الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يقبل ٱللّه بٱلتجنيد ٱلإلزامى فى ٱلجيش؟

سمير إبراهيم خليل حسن

2006 / 3 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل يقبل ٱللّه بٱلتجنيد ٱلإلزامى فى ٱلجيش؟
يعلل ٱلوطنيون وٱلقوميون وأمثالهم من ٱلأيديولوجيين ٱلمتسلطين فى ديارهم تجنيد ٱلشباب وإلزامهم بخدمة محددة فى ٱلجيش بزعم ٱلدفاع عن ٱلوطن. فهل فى بلاغ ٱللَّه ٱلعربىّ ما يبين قبول ٱللّه لهذا ٱلزعم ٱلوطنى وٱلقومى؟
بل هل فيه ما ينهى عن إكراه ٱلناس على ذلك ٱلتجنيد؟
أرىۤ أنَّه على ٱلذين يظنون أنَّهم ملاقوا ٱللَّهِ أن يستندوۤا إلى ٱلأمر ٱلعربى فى جوابهم على ٱلسؤال. وأن لا يقبلوا مخالفة بلاغ ٱللَّه ٱلعربىّ مهما كان لون ٱلعقوبة ٱلتى ستلحق بهم. فبلاغ ٱللّه يطلب من كلِّ فرد مسئوليته ٱلفردية:
"ولا تقفُ ما ليس لك به علم إنَّ ٱلسَّمع وٱلبصر وٱلفؤاد كلُّ أولـٰۤئك كان عنه مسئولاً" 36 الإسرآء.
وبٱتباع ٱلفرد لسمعه وبصره وفؤاده تتأسس مسئوليته فى ٱلدنيا وفى ٱلأخرة. وسيعلم أن ٱلدين لا يقوم فى ٱستبدال ٱلبلاغ ٱلعربىّ بمزاعم ٱلوطنية وٱلقومية وغيرها من ٱلمفاهيم ٱلتى تنقض قيام ٱلدين ٱلذى يبينه ٱلقول ٱلعربىّ "لآ إكراه فى ٱلدين". وسيعلم أنّ كلّ زعم يُكره ٱلناس فىۤ أىِّ عمل هو كفر بٱلبلاغ ٱلعربىّ وهدّ لِّلدِّين فى حياتهم. وسيعلم أنّ طاعة ٱلناس لسلطة تستخفُّ بهم وتُكرههم على ٱلعمل (سوآء ءكان ما تسميه بأيام ٱلتطوع أم بٱلخدمة ٱلإلزامية فى جيشها) تجعلهم فاسقين. وهو ما يبيّنه ٱلبلاغ ٱلعربىّ:
"فَٱستَخَفَّ قَومَهُ فَأَطَاعُوهُ إنَّهُم كَانُوا قَومًا فَٰسِقِينَ" 54 ٱلزخرف.
فإذاۤ أمرت ٱلسلطة فردًا أن يخدم فى جيشها (وهو لا يريد طاعة أمرها كما لا يريد ولا يستطيع مواجهة بطشها به) فأمامه أرض ٱللّه ٱلواسعة يهاجر فيها. وهو ما بيّنه له بلاغ ٱللّه ٱلعربىّ:
"يَعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤا إنَّ أرضِى وَٰسِعة فَإيَّٰىَ فَٱعبُدُون" 56 ٱلعنكبوت.
فإن لم يعبد أمر ٱللّه وٱختار عبادة أمر ٱلسلطة يظلم نفسه ويلقى عقابه فى ٱلأخرة عند ربِّه:
"إنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّـٰهُمُ ٱلمَلَـٰۤئِكَةُ ظَالِمِىۤ أَنفُسَهُم قالُوا فِيمَ كُننُم قالُوا كُنَّا مُستَضعَفِينَ فِى ٱلأرضِ قالُوا أَلَم تَكُن أَرضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةً فَتُهاجِروا فِيها فَأُولَـٰۤئِكَ مَأوَـٰٰهُم جَهَنَّمُ وَسَآءَت مَصِيرًا" 97 ٱلنِّسآء.
أمّاۤ إذا ٱختار عبادة أمر ٱللّه فقد وعده ٱللّه بسعة فى تطور نفسه وعيشه:
"وَمَن يُهاجِر فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ يَجِد فِى ٱلأَرضِ مُرَٰغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً" 100 ٱلنِّسآء.
وفى ٱلمثل ٱلذى ضربه ٱلرسول محمّد فى دولة ٱلمدينة ٱلمنورة وجيشها يظهر لنا جيشًا مُّتطوعًا لاۤ إكراه فيه. وهو ما تبيّنه ٱلصَّحيفة (دستور دولة ٱلمدينة):
"ٱلبند ٱلسابع وٱلأربعون: .. وَإِنّهُ مَن خَرَجَ آمِنٌ وَمَن قَعَدَ آمِنٌ بِالمَدِينَةِ إلا مَن ظَلَمَ أَو أَثِمَ".
وكان ٱلرسول قد كتب هذا ٱلبند من ٱلدستور مهتديًا ببلاغ ٱللّه ٱلعربىّ:
"فقٰتل فى سبيل ٱللَّه لا تُكلَّفُ إلا نفسَكَ وحرِّضِ ٱلمؤمنينَ عسى ٱللَّهُ أن يَكُفَّ بأسَ ٱلذين كفروا وٱللَّهُ أشدُّ بأسًا وأشدُّ تنكيلا" 84 ٱلنسآء.
"يَٰۤأيُّها ٱلنَّبِىُّ حَسبُكَ ٱللَّه ومَنِ ٱتّبَعَكَ من ٱلمُؤمِنِين/64/ يَٰۤأيُّها ٱلنَّبِىُّ حَرِّضِ ٱلمُؤمنين على ٱلقتالِ/65/" ٱلأنفال.
ويظهر من هٰذين ٱلأمرين أنَّ إكراه ٱلنَّاس على ٱلقتال يخالف ٱلرسالة. وتكليف ٱلنفس لا يجعلها تُكره نفسًا أخرى. فٱلإنسان ٱلفرد يتطوع للقتال من دون إكراهٍ عليه "يَٰۤأيُّها ٱلنَّبِىُّ حَسبُكَ ٱللَّه ومَنِ ٱتّبَعَكَ من ٱلمُؤمِنِين". ويجعل ٱلَّذين يخالفون فى مسألة ٱلقتال يحتجون عليه من دون خوفٍ من أراۤئهم وعلى عيشهم وحياتهم.
سبيل ٱللَّه حدّده ٱلقول ٱلعربى "لاۤ إكراه فى ٱلدين. لست عليهم بمصيطر. وأمرهم شورى بينهم. وشاورهم فى ٱلأمر. لكم دينكم ولى دينِ. قل ٱلحقُّ من ربِّكم فمن شآء فليؤمن ومن شآء فليكفر. كلُّ نفسٍ بما كسبت رهينة. ولا تزر وازرة وزر أخرى. ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرّة". وكل سلطة تُكره ٱلناس على ٱلخدمة فى جيشها وعلى ٱلقتال فيما تكلِّفُ به نفسها هى سلطة إكراه تخالف ٱلقول ٱلعربىّ. وفى عبادة أمرها ظلم للنفس وفسق يتبعه خزى فى ٱلدُّنيا وعقاب فى ٱلأخرة "مَأوَـٰٰهُم جَهَنَّمُ وَسَآءَت مَصِيرًا".
لقد قاتل فى جيش ٱلمدينة متطوعون. وهم ٱلذين يظنون أنّهم ملاقون ٱللَّه وعددهم قليل. وقد نصرهم ٱللّه على جيوش عدوّهم ٱلقومىّ قريش ٱلكثير ٱلعدد. وكان لمتطوعين مثلهم مع ٱلملك طالوت نصر مثله من قبل. وعن هؤلآء ٱلمتطوعين جآء فى ٱلبلاغ ٱلعربىّ:
"فلمَّا فَصَلَ طالُوتُ بٱلجُنُودِ قالَ إنَّ ٱللَّهَ مُبتَلِيكُم بِنَهرٍ فَمَن شَرِبَ مِنهُ فَلَيسَ مِنِّى ومَن لَّم يَطعَمهُ فَإنَّهُ مِنِّىۤ إلا مَنِ ٱغتَرَفَ غُرفَة بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنهُ إلا قليلا مِّنهُم فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وٱلَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَه قالُوا لا طَاقَةَ لَنَا ٱليومَ بِجَالُوتَ وجُنُودِهِ قال ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أنَّهُم مُّلَٰقُوا ٱللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَت فِئَةً كَثِيرة بِإِذنِ ٱللَّهِ وٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّٰبرينَ" 249 ٱلبقرة.
ويبيّن ٱلبلاغ ٱلعربىّ أنّ كثرة ٱلعدد لا تأتى بنصرٍ. وأنّ فئة قليلة مؤمنة تغلب ٱلكثرة. وقد بيّنت حروب ٱلأعراب مع دولة إسراءيل أنّ ٱلنّصر لا يأتى بزيادة ٱلإكراه لتكثير عدد ٱلجيوش. وإن عاد ٱلأعراب عن سلطة ٱلإكراه وقلّ عدد جيشهم بتسريح ٱلمكرهين فقد يعود عليهم ذلك بٱلنصر إن ٱعتصموا بحبل ٱللّه. وهذا ما يبيّنه بلاغ ٱللّه ٱلعربىّ:
"إن تَستَفتِحُوا فَقَد جَآءََكُمُ ٱلفَتحُ وَإن تَنتَهُوا فَهُوَ خَير لَّكُم وإن تَعُودُوا نَعُد وَلَن تُغنِىَ عَنكُم فِئَتُكُم شَيئًا ولَو كَثُرَت وأنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلمُؤمِنِينَ" 19 ٱلأنفال.
ولكى نستفتح ويأتينا ٱلفتح فعلينا أن نعتصمَ بحبل ٱللَّه كما يبيّن لنا بلاغه ٱلعربىّ:
"وٱعتصموا بحبل ٱللَّه جميعًا ولا تفرَّقوا وٱذكروا نعمة ٱللَّه عليكم إذ كنتم أعدآءً فألَّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوٰنًا" 103 ءال عمران.
وحبل ٱللَّه هو ٱلميثاق ٱلذى يقوم على ٱلهداية بأمر ٱللَّه. وأول تأثير للهداية على ٱلناس هو فى قبولهم لمفهوم ٱلقول ٱلعربى "لاۤ إكراه فى ٱلدِّين" وبه يقيمون سلطتهم. وقد كان أهل يثرب أعدآءً لا يقبل أحدهم بٱلأخر. وبٱلميثاق (ٱلصحيفة/ ٱلدستور) صاروۤا إخونًا وبه صاروۤا أهل ٱلمدينة وهم أصحاب أول ميثاق لحقوق ٱلإنسان كفرد لاۤ إكراه عليه لا فى ٱلدين ولا فى ٱلقتال ("ٱلبند ٱلسابع وٱلأربعون: .. وَإِنّهُ مَن خَرَجَ آمِنٌ وَمَن قَعَدَ آمِنٌ بِالمَدِينَةِ إلا مَن ظَلَمَ أَو أَثِمَ").
وبهذا تكون ٱلإجابة على ٱلسؤال ٱلذى تصدَّر هذا ٱلمقال. وفيهاۤ أنّ كتاب ٱللَّه ٱلقرءان وٱلمثل ٱلرسولى فى ٱلقتال بجيشٍ من ٱلمتطوعين هو ٱلسند.
فى بلاد ٱلأعراب ٱلتى تزعم ٱلإسلام تَسِيدُ سلطة ٱلقوم ٱلتى تُكره ٱلناس على ٱلخدمة فى جيشها ويناصرها فىۤ إكراهها كهنوت يحتكر ٱلقول بٱسم ٱلدين. ومَن يحتجّ على ذلك ٱلإكراه إمّا هو فى ٱلسجن أو هو فى ٱلمهجر. فٱلذين هاجروا بسبب ٱلأذى وٱلظلم وٱلإكراه خرجوا من ديارهم وطلبوا ٱلمأوى وٱلعون من قوم أخرين. وقد أووهم وأعانوهم. ومثله ما حدث للرسول وٱلنّّبى محمد وأخرين من قومه قريش.
إنّ ظلم سلطة ٱلقوم يحدث بسبب إكراه ٱلناس على ٱتباع منهاج مهيمن من دون تعاهد ولا ميثاق. ومنه ٱلإكراه على ٱلخدمة فى جيشها. وهذا هو موقف ٱلذى يعيق ويغلق سبيل ٱللَّه ٱلمبيَّن فى ٱلقول ٱلعربى "لاۤ إكراه فى ٱلدِّين".
وإنَّ ٱلذين ءَاووا مهاجرًا لجأ إليهم وقبلوا سكنه بينهم ولم يكرهوه على ٱتباع دينهم ولا على ٱلخدمة فى جيشهم هم قوم مؤمنون معتصمون بحبل ٱللّه. ويبيّن إيمانهم وٱعتصامهم بحبل ٱللّه تعاهدهم وتواثقهم على حماية حقوق ٱلفرد فى مجتمعهم ٱلعهدى. وهم ٱلذين يفرح ٱلمؤمنون فى جميع ٱلأرض لنصرهم على ٱلظالمين. وفى ٱلبلاغ ٱلعربى بيان هذا ٱلفرح:
"الۤمۤ(1) غُلِبَت ٱلرُّومُ(2) فِىۤ أَدنَى ٱلأَرضِ وَهُم مِّن بَعدِ غَلَبِهِم سَيَغلِبُونَ(3) فِى بِضعِ سِنِينَ لِلَّهِ ٱلأَمرُ مِن قَبلُ وَمِن بَعدُ وَيَومَئِذٍ يفرحُ ٱلمُؤمنُونَ(4)" ٱلروم.
عن مثل هذا ٱلمجتمع ٱلعهدى ٱلمعتصم بحبل ٱللّه أمر ٱللّه ٱلمؤمن ليتطوع فى ٱلقتال دفاعًا عنه من دون أن يُكره أحدًا على ما تطوّع هو فيه. وهو بتكليفه لنفسه ضرب مثلا. وفى تحريضه ٱلناس من بعد ضربه ٱلمثل يأتى منهم متطوعون فيأتى نصر ٱللّه ويبقى سبيل ٱللّه سالكًا أمام ٱلجميع:
"فقٰتل فى سبيل ٱللَّه لا تُكلَّفُ إلا نفسَكَ وحرِّضِ ٱلمؤمنينَ عسى ٱللَّهُ أن يَكُفَّ بأسَ ٱلذين كفروا وٱللَّهُ أشدُّ بأسًا وأشدُّ تنكيلا" 84 ٱلنسآء.
وكما سبق ٱلقول فإنّ سبيل ٱللَّه قد حدّده ٱلقول ٱلعربى "لاۤ إكراه فى ٱلدين. لست عليهم بمصيطر. وأمرهم شورى بينهم. وشاورهم فى ٱلأمر. لكم دينكم ولى دينِ. قل ٱلحقُّ من ربِّكم فمن شآء فليؤمن ومن شآء فليكفر. كلُّ نفسٍ بما كسبت رهينة. ولا تزر وازرة وزر أخرى. ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرّة". وكل وطن يكره ٱلناس على ٱتباع دين سلطته وعلى ٱلخدمة فى جيشه وجب قتاله أو ٱلهجرة منه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. د. حسن حماد: التدين إذا ارتبط بالتعصب يصبح كارثيا | #حديث_ال


.. فوق السلطة 395 - دولة إسلامية تمنع الحجاب؟




.. صلاة الغائب على أرواح الشهداء بغزة في المسجد الأقصى


.. -فرنسا، نحبها ولكننا نغادرها- - لماذا يترك فرنسيون مسلمون مت




.. 143-An-Nisa