الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النقائض (المفارقات) بين الفيزياء والفلسفة

مؤيد الحسيني العابد
أكاديمي وكاتب وباحث

(Moayad Alabed)

2018 / 1 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


النقائض (المفارقات) بين الفيزياء والفلسفة
The paradoxes between physics and philosophy
د.مؤيد الحسيني العابد

لقد أشرتُ في مقالٍ لي بعنوان(بين الفيزياء والفلسفة.. عشقٌ دائم) وفي العنوان التالي:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=222246
أشرتُ الى أنّ (العلّة الفيزيائيّة لا يمكن الوصول فيها إلى المراد في التفسير من دون طريق فلسفيّ يسبقه)و(لقد لعبتْ الفلسفة الدور الأكبر في إيصالنا إلى نظريّات وفرضيّات لا حدّ لها في علم العلوم(الفيزياء). وكذلك (إدّعيت يوماً إلى أنْ لولا الفلسفة ما وصل العلماء إلى ما وصلوا إليه من تقدّم هائل في هذا المجال!). لكن ينبغي ان أُزيل أيّ سوء فهم على ما قلتُه وما سأقوله حول عنوان مقالي هذا وهو (النقائضُ ما بينَ الفيزياء والفلسفة). حيث هناك الكثير مما يجمع إثنين رغم وجود النقائض بينهما! (نكتة ما قبل الإنتخابات العراقيّة: فاسدون أجمع عليهم الشعب بأنّهم فاسدون حتى النخاع!ولعبوا على تفتيت المجتمع بالتدمير المستمر، ثمّ يأتي وقت الإنتخابات ليصوّت لهم الشعب الذي أدانهم على مدى سنوات أربع! نقائض مجتمعيّة كالنقيض الفيزيائيّ الذي نشير إليه أو يقترب من ذلك!!). (أو كالزوجة والزوج اللذان تتعرض لهما الحياة بمشاكلها، وهما يتعرّضان لها، ولهما من النقائض في الحلول والتصرفات الشيء الكثير! وهما متحابّان مع بعضهما! والله يديم عِشْرَتَهما! لذلك لا تتعجّب من النقائض والمتناقضات والمعاكسات وغيرها ما بين الفيزياء والفلسفة وهما متحابّان ومؤتلفان، ولا يمكن أن يستغني أحدهما عن الآخر! عِشْرَة عُمُر!).
لقد قال أهل الفلسفة أنّ القوانين التي تحكم الكون هي أثنا عشر قانوناً، وقد قاموا بذكرها بأساليب مختلفة، وقد قال أهل الفيزياء النظريّة أنّ الكونَ في هندسته ووجوده يخضع الى إحداثيات إثني عشر! وأنّ الإحداثيات التي يتمّ تداولها في الفيزياء هي أربعة كما هو معروف، منها ثلاثة للمكان وواحد للزمان والباقية من الإحداثيّات منطوية تحت سالفاتها الأربعة (ولو أنني لا أتفق على أنّ الزمان إحداثيّ، بإعتبار أنّ المكان معرّف بذاته إلاّ أنّ الزمان غير معرّف بذاته إلاّ مع المكان فكيف أعطيَ هذا التعريف؟!). والقوانين التي يشار إليها في الفلسفة تلمّح في كلّ زاوية من الذكر الى الزمن، إمّا بالذكر الصريح أو بالإشارة! إبتداء من ذكره القانون الأول فيما يتعلّق في عمليّة التغيير المستمر من اللامحدود والذي يتناغم فيه الذَكَرُ مع الأنثى في تناغم مستمرّ وفي تغيير مستمر. وواضح من الإشارة الى عملية التغيير كيف يشير بها الى الزمن! (للإثارة ليس إلاّ أقول:هل هناك دخل أو علاقة ما بين الزمن الذي يقيسه الذَكَرُ والزمن الذي تقيسه الأنثى؟ بإعتبار أنّ الزمن من ضمن ما يتعلّق به هو المزاج والشعور كما ورد في نسبيّة أنشتاين حينما سئل عن معنى النسبية من قبل إحداهنّ وأظنّ أنّها كانت جميلة من خلال سؤالها وهجومها على العالم العبقريّ عن معنى النسبية فأشار في مثاله التوضيحيّ عن الوجدان والحب والعاطفة وكيف يمضي الزمن في الحالتين، حالة الحب والكراهية فهناك يمضي مسرعا وفي الثانية يمضي بطيئاً وفي الحالتين هو يمضي كما هو!).
هل هناك تعريف للزمن؟!
لقد اعتدنا على معادلات مهمة وحيوية فيزيائياً!! ففي النظرية النسبية التي يتحول فيها فَرْقُ الكتلة الى طاقة حيث تكون هناك كتلتان أوليّة ما قبل الحدث ونهائيّة ما بعد الحدث، فتكون الطاقة الناتجة هي عبارة عن ناتج لتحوّل جزء الكتلة الى تلك الطاقة التي يتقبلها العقل، حينما نجري العمليّة الحسابيّة البسيطة على طرفَي المعادلة فيكوّنُ ما نطلق عليه بقانون حفظ الكتلة والطاقة أو فصل كلّ منهما بالتسمية، قانون حفظ الكتلة لوحده وقانون حفظ الطاقة لوحده. فيكون الناتج أنْ لا طرح أو نقصان بالكميّة الكليّة! هنا ننتقل من خلال هذه المعادلة الى مسمّى النقائض!
يعتبر الإلكترون جسيما سالب الشحنة ويكون من مجموعة اللبتونات، وكذلك يوجد لبتون آخر هو الإلكترون النقيض (البوزترون) أي الذي يحمل الشحنة الموجبة ويشبه الأوّل توأمه في كلّ شيء إلّا الشحنة المذكورة! حينما يقترب الأوّل من الثاني ينتج ما نطلق عليه بناتج أشعّة الفناء، أي بإعتبار أنّ الأوّل يفني الثاني لتنتج الطاقة أي أنّ الكتلتين تحولتا الى طاقة بإعتبار أنّنا نعرف قيمة الطاقة التي تعادل كلّ كتلة فنطلق على تلك الكتلة المعياريّة بكتلة السكون(ولو أن لا سكون هنا البتّة!) أقول تنتج طاقة من كتلتين متساويتين فنقوم بضرب الطاقة الناتجة من كلّ كتلة في إثنين!
لقد خاضت الفيزياء غِمارَ نفسِها والفلسفةَ للعيش في هذا العالم من التناقضات والنقائض ولكنّها لم تفلح دائما! حيث لم تصل إلى مناقض للعديد من المسمّيات والموجودات منها الزمن مثلا! فلا نقيض له (الى الآن على الأقل!) بل ولا يمكن القول أنّ للزمن كياناً مستقلاً وفق المنظور الفيزيائيّ! لكن في مجالات أخرى هناك حديث آخر!
سؤال يطرح: ترى هل للزمن موجة ذاتيّة ترافقه؟ بإعتبار أنّ لكلّ شيء مرافقاً موجياً كما يقول دي برولي حيث يشير هذا العالم أنّ لكلّ جسم في الكون موجة ترافقه تحملُ مواصفات ذلك الجسم! وإذا إستثنينا الزمن من كلمة الجسم بإعتباره ليس مكانا ولا شيئا معرفا بذاته كي ترافقه موجة لكنّ السؤال، هل يمكن للزمن أن يرافقه (أو يرافقها إنْ كان مؤنثا!) شيء كي يحمل مواصفاته بإعتبار أنّ سَحْبَ الأمثلة على الأشياء قياس، فلِمَ لا يكون ما للأشياء كما يكون للمسميّات الأخرى إنْ كانت معرّفة أمْ غيرَ معرّفة؟! لِمَ قَبِلَ أنشتاين وغيره مرافقة المكان أو تلازم المكان للزمان ليطلق عليه الزمكان
Space-time
(باعتبار أنّهما شكلان لوجود المادة) أقول لِمَ رفق الإثنين بلا إنفكاك؟ وإعترافه بوجود التلازم، لا التعريف المستقل! لِمَ لمْ يقبل بالتلازم ما بين الزمن والمرافق الذي لا ينفصل عنه وهو موجة(!!) أو تأثير أو أيّ شيء آخر؟!
هل هناك إختلاف ما بين المكان (أو الفضاء) والزمن في العوالم الأخرى؟ بإعتبار أنّ هناك هذه الصفة في داخل الجسيمات الأوليّة حيث تكون القياسات من الفرق المذكور صغيرًا الى درجة عشرة للقوة ناقص 43 أي:
10^-43
هل لنا أن نؤثّر على أحدهما بتأثير يختلف عن التأثير للثاني؟ كأن نضغط المكان ونمدّ الزمن، وهل هناك أشكال للمادة تقع خارج الزمان والمكان؟ هذه أسئلة ليست لي إنّما للفيزياء الحديثة التي تطرح أسئلة أكثر من الإجابة عليها!
إنّ لكوننا (وهو ما متفق عليه بين الفيزيائيين وغيرهم) ما نطلق عليه أكبر شيء في الكون وهناك أصغر شيء فيه. والأكبر هو أبعاد وعمر الكون. حيث أشارت نظريّة فريدمان الى أنّ الكون الذي نحن جزء منه يمتدّ الى 10 للقوة 23 كيلومتر أي:
10^23km
ولا يقلّ عمر هذا الكون عن 10 للقوة 10 من السنين أي:
10^10years
ليست الأرقام المذكورة حدّا منتهيًا بل ربّما تكون هناك مقادير أكبر ولكنّها في واقع لا يتجاوز الواقع النظريّ!
نعود الى مرافقة الموجات أو مرافقة أشياء أخرى للزمن! نقول في كوننا هذا هناك ما يمكن أن نطلق عليه بالقطب غير القريب أو القطب الآخر وهو قطب الظواهر الدقيقة والذي يشمل الموجات القصيرة التي تصل الى جزء من مئة ألف من السنتمتر. وأمّا الأشياء التي تمتلك مقاييس أقل فتطوّقُها الموجات الضوئيّة، ولا يمكن لنا رؤيتها. وهنا لغاية فحص شيء لا يمكن رؤيته كما ورد يوجّه العلماء حزمة من الإلكترونات عوضا عن أشّعة الضوء، عِبْرَ الميكروسكوب الإلكترونيّ، ويطلق على هذه الإلكترونات بالإلكترونات القاسية.
إنّ التجارب الفيزيائيّة التي وصلت لها أيدي العلماء في مختبراتهم هي من مرتبة 10 للقوة ناقص 16 من السنتمتر أي:
10^-16cm
وهذه يمكن الوصول لها في معجّلات حديثة وليست من الصعوبة بلوغها وتقطعها موجة الضوء خلال 10 للقوة ناقص 27 من الثانية أي:
10^-27sec
لكنّنا يجب أن نعرف أنّ كَمّ الفضاء الذي يكون من مرتبة 10 للقوة ناقص 33 من السنتمتر يكافيء كَمّاً من الزمن يطلق عليه كرونون
Cronon(or chronon,kronon..)
وهو من مرتبة 10 للقوة ناقص 44 من الثانية أي:
10^-44sec
والكرونون هو كَمّ من الزمن المقترح، وهو وحدة منفصلة وغير قابلة للتجزئة من الزمن كجزء من فرضيّة تقترح أن الوقت ليس متواصلا. بينما في الميكانيك الكميّ يعتبر الزمن كمية مستمرة وكذلك في نظرية أنشتاين النسبيّة العامّة. ومقترح فصل الزمن جدير بالدراسة، خاصة إذا ما نظرنا في عملية الجمع ما بين ميكانيك الكمّ والنسبيّة العامّة كي نضع نظرية التثاقل أو الجذب الكميّ:
. quantum gravity
وقد عرّف الكرونون على أنّه الزمن الضوئيّ للإنتقال عبر نصف قطر الإلكترون الكلاسيكيّ#. وهو يكافيء مثلاً
6.27×10󔼠
ثانية لإلكترون واحد ومقارنة مع زمن بلانك
ثانية 5.39×10󔼴
نلاحظ الفرق الكبير بين القيمتين. وزمن بلانك يمكن أن يعدّ أقل فترة زمنيّة أو أقل حدّ زمنيّ يمكن أن يوجد من الناحية النظريّة ما بين حادثتين مرتبطتين مع بعضهما. وإذا أخذنا بنظر الإعتبار الطابع الكميّ للدراسة فلا يمكن إعتبار هذا الزمن زمنا كمومياً. حيث ليس هناك ضرورة أو شرط أن يتمّ الفصل بزمن معيّن ما بين حادثتين يفصلهما عدد منفصل من زمن بلانك. بالإضافة الى كون زمن بلانك هو نفسه زمن كموميّ عام، في حين أن الكرونون المذكورهو كموم لتطور ما في نظام ما على طول خط العالم. وبالتالي فإنّ قيمة الكرونون مثل غيره من الملاحظات الكميّة في الميكانيك الكميّ هو دالّة للنظام قيد البحث، لا سيّما شروطه الحديّة أو المقيدة. وقيمة الكرونون تحسب من العلاقة التالية:
θ_o =1/(6πϵ_o ) e^2/(m_o c^3 ) ##

من هذه العلاقة نلاحظ أنّ طبيعة الجسيم المتحرك قيد البحث يجب أن تحدد من خلال ذلك، قيمة الكرونون التي تعتمد على شحنة وكتلة الجسيم المتحرك المذكور.

للكرونون آثار مهمة في الميكانيك الكميّ. ولا سيّما أنّه يسمح بإجابة واضحة على مسألة مهمّة فيما إذا كانت الجسيمات المشحونة والساقطة سقوطا حراً تبعث أو لا تبعث إشعاعاً. من كلّ ذلك وصلنا الى جزء مما طرح وهو:هل للزمن تعريف مستقل، هكذا بذاته!؟
لا أحسب الكثير من الفيزيائيين يستطيعون وضع تعريف مستقل للزمن! وسأطرح السؤال بشكل آخر، هل بالفعل يمكن الوصول الى تعريف محدّد أو غير محدد للزمن؟ هل هو (إنّ عرّفناه) مطلق أم نسبيّ في ذاته؟ وما علاقتنا بهذا التعقيد أي هل من الضروري إيجاد تعريف مستقل للزمن؟(يا سلام! كيف لا!)
أجيب بإختصار: نعم له تعريف مستقل عن المكان! ولي عودة غير قريبة حول ذلك للإستمرار في هذا الجانب!
فالأمر ليس للإثارة والمشاكسة! بل طَرْقَةٌ على باب أطلقُ عليه باب، علوم ـ فلسفة (وليس فلسفة العلوم المعروفة!)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Henry Margenau#
كما ذكره الفيزيائي الالماني هنري مارغيناو(1901 ـ 1997) وهو فيزيائي ومتخصص كذلك في فلسفة العلوم
## Farias & Recami, p.11. Cal-dir-ola s original paper has a different formula due to not working in standard units.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات الطلبة في فرنسا ضد حرب غزة: هل تتسع رقعتها؟| المسائ


.. الرصيف البحري الأميركي المؤقت في غزة.. هل يغير من الواقع الإ




.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في مستقبل الفورمولا؟ | #سك


.. خلافات صينية أميركية في ملفات عديدة وشائكة.. واتفاق على استم




.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل