الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على خطى يسوع- 15- لن تغسل رجلي أبدا

طوني سماحة

2018 / 2 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مرة أخرى يقلب يسوع المقاييس. يجمع المعلم التلاميذ ليتناول الفصح معهم. كان يدرك أنه في اليوم التالي سوف يكون هو الخروف. كان يعلم أن السكين بانتظاره في أيدي الرومان واليهود. كان يعلم ان الساعة قد أتت ولسوف يمضي من العالم تاركا وراءه أولئك الذين أحبهم.

كان يسوع يفكر بالغنم الذي سوف يتشتت بعد أن يُضرب الراعي، لكن كان للتلاميذ حسابات أخرى. كانوا يتشاجرون فيما بينهم فيما من يكون الأعظم فيهم. كان لبطرس دوافعه: فهو المقدام، الذي لا يهاب الموت حتى أنه أعلن ليسوع أكثر من مرة أنه على استعداد ليموت عنه. وقف اندرواس الى جانب شقيقه بطرس ملمحا أنه السبب في معرفة يسوع به، وبالتالي عل شقيقه أن يأخذ ذلك بعين الاعتبار. كان ابنا زبدي يتنافسان على الجلوس يمينا ويسارا من يسوع في الملكوت. كيف لا ويوحنا هو الحبيب الذي يتكأ على صدر يسوع وتربطه به قرابة عائلية. كان لكل من التلاميذ دوافعه الخاصة للمطالبة بالرئاسة في الملكوت.

لم ينتبه التلاميذ ليسوع وهو ينزع الرداء ويتزر بمنشفة وابتدأ يغسل أرجل التلاميذ. كان بطرس أولهم. انتفض وهو يرى يسوع يصب الماء على رجليه. قال له ذاك مستنكرا "يا سيد، أنت تغسل رجلي؟" توقف الجميع عن النقاش. نظروا الى يسوع باندهاش. هو المعلم، هم على استعداد لغسل رجليه، ولكن لم يكن واحدهم على استعداد لغسل أرجل الآخرين. غسل الأرجل منوط بالعبيد وهم بالمقابل يطمحون لرئاسة الملكوت. نظر يسوع الى بطرس بعد اعتراض الأخير على غسل رجليه، وقال له "لست تعلم الآن ما أنا صانع، لكنك ستفهم فيما بعد". اعترض بطرس مجددا قائلا "لن تغسل رجلي أبدا". أجابه يسوع "إن كنت لا أغسلك، فليس لك معي نصيب". تفاجأ بطرس وقال "يا سيد ليس رجلي فقط، بل يدي ورأسي أيضا".

غريب هو بطرس. يتغير في اللحظة الواحدة مائة وثمانين درجة. ينطق أحيانا بكلمات لا يدرك معناها. خاف أن يخسر رئاسته في الملكوت. لكن يسوع طمأنه. قال له "الذي قد اغتسل ليس له حاجة إلا الى غسل رجليه. بل هو طاهر كله. وانتم طاهرون ولكن ليس كلكم. كان يعني بذلك يهوذا الاسخريوطي الذي كان يخطط لتسليمه لليهود.

غسل يسوع ارجل التلاميذ وقال لهم " أتفهمون ما قد صنعت بكم؟ أنتم تدعونني معلما وسيدا وحسنا تقولون لأنني أنا كذلك. فإن كنت وأنا السيد والمعلم قد غسلت أرجلكم، فأنتم يجب عليكم ان يغسل بعضكم أرجل بعض، لأني أعطيتكم مثالا حتى كما صنعت أنا بكم، تصنعون أنتم أيضا. الحق الحق اقول لكم ليس عبد أعظم من سيده، ولا رسول أعظم من معلمه. إن علمتم هذا فطوباكم إن عملتموه".

قلبت كلمات يسوع المقاييس. كانت تركيبة العالم بالنسبة للتلاميذ (ولنا أيضا) هرمية الشكل. كلما ازداد ثراء الانسان او سلطانه يعلو الى قمة الهرم وكلما افتقر وقل تأثيره في المجتمع يهوي الى الاسفل. أولئك الذين في الاعلى يتمتعون بكل امتيازات الحياة، حتى أنهم يستعبدون الذين هم دونهم. لذلك أتى يسوع كيما يقول " في ملكوت السماوات يختلف الأمر. الذين هم في الاعلى،أخذوا كثيرا، وبالتالي عليهم أن يعطوا أيضا. إن كان الذي في أعلى الهرم يمتلك الطعام، عليه أن يطعم من ليس لديه. إن كان يمتلك المال، عليه أن يساند أخاه. أو بكلمات أخرى"إن كنت سيدا وبكى أخوك بالانسانية، امسح دمعته. إن مرض داوه. إن جاع أطعمه. إن كان طريح الفراش، إغسل رجليه".

كان يسوع قد غسل أرجل تلاميذه وأنهى الشجار بينهم. لم يكونوا يدرون أن غسل أرجلهم لم يكن سوى الخطوة الاولى على درب الفداء. غدا، سوف يكون يسوع خروف الفصح الذي لم يكتف بغسل أرجلهم، بل أيضا ها هو يذهب كيما يذبح لأجلهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي


.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن




.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت


.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان




.. حديث السوشال | فتوى فتح هاتف الميت تثير جدلاً بالكويت.. وحشر