الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهي نهاية المرأة ؟

ابراهيم محمود

2006 / 3 / 4
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


في الكثير مما نشرت( كتباً ومقالات ودراسات)، عن المرأة بالذات، أو في السياق، وعلى أكثر من صعيد، تبدَّى لي أن المرأة، مازال أمامها الكثير، ليس لتتعرف حقيقتها، إذا استحثت خطاها، بصفتها انساناً مختلفاً، من جهة القوام الفيزيولوجي، والقوى النفسية، والأدوار التي تخصها، وأنها تختلف في الكثيرمن النقاط الفاصلة عن الرجل، من خلال تصور مفهوم الانسان بالذات، كون التاريخ المكتوب حتى الآن، لازال مُداراً، أو معرَّفاً به ذكوري الطابع.
ينطبق هذا القول، حتى على تلك الدراسات التي قامت وتقوم بها الكثيرمن النساء، وفي أمكنة مختلفة من العالم، وفي عالمنا خصوصاً، كون اللغة المتداولة، والقيم المعتمدة، وحتى طبيعة المتخيَّل، والثقافة المؤثرة: العالمة والشعبية معاً، وفي حيوزات متعددة، وصور المجازات، وحالات الاستعارة، وكيفية حضورها وتلاوينها، لا تنعزل عن الحراك الفعلي لجنسانية غير محايدة، بقدرما تستحضر، في لاوعي المرأة، حتى وإن بدت أشد النساء تطرفاً ومناصرة لبنات جنسها، أو تحاملاً على الرجل، كما يقول خطابها الأنوثي ظاهرياً( الخطاب المستعار دون مفهومه المستقل شعوذة موجهة، الخطاب القادم من خارجها)، تلك السلطة القامعة، والماكرة، والتي تتموه داخلها، في الوقت الذي يُوحى إليها، على أنها تعبر عما في ذاتها، عن خلجاتها النفسية، وأنها تختار من اللغة المفردات الأنسب، دون أن تعلم أن مجرد تمنطقها اللغوي، يعني وقوعها في الفخ الذكوري، من خلال بنية الدال اللغوية( صيغ الأفعال، نهاياتها، الأسماء المختارة، أو تركيبها، علاقاتها المكانية والزمانية، حتى استعمالات الأحرف وإيحاءاتها، على الصعيد الثقافي والتربوي والرمزي( أحرف الجر خصوصاً)، والظروف الزمكانية، والمتحوَّل على الجملة الاسمية، إثر دخول فعل الماضي الناقص( كان وأخواتها)، وتسميات الإعراب ومراميها، فكلها ذكورية الاعتبار، كما في حال المضاف إليه، أو المفعول به، أو علاقة التشكيل بنهايات الأسماء الجاري إعرابها....الخ)، أي أن اللغة لا تعدو أن تكون مستعمرة عقاب ذكورية، في المجمل، ليس بوسع المرأة إعلان تحررها منها، وهي مضطرة، شاءت أو أبت، إلى أن تكون مواطنة( محجوزة، محجَّرعليها): لغوياً، وقيمياً دونياً، داخل المعتقل التاريخي العريق.
هذا على الصعيد اللغوي المصان أو المحروس بسلطة متفقهين أشداء، أعداء ألداء للمرأة مذ وجدت، بوعي مرصود أو بدونه، باعتبارها مضافاً أبدياً إلى الرجل، ومفعولاً( فيه)، تجريداً لها من فاعلية التمايز، وساحرة لعوباً مطاردة، سواء من خلال تصورها أو الحديث عنها، أو تبيان الموقف منها تاريخياً، وفي النصوص الدينية الكبرى وكيفية تطبيقها واقعاً، كما تطرقت إلى ذلك كثيراً في أكثر من كتاب لي( الجنس في القرآن) هذا الذي حُكم عليه غياً دون أن يُقرأ، إذ لا وجود لكلمة جنس واحدة في القرآن، وأنا أتحدث عن البعد الفقهي التاريخي والثقافي لمفردة الجنس ومقابلها قرآنياً وأبعادها القيمية، و(جغرافية الملذات، والمتعة المحظورة، والضلع الأعوج، والشبق المحرم...الخ)، حيث لم أر ما يشير إلى أن المرأة سائرة في طريق كينونتها المتنامية، أو تحقيق ذاتها الانسانية الخاصة بها، إذ إنها لا تني تتقدم وتتأخر من خلال إعلانات مرورية متواصلة( جوازات سفر) ذكورية، سواء في سياق المعاملات أوفقه العبادات، وهي( أي مفردة العبادات)، أعتبرها، ومن خلال متابعات كثيرة لنصوص دينية كبرى اسلامياً بالتحديد، عبوديات المرأة للرجل، سواء من خلال مفهوم الزواج، أو قضايا الإرث أوالقضايا العامة( الشهادة أو الاعتبار الجسدي بالذات) ، أو الموقع الديني والنظر إليها سلباً، في نطاق مفهوم الحلال والحرام... الخ، وأنها في العقود الأخيرة، بانت أكثر انحداراً في شرك الذكورة، وخصوصاً في مهب ريح العولمة، وهي ريح عاصفة، لا أعتقدها ناسبت( سفن المرأة)، ومن خلال الكثير من الوقائع أو حيثيات الحياة اليومية في العالم العربي الاسلامي تحديداً.
ما يؤلم هو أن المرأة تفرح، أو تغتبط، وهي تخرج إلى الشارع، أو تبرز صورها، أو تتبرج في مناسبات أو حفلات مختلفة، وتتبدى قوية الحضور في المسلسلات والأفلام والاعلانات... الخ، ولكنها في كل ذلك، لحظة التدقيق في الأرضية التي تقوّمها تتدمى( أي تستحيل دمية)، متحركة على حلبة القيم الذكورية، وهي مقدمة استهلاكياً، أو مشتهاة تسويقياً، مستعيدة دلالة المفردة: المرأة: الاستطعام.
أشدد على نقطة أكثر لفتاً للنظر، وهي تتعلق بالحجاب كظاهرة تكاد تعم المجتمعات الاسلامية كافة، وما يرادف ذلك من تكويد لقدراتها خارج إرادتها المميّزة لها، بصفتها منطقة حماية ذكورية هنا بمسوغات مقروءة ومسموعة ومرئية هنا وهناك، لا بل حيثما وجدت نساء مسلمات وفي العالم الأوربي، كما شاهدتها في أكثر من بلد أوربي، بنوع من الاستعراض الديني، أو الخصوصية الدينة والثقافية، دون وعي من أن الاندفاع الطفرتي هذا، هو وقوع أكثر في الفخ الذكوري الموسوم، واستلاب ذاتي للمرأة، ومن قِبلها، أن ما تقوم به المرأة، لا يجسد كلياً حقيقة ما تتفكره، وإنما ما يُطلب منها، وما يترتب على ذلك، من تخلٍّ جلي لحقيقة كونها امرأة، أعني كائناً مختلفاً، وأنها تنتحر ذاتياً، وبإرادتها الموجَّهة على الضد مما تحسب، لتسلم دفة قيادتها، وبمعان كثيرة للرجل، المرأة التي ناضلت وتناضل كثيراً أيضاً، بحثاً عن الكينونة التي تصورتها اُنتهِبت أو صودرت منها أو جُيّرت وشوهت، منذ نشوء الكتابة الذكورية الطابع على الأقل.
إن كل ذلك، يدفع بي إلى القول، وأنا أعبّر عن قلقي الشديد على الوضع المجتمعي الآيل إلى التفكك والتشرذم في مجمله( مجتمعنا الذي نعيشه ونعيش فيه، والمجتمعات المجاورة)، ووضع المرأة أكثر فيه، حيث تكون ضحية الضحية المستبِدّة بها، وهو قول لا يستثني أي امرأة، مهما كان انتماؤها وولاؤها، وبنسب متفاوتة.
قيمياً، هل نشهد بذلك نهاية المرأة المنشودة ككائن مختلف، خارج حوزة الرجل الذكورية؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهادات لأسرى محررين تعكس سوء الأوضاع في السجون والمعتقلات ال


.. الإعلامية دانيا جمال




.. الناشطة المدنية ورئيسة مجلس إدارة منظمة هيروديت للتنمية المس


.. رئيسة منظمة مراس للتنمية بسمة الورفلي




.. لوحة الرحلة الأخيرة