الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الإسلام ستر وغطاء على المرأة والمجتمع فعلاً؟

سندس القيسي

2018 / 2 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني




هل يستطيع الإسلام التعايش مع المرأة العصرية، التي تعيش حياتها في العلن، تحب وتكره، تخاصم وتصالح وتجرّم وتعفو. كل ذلك في إطار الإسلام، الذي تعيش في داخله، منذ أذّن الله أكبر في أذنها الصغيرة الطرية، التي لم تسمع شيئًا بعد. وها هو الصوت الله أكبر يدّوي في أحشائها، من المهد إلى اللحد. صوت قويٌ صادح لن يجعلها فقط ترتعد، بل تشعر في زلزالٍ داخلها، حيث تردد كل أعضائها بالله أكبر، مرددةً الصوت المدوي، المرتد من الصدى وهكذا دواليك...
هناك أنواع للمرأة العصرية في العالم الإسلامي، برأيي هي؛

1-
‎المرأة التي تضع الدين في كفة والحياة العصرية في كفة أخرى.
هذه المرأة مؤمنة في الغالب، لكنها لا تخلط بين العالمين، بمعنى كله بحسابه، إن عملت خيرًا، فتجزى عليه. وإن عملت شرًا تؤثم عليه. بعض الفتيات قد يؤدين شعائر الصلاة أيضًا. قد يبدو هذا النوع متحررًا، لكن عنده مبادئ أخلاقية ودينية بعض الشيء. ومعظم الفتيات والنساء هنا من النساء العاملات، والتي قد يوجد بينهن محجبات.

2-
‎المرأة التي تأخذ من كل بستانٍ زهرة، مع أن يكون لها مركزية دينية
هذه المرأة تعيش حياتها بواقعية بالغة، تجيد اجتياز الأمواج، لتبلغ وجهتها النهائية، التي هي في الغالب؛ الشهرة والمال. وهذا النوع من النساء تنقسم إلى: بين من تؤمن بالأخلاقيات ومن تؤمن بالنفعية. وَمِمَّا لا شك فيه أن هناك شعرةً فاصلةً بين الإثنيتين. وهذا النموذج يتمثل في النساء الشهيرات أو عظيمة الثراء أو بالغة السلطة في المجتمع ومن يسير على مسارهن، حتى لو كن فقط مستورات الحال. وهنا نرى معظم هؤلاء النساء لا ينبذن الدين الإسلامي، بل يكرّسون استخدامه كغطاء إجتماعي له ضروراته الإعلامية، مما يعطي شرعية وقبول ضمني بهؤلاء النساء. ولهذا قلما نجد مغنية، خارجة عن نطاق المجتمع بلباسها، الذي قد يعد إباحيًا بمعايير مجتمعها، فهي قلما تكفر أو ترفض وجود الله. بل على العكس، فالله يبدو وكأنه سيرى نقاءها الداخلي، رغم كل ما هي فيه. وهذه فكرة جميلة، لكن للأسف لا يمكن أن نعرف إن كانت هذه النقطة نفعية أم أخلاقية. لأننا لا نستطيع ببساطة أن نسبر أغوار الإنسان، مهما أوتينا من علمٍ وأدوات. كل ما نستطيع أن نأخذه هو ما يظهر لنا على الواجهة؛ مغنيات وراقصات تحدين الدين في مجمل رسائله ورسالته الأوحد بأن يكون سترًا وغطاءً على النساء، وبعض هؤلاء تجاوزن الفن إلى العهر، ومع ذلك، لا زلن يتحدثن عن توفيق الله لهن. وإن دل ذلك على شيء، فإنما يدل على طبيعة إنسانية، تواقة لله؟ أم شيزوفرينيا، لأن المجتمع ذات نفسه يتشوق لعري المرأة ويلعنها في نفس الوقت، ورغم أنها قد تظهر بأنها لادينية، إلا أن باب التوبة مفتوح لها. ولا يملك أحد أن يقفله دونها. ولهذا نسمع عن توبة الفنانات واعتزالهن الفن، بعد أن عشن حياتهن بالطول والعرض، وبعد أن أغلقت كل الأبواب في وجوههن إلا باب الرحمة، الذي يقبل توبتهن. برأيي، التوبة هي أسهل باب يمكن طرقه، لأنه يعني أن ندير الصفحة وأن نبدأ من جديد، غير آبهين بما كنّا وما فعلنا. وهي الباب الذي نغلقه في وجه الضمير الحي، الذي يؤنب ويذكر بما كنّا وكيف خنا أنفسنا؟ قد تكون بعض هؤلاء النساء، قد تعبت من "القذارة". يقال إن الإنسان لا يكون قذرًا إلا إذا شعر هو بالقذارة، مهما بلغت قذارة الموقف الذي هو فيه.

قد يرى المجتمع العربي في توبة الفنانات فعلاً إيجابيًا صحيحًا، لكن سؤالي هو: لماذا لا تتراجع الفنانات إلا بعد تحقيق النجاح والشهرة، بعد أن تجرأن على المجتمع، لماذا بعد كل هذا الرصيد الفني، ينقلبن رأسًا على عقب. وجوابي البسيط هنا هو رغبتهن في أن يعيشا للدنيا وللآخرة معًا. قد يكون هذا نوعًا من الطمع والجشع. وقد يعود إلى حقيقة الموت التي لا يعرفها إنس. الأقتراب من الموت والخوف منه يجعل أي شخص يبدل ويغير جلده قبل أن يظهر الموت له، كي يكون جاهزًا للشهادة ولقول: "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله"، عندما يرى المرء ملك الموت، لأول وآخر مرة. فالموت أشبه بفيلم رعب، لكن المسلمة هنا تذعن لملك الموت وجل أملها أن يقبل الله منها شهادتها قبل أن يقبض قابض الأرواح روحها. وياله من سيناريو مخيف، يجعل أي إمرأة ترتجف وترتعد، فما بالك إمرأة ارتكبت المعاصي دهرًا، ثم تابت؟ باختصار، أريد أن أقول إن العالم الإسلامي يتقبل العهر، ويتسامحون معه. وإذا جاءت النساء بما يعتبر أنه عهرًا، فإن كثيرًا من رجال القبائل يعززونه. فقد جرى في تقاليد الرقص الشرقي (كما شاهدت في الأفلام المصرية) أن تتلقى المرأة النقوط، ثمن بيعها جسدها، سواء بسماحها النظر إليه للإستمتاع بمفاتنه أو تأجيره بالساعة أو بالليلة أو حسبما يقتضي الثمن.

وهذا النموذج لا يمثل فقط الفنانات، بل صاحبات السمو وما يحيط بهن من خدم وحشم وحاشية: كثيرات هُن صاحبات السمو في العالم العربي، ممن جعلن حماية الدين الإسلامي والذود عنه أولى أولياتهن. ونحن كعرب في أمس الحاجة إلى من يمثلنا ويحسن صورتنا القاتمة كمسلمين في هذا العالم، ولهذا نحن نشد على أيادي صاحبات الصون والعفاف المخملي. ومن المعروف أن أبناء وبنات الطبقة المخملية يحصلون على أفضل تعليم ويعيشون، في الدول المتقدمة، أكثر من عيشهم في الدول العربية. ولهذا تتحول مهنة الدفاع عن الإسلام إلى مهمة تحسين صورة الإسلام، من خلال إنشاء علاقات عامة تخدم المصالح المشتركة، لكن للأسف هناك أفعال شنيعة، لا يمكن لأفضل علاقات عامة في العالم أن تصلحها، ولا أن تحسنها ولا أن تحولها بقدرة قادر، إلى أفعال حسنة. هل يحق لهؤلاء النساء الحب؟ وأن تتبع المرأة قلبها عوضًا عن البروتوكول؟ نرجع إلى أي المسألتين تختار المرأة الأرستقراطية؟ وأيهما يتطلبها دينها ووضعها الفوقي؛ النفعية أم الأخلاقية؟ وعلى ضوء ذلك تختار. هناك، القلة فقط التي ترغب في إحداث التغيير وتعمل على ذلك في الأطر المسموح بها. فنحن نتصور أن السلطة الحاكمة مطلقة في البلدان، لكنها ليست كذلك في كل البلاد العربية. ولغاية الآن، الغرب لم يتخلص من الإرث الديني المسيحي تمامًا، حيث تجلس الملكة إليزابيث الثانية على عرش الكنيسة في المملكة المتحدة، في إيحاءٍ مباشر أو غير مباشر (حسبما يفهم) لمبدأ الخلافة الإلهية. لكن هل هذا يعني أن بريطانيا تحكم بالديانة المسيحية أو بروح المسيحية وهي ذات الدولة التي تحاول تطبيق مبدأ فصل الدين عن الدولة من خلال وجود ملكية دستورية وليست مطلقة، بحيث تبقى الملكة على الحياد في حكم الدوله، الذي يتولاه ممثل الشعب رئيس الوزراء وطاقمه من خلال مجلس الشعب المنتخب ومجلس اللوردات/الشيوخ المعين. السياسة في حد ذاتها تستمد شرعيتها من الدين. ويتردد في العالم العربي أن الشعب يؤله أشخاصه المتنفذين ويجعل منهم أصنامًا يعبدها مدى الحياة. ويقضي عمره منتظرًا الوقت الذي يدمر فيه هذه الأصنام القاسية.

ولهذا هناك أجيال جديدة من الفئة الأرستقراطية تحاول أن تكون مختلفة، تحاول أن تقترب من نبض الشارع وتحاول أن تحدث إختلافًا في واقع الناس العادية. وهي كلها محاولات قد تنفع وقد لا تنفع. لكن هناك تيارًا عصريًا من النساء يقوم بدوره والتغيير يتطلب وقتًا ولا يمكن أن يحدث في ليلةٍ وضحاها إلا إذا كان ثورة. والمجتمع الأرستقراطي لا يحب الثورات، لأنها تفقده امتيازاته. وهنا تتأرجح المرأة الأرستقراطية بين النفعية والأخلاقية. فهي لن تدافع عن أي أحد أو قيمة قد يفقدها واحدًا من امتيازاتها لا الطبيعية ولا المكتسبة. ولهذا، فإنها تمسك بالدِّين لأنه يضفي عليها شرعية فوق أخرى. وأن تملك المرأة العربية خدمًا وحشمًا وقصورًا وسيارات هو أحد أحلامها الكبيرة الذي يجعلها تقبل أن تكون الزوجة الثانية أو الثالثة أو الرابعة أو حتى الخمسين لشيخ أو أمير. ولا يهم أن تصبح مجرد رقمًا عند رجلٍ مشغولٍ جدًا، طالما جعل الناس يتحدثون عن الخير الذي هي فيه. البوفيهات التي تأكلها والجواهر التي تلبسها والخدم والحشم، الذين تأمرهم بازدراء وفوقية. وفي الحقيقة، فإن حياة كهذه لا قيمة لها لأنها تخلو من الحب وجميع هذه الماديات تعويض عن الحب، الذي يترك فراغًا مكانه، لا يملأه شيء. ولكن للمرأة الداخلة على العالم الأرستقراطي، فأبواب الجنة قد فتحت أمامها، وأمنياتها أصبحت أوامر تنفذ على أرض الواقع. وبالكاد تسمع كلمة لا. لكنها أصبحت مثل عصفورة حبيسة في قفص ذهبي، دون أن تدرك ذلك. وصحيح أن المال يشتري كل شيء حتى السعادة والصحة إلى حدين كبيرين وقد يكون المال دليل الحب لبعض الناس، فما المشكلة؟ المشكلة هي أن أي امرأة جديدة على الثراء، لن تستطيع الإكتفاء من المال والمظاهر وبخاصة إذا لم تعش معهما منذ الصغر. المشكلة أيضًا أن المرأة العربية ترى أن اقتناء المال نجاحًا وقلته فشلاً. والمشكلة أيضًا أنها لا ترى أنها تبيع نفسها بالمال كي تشتري حلمها، عوضًا أن تعمل وتجتهد بكد، بعرق جبينها كي تكسب المال وتحقق أحلامها بنفسها. عند المرأة العربية كارت بلانش في عقلها، لتكسب المال بسهولة ودون أي تعب، حتى لو عنى ذلك أن تبيع نفسها. وهذا يقودنا إلى النوع الثالث من النساء العربيات اللواتي يستترن بالإسلام.

3-
‎المرأة التي تريد أن تكسب على جميع النواحي
وهذه تنقسم إلى نوعين، تقليدية وعصرية.
فلنبدأ بالمرأة التقليدية التي تريد أن تكسب على جميع النواحي: هذه قد تكون من اختصرت الطريق من أوله واتبعت الطريق المرسوم لها منذ البداية ومنهن من تحاول مواكبة العصر دون أن تتخلى عن قواعد الحياة التقليدية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج


.. 101-Al-Baqarah




.. 93- Al-Baqarah


.. 94- Al-Baqarah




.. 95-Al-Baqarah