الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
القمني وهزيمة المثقف الأعزل
صلاح زنكنه
2006 / 3 / 4المجتمع المدني
![](https://ahewar.net/Upload/user/images/23ed6910-9670-4088-9e3f-4c032127dd65.jpg)
لقد فوجئنا ، بل صعقنا جميعاً ، نحن معشر المثقفين العلمانيين والليبراليين والاشتراكيين والقوميين ، لقرار المفكر المصري الشهير سيد محمود القمني بإعلان براءتـه من أفكاره ، التي طالما استنرنا بها ، وتوقفه عن الكتابة بشكل نهائي ، وعدم المشاركة في أي نشاط ثقافي أو فكري أو سياسي في أي محفل من المحافل ، وعدم الإدلاء بأي تصريح أو رأي للصحافة والإعلام ، بعد تلقيه تهدياً بالقتل عبر بريده الإلكتروني .
أجل ، لقد فوجئنا ودهشنا غاية الدهشة ، لموقف القمني ، الذي عرفناه باحثاً جاداً وجريئاً ومشاكساً ، لكل أنواع التابوات والخرافات والهرطقات . وكانت لطروحاته وآرائه الجريئة صدى واسعاً لدى أهل الدرس والبحث والمثاقفة ولدى عموم الناس ، وبمثابة حزمة ضوء ساطعة سلطها القمني على الجوانب المظلمة من التاريخ الإسلامي ، المليء بالفواجع والمآسي ، حيث اشتغل بدأب ومثابرة ، وبروح علمية موضوعية ، لا تخلو من السخرية والتندر ، على كشف المخفي والمستور والمطمور والمسكوت عنه في ركام العقل الإسلامي المحنط بالنصوص والأشعار والمرويات والخرافات ، عبر مؤلفاته الرصينة والصادمة للذوق العام المتبلد ، مثل مؤلفات : ( النبي إبراهيم والتاريخ المجهول ) و ( الحزب الهاشمي وتأسيس الدولة الإسلامية ) و ( حروب دولـة الرسول ) و ( ربّ الزمـان ) و ( شكـراً ابن لادن ) و ( أهل الدين والديمقراطية ) والتي كانت القشة التي قصمت ظهر الجمل الإسلاموي، المتطير من كلّ رأي مخالف، فأقدم على التنديد به وتكفيره وتهديده بالقتل وذبحه على الطريقة الإسلامية . والقمني مثقف مستقل أعزل لا يملك سوى قلمه وأفكاره ومكتبته .
يقيناً إنّ تراجع القمني واستسلامه لأمر الواقع ورضوخه لتهديدات التكفيريين الإرهابيين القتلة ، القابعين في كهوف التاريخ وسراديب الجهل والعماء ، هو لحظة ضعف إنساني تحت هاجس الخوف من الموت، المجاني، على يد ( بلطجي ) ملتحي ؛ فهو يريد أن يعيش من أجل عائلته وأبنائه ، لا أن يموت مثل ( فرج فوده ) ، الذي ترك ابنه يعيش في مأساة حقيقية من بعـده . وقد تكون مناورة ذكية ، لحين توفر قسطاً من الحماية والأمان، عبر طلب اللجوء والخروج من مصر ؛ كما فعل زميله المفكر (نصر حامد)، الذي شدّ الرحال إلى هولندا إثر إقامة الحدّ عليه ومضايقته وتكفيره
وفي كلّ الأحوال ، إنّ حادثة ( القمني ) تعدّ هزيمة لنا جميعاً ، هزيمة للخطاب العلماني التنويري ، بل هزيمة للإنسان في مقارعته للظلم والجهل والاستبداد . لكنني أمني نفسي بأننا لن نهزم مادمنا نحمل شعلة الحرية ونحلم بالمستقبل الأجمل وننحت بالكلمات عالماً أكثر إشراقاً وسلاماً ورفاهية ، في الوقت الذي أثبت فيه الخطاب الإسلاموي ، الأصولي السلفي المتطرف ، فشله الذريع في التعاطي مع روح العصر ومستجداته، وعجزه عن ممارسة القيم الحضارية ، عبر المكاشفة والمحاججة ولغة الحوار ، لا لغة السيف والدم والبارود وتجريم الآخر وتكفيره . فليس كافراًَ من يسفه آلهة الجمهور بل الكافر من يتبنى تصورات الجمهور عن الآلهة ، كما يؤكد ( أبيقور) الفيلسوف. فإذا كان السيد القمني ملحداً وكافراً ومرتداً، حسب وصف الأخوة الإرهابيين ، المؤمنين بالله واليوم الآخر ، والناطـقـين الرسمـيـين باسم الإسلام والقرآن والسنة ، فإننا جميعاً ملاحـدة وكفرة وفق تصوراتهم .
لقد كشف الإسلام السياسي ، المؤدلج ، المتشدد ، ذو الرؤية التوتاليتارية ، الضيقة ، الحولاء ، عن وجهه الكالح ، البشع ، وصار قؤيناً للإرهاب في كلّ أصقاع العالم ، بل أن الإرهاب صار يوصف بالإسلامي ، لكثر المجازر التي ارتكبتها عصابات الموت ، باسم الإسلام ، والإسلام منهم براء ، بدمٍ وتحفيز وتشجيع ومباركة من رجالات اللاهوت ، من أئمة ومشايخ وخطباء وأمراء ومتفقهين ، يحللون ويحرمون ويفتون ، على هواهم . فبالأمس قتلوا فرج فوده وحسن مروة ، واليوم يهمون بقتل القمني ، ولكن هيهات ، فالأرض ما زالت تدور( كما قال غاليلو) . إنّ القمني ليس واحداً ، فهناك مئات الآلاف من الذين يؤمنون بأفكاره ، وليس من السهل قتلهم جميعاً .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. رشوا السياح بالمياه.. سكان برشلونة يتظاهرون ضد السياحة المفر
![](https://i4.ytimg.com/vi/TGZKwM2qbKs/default.jpg)
.. لحظة اعتقال الشرطة الإسرائيلية لمتظاهر في تل أبيب
![](https://i4.ytimg.com/vi/wCig035O-VY/default.jpg)
.. رئيس وزراء بريطانيا الجديد ينهي خطة لترحيل اللاجئين لرواندا
![](https://i4.ytimg.com/vi/6Rla7hO6t14/default.jpg)
.. شهيدان بينهما موظف أونروا جراء قصف إسرائيلي قرب مخزن مساعدات
![](https://i4.ytimg.com/vi/xbWWMbA8wPM/default.jpg)
.. رئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر ينهي خطة ترحيل اللاجئين ?
![](https://i4.ytimg.com/vi/JSHeQ3hAujc/default.jpg)