخر الافلام

.. ندوة توعية للمزارعين ضمن مبادرة إزرع للهيئه القبطية الإنجيلي


.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا




.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج


.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان




.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل