الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصور السماء في القرآن

إيهاب فتحي

2018 / 3 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من الأمور الكفيلة بكشف خرافة الأديان، هو كيفية تصورها للسماء او للفضاء الخارجي المحيط بنا، فإذا تناولنا كيف وصفت آيات الله السماء بالنقد والتحليل، لاندهشنا من بدائية هذا الوصف وسذاجة هذا التصور، وتزداد دهشتنا عند قراءة شروح المفسرين ودعاة الإعجاز العلمي للدفاع عن تلك الصورة البدائية للكون او الفضاء او السماء في القرآن.
لقد وصف القرآنُ السماءَ بالبناء الصلب المحكم الخالي من الفتحات، (والسماء بنيناها بأيد)، وقد تكرم الله علينا بأن زينها لنا بالنجوم، (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ) وهذا هو فهم سلف الأمة لوظيفة نجوم السماء، فقد روى البخاري عن قتادة انه قال: "خلق الله هذه النجوم لثلاث: جعلها زينة للسماء، ورجوما للشياطين، وعلامات يهتدى بها، فمن تأول فيها بغير ذلك أخطأ وأضاع نصيبه وتكلف ما لا علم له به". وقد جعل الله (فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا)، وجعل السماء بمثابة سقف للأرض (وجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا)... إننا لو انطلقنا من الكرة الأرضية صعودا إلى أي تجاه لملايين السنين، فلن نصل لهذا السقف او هذه السماء الصلبة أبدا. تلك السماء التي لولا رحمة الله لسقطت على روؤسنا (وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ).
فإن قائل قائل: "إن العلم محدود، ولا يمكننا ان نجزم بعدم وجود تلك السماء او هذا السقف، فربما يمكن اكتشافه لاحقا!". لكان ذلك القول مردودا بالقرآن نفسه، فهو يدعونا إلى تأمل وتدبر السماء التي فوقنا. (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ). فهل كان يدعونا إلى النظر الى شيء لم يكتشف بعد؟ او ان نتأمل سرابا غير موجود؟!.
كما لا يمكن الرد بأنه عندما ننظر إلى أعلى، نرى السماء وكأنها سقف محكم فوق الأرض. لأن هذا اللون الأزرق الذي نشاهده، ماهو إلا انكسار الضوء عبر الغلاف الجوي... لقد تخيل القرآن وجود سبع سماوات متطابقة، في محاكاة وترديد ساذج لأساطير الحضارات السابقة؛ حيث يقول: (الذي خلق سبع سماوات طباقا ما تري في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل تري من فطور‏) بل ان قمة المهزلة أو المأساة انه (جعل القمر فيهن نورا)؛ لقد تخيل القرآن أن القمر ينير السموات السبع. فهل ينير هذا القمر السماء الدنيا (الموجودة في خيال المسلم)، فضلا عن ان ينير سموات أخرى موجودة فقط في القرآن، وفي وجدان المؤمنين به.
وما كان أهل اللغة ليتركوا ما سبق -وما سيلحق- من فضح لهزلية تناول السماء في القرآن دونما دفاع، لكنه دفاع ساقط خالٍ من العقلانية والمنطق، فمثلا: هم يضربون الامثال دفاعا عن وجود القمر في السموات السبع بتساؤلهم: " هل لو قلنا: زيدٌ في مصر، نعني ان زيدا موجودا في مصر كلها أم في جزء من مصر؟"... إنهم ينفون، من حيث لا يدرون، عن القرآن إعجازه المزعوم، فبدلا من أن يشمل اللفظ في القرآن كل جوانب المعنى ويستوفيه اصبح مقصورا، بفضلهم، على معنى بعيد غير مقصود.. فالقرآن لم يقل ان القمر في السموات السبع وسكت، بل قال انه جعله فيهن (نورا). وهل من يدخل في الاسلام من غير العرب عليه ان يكون ملما بأساليب العرب في البلاغة والبيان حتى يستوعب هذا الشرح العاجز؟… وهل هكذا تتحقق شمولية الإسلام وعالمية القرآن؟... فدفاع أهل اللغة عن أوجه القصور في القرآن، ما زاده إلا قصورا. إضافة الى انهم جعلوا السماء في القرآن اسما جامعا يشمل كل ما هو فوقنا، فأصبح السحاب سماء، والمطر سماء، وسقف البيت سماء، كما ورد في تفسير: (فليمدد بسبب إلى السماء) حيث قال الطبري: يعني سماء البيت، وهو سقفه. وهذا قول ابن عباس!... وليت الامر وقف عند ذلك الحد، بل تجاوزه الى دعاة الإعجاز أو (العجز العلمي) الذين وسّعوا مفهوم السماء، حتى اتسع الفتق على الراتق، فأصبح الغلاف الجوي سماء، والفضاء سماء، بل والكون كله سماء،... حتى غدونا كلنا مغيبين في سماء الجهل وفضاء التخلف وكهوف النرجسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أحييك سيد / ايهاب فتحى
زاهر زمان ( 2018 / 3 / 22 - 16:54 )
الكاتب المحترم
مقال رائع وفى منتهى الواقعية والعقلانية ، ويكفى أنك فى هدوء وتناسق فكرى ومنطقى تام ، أوجزت فأوفيت وكفيت .
فى انتظار المزيد من تلك المقالات العقلانية التنويرية .
تقبل تحياتى


2 - هل ترى في السماء فروج
عبد الحكيم عثمان ( 2018 / 3 / 22 - 18:45 )
الكاتب ايهاب فتحي
الايات التي اعتمدتها في مقالك تتحدث عن رؤيا العين المجردة وليس عما سيكتشفه العلم يعني ليس عن مالاتراه العين,
الليز اليوم يثبت لك ان السماء كما وصفتها ألايات الكريمات فلايمكنك ان تخترق الحاجز الليزري رغم انه اشعة وليس بناء
القبة الحديدية وهي منظومة صواريخ وليست قبة حديدية ولاديالو وليست بناء ولكن اسموها القبة الحديدية لانها تحمي الدولة من الاعتداء بالصواريخ البالستية
هناك شواهد علمية تدعم ماورد عن السماء في القرآن الكريم فالنيازك عندما تسقط باتجاه الارض يفتتها الغلاف الجوي وهذا دليل ان للسماء غلاف صلب ودليل على تصادم النيزك مع هذا الغلاف
قد تغفل كل ذالك استاذ لهدف وغاية في نفسك ولكن لن يغفله الكثير
تحياتي


3 - ماذا كان سيفعل الله من دونك لتفسر اياته؟
وسام يوسف ( 2018 / 3 / 23 - 12:34 )
المفروض ان يحمد الله نفسه على خلقه لعبدالحكيم الذي فسر الايات بما لم يخطر حتى ببال ربه ....وبالتأكيد سيرسل هذا الاله الذي يقول دوما اشياء غير مفهومة ويضع المؤمنين في مأزق تفسيرها حسب ما تجود به القريحة الصلعمية، اقول انه بالتأكيد سيرسل كتاب شكر لصاحب هذا التفسير الجاجيكي ابو عين مجردة ، والذي لم يخطر ببال احد من المفسرين منذ تفسير الجلالين وانت نازل


4 - سيد سوام يوسف
الجندي ( 2018 / 3 / 30 - 19:57 )
صديقي في الحقيقة تفسير السيد عبد الحكيم عثمان لم يخرج من اللغة
في حين هناك شخص اول حرف من اسمه وسام
عندما عرضت عليه اية شرب السم في الكتاب المقدس
قال لي عمرك شفت مسيحي شرب سم
الذي لم يخطر ببال احد من المفسرين منذ تفسير الجلالين وانت نازل
1 التفسير في الاسلام جهد بشري يصيب ويخطئ
2 ومع احترامي الشديد طالما لم يخرج التفسير من اللغة لا يمكن ان يعد خاطئا
3 وايضا لا يوجد في الاسلام روح قدس لكي تقول لم يخطر التفسير على بال احد
4 والجلالين تفسيره تفسير بشري وتفسير واحد
فكيف تقول لم يخطر على باله


5 - نفسي تقول جملة مفيدة
وسام يوسف ( 2018 / 3 / 31 - 04:16 )

هل فهم احد شيئا من هذا الخلطة الكلامية غير المترابطة في تعليق 5

اخر الافلام

.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط


.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع




.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية


.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-




.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها