الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماكو الكردية والحماقات الإيرانية

مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)

2006 / 3 / 6
القضية الكردية


يشكل نظام الملالي الإيراني بجانبه القمعي التسلطي امتداداً للنظام الشاهنشاهي الذي أطيح به عام 1979, لا بل يتفوق النظام المذهبي الإسلاموي الحالي والجاثم على أنفاس المكونات الإيرانية في سياساته القمعية والإقصائية ومصادراته للحريات والأرواح على النظام السابق عليه.
تبدو إيران اليوم بممارساتها اللاإنسانية واللاأخلاقية دولة خارجة على الديمقراطية والقانون الدولي, لا بل هي دولة رافسة لهما.
تعيش إيران أزمة تاريخية شاملة نتيجة لإفلاس سياساتها الاجتماعية والثقافية, وانهيار الثقة بشرعية نظامها الشمولي الثيوقراطي, وافتقارها إلى القيادة السياسية الحكيمة, ونمو التيارات العنفية كردة فعل طبيعية على الخنق واسع النطاق للحريات, وقلق المكونات الإيرانية على مستقبلها بنتيجة مضاعفة الضغوط العالمية عليها بسبب من ملفها النووي, ولا يفهم ساسة طهران في تغير البيئة الجيوسياسية العالمية شيئاً إذ أنهم متشرنقون على كتبهم الفقهية, ولا يستطيعون الخروج من قواقعهم الحوزوية, فهم لا يستطيعون استيعاب مسألة تفاقم محنة الأنظمة الأوتوقراطية وتنامي عوامل تقويضها الأمر الذي يعجل في نهاية استمرارها واستقرارها وتحولها مرغمة من تصدير الثورة ( المفرمل ) إلى استيراد التغيير الذي سيتطلب زمناً لا بأس به ولكنه قدري على التوتاليتاريات.
لا شك في أن إيران كمثل دول جوارها في الشرق الأوسط تعيش في مهب ضغط مزدوج يلقى صداه أولاً في تنامي الحراك الديمقراطي لقوى الأثنيات المغيبة, وثانياً في رغبة القوى الدولية لدفع هكذا أنظمة هشة نحو مزيد من الانفتاح الديمقراطي والعقلنة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية.
بناءً على ذلك هل بمقدور النظام الإيراني اليوم إقامة جسور مع الداخل التعددي, والتخلص من عقلية المواجهة الخاسرة مع الخارج الصبور أكثر من اللازم, سيما وأنها تشهد يقظة لقوى المجتمع المدني والمعارضات القومية المعوَّل عليها غربياً لإحداث التغيير الديمقراطي؟.
لا شك في أن الجواب سيكون لا, فإيران التي قتل حراس ثورتها المنخورة ( حراس العمامات واللحى ) خيرة القوميين الكرد الشباب في أزقة مدينة ماكو الكردية قبل أيام, واعتقلوا المئات لاحقاً ليتعفنوا في زنازين الرعب الإيرانية, وحولوا شوارع ماكو والمدن الكردية الأخرى في شرقي كردستان المستعمرة من إيران إلى ثكنات عسكرية ومعتقلات مفتوحة لا تريد أن تفهم وتستوعب حقبة الأنوار القادمة إلى المنطقة والتي تعصف بجميع الشموليات المريضة التي عفا عليها الزمن الإنساني الجديد لهذا تمسكها الدؤوب بالهراوة الأمنية والدبابة في وجه كل محاولة نهوض ديمقراطية ساعية إلى خلاصها في الغد الأفضل الذي برسم التأسيس.
فقهاء الظلام في إيران لا يريدون سوى هدم إيران على رؤوس الإيرانيين, وترميم المدخل القمعي إلى المستقبل بدلاً من اعتماد مخرج ديمقراطي انفتاحي يحيي الشعوب الإيرانية ويبعثها مجدداً, ويضعها على الخارطة السياسية الإيرانية الخالية من كل صوت حر ومختلف, وهذا ما سيجر الخراب العميم والويلات على إيران ويمزق هياكلها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ويذروها في الرياح. إذ ليس من الممكن تأسيس الدول وإدامتها وفاقاً للعصبية المذهبية الدينية الميليشياتية الخارجة على التاريخ والمنطق.
ما حدث في ماكو الكردية لم يكُ مفاجئاً, فقبل أشهر تكررت الدموية الإيرانية في مهاباد الله والكرد, ولاحقاً منع النظام الثيوقراطي المتعفن الكرد من الاحتفاء بذكرى تأسيس الجمهورية الكردية الوحيدة في العصر الحديث في مهاباد.
كل ذلك متوقعٌ من عدوٍّ مبين سدّ النوافذ مراراً في وجه المطمح الكردي. عدوٌّ يراه "قاضي محمد" مؤسس جمهورية مهاباد الكردية في وصيته الأخيرة قبل الإعدام والمترجمة إلى العربية والمنشورة قبل أيام على يد الأستاذ الفاضل محسن جوامير أكثر ظلماً, وألعنُ, وأكثر فسقاً, وأقلُّ رحمةً من الجميع, ولا يتورع عن اقتراف أي جريمة بحق الشعب الكردي " فالبغض والكراهية متأصلان فيهم ( يقصد الفرس ) طوال التاريخ ولحد اللحظة" ولكن أن يقابل الكرد في أجزاء كردستان الأخرى الجرائم والجرائر الإيرانية بهذا الصمت المبين فهذا لعمري غريب.
كان لكل كردي الوقوف في وجه العنف الإيراني في ماكو وشرقي كردستان عبر حركة تضامن كردية واسعة وتفعيل الحس العام المشترك الكردي وهذا الوعي القومي المشترك من ماكو ومهاباد شرقاً وإلى البحر المتوسط غرباً وتعرية العنف الإيراني الرعاعي العاهر, فلا يعقل التزام الصمت حيال مذابح العدو بحق الكرد أنى كانوا ونحن نمتلك كل هذه الفضائيات والمواقع الالكترونية والجرائد والمجلات والإذاعات والأحزاب ( عقارب بياناتها ومناشيرها توقفت على جنوبي كردستان وشمالي كردستان وليس لكرد شرقي كردستان إلا الله ) والتجمعات الثقافية.. كل صمت وركون إلى السكوت هو شراكة في جريمة القتل تلك.
أنسينا إبّان انتفاضة الكرد في قامشلو وكوباني وعفرين هبةَ كرد شرقي كردستان أم أن كردُ ماكو وشرقي كردستان همْ أبناءُ الجواري والإماء, ولا يستحقون أيّما التفاتة منا نحن الكرد في الأجزاء الأخرى؟...
سينتظر كرد غربي كردستان متخمين بصمتهم دمقرطة إيران ونيل الكرد هناك فيدرالية ليتحركوا ويخرجوا عن وقار الصمت.
الأحزاب الكردية هنا ستفتح لها منصاتٍ لإطلاق البيانات في مهاباد, بينما أهالي مدينتي كوباني فسيحزمون حقائبهم ويصطحبون إلى هناك حفاراتهم, وأهل عفرين سيروجون في شوارع ماكو وسنه وكرمانشان للبضائع الحلبية. هذا هو التضامنُ الكردي, فلا تنتظرْ يا كرديَّ ماكو بعدُ كثيراً ولا تتوضأ بالصبر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #أخبار_الصباح | مبادرة لتوزيع الخبز مجانا على النازحين في رف


.. تونس.. مؤتمر لمنظمات مدنية في الذكرى 47 لتأسيس رابطة حقوق ال




.. اعتقالات واغتيالات واعتداءات جنسية.. صحفيو السودان بين -الجي


.. المئات يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة بإقالة نتنياهو ويؤكدون:




.. موجز أخبار السابعة مساءً - النمسا تعلن إلغاء قرار تجميد تموي