الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخارجون عن القانون

عطا مناع

2018 / 2 / 1
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية




استجمع كل قواه وصار بصره كالسهم يلتهم ألمكان لم يقوى عقله على استيعاب ما يرى ، صفع نفسه عله يحلم دون جدوى ، تفحص جسده ولامس بيده رأسه ليثب لذاته انه هو دون جدوى ، خاطب الخواء الذي احتل صدره .... أهذا هو أنا ؟؟؟؟ هل حلت علي اللعنة ؟؟؟؟

صفع وجهه مرة اخرى ليستعيد الصورة التي يجب ان تكون ، افلتت الصورة منه وما عاد قادراً على لملمة الواقع الذي خبره جيداً ، لا شوارع ولا ازقة ولا حيطان ، لكن الذاكرة تحتضن بعضاً من الصورة التي يريد ، قال في نفسه : ذاكرتي بوصلتي وشراعي وذاكرتي لا تخونني ، ذاكراتي عصارة رحلة لم تنتهي ورفاق هم التراب والتراب هم.

اغمض عينيه وعاش الصمت ، فلغة الصمت في بعض الاحيان هي الأقوى سمع صدى صوت قادم من العدم انهم صائدوا ألجوائز كان قد عرف صائدوا الجوائز من خلال متابعته لأفلام الغرب الأمريكي كان شغلهم الشاغل ملاحقة الخارجين عن القانون.

ما لنا وللغرب الامريكي وصائدوا الجوائز وللهنود ألحمر تفحص نفسه ثانية وثالثة وعاشرة متسائلاً : لا يمكن ان اكون هندياً احمراَ ملاحقاً من قبل صائدي ألجوائز جاءه الصوت مرة اخرى لا فرق فكلهم صائدوا جوائز وكلكم في نظرهم هنود حمر.

هل يعني ذلك أن يتقمص الدور ؟؟؟؟ يعتلي صهوة حصانه ويحدد وجهته لمكان لا بشر فيه ، صفحة الحقيقة وذاكرته التي لا تخون : انت مسكون بالبشر والذكريات ، أنت بلا ذكريات مجرد شيء تافه ، انت بلا ذكريات حمل زائد.

اذن : فلتعق العزم على امتشاق ألذكريات فالذكريات بشر وحجر وتاريخ يعينونك على صد صائدوا الجوائز الخارجون عن قانونك الذي هو قانون الطبيعة والمجتمع حتى لو حاد بعض ممن احببتهم عن الصواب وارتضوا لنفسهم بالفتات.

لكن الذكريات والتاريخ تملكان القوة المعنوية فقط ، بمعنى انك لا تستطيع ان تلمسهما بيدك وتكحل بهما عينيك ، التاريخ له قيمة عن الشعوب التي تحترم تاريخها ، التاريخ يتحول من سيف معك الى سيف عليك عندما تغيب القيمة الحقيقة للأشياء ويسيطر الخارجون عن القانون على الحقيقة.

هي دوامة وصراع يبدوا انه لن ينتهي ، انه صراع اذا قارنته بالمصائب التي حلت على الوعي الجمعي الذي انتميت له، صحيح ان هذا الوعي شهد بعض عمليات الاخصاء، لكن حركة المجتمع والتاريخ لا تتوقف عند أفراد حركة المجتمع متجددة كماء النهر ، اليس هذا ما تعلمته وعلمته.

قرر ان يضع صائدوا الجوائز خلف ظهره ، وضحك بينه وبين نفسه وقال مخاطباً الصورة المشوهه التي بدأت تخبوا هؤلاء موجودون في كل زمان ومكان ، انهم اعداء الحقيقة والتجدد وحركة ألتاريخ انظر كيف تتكالب كل قوى العالم عليكم ، لقد جمعوا السفلة من كل العالم على سوريا فانتصرت سوريا وارتدوا على اعقابهم ، انظر الى اليمن والعراق وغزة التي تغرق بالظلام ، الحقيقة ايها الاهبل لا تهزم وكما انتصرت سوريا ستنتصر اليمن وستستعيد غزة عافيتها .

اعتمد قلبك والحقيقة حتى في الممارسة أليومية صائدوا الجوائز والعيون هي توصيفات وأسماء تتغير بتغير المرحلة هؤلاء شريحة منتهكة تسقط قهرها وبؤسها عليك وعلى غيرك ، انه الفقر يا صديقي ، الفقر الذي يدفع بالأب للخروج للشارع والإعلان عن بيع اولاده لأنه لا يوفر لهم ما يسد جوعهم، اتفق معك على صعوبة المرحلة ولكن شعبك عايش الجوع والبرد والتيه بعيد النكبة.

انت لم تعش النكبة ، وأنت لا تعرف ما معنى النكبة ، النكبة بالنسبة لك انتقال من مكان لأخر، لا يا صديقي النكبة بالنسبة لمن عاشها جوع وانكسار وضياع، النكبة فراغ يسيطر على الاجساد والعقول والنكبة امراض اجتماعية تتفشى لتطعن شعب في ألخاصرة صحيح ان النكبة لعب فيها العامل الموضوعي والذاتي، لكنهم هؤلاء الذين يقتاتون على الالام شعبهم استحضروا الذاتي وغيبوا الموضوعي.

ماذا يعني ذلك : يعني هذا ألكثير الفاسد يبذل قصارى جهده لتعميم الفساد ، ومن يقايض التاريخ والذاكرة ورفاق الدرب بالفتات يربط الليل والنهار لهدف تعميم ثقافة الهزيمة والترهل والإحباط ، انهم يا اهبل يحسدونك على فقرك ، والمقصود هنا المعنى ألمجازي وبالمعنى الواقعي لا يريدونك ان تحافظ على كنزك الذي هو تاريخ وذاكره ، لذلك انت خطير وخارج عن قانونهم.

سأسوق عليك حكاية مختصرة من التاريخ والذاكرة ، كان شوارع مخيمك قبل عقود ترابية ، لا كهرباء ولا حياة وخاصة في ألليل لا سيارات ولا عيادات ولا مؤسسات ، كان هناك رجل نطلق علية اسم ابو محمد الدكتور ، كان ابو محمد شيوعياً ، ونحن كنا صغاراً نكره الشيوعيون ،لا تسأل لماذا كنا نكره الشيوعيون. لكن ابو محمد الشيوعي الذي كان يعمل ممرضاَ في وكالة الغوث لا يتوقف عن خدمة الناس حتى بعد انتهاء دوامه ألوظيفي كان يتنقل من بيت لبيت ليلاً يحمل صندوق صغير من الحديد فيه بعض الابر يقوم بغليها بالماء قبل اعطاء الابرة للمريض لم تكن الابرة التي نعرفها الان متوفره.

مات ابو محمد الدكتور نتيجة ألسرطان وكعادة الناس يصلون على الميت قبل التوجه للمقبرة، وعندما ادخل ابو محمد الى المسجد كان هناك شيخ شاب افتى بعدم الصلاة عليه لأنه شيوعي، لم تشفع له خدماته تفانيه ، وقد يكون هذا الشيخ الشاب او والده او والدته قد تلقوا المساعدة من ابو محمد افتي الشيخ الشاب بعد الصلاة على الرجل الذي يتذكر المخيم خدماته وأخلاقه حتى اليوم ، والمفارقة ان ابو محمد الدكتور لا زال حياً رغم انه ميت ، وشيخنا ميت بالنسبة للكثير بالرغم من انه حي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح الأمين العام عقب المجلس الوطني الثاني لحزب النهج الديم


.. رسالة بيرني ساندرز لمعارضي هاريس بسبب موقفها حول غزة




.. نقاش فلسفي حول فيلم المعطي The Giver - نور شبيطة.


.. ندوة تحت عنوان: اليسار ومهام المرحلة




.. كلمة الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي العمالي الرفيق جمال