الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الالهي - بارقة أمل في طريق الظلمة-

كامل حسن الدليمي

2018 / 2 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



"المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الالهي"
بارقة أمل في عصر الظلمة
كامل حسن الدليمي
أتيح لي مؤخرًا المشاركة في أكبر تظاهرة ثقافية عربية تقام على أرض مصر العروبة "معرض القاهرة الدولي للكتاب" الذي عقد خلال الفترة من 1-15 فبراير للعام 2018 .
وبينما كنت أتصفح أحدث عناوين الكتب المعرفية في دور النشر العربية والعالمية، جلب انتباهي كتاب شعرت من أول وهلة أنه إضافة حقيقية في حقل الإصلاح الديني- إذا صح التعبير- والذي نحن اليوم بأمس الحاجة إليه في ظل تداعيات التفكير الإسلامي، وتمنيت أن أقرأ الجديد في هذا الحقل المعرفي الذي عليه تتوقف نهضة الاسلام فيما لو كانت هناك نهضة لإحساسنا بان الإسلام يغرب كل يوم حتى اختلطت الأوراق. فما عاد المسلم يميز بين الرأي السليم من السقيم.
تناولت كتاب "المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي" وهو يشتغل بذات المنطقة التي أعمل عليها، وبدأت التصفح على سبيل الاطلاع وليس القراءة المتأنية، لما لاحظته من ضعف في ما ينتج من أفكار تغريبية أو تحريضية أو مدفوعة الثمن سلفا.
وبعد تصفح مستهل الكتاب وقبل الخوض في المضامين الأساسية التي اضطلع بها المطبوع، شعرت بصدق نوايا المؤلف وحرصه الشديد وغيرته على الدين بلا دافع ولا منفعة ذاتية كما يفعل الكثير من الباحثين من نسختنا العربية.
قلبت صفحات الكتاب الأولى، فشدني المؤلف بعرضه المبسط للموضوع والذي اتسم بالاعتدال والوسطية المغيبين عن الفعل الحقيقي بسبب تقاعس السلطات ومهادنتها لرجل الدين الذي تصرف بثوابت الدين بما يحفظ له مكانته الدنيوية بعيدا عن روح الدين وان كان ذلك على حساب دماء المسلمين وزرع الفتنة بينهم .
وقد شدني التقديم للكتاب الذي وضعه أستاذ الفلسفة " دكتور حسن حماد"، إذ استهل بقوله " تشهد الساحة العربية والدولية في الآونة الأخيرة أحداثا إرهابية ودموية مروعة تمارس باسم الإسلام ..." ص21
نعم كل تطرف يرتكب باسم الإسلام فهل هو "إسلام الموت أم موت الإسلام " هذا هو أحد عناوين مؤلفاتي الذي سمحت لنفسي بطرحه في ظل هذا الصراع المخيف الذي يعصف بالأمة الإسلامية خصوصا في العقدين الأخيرين من عمرها.
وببساطة متناهية "المتأسلمون السبب" لا علاقة للإسلام كمنظومة فكرية "دنيوية وأخروية" بكل هذا الخراب ، الإسلام بريء تماما من كل ما يحدث من قتل وتخريب وتشريد وانتهاك للحقوق الإنسانية باسمه.
فالإسلام- كما يؤكد الكتاب الذي بين أيدينا- دين سلام ومحبة وأمن وأمان للجميع حتى مع بقية الأديان هو إصلاح وتعمير العقل والأرض والإنسان ولا شك في ذلك كما طرح ذلك المؤلف في ثنايا استعراض مادته من خلال استعراض ما ورد في دستور الأمة " القرآن الكريم "
ومن ثم جلب انتباهي الإهداء الذي تصدر الكتاب وقد جاء فيه : لسيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية ..."ص25 .
معرجًا على دوره ومسؤوليته الجسيمة تجاه إعادة الأمة للتفكير جديا بخطابها الديني وتنقيته من كل مالحق به من إسرائيليات.
هي دعوة مستحقة تماما في ظل ما تشهده الأمة العربية والإسلامية من فتن كقطع الليل المظلم، عناوينها دينيه ومخرجاتها تفرقة الأمة وتشتتها باسم المذهبية والطائفية والمناطقية والعرقية وسواها، ولما تمثله مصر العروبة اليوم من عمق للعرب جميعا تتطلع لها أنظار الشعوب العربية لقيادة ثورة الإصلاح الديني والعودة إلى القيم الإسلامية الحقيقية والقضاء على التطرف من خلال احتضان العرب ورعاية الفكر الإصلاحي بصرف النظر عن جغرافية انطلاقه ، ولا غرابة فمن مصر ولدت معظم حركات الإصلاح والتجديد الديني عبر العصور، ولايشكك عربي بأبوة مصر للعرب في ظل تشرذم الأنظمة العربية ودخولها تحت طائلة العقاب اليهودي للعرب بأيدي العرب أنفسهم وهي الرابحة على الدوام، كما عرج المؤلف على هذا المعنى واثبت بالدليل والحجة أن بني إسرائيل وعبر عصور الإسلام تسعى جاهدة للنيل من الفكر الإسلامي وهذا ما سلط المؤلف الضوء عليه متفضلا.
وما دفعني لتناول هذا العنوان المهم مقدمة المؤلف والتي استهلها بقوله :"
(ان هذا المؤلف هو دعوة مخلصة لكل مسلم يحترم عقله ويحمد الله تعالى ويشكره على نعمة العقل والأسماء التي علمها ادم التي أودعها الله سبحانه إياه هي عقله ليستكشف بها المعارف ويستنبط بها قوانين الحياة لتعمر الأرض عدلا وسلاما ورحمة) ص31.
هذا القول بحد ذاته هو دعوة للاحتكام لقول الخالق والابتعاد عن قول المخلوق لأن الفارق بين القولين هو النسبة بين الحق الذي يمثله الله سبحانه وبين الباطل الذي يعتري قول المخلوق لا لشيء سوى لأنه بشر يخطئ ويصيب وهذا النداء العقلاني يصرح به كل عقلاء الأمة لكي نتوحد.
فلنتوحد بقول الله وندع قول عبد الله لكي نرقى لابد لنا من إتقان لغة الرأي والرأي الأخر والإيمان المطلق بأن لا احد في هذا العالم يمسك بالحقيقة ذلك أنها نسبية ومتوزعة على الآراء والعقول ولا أحد يدعي انه يمتلكها بالمطلق ، ولكي نحيا بسلام لابد من قبول الأخر المخالف لنا في الرأي .
ثم عرج المؤلف وبطريقة ترتكز على المحاججة التي شاعت في عصور الإسلام الذهبية فمحق الحجة بالحجة والرأي بالدليل وهذا هو عين الصواب في الخطابات المعتدلة والتي ترسخ مبدأ التعايش السلمي بين سكان الأرض ، وحسنا فعل المؤلف بتسليط الضوء على ثقافة الاسلام التي تؤمن باختلاف الدين والمعتقد والرأي شريطة أن يتحمل كل ذي رأي مخرجات ما آمن به ، نعم هي ثقافة ديننا الحنيف الذي لم يكره أحد على الإيمان به وما كان سلاحه سوى الحجة ولإقناع والتعامل بالحسنى مع الآخر.
ان كتاب "المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي" يشكل انعطافة في التفكير الإصلاحي المبني على أسس رصينة لايمكن التشكيك بصحتها ذلك انه اعتمد الخطاب الإلهي في الفصل بين المختلفات وهذا ما نحن بمسيس الحاجة له ، فقد شرذمتنا الخطابات الدينية التحشيدية لمذهب أو لطائفة وجعلت دم المسلم ارخص من مياه البحار المالحة .
يقول المؤلف:" دللت آيات القرآن الكريم على سوء النوايا عند بني إسرائيل ، وشخصت النفس الإسرائيلية وفضحت مطامعهم اللامحدودة وارتكابهم لأبشع الجرائم لتحقيق مآربهم..." ص37
وهذا ما أثبتته الوقائع على الأرض من خلال الجهد الكبير الذي تبذله إسرائيل للنيل من الدين الإسلامي وخصوصا القرآن الكريم الذي فضح تاريخهم وعرج على مثالبهم في قتلهم لأنبيائهم وحربهم ضد رسولنا الأكرم (ص) على الأرض والحرب الفكرية التي ما توقفت الى يومنا هذا بقول البشر عرض الحائط فما من حجة على المخلوق سوى العقل به أدرك ان القرآن الكريم هو كتاب منزل لا يأتيه الباطل من أي جهة من جهاته بناء على قوله تعالى (نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون) .
وعلى هذا المنوال وجدت ان المؤلف قد افتتح بحثه ورغم ان هذه الدعوة المخلصة لعامة المسلمين هي من دعوات العقلاء والمعتدلين الا انها تصطدم بجدار الجهل الذي بنته الفرق والمذاهب المتخلفة وجعلت منه حائلا بين الحقيقة والعقل.
ثم توغل المؤلف في شرح ما يتضمنه بحثه هذا ، وكلما تابعت معه في القراءة كلما ازددت ثقة بان الرجل يقف على قاعدة متينة وينطلق من نقطة انطلق منها كل عقلاء الأمة وهي القرآن الكريم الذي يشكل الحجة الوحيدة على من امن بالرسالة الإسلامية بان يخضع لمتبنيات النظام القرآني في تنظيم شؤون الحياة لاسيما تنظيم علاقة المخلوق بالمخلوق والتي تسببت في كل هذه الصراعات وأنتجت كل هذا الخلاف بين الآراء المختلفة والأفكار التي أنتجتها عقول تنتمي للإسلام في ظاهرها وهي مغلفة بالجهل والخديعة تحاول تفريق وحدة الأمة وشق صفها .
ثم عرج المؤلف على مسألة في غاية الأهمية يشكل التصريح بها خطرا كبيرا وقد يعرض متبنيها للتصفية الجسدية وهو موضوع تأليه أشخاص مخلوقين على حساب الخالق في وضح النهار وبلا حياء وربما يصل الأمر إلى أن بعض الفرق جعلت من رموز بديلا عن الخالق فطلبت منها الصفح والغفران والرزق والصحة والمال والبنون وما إلى ذلك متناسية رب العزة الخالق القادر على كل شيء، وهذه الظاهرة قد تسببت في إشاعة الفساد وسوء الخلق بين الناس لإقناعهم بأن فلان يشفع لمرتكب أي اثم شريطة ان تبجله وتعليه فوق مقام الخالق ولا احد يستهجن أو يعجب من هذا القول بالله هو حاصل في معظم المذاهب والفرق المحسوبة على الإسلام ، وحسنا فعل المؤلف في تسليط الضوء على هذه الظاهرة الخطيرة .
وقد خلص المؤلف إلى حقائق يؤمن بها كل المعتدلين إلا أنهم لا يصرحون بها وهي أن الخطاب الديني اعتمد أقوال البشر وبنا عليها أفكاره واستنبط منها أحكامه وركن إليها تماما وهذا المنهج هو سبب التشرذم .
أمال الخطاب الإلهي فهو قول الله تعالى في كتابه الكريم ، وأقول على مسؤوليتي أن الفارق بين الحق والباطل قولتك " قال فلان " فهي تحتمل الخطأ والشذوذ وقولك :" قال الله " هو الحق والمرء مخير في إتباع أحد السبيلين فذاك الباطل وهذا الحق المبين .
وما أريد قوله في نهاية هذه الاطلالة اليسيرة على كتاب المسلمون :
1- أهنيء المؤلف الأستاذ علي محمد الشرفاء لحمادي على هذا الجهد الكبير والدعوة المخلصة آملا أن يصل هذا المطبوع لمعظم الأيادي العربية خصوصا تلك القطعان التي اتخذت من الإلهة الأرضية بديلا عن الخالق فقدست مالا يستحق التقديس وأهملت المقدس.
2- أتمنى على المؤلف مضاعفة الجهد في تنظيم جولات لدور العلم في مختلف ارجاء الوطن العربي لإنقاذهم من السموم الطائفية والمذهبية التي تحقن في عقولهم ولا اعتقد أن الأستاذ المؤلف بهذا الاندفاع وهذه الغضبة لله يمانع من ذلك فنحن أمام مسؤولية كبيرة سيحاسبنا الله على الصمت على هذا الخراب الفكري .
3- أتمنى ان يتشبث الباحث بجعل مختصر كتابه منهجا لاي مرحلة من مراحل الدراسة واستبعاد المناهج الكارثية التي تدرس بإشراف المستفيدين من فرقة الأمة وانهيار بنيتها الفكرية .
4- اعترف في نهاية هذا الإيجاز من ان الكتاب يستحق الدراسة والتمحيص وتسليط الضوء على كل ماورد فيه ولا ادعي بهذه العجالة أنني وفيته حقه وحسبي انني حاولت .
5- شكري وامتناني لدار النخبة القاهرية، نعم حينما تكون صناعة الكتاب في مشغل ينتمي للفكر والثقافة بالتأكيد هي أفضل من الدور التجارية التي تضع الربح نصب عينيها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وجهي عملة واحدة.
خليل احمد ابراهيم ( 2018 / 2 / 28 - 13:05 )
أستاذي الفاضل الدليمي كفى تجميل القبيح،او بشكل أدق تجميل قبح الأديان والمذاهب،كلها وبدون إستثناء خزعبلات وخرافات،وحديثك أن الدين بريء من الجرائم التي ترتكب بإسم الدين الاسلامي الإسلام بريء منها،ليس هناك عاقل يصدقها وخاصة إذا اعتبر القرآن المصدر وكتاب من عند الله،انذاك ليس الإسلام وحده يتحمل ازر الجرائم بل الله الذي هو مصدر القرآن هو الآخر يتحمل الجريمة كاملة،ولا اعتقد إنك لم تقرأ القرآن وتجهل الآيات القرآنية التي تعرض المسلمين على قتل الغير.
عزيزي كفى الضحك على ذقون الذات قبل الضحك على ذقون الآخرين،الإسلام دين إرهاب لا بل كل الأديان وإن لم يكن هناك منافس يوازي المسلمين لإرهاب.


2 - سيد هليل
الجندي ( 2018 / 2 / 28 - 16:00 )
سيد خليل من زمان عنك
على كل حال هل تتفضل بذكر الايات رجاء


3 - لك ما تريد.
خليل أحمد إبراهيم ( 2018 / 2 / 28 - 18:53 )
ارجوكم أن تقرأوا تجربتي مع القرآن للسيد عبدالباري رشيد في موقع الحوار المتمدن
وسترى السور والآيات التي تحرض على قتل الغير مسلم وإهانة أهل ما يسمى الكتب السماوية عندما تقول يدفعون الجزية من يد وهم صاغرين( اذلاء)
ولك تحياتي


4 - سيدي اهانة
جندي ( 2018 / 2 / 28 - 21:05 )
صاغرين :
مع احترامي قد تاتي صاغرين بمعنى راضيين وبعضهم فسروها جالسين
2 وايضا الاية وصفت حالتهم فقط عند دفع الزكاة
يعني ليس على الدوام
3 والبعض يفسر الاية انها مختصة باهل كتاب محددين
انتهى
اما ايات القتال فاقرا النص كامل ولا تخرجه من سياقه ينتهي الموضوع
وتبقى الاية الحكم
ان الله لا يحب المعتدين
وهاي الاية مستحيل تكون منسوخة لانها تصف ما يحبه الله تعالى
على كل حال اشتقت صراحة للكلام معك اخي العزيز


5 - فسروا كما يحلوا لكم.
خليل أحمد إبراهيم ( 2018 / 3 / 2 - 09:29 )
عجيب أمر بعض الناس وخاصة السيد
جندي وهم يلوون رقبة الكلمة كما يتمنون السيد ال،جندي يقول صاغرون تعني راضون
أتمنى من السيد جندي يأتيني بهذا المصدر.
صحيح أنا لست عربيٱ-;- ولكني بحثت في المعجم والصحاح وكذلك السيد Googlوكلها
تعطي،معنى واحد،اهانة،إذلال،استصغار،اي بكلمة أدق مرادفات الإهانة،وهكذا كل شيوخ الدين يلوون عنق الكلمة كما يتمنون وهم يعرفون الحقيقة.
أبحث لي عن مصدر يثبت ادعاءك رجاءٱ-;-.

اخر الافلام

.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في العراق تؤكد أن الرعب آتٍ إ


.. ناشط أميركي يهودي يعلن إسلامه خلال مظاهرة داعمة لـ فلسطين في




.. 91-Al-baqarah


.. آلاف اليهود يؤدون صلوات تلمودية عند حائط البراق في عيد الفصح




.. الطفلة المعجزة -صابرين الروح- تلتحق بعائلتها التي قتلها القص