الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرثاة العمال الشهداء

باسم الهيجاوي

2006 / 3 / 11
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


" نظروا عالياً في السماء .. وجدوني .. أُفتشُ عن أغنيات بلون الربيع .. " توزعوا في مواطن النشيد حين أطلقوا طيورهم في الاتجاهات الصعبة .. حين فرَّت أغانيهم الى الأفق المتسع .. كتبوا بالطباشير بشائر أفراحهم وهم يعبرون الفجر .. يحملون الندى على جباههم لتتلاشى المسافة بين حبات العرق ورغيف الخبز المثخن بالمعاناة .. انهم يقتربون من الشمس .

نظروا في الاتجاهات .. حملوا قصائد عشقهم حين انداح النشيد المرّ بين شفاههم .. صعدوا من منافي الروح ليولد نشيد حافل بالياسمين .. وحقول تموج بالأخضر القادم من بساتين الفرح .. وناي يصدح مع أول القافلة .. انهم يقتربون من الفجر .

نظروا خلفهم .. وجدونا .. نفتش عالياً في الأفق .. نحمل ما تيسَّر من مراثي القلب شوقاً للذين نحبهم .. وما خرجنا خلف موتانا .. لكن انكسار الريح شجَّرَ دمعه فينا .. ليترك الشهداء موطنهم بلا قمرٍ .. بلا قيثارةٍ .. بلا شجرٍ يطل على الطريق .. كي يستريح العابرون الى البداية .. ينثرون جراحهم فينا لنعبر .. أو كي تمر القصائد .. تلقي عباءتها في شهيق الياسمين .. أو بين حدائق القرية التي تنام على كتف " حريش "*.. حين لبست قلائد عرسها وهي تودّع الصفصاف في دمها .. في لحمها ولحم الذين توافدوا في عرس الشهداء .. لكي لا ننسى آخر الدمعات في العينين .. أو آخر الصرخات في الشفتين .. أو آخر العمر الذي رحلَت كواكبه حين غادرنا أحد عشر نجماً .. كانوا يحلمون بالعودة .. لكنهم لم يرجعوا.. انهم عمار حسن أحمد قطيط وسامر غالب سليمان برهم وسلمان غالب سليمان برهم ومحمد كايد محمود محمود وبسام كايد محمود محمود ومأمون طلال ابراهيم قطيط وأمين طلال ابراهيم قطيط وكايد صبري عبدالله قطيط وأسامه سليم مصطفى قطيط " الذي لم تظهر جثته حتى الآن " ومحمد صبري ابو جبل ورفيق علي عبد محمود .. جرفتهم المياه .. قبل أن تجرفهم لقمة العيش .. انهم يقتربون من القلب .

مرّوا سراعاً ،
يعبرون الصبحَ ،
ينداحُ النشيدُ المرُّ في أسرارهمْ
لكنهمْ
لا يرجعونْ

مَرّوا بعشبٍ دافىءٍ
سَرَقَ الصقيعَ ، ونام في خطواتهمْ
والشمس غطَّت وجهها
لَمّا أفاقوا ،
يحملون البردَ نجماً طالعاً
في ما اشَتَهَتْ أحلامهمْ
لكنهم
لا يحلمونْ

وانداحَ بين عيونهمْ
غيمٌ تَرفَّل بالترابِ ، وشَدَّهمْ
للأرضِ يسرقهم ويمضي ،
ثائراً يعطي القصيدة ما اشتهتْ
من كدحهمْ
كي يستريحَ القادمونَ من البدايةِ ،
يشربون الوقتَ من أفواههمْ
لكنهمْ
لا يرجعونْ

حَمَلوا الطريقَ وسافرَتْ أصواتهمْ
والأرضُ بين عيونهمْ
تسقي الخطى
كي تسْتِردَّ طقوسُهمْ
أنفاسَها
والليل ألقى للحقولِ ،
عباءةَ السرَّ الُمدَجَّجِ بالنواحِ ،
وما أفاقتْ فوق " سيريس " القصيدة ،
كي تُعيدَ قوافل الشهداءِ ،
دمعاً غارقاً بالبوحِ لم تبْتزهُ
تلك العيونْ

وبكَتْ
وثارت للزغاريد الشفاهُ ، وهلَّلَتْ
في " ميثلونْ "

هم قادمونْ

فاسْتلّ وحدكَ ـ أيها الموتُ ـ السيوفَ ،
إذا أتوْكَ ،
فقد أتوْا مُذْ غادروا
شكلاً جديداً للحكايةِ ،
وامتطوا خيل الرجوع إلى البدايةِ ،
يسألونَ الأرض عن صرخاتهمْ
يَتَرجَّلونَ ويحملونَ على جفاف شفاههمْ
ألق النشيدِ ،
ويرسمون خطاهمو في كل يومٍ ألف ذكرى ،
تستريحُ على الشفاهِ بأننا
لله يوماً راجعونْ .
ــــــــــــــــــــــــــــ
* جبل حريش : هو الجبل المتاخم لقرية سيريس جنوبي مدينة جنين في فلسطين ، تلك القرية التي فجعت برحيل أبنائها العمال .. حين جرفتهم مياه الطريق وهم يتوجهون الى العمل بتاريخ 27 ـ 2 ـ 1997م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حركات يسارية وطلابية ألمانية تنظم مسيرة في برلين ضد حرب إسرا


.. الحضارة والبربرية - د. موفق محادين.




.. جغرافيا مخيم جباليا تساعد الفصائل الفلسطينية على مهاجمة القو


.. Read the Socialist issue 1275 #socialist #socialism #gaza




.. كلب بوليسي يهاجم فرد شرطة بدلاً من المتظاهرين المتضامنين مع