الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفكار حول القيم الأخلاقية ..(1)

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2018 / 1 / 29
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إنما الأمم الأخـلاق مـا بقيـت * * فإن هم ذهبت أخلاقهم
أحمد شوقي
.
بدايةً ، أعتقد أن الأخلاق - حسب ظني - هي عتقٌ قيمي بطيء وتطور مُتواصل عمّا هو كائن..
وهي تعبير دائم الحركة ، يُوضح فيه المرء من خلال أحكامه عن توقِ إنساني دؤوب إلى ما يَجب أن يكون عليه الواقع والسلوك ،
وأؤمن بأن الحياة الأخلاقية بشكل عام ، لا تتحقق قيمُها المُتغيّرة إلا من خلال الركون إلى المَوئل المَفتوح للحُريّة..
لكن مع كل هذا أعترف أنه مازال يتردد في ذهني السؤال القديم الجديد :
تُرى هل القيم الأخلاقية ثابتة مطلقة أم متغيرة نسبية .؟
في كتابه "أصل الأخلاق وفصلها" رأى الفيلسوف " نيتشه" أننا في أمس الحاجة الى نقد للقيم الأخلاقية ، وقال بأنه يتوجب علينا أوّلا أن نضع هذه القيم ولو مرة واحدة موضع سؤال ومبحث نقد ، مما يستوجب معرفة الشروط والظروف التي تولّدت عنها هذه القيم ، التي تتأتى على هيئة مجموعةٍ من الأحكام الانفعالية تقود المرء نحو رغباته واتجاهاته ، وتُصبح هي المُحرِّكَ لسلوكياته العامة والخاصة..
ومما لا شك فيه عندي ، أن هذه القيم الأخلاقية تبقى هي الاطار الأمثل للسلوك الكفيل بتحقيق السلام ذي الطمأنينة بين الناس .. لكن كما يبدو لي وأنا في هذا العمر ، فإن هذه القيم في حقيقتها ، هي مجرّد أفكار خلابة ، جوهرها أمنيات محدودة بحدود الحال الراهن للإنسان فقط ، لا تُطيق الثبات في الواقع المعيش ، ولا تقوى على الوقوف أمام أبسط المصالح ، بل وأراها قيماً هشة جداً ، تعشق التغيير بسرعة مذهلة ، إلى درجة أنكَ تحسبها لا توجد حقاً .. أو لم تكن أصلاً برفقة الإنسانية في وقتٍ من الأوقات ..
بل وأحياناً يُخيّلُ إليَّ أنّ هذا العالم الخارجي – عالم الواقع والأشياء – لا علاقةَ لهُ بما نُسمّيه خيراً أو جمالاً ، ولا شراً أو قبحاً ، وأنّ هذهِ التسميات إنّما هي مشاعر وأحاسيس وأحوال الشخص المُتكلّم لا أكثر ولا أقل ، وأنّ كل هذه القيم الأخلاقية التي نعتدُّ بها في مسار حياتنا ، إنّما هي بمُجملها قيم ذاتية مُتغيّرة ونسبية ليستْ مُطلقة .. تتأتى من دواخل الإنسان وسرائر رغباته ، أو لنقل هي مُجرّد شعور ذاتي عند الإنسان نحو الأشياء المُحيطة به ، وليستْ بكائنة فيها ..
والحق – كما أراهُ أنا طبعاً - حتى أولئك المُدافعين عن وجود القيم خارج الإنسان ، إنّما يدافعون عن قيمٍ معينةٍ لديهم ، تعنيهم هم ، قيم ألفوها ، تماهوا بها إلى درجةٍ كبيرةٍ واستراحوا لها ، لذا تراهم يتمَسّكون بها بقوة ، فلا يَرْضَون فيها بدعةً ولا يُريدون لها تبديلاً ، أو ربّما يصحُ القول : أنّهم لا يَودّون أنْ يذهبوا بذهابها دون رَجعة ..
وبعَامّة، هذا كله يذكّرُني بعبارة للفيلسوف اسبينوزا من كتابه علم الأخلاق :
" يظنّ الناس أنّهم يَرغبون بالأشياء لأنّها خيّرة ، والأمر على حقيقته ، أنّ الأشياء تكونُ خيّرة لأنّ الناس يرغبونَ بها " .
وللحديث بقية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا