الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إيران و فيلق بدر

نزار جاف

2006 / 3 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يقول أحد الحکماء، إذا أردت أن تستکشف ماهية و معدن أي إنسان فإمنحه المال أو السلطة. هذا القول البليغ تذکرته و أنا أرى المدى المستشري الذي وصل إليه النفوذ الايراني في العراق و تعاظمه مع مرور الزمن. إيران التي کانت في زمن الشاه محمد رضا بهلوي بمثابة "شرطي المنطقة"، من خلال ذلک الدعم الاستثنائي الذي حظي به الشاه، إستطاعت أن تلعب دورا مؤثرا و خطيرا على عدة أصعدة مما دعاها الى الشعور بحالة من الزهو و الخيلاء غير العاديين أمام کل دول المنطقة. الشاه الذي دأب على إحياء الطقوس الفارسية التي تمجد لحضارة تمتد لأکثر من2500سنة، حاول إحياء الدور الحضاري الغابر للفرس وجعله قوة تجتاز البعد الاقليمي. وقد کان طموحات الشاه المتعاظمة في نفسه سببا للدور الايراني في منظمة الاوبک بالمطالبة المستمرة برفع الاسعار. الشاه الذي ملک خامس أقوى جيش في العالم حاول أن يبني أسس إقتصادية قوية في مختلف المجالات وحتى إنه لم يغفل عن إحياء اللغة الفارسية القديمة التي غزتها المفردات العربية بشکل غير عادي فشکل لجنة خاصة لإجتثاث المفردات العربية و إحلال المفردات الفارسية القديمة مکانها. نهاية عرش الطاوس و ذلک السقوط المدوي للشاه، کان في الحقيقة إنزعاج غربي واضح من ذلک الشرطي الذي بدأ يبحث عن دور أکبر من ذلک الدور الذي أنيط به. ومع بدء عصر"الجمهورية الاسلامية الايرانية"، الذي خالته دول المنطقة نهاية لدور الشرطي الايراني و بداية عهد جديد يرسم ملامح علاقة متکافئة بعيدة عن کل أشکال التسلط و القهر، لم تمض إلا مدة قصيرة جدا حتى و عاد المسعى الايراني للتفرد و السطوة في المنطقة الى الرجوع الى سابق عهده مع فارق مهم و حساس وهو إن الايرانيين هذه المرة وجدوا أنفسهم أعلى کعبا من أن يکونوا سادة المنطقة و حکمائها ولذلک فقد طرحوا أنفسهم کأنداد لأعظم القوى الدولية. إن قضية تخصيب اليورانيوم التي صارت الشغل الشاغل لوسائل الاعلام المختلفة، هي في حد ذاتها وسيلة إيرانية من ضمن الوسائل المختلفة الاخرى التي في حوزتها لکي تبلغ غاياتها السياسية ـ الفکرية وإنها تسعى من خلال سياسة تصدير الازمات التي تنتهجها حاليا إشغال المجتمع الدولي بمتاهات جانبية تفتعلها حتى تفرغ من إنجاز برامجها الاهم في المجالات الحساسة. ونظرة الى الدور الايراني في العراق مثلا، تطرح حقيقة مرة جدا، إذ أن تغلغل العناصر التابعة للمخابرات الايرانية في أهم و أخطر المراکز السياسية و الامنية و الاقتصادية تجعل من مسألة النفوذ الايراني في العراق قضية في منتهى الخطورة وتحتمل تأويلات عديدة وفي سياقات قد تبدو بعضها أخطر من خطيرة. قوات بدر مثلا، والتي کانت في بدايتها مجرد لواء قاده ضابط إيراني من حرس الثورة کان يدعى"إسماعيل دقائقي"، تطورت لتصبح فيلقا له عدة أجنحة عسکرية و إستخبارية و إدارية، وقد کان هم هذا الفيلق أيام کان الحکم البعثي مازال قائما تتبع مجموعة أمور کانت تندرج فيما يلي:
1 ـ متابعة نشاطات الاجهزة الامنية العراقية الخاصة بإيران ولاسيما تلک التي کانت ترتبط بنشاطات"منظمة سيف صدام"التي کانت معنية بتتبع الملف الايراني بکل تداعياته و التابعة للمخابرات العراقية.
2 ـ متابعة نشاطات منظمة مجاهدي خلق الايرانية و القيام بعدة عمليات تفجيرات و إغتيالات مختلفة ضدها.
3 ـ جمع المعلومات المختلفة عن الجيش العراقي و أماکن ترکز وحداته القتالية.
4 ـ توزيع الاوراق النقدية المزورة و بالمليارات في مختلف أرجاء العراق والتي کانت تسير تحت إشراف من رجال"إطلاعات فيلق بدر"الذي کان يرأسه آنذاک السيد"أبو حسن العامري".
5 ـ جمع المعلومات عن المنظمات الانسانية الغربية العاملة في کوردستان بشکل خاص.
هذه النشاطات ماکانت تدخل في أطار الريبة لو کانت لاهداف عراقية بحتة، لکن تلک المرامي الايرانية الخالصة التي کانت تقف وراءها جعلت من فيلق بدر مجرد ستار و برقع ظاهره عراقي و معدنه إيراني. واليوم حين يتحدث السيد دونالد رامسفيلد عن الدور الايراني من خلال تغلغل قوات حرس الثورة الاسلامية في العراق، فإنه أمر يثير الضحک ذلک أنه کان الاولى بالسيد رامسفيلد للإنتباه الى حقيقة أن فيلق بدر في الاساس کان "ومازال"أحد الفيالق التابعة لحرس الثورة الاسلامية المعروف ب"سپاه پاسداران" والتي تأخذ الاوامر من الولي الفقيه کما هو معروف، وإن إنتفاضة آذار1991 المعروفة بالانتفاضة الشعبانية، قد إشتدت أوارها بعد دخول الکثير من أفراد فيلق بدر"وعناصر إيرانية من الاطلاعات" بملابس مدنية وهي تقوم بتوزع المناشير و البيانات و تعلق الصور من جهة(وهذا کان بحد ذاته سببا کافيا لإجهاض الانتفاضة آنذاک)، وبمهاجمة مقرات حزب البعث والجيش و الدوائر الامنية و الحکومية وتجمع کل المستمسکات و الوثائق المهمة لتبعثها مباشرة الى طهران. إن هکذا فيلق خطير مازال يعمل و بصورة عادية أمام أنظار الامريکان بملابس عسکرية عراقية، هو مکمن الداء والعلة مع تلک التيارات الارهابية التي تعيث في أرض العراق فسادا. السيد رامسفيلد کان حري به أن يتابع قضية تفجير المراقد المقدسة في سامراء التي جرت في أجواء تشير الى إحتمال تورط إيراني وسوري، حيث کانت الاجهزة العراقية المختصة قد أعلمت السيد إبراهيم الجعفري بنوايا بذلک الخصوص، لکن السيد الجعفري قد أهمل ذلک ولم يعره إهتماما. والذي کان على القوات الامريکية الانتباه له، هي تلک الحملة الحامية الوطيس و المعدة لها مسبقا بعد العملية التفجيرية حيث قامت قوات بدر"ومجاميع تابعة لمقتدى الصدر" بحملة تصفيات غير مسبوقة لعناصر سنية بارزة في مختلف المجالات. إن يد إيران في العراق لن تبتر إلا ببتر تلک الميليشيات التي تهدف دوما الى زعزعة أمن العراق کي تبعد الانظار و "المدافع"عن طهران ودمشق، ولست بذلک الساذج الذي يتصور مسألة بتر تلک الميليشيات بتلک السهولة فهي من الذكاء بحيث تلعب على أکثر من حبل، تصوروا مثلا الميليشيات التابعة للسيد مقتدى الصدر سوف تخرج السبت القادم في مظاهرات دعى إليها الزعيم الشيعي الشاب من أجل نبذ الطائفية و الدعوة للوحدة الوطنية، وهي التي إحتلت ودنست أکثر من100مسجد للسنة في سابقة ملفتة للنظر، واليوم حين نسمع عن عزمها الى الخروج في مظاهرات لنبذ الطائفية والتباکي على الوحدة الوطنية فإننا نتذکر المثل المعروف"يقتل القتيل ويمشي في جنازته".‌








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah