الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى نتخفف من إرث الضغينة؟

فلورنس غزلان

2018 / 2 / 16
الادب والفن


متى نتخفف من إرث الضغينة؟

لو عدنا للتاريخ لقرأنا تراثاً حافلاً بالدسائس والضغائن، واليوم تنبشون بعناد وإصرار كل عفن الماضي توزعوه بمفخرة على الأصدقاء والأبناء ...وتلقموه للأحفاد، إذن لماذا تشكون من نفور هذا وإدبار ذاك الغريب عنكم طالما أنكم تمتلكون كل هذا التوحش وكل هذا العنف في خطابكم اليومي وفي ممارساتكم المعتادة؟
أما حان الوقت للتخلي عن حماقاتكم في الماضي وعن نزواتكم في الحاضر؟...تغالون في الاجتهاد والتصنيف والمعرفة وأنتم في غياهب العمى الفكري تسقطون...تُغَيِرون مجرى النص والمفردة ..فتجعلون من الزهرة سُماً زعافاً ومن القلم سيفاً بتاراً...لهذا يلجأ بعضنا للصمت على مضض ، والبعض الآخر يهرب من المواجهة ...وكلاهما يزيد من تضخيم الألم وتكريس العتمة الفكرية ...لتسود وتفَرِق ، لا أحد يريد الترميم أو الحرث والتجديد...إلا ماندر من مبادرات فردية لاتؤثر ولا تطرح ثمراً .
أيها الأصدقاء أما زلتم تفضلون الغياب وأنتم حاضرون ؟ متى وكيف نستطيع اللحاق بركب العالم ؟ كيف ننقذ أرواحاً تاهت وخصومات تمددت وتجذرت؟
مالذي يمكننا أن نقرأه لندفن معاً تراث الفتنة وتراث المخطوطات المُشبَعة بالزيف والتحوير كما النكوص والتبرير لنصوصٍ نثرت على مدى قرون " عِطرَ منشمٍ " بين حاراتكم وعلى عتبات بيوتكم ، تتنشقوها وتلهجون بتراثها المشحون بالحقد، وتقاتلون بخنجرها المسموم ؟!
جُلَّكم يعيش المنفى أو القطيعة مع الأصل ... الهجرة عن الحرف والكلمة والنص المشرق بالنور، يحاصر الكلمة النابضة بالحياة والمحبة ويفتح صدره لكلمة تزيد من المسافة وتعمق الهوة بينه وبين جاره وأخيه ، يشن هجومه دون العودة للعقل ...يطلق صراخه وزعيقه ..ويستخدم سلاحه كي يُحرِز نصراً على أخيه ...ويترك العدو المُسبب والغريب المؤجج لصراع أبناء الوطن ، يؤرخ للموت ويشجع عليه ...يرسل فلذته معتقداً أنه يرسله لحياة أفضل وجنة أجمل...لينتفخ ويتباهى ب ( الشهيد ) ، مع أنه يعرف ويغلق صوت الضمير إزاء محنته...أن لكل طرف شهداءه ...فمن منهم سيسبق لأبواب رضوان ولجنات عدن وحوريات وعد بها الإمام الخرفان؟.
لو نبشتم الأرض للبحث عن موقف الأسلاف ...لو نبشتم الكتب لقراءة جذور التخلف والاختلاف...لفهمتم أن الفوضى والموت لايعم إلا حين يصبح العالِم مُوَزِعاً لكنوز الله ، والكاتب مأجوراً عند الخليفة والسلطان ، ولعرفتم أن الأحلاف لم ترفع الرؤوس والأكتاف، بل ذلَّت أجدادكم وقسمت ظهوركم وخربت خرائطكم ...لأن أحدهم خذل الجموع وشذَّ عن الطريق الواضح وفتح دهليزاً لشقيقه كي يأخذ مكانه ومكانته...لأن الأطماع سيدة الخسارة والدسيسة سوس السياسة والتجارة .
لاتنامون عن حق ولا تصمتون على ضيم ...لاتصلحون الخطأ بخطأ مثله ...ولا تقيسون الإجرام بإجرام أقل والموت بأعداد أكبر أو أصغر...فمن " يسرق البيضة يسرق جملاً "...هكذا علمتنا أمهاتنا وأوصتنا بالخير جداتنا ... بسليقة نقية و حكمة طبيعية ...لاتدخلوا في التفاصيل قبل أن تعرجوا على المحاصيل ...وتتفقوا على العناوين ...والمباديء والأصول...
رمموا الجسور لتعبروا فالجغرافيا لاتهجو التاريخ وإنما تكرسه وتُعَبِد طرقاته...حين تلتقي المدن وتفتح شرفاتها نحو الشمس ونحو بعضها..
لتشتعل أقدامكم سيراً نحو المحبة وشعاعها خير من الطيران فوق غيوم الكراهية والفرقة.
لاتفرحوا للصيف إلا بعد أن يتفتح الزهر من مطر الشتاء وينمو الزرع في العراء...اجمعوا شظاياكم وضمدوا جراحكم ...وتبادلوا الملح والخبز مع أصدقاءكم اليوم أعداءكم بالأمس...ولا تقفوا في منتصف طريق المحبة ...بل اعبروا خط النهاية ...وربما تكون عنده البداية نحو عالم السلام ، نحو عالم الأمل والأحلام.
ــ باريس 16/02/2018








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة


.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات




.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي