الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نسخ الله المتكاثرة..!!؟

كريم كطافة

2006 / 3 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ما زلت مؤمناً أن الخالق هو أكثر ديمقراطية مما يؤمن به أعتى علمانيي الأرض، لسبب على بساطته لكنه ما زال مخفياً، على الأخص، عن أكثر مخلوقاته تعلقاً وتشدقاً باسمه. أنه أوجد الإنسان مفكراً وليس مبَرمَجاً. لم يصنع له برنامجاً بخيارات إجبارية. لكنه أوجد كوناً مسيراً بقوانين موضوعية، تحفظ استمراره. وما مسؤولية الإنسان تجاه خالقه، سوى مسؤوليته تجاه نفسه، أن يجرب ويختار ما يجده ملائماً لاستمرار نوعه على الأرض. إن أصاب فله وإن أخطأ فعليه. أعتقد أن هذا هو الله الواحد الأحد. أما نسخه المنتشرة في الآفاق والمتفشية بيننا هذه الأيام كالطاعون، فما هي إلا عودة جينية لأسلافنا الأباعد.
منهم من أخفى الله في مكان ما (فوق)، بمعنى حصره في المكان، بينما هو متعالي على المكان والزمان. وهذا النفر حتى لا يدري شيئاً عن تحولات كرته الأرضية. الـ(فوق) في النهار، يكون (تحت) في الليل. ثم ذهب إلى أبعد من هذا، أخذ يجسد الله بملامح من الخشونة والقباحة تعافها حتى الحيوانات. وجعل له وكلاء ليس كلهم مرئيين. أحد من الأتباع لا يدري على وجه اليقين، ماذا يريد هذا الإله. فقط هم الوكلاء الذين يتناقلون أوامره من فوق إلى تحت. أوامر سداها ولحمتها القتل والدمار والانحدار تدريجياً بحياة الإنسان إلى درك الوحوش. وكلاء وأتباع صاروا مطاردين من قبل كل أجهزة استخبارات الأرض. يحركهم وكيل أعلى، متخفياً في مغاور وجبال ووهاد لا تطأها حتى الشياطين. والسؤال هنا؛ إذا كان الوكيل بهذا الاستعصاء كيف للاتباع أن يحلموا بالوصول إلى الله نفسه.. ثم هل هذا هو الله حقاً.. أم زعيم مافيا..!!؟
نسخة أخرى؛ كانت وما زالت تصور الله جلاداً..!! يمسك بيمينه سلاسل الجحيم وبشماله مفاتيح الجنان. وما على الإنسان، سوى استمالة قلب هذا الجلاد المتجبر والجالس على عرش في السماء، بصنوف التذلل والخضوع والتوسل، عله يفلح بمفتاح من تلك المفاتيح. ولأن أمر الوصول إلى تلك المفاتيح المتلألئة بشمال الخالق، يكون في العادة صعباً وعصياً ومحفوفاً باحتمالات السقوط في وهاد الجحيم، عندها، لا مفر أمام الإنسان المغلوب على أمره، غير أن يحول مسار توسلاته وخضوعه إلى وكلاء الجلاد.
نسخ كثيرة، تحولت بفعل الزمن وأفاعيل الوكلاء، إلى مذاهب وطوائف، تكفر بعضها وتسعى إلى مسح الأرض بالآخرين. لقد تقاسموا المؤمنين كما يتقاسمون إقطاعيات وجسدوا الخالق بما يشبه ملامحهم هم. الله الوهابي عليه أولاً أن يؤمن بما جاء على لسان (ابن تيمية) و(محمد بن عبد الوهاب) –بالطبع ليس المطرب- والله السني عليه أولاً أن يؤمن بسنة الله ورسوله كما يراها الوكلاء والله الشيعي عليه أن يكون من أتباع أهل البيت.. وهكذا.. أنها نسخ تشبه أتباعها. يجهدون النفس بمنح الخالق ملامحهم. لقد حولوا الله من خالق لا يشبه شيئاً إلى مخلوق يشبههم.
ولدواعي صعود حضارة لا دينية، تحولت كل تلك النسخ الرئيسي منها والفرعي، إلى ملفات تشبه قنابل موقوتة، في أرشيف أجهزة استخبارات هذه الحضارة. ملفات مؤرشفة وموضوعة تحت اليد حسب الحاجة. لقد تحولت هذه النسخ الدينية المتكاثرة والمتخاصمة على طول الخط، إلى عبء على إنسان هذه الأرض المبتلى بكل صنوف الفقر والقهر والتخلف والجهل بعصره. و(السيد) الشيطان إن كان الأكبر أم الأصغر، في كل الأحوال والظروف، سوف لن يكون اكثر خطورة من هؤلاء الوكلاء علينا.
في النهاية ما فرقنا في بداية القرن الواحد والعشرين، عن أسلافنا الأباعد، عن السومريين والبابليين والآشوريين والكنعانيين والفينيقيين والفراعنة.. ألم تكن لتلك الأقوام آلهة متعددة تشبههم تماماً.. ألم يكن الإله المعبود والسائد هو المنتصر في الحروب..؟ في كل حرب ينتصر إله ويسقط آخر، ليقيم المنتصر حضارته على أنقاض ودماء أتباع الإله المهزوم..!!؟
لكن، ألم يكونوا أكثر صدقاً منا..؟ على الأقل هم كانوا يشكلون آلهتهم على هيئة كائنات فيها البشري وفيها الحيواني ومأخوذة في كل الأحوال من بيئتهم بعد عجنها بخيال الفنان. كانوا يجسدون آلهتهم بما يسمح للمؤمن الوصول إليها، بل هو حتى يستطيع أن يتلذذ ويطمئن، إذ يرى ويلمس أن نذوره لن تذهب هباءً منثورا، بل يرى كيف تشم آلهته روائح الشواء..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah