الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كنوز العقل --- 2

حسين عجمية

2006 / 3 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


مهما بلغت التراكمات المتواجدة في بنية العقل تظل في كميتها تشكل جزءاً هامشياً من وجوده , فقدرته على الاكتناز لا يحددها نظام المعارف ولا كميتها ولا مجمل المعطيات الحسية والحركية ولإرث الفعلي وغير الفعلي المتشكل من تتابع التواصل الإنساني والنشاطات البيئية المحيطة بوجوده , فالعلاقة بين الكينونة العقلية والمعطيات الداخلة في وجود العقل قائمة على الاستيعاب التكاملي لكل ما يحيط بالجوهر العقلي ومختلف الأنشطة الصادرة عن عطائه , وكلما توسع العقل ذادت طاقة الاحتواء في وجوده .
فالمعارف الداخلة في نظام الوعي ليست من طبيعة مادية لتشكل كماً ولا تدخل ضمن مقاييس الحجم وغير مرتبطة بواقع مادي له سمات تكوينية أو بنية داخلية توافق وجوده , فالحقيقة العقلية حقيقة مجردة من المقاييس ترتفع في نظام الوجود إلى ما هو أبعد من الوجود ذاته , ولا يتكامل وعينا لها من خلال وجودها ولا بوجودها نصل إلى كمالية الوعي , فالعلاقة مبنية على التضاد العكسي والتوافقي بشكل منسجم ومحكم التكوين . فكلما ذادت الأنشطة الفكرية وكمية الوعي والمعارف المنتشرة بشتى أصنافها تتوسع مداركنا العقلية وقدراتنا على التكيف والتعامل مع المحيط , وتتوسع مداركنا العقلية لاستيعاب ما هو أكمل من ذالك لأن عالم العقل مرتبط بالتوسع الكلي للكون , ونظراً لما تخفيه بنية الكون من الاتساع اللامحدود وغير المتوافق مع معارفنا عنه يظل العقل قابلاً للتوسع اللامحدود في نظام المعارف المتجددة .
فالتباين العقلي هو تباين مرحلي نظراً لقدرة بعض العقول على الاكتساب المعرفي , وكلما تابع الوجود تغيراته المنسوبة إلى الزمن تتابعت المعارف تغيراتها المنسوبة إلى العقل ضمن سلسلة أبدية ومتحدة في بنية الوجود الكلي , وكلما تغير الزمن تغير وعينا الفعلي المطابق له وفي كل مرحلة تصبح المرحلة الفعلية للمعارف أعلى من المحصلة الفعلية للمعارف السابقة لها وهكذا يستطيع العقل التخلي عن بداياته .
وعندما تتأجج الأفكار بأسئلة مخالفة لنظام وعينا التاريخي يكون العقل قد قارب على إتمام مرحلة من وجوده الواعي إلى مرحلة أخرى أكثر وعياً وبدأ يكوّن نظام مطابق لوجوده الجديد والمتجدد .
فإذا كان الوعي البشري غير قادر على تحديد البداية الفعلية للوجود فلم ولن يكن قادراً على تحديد النهاية العقلية له نظراً للبعد اللانهائي بين وجود العقل ووجود المعارف المعبرة عنه .
فالكينونة العقلية للوجود متأصلة في ذاته , متوسعة في بنيته لدرجة التطابق ومهما بلغ الارتقاء حد التكامل العقلي للبشر ومهما بلغ التوسع في نظام المعارف عن حقائق الوجود , لن تصل المعرفة حد الامتلاء وتظل البنية العقلية قابلة للتوسع وقابلة لإمداد التراكم الكمي والكيفي لنظام المعارف في بنية هذا الوجود .
فالعلاقة القائمة بين العقل والوجود هي من الوجود ذاته , لأن طريقة التعبير العقلي مأخوذة من بنية المعارف الكونية ,فالحقيقة المعرفية مهما بلغت من الوضوح والدقة تظل في ماهيتها إرثاً كونياً يعبر العقل عن محتواها توافقاً مع ضرورة وجودها ومستوى تطور المعرفة في بنيتها , ومهما بلغت نسبة انغلاق العقل على نفسه لن يفلت من مسؤولية تأمين التطابق بين تطور الواقع وتطور العقل المرافق له .
قد يقاوم العقل تغير بنيته بكل الوسائل المتاحة بالرغم من كونه بالضرورة ملتزم بكل الاكتشافات والأبحاث والقوانين التي تحققت وغيرت الطريقة التي يعبر بها العقل عن ذاته وعن جميع النظم والعلاقات في مدار وعيه لها , فالواقع البشري يرتفع عقلياً في نظام الوجود ليرفع سوية البنية التفاعلية للبشر أنفسهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هكذا اعترف عمار لريم بحبه لها ????


.. مصر: طبيبات يكسرن تابو العلاج الجنسي! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. كندا: حرائق تحت الثلج! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مارين لوبان: بإمكاننا الفوز بهذه الانتخابات وإخراج فرنسا من




.. أكثر من 3 تريليونات دولار.. لماذا هذه الاستثمارات الضخمة في