الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكنيسة الأزهرية

عماد حبيب

2006 / 3 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يفعل الجاهل بنفسه، و تفعل مؤسّسة بنفسها، بسبب تصرّفات غير مسؤولة من بعض أفرادها الباحثين عن الشهرة و السلطة بأي ثمن، ما لا يفعله العدوّ بعدوّه. من أجتهد و أخطأ عمدا لا يعني أن له أجرا واحدا حسب علمي. بل قد يكون ذنبا، و الله أعلم. الأزهر، الذي يقدّم، بفتح الدال، و يقدم نفسه، بكسرها، على أنه ممثل الإسلام السني في العالم بل و أعلى سلطة دينية فيه، يجعل من نفسه كنيسة بشكل من الأشكال، و ليس بالضرورة الشكل الأفضل. و حين يصدر شيخ و اثنان و ثلاثة، و دكتورة و دكتورة و أكثر، فتاوى تقفز بهم على صفحات الجرائد و الفضائياة، صفراء كانت او حمراء، بغض النظر عن فحوى هذه الفتاوى و صحتها، فإن الأمر يحتاج وقفة تأمل.

ما تعلمناه منذ صغرنا، أنه لا واسطة بين العبد و ربه في الأسلام، و لا كهنوت أو كنيسة. و أن رسالة الإسلام الكونية، الموجهة للعالمين، تتجاوز كونه دينا كغيره، أو حتى دينا في حد ذاته، بل هو أقرب لأن يكون خلاصة كل الأديان التوحيدية، و المعتقد الأزلي، الأبدي. أزلي لأنّ القرآن يذكر صراحة أن الإسلام سابق للرسول محمد، فابراهيم مثلا و هو أب الأنبياء، كان مسلما. و أبديا باعتباره الدين الخاتم، الذي لن يصدر بعده أي تعديل في الشرائع.

لكن يبدو أنه ليس من مصلحة المشتغلين بالدين و هم كثر، أن يبقى الحال على ما هو عليه. فالشهرة و النفوذ و الأموال التي يمكن أن يحققها كل من له القدرة العجيبة على إقناعك انه يعرف أكثر منك و يقرأ عنك النصوص الدينية و يفسرها أفضل منك، كل هذه المكاسب يسيل لها اللعاب. خاصة و أنه لا يبدو في مثل هكذا أمور تعودّنا عليها منذ القدم، أية شبهة لكهنوتية. و هي فعلا قد تكون كذلك لولا وجود خلل ما : الفكر التكفيري الذي غزى المدارس الفقهية الاسلامية، كنوع من الدفاع عن النفس بعد انهيار التحالفات المقدسة بين المؤسسات الدينية و الدول في أكثر من مكان ، بحكم تطور المجتمعات. بحيث صار لزاما أن تدافع هذه المؤسّسات عن وجودها و نفوذها بنفسها و بفضل أتباعها. و فرج فوده رحمه الله لم يقتل الا بعد ان افتى من في الأزهر بخروجه عن الملّة، رغم أن حد الردّة نفسه لازال محل جدل و لم يكن يوما محل اجماع ،فضلا عن اثبات ردة عالم مثله.

اليكم هذا الخبر الغير العاجل : يقام يوم الثلاثاء القادم الموافق 14 مارس مجلس تأديب لطالب في جامعة الأزهر، كلّ تهمته الكتابة. و عبد الكريم سليمان لم يكتب داعيا لعبادة الشيطان أو مكفرا لمن خالفه الرأي، بل مدافعا عن حرية الفكر ، و منتقدا لسياسة فصل الطالبات عن الطلبة في جامعة الأزهر. هذه هي فقط تهمته، كتابة في وسائل اعلام هي اساسا خارج سلطة الأزهر، و لهذا سيعقد مجلس تأديب قد ينتهي بطرده, لأنه أقرب ما يكون لمحكمة تفتيش منه لمجلس تأديب.

و حين نقول كهنوت، و محكمة تفتيش فنحن لا نبالغ، و حين نقول كنيسة أزهرية أيضا لا نبالغ، بل ربما كانت أمنية بعض من في الأزهر، و قد يعمل على ذلك من دون أن يشعر. و قد يحلم بعضنا ببابا للمسلمين على شاكلة بابا الفاتيكان. و لا اعتراض لي شخصيا على هكذا منصب. ليس المهم التسميات، بل ما هو دوره و ما هي سلطاته و مرجعياته؟ لو كان هناك فصل حقيقي بين السلطات الثلاث، و قبل ذلك بين الدولة و المؤسسات الدينية، فأن الأمر قد يكون مفيدا في النهاية، لو لم تكن مرجعية هذه المؤسسة تكفيرية اقصائية، بل كانت سدا امام الإنحراف المؤدي للارهاب و مآسيه. لكن للأسف ما يحدث حاليا، من محاكم تفتيش، و فتاوى مضحكة مبكية، لا يبشر بأي خير. و لا أعلم أفسد المجتمع ففسد الأزهر أم العكس ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah


.. 104-Al-Baqarah




.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في