الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في يوم الشهيد الشيوعي في العراق أدون رثاءا للشهيد الدكتور جانيك تاكسفورد فرنكول الفريديان زميل الدراسة الجامعية في العراق والإتحاد السوفيتي

سناء عبد القادر مصطفى

2018 / 2 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


تعرفت على الشهيد جانيك عن كثب حينما كنت في لقاء ودي في أحد أماسي أيام الخميس في مقهي فاتح الواقعة في نهاية شارع الرشيد ببغداد في شهر تشرين الثاني العام 1970 ، ضم اللقاء الزملاء الشهداء شاكر مناتي المياحي وعبد المحسن راضي أحمد وشاكر حسون عبد اللطيف الدجيلي بالإضافة الى سليم الربيعي وحسن الخفاجي وقاسم سرحان وعصام عبد الحافظ الزند. وقد شكلت هذه المجموعة من الزملاء نشطاء لجنة قيادة اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية لقسمي الاقنصاد والإحصاء في كلية الإدارة والإقتصاد بجامعة بغداد. كان جانيك يلعب الشطرنج (كان الشهيد جانيك لاعب شطرنج من الدرجة الأولى ويدرس في قسم الإحصاء) وهو يدخن غليونه مع سليم الربيعي والذي انتهى بفوزه على سليم ومن ثم تحول الى نقاش فلسفي ماركسي ودي مع حسن الخفاجي وقاسم سرحان وشاركهم فيه كالعادة عصام الزند. بقينا أنا والشهيد عبد المحسن راضي ننظر اليه وهو في حالة حماس قريبة الى العصبية. لم ينتبه الى وجودي حتى لفت انتباهه الشهيد شاكر الدجيلي الذي قدمني له. منذ ذلك اليوم توثقت علاقة الصداقة والزمالة الجامعية بيننا. كننا نحاور ونناقش جميع ما يدور في أذهاننا من أفكار وأراء في كل ما يجري من حولنا. كان الزميل جانيك الذي يكبرنا بحوالي ثلاثة سنوات دمث الأخلاق ، نكن له احتراما كبيراً ونحبه لنكاته ومداعباته ومزاحه معنا جميعا، خصوصا وهو يتكلم اللهجة البغدادية الأصيلة بكل حلاوتها وهذا ما كان يشدنا اليه.
ويروي زميلنا الدكتور عصام عبد الحافظ الزند عن اعجاب واحترام وحب الشهيد جانيك الى أستاذنا الكبير المرحوم الدكتور ابراهيم كبة ما يلي:
" أقتربنا منه، حيث كان واقفا وحيدا في الطرف المشمس من باحة الكلية في يوم ربيعي دافئ، وفي وقت كانت فيه الكلية تشهد " هرج ومرج" رجال أمن ومسلحين، وطلاب يتهامسون ويصوبون انظارهم جهة العمادة حيث كان رئيس الجمهورية آنذاك أحمد حسن البكر في زيارة " مفاجئة " لكليتنا، وكان في تلك اللحظة في حالة أجتماع مع الاساتذة في احدى قاعات الجامعة.
- ناكده، كالعادة ، زميلنا جانيك:
"ها أستاذ شو أنت مارايح ويّ الاساتذة للاجتماع مع الرئيس"؟
- انتفض وبلهجته المميزة:
" خلك عسكري مايعرف غير استاريح واستاعد وجاي يعطي نصائح للاساتذة ، هو شمفهمه بهاي الامور، يعني كان أمامي حلّين أما أن احضر واتصدى له! أو الاحسن لي والاسلم أن لا اشارك في هذا الاجتماع، وهذا مافعلت "(1). كان هذا في ربيع العام 1971 .
بعد تخرجنا من الجامعة في 30 حزيران العام 1972 كان علينا أن نؤدي خدمة العلم والالتحاق بمراكز تدريب الجيش العراقي ما عدا اللذين كانوا مشمولين بدفع البدل النقدي عن خدمة العلم (جميع المواليد ماعدا مواليد 1950 فما فوق) والذي كان مقدارة 100 دينار عراقي وقتذاك. التحق الشهيد جانيك بعد أن دفع البدل النقدي بمديرية التنمية التابعة لوزارة الصناعة العراقية وبعده ببضعة أشهر عمل معه في نفس المديرية الزميل نعيم عباس محمد.
قدم الى الاتحاد السوفيتي في العام 1976 لتكملة دراسته العليا بقسم الاحصاء في جامعة يرفان في جمهورية أرمينيا السوفيتية. عرفت ذلك من زميلنا نعيم عباس محمد في رسالة أرسلها لي من بغداد في خريف العام 1976.
التقيت بالشهيد جانيك في مؤتمر تأسيس مجلس الطلبة العراقيين في الاتحاد السوفيتي (ا. س) في أوائل شهر شباط العام 1977 الذي انعقد في جامعة موسكو حيث حضر ممثلا عن الطلبة العراقيين في أرمينيا وكنت مع المرحوم فليح حسن عبود ممثلين عن طلبتنا في مدينة أوديسا في أوكرانيا. كان تاسيس مجلس الطلبة العراقيين في ا. س ليعوض عن رابطة الطلبة العراقيين في ا. س التي جمدت عملها بعد تجميد عمل المنظمات الديمقراطية (رابطة المرأة العراقية واتحاد الشبيبية الديمقراطية العراقية) في أيام الجبهة الوطنية والقومية التقدمية مع حزب البعث في العام 1976. بعد انقضاء أيام المؤتمر سافرت مع المرحوم فليح حسن الى بغداد في يوم 9 شباط 1977 لجمع مصادر علمية واحصائية نستعين بها لكتابة اطروحاتنا للدكتوراه. ارسل معي جانيك رسالة الى أخيه الذي يملك ورشة لتصليح السيارات في محلة كمب سارة في منطقة بغداد الجديدة بضواحي العاصمة بغداد يطلب فيها نقودا وملابس. أرسل أخوه معي مبلغا من النقود وملابس اليه وقمت بارسالهما الى جانيك في يرفان بعد رجوعي من العراق الى مدينة أوديسا بأوكرنيا في أواسط شهر آذار العام 1977. منذ ذلك الحين لم التقي بالشهيد جانيك ولكن استمريت في تقصي أخباره عن طريق المراسلة أو الهاتف أو عن طريق التنظيم.
في ربيع العام 1980 وحينما كنت في زيارة الى موسكو قالت لي الرفيقة المرحومة عميدة مصري بأن جانيك تزوج من فتاة أرمنية من أصل عراقي تسكن في يرفان أنجبت له طفل اسمه ستيبان. فرحت كثيرا لهذا الخبر وتمنيت له حياة عائلية سعيدة.
كان الشهيد جانيك انسانا امميا حتى النخاع ولا يحب المساومة على الأمور المبدأية حتى أتذكر حينما قابلته في موسكو في شباط العام 1977 قال لي بأن أساتذته في قسم الاحصاء بجامعة يرفان قالوا له انه لاتوجد حاجة لتعلم اللغة الروسية ونحن مستعدون لمساعدتك في كتابة اطروحة الدكتوراه باللغة الأرمنية، الأمر الذي رفضه جملة وتفصيلا. وأخبرهم بأنه جاء الى يرفان للدراسة باللغة الروسية وتعلمها جيدا ومن ثم كتابة الاطروحة باللغة الروسية ولا أحتاج الى مساعدتكم لكتابتها باللغة الأرمنية.
انقطعت أخبار الشهيد جانيك خصوصا بعد التحاقي للعمل في كلية الاقتصاد بجامعة عدن في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الفترة الزمنية 1983-1985 . وخلال عملي في سوريا في الشركة العامة للدراسات والإستشارات الفنية بمكتب دراسات الجدوى الإقتصادية في 1986-1987 سمعت من بعض الزملاء خريجي الاتحاد السوفيتي بأنه التحق بالأنصار في كردستان في العام 1983 بعد حصوله على شهادة الدكتوراه في الإحصاء الإقتصادي.
مرت السنوات وأنا في تقصي أخبار الشهيد جانيك الى أن حصلت من زميلنا الدكتور عصام عبد الحافظ الزند على ايميل الرفيق المرحوم آرا خاجادور الذي أخبرني بخبر استشهاده.
ارفق طيا نص رسالة المرحوم الرفيق آرا خاجادور بتاريخ 25/7/2006 جواب على رسالتي التي أرسلتها له بتاريخ 14/7/2006 بخصوص مصير الشهيد الدكتور جانيك تاكسفورد فرنكول الفريديان:
الرفيق العزيز د. سناء الموصلي المحترم
تحية وتقدير
في البدء أرجو المعذرة على التأخير، رسالتك الكريمة أثارت لدي شجونا لأنك تسأل عن د. جانيك فرنكول تاكسفورد ألفريديان الجندي المجهول الذي كان مثالا للأمانة والاخلاص والشجاعة. على صعيد العلاقة الشخصية، لم يكن ابن أختي، ولم أعرفه سابقا، أي قبل أن ألتقي به في الأنصار بعد نهاية الحرب مع ايران. قمت في تلك الفترة بحملة من الزيارات في مختلف مناطق الأنصار، وقد سمعت من توما توماس كلاما جميلا عن ألفريديان من حيث شجاعته وأمانته وطيبته، وقد كلف في واجب على الحدود التركية – العراقية لمراقبة المهربين، واستلام المالية معتمدا لتوما توماس. عند لقائي به ومعرفة ظروفه الشخصية، طلبت منه أن يذهب لزيارة زوجته في أرمينيا، وأنا اقترحت عليه ذلك، لأنه كان يتعفف من طلب الاجازة، وهو يخجل من هذا الطلب المشروع. وقد أشار الى بعض مظاهر التمييز، ولكي أنفذ طلب سحبه من موقع عمله ينبغي أن يكون ذلك بعد نهاية جولتي الحزبية التي استغرقت شهرا. وعند عودتي طلبته الى المقر. وكان الرد مفجعا حيث أخبروني بنبأ استشهاده. لم يكن بودي أن أثير حزنك بفقدان عزيز عليك وعلينا، ولكن هذه هي حياة بلادنا وشعبنا ومناضلينا. أرجو لك السعادة والتقدم والنجاح وأني أتابع مواقفك الوطنية المشرفة، ودام الجميع في خدمة العراق وشعبه المناضل.
المخلص : آرا خاجادور

وكما ارفق احد مقررات مؤتمر رابطة الأنصار الشيوعيين العراقيين الذي انعقد في مدينة غوتنبورغ في السويد في الفترة 31/8 – 2/9/ 2013 بخصوص الشهيد الدكتور جانيا ألفرديان.

6- تكليف اللجنة التنفيذية بالعمل لنقل رفاة الشهيد أبو غايب من كلي هصبة الى مكان مناسب، ووضع شاهد على قبر الشهيد سليم في العمادية أو نقل رفاته الى مقبرة الشهداء في أربيل.

ومن رسالة الدكتور محمد جواد فارس التي أرسلها لي بخصوص استشهاد الرفيق جانيك أقتبس النص التالي:
" في نهاية السبعينات (1979) وخلال كونفرنس حزبي عقد في موسكو لتدارس الوضع بالنسبة للحزب وماهي المهمات اللاحقة بعد انتهاء عقد الجبهة. من الامور المهمة التي طرحت في الكونفرنس هي قضية الكفاح المسلح والانطلاق من كردستان العراق لتحرير العرافق. كان المشاركين في الكونفرنس لمنظمة الاتحاد السوفيتي للحزب الشيوعي العراقي من مختلف المدن السوفيتية حيث يدرس رفاقنا اضافة الى منظمة موسكو. تعرفت على رفيق جاء من منظمة الحزب في يرفان عاصمة جمهورية ارمينيا السوفيتية أنذاك وهو أرمني عراقي ، جانيك الانسان المثقف ماركسيا والشفاف بعلاقته مع الرفاق. اتذكر انه كان صاحب نكتة وعندما دعانا الرفيق مصطفى الدوغجي للمجئ الى الصفوف الامامية من القاعة، قائلا تعالوا رفاق الى الأمام وزوعوا الذي ببطنكم، حينها قال له جانيك: احنه الان تغدينا يا رفيق مصطفى وضحكنا. وقد لبى جانيك بعد اكماله الدراسة نداء الحزب بالذهاب الى كردستان على الرغم من انه بلغ من العمرعتيا وهو متزوج ولديه طفل وذلك اسوة برفاق اخرين ممن ادوى الرسالة والتحقوا بالانصار حتى اللذين لديهم ملاحظات ذكروها في الاجتماعات الحزبية. وبعد وصول جانيك الى سوريا التي كانت نقطة العبور من القامشلي الى المثلث السوري التركي العراقي للدخول الى كردستان العراق. بعد مجيئ من بيروت بعد الحصار في سنة 1983، عرفت انه يسكن في غرفة في مساكن برزة بدمشق بالقرب صيدلية أميرة وبالقرب من منزل أم ذكرى وهي زوجة الدكتور هادي حسن العنبكي. قمت بزيارته وتحدثنا عن ما يحدث في عراقنا ومسألة الكفاح المسلح وفصائل الانصار الشيوعيين. فهمت من خلال الحديث انه ترك اعزاء في يرفان الزوجة والابن وهو يتذكرهم دائما ويتحرق شوقا لهم. ولكن بعد ذلك سافر الى كردستان وانقطعت أخباره.
بعد مرور ما يقارب الستة سنوات سألت احد الرفاق العائدين من هناك الذي أخبرني بالخبر المؤسف والذي نزل علي كالصاعقة ان ابو غايب كما كان يسمى جانيك في كردستان انه انتحر. حينها راودتني افكار عديدة هل فعلا انه انتحر ام هناك سبب آخر لاستشهاده؟ وكذلك كنت اشك بانه يوجد اندساس في منظمة الحزب الشيوعي العراقي بدمشق من قبل عملاء للنظام العراقي. وقتها تذكرت العميل (الرفيق ابوعرفان ) عندما نزل اشراف على الهيئة الحزبية التي كنت فيها وهو يطرح سؤال حول مدى الامكانية للسفر لكردستان ووجه السؤال لي بالذات، أجبته بأني جندي في صفوف الحزب وسبق وان كلفني الحزب بالمشاركة في الفصيل الاممي للاطباء للتضامن مع شعب انغولا ولم اتردد حيث عملت سنتين في انغولا في الفترة 1980-1982 وكذلك التطوع في لبنان مع المقاومة الفلسطنية ولم اتردد كذلك حيث عملت من بداية شهر تموز 1982 الى نهاية العام نفسه. ومن هنا كنت ولازلت اشكك بان المعلومات عن الرفاق كانت ترسل عن طريق ابو عرفان وام عرفان ومنزلهما كان يتواجد فيه عزيز محمد وفخري كريم.
وهناك احداث جرت في كردستان لرفاق مورست اساليب تعذيب ضدهم ادت الى وفاتهم مثل الرفيق منتصر- مشتاق جابر وماعانه رفاق آخرين مثل سامي حركات وامين وغيرهم وكذلك الذي حدث لرفيق قام بتغطية انسحاب رفاقه حيث استشهد على اثر ذلك في حين قالوا عنه انه انتحر . اريد ان اشير بان حركة الانصار كلفت الحزب الكثير من الكوادر المهمة سياسيا وعلميا وانها يجب ان تدرس بشكل وافي ومارافقها من نجاحات واخفاقات وكذلك قضية مجزرة بشت آشان الاولى والثانية .
الذكر الطيب للرفيق الخالد جانيك وكل الرفاق الشهداء

أتقدم بالشكر الجزيل الى الرفاق أشتي فاضل ومحمد الكحط وخالد حسين سلطان على تزويدي بمعلومات وصور عن الشهيد جانيك ألفرديان من خلال نشرهم في موقعي الفيسبوك والحوار المتمدن او من خلال مراسلتي مع الرفيق خالد حسين سلطان. وكذلك الشكر الجزيل الى الدكتور عصام عبد الحافظ الزند والدكتور محمد جواد جواد على مساهمتهما في اغناء هذه المقالة.
أرفق صورة عن رسالتي الى المرحوم الرفيق آرا خاجادور أبو طارق وجوابه عليها في صيف العام 2007.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكونغرس الأمريكي يقر مشروع قانون مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا


.. لازاريني: آمل أن تحصل المجموعة الأخيرة من المانحين على الثقة




.. المبعوث الأمريكي للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط: على إسرا


.. آرسنال يطارد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز الذي غاب عن خزائنه




.. استمرار أعمال الإنقاذ والإجلاء في -غوانغدونغ- الصينية