الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنظومة القيمية المغربية بين: الحاجات الشخصية والحاجات المجتمعية المتجددة

سامر أبوالقاسم

2006 / 3 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إذا كان تفعيل الثقافة القيمية في المنظومة التربوية، وتدعيم وتعزيز مسألة تعددية القيم في البرامج التربوية، ورصد مختلف الظواهر والسلوكات المرتبطة بالقيم، وتتبعها والعمل على تقويمها داخل الحياة المدرسية اليومية، ومن خلالها داخل النسق الاجتماعي المغربي بشكل عام. إذا كان كل ذلك يشكل دافعا تربويا أساسيا للنهوض بعملية التنشئة الاجتماعية، داخل الإطار العام المتمثل في إرساء أسس المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي، فإن الوقوف بشكل جدي ومسئول على مجموع الإشكالات المرتبطة بالنقاش حول منظومة القيم لمن شأنه أن يشكل مدخلا رئيسيا لذلك، سواء من حيث توضيح الأبعاد المفاهيمية، أو من حيث تحديد طبيعة وشكل الارتباط الفكري بتأطير تصور تربوي لمنظومة القيم المتوخاة.
هناك من ينطلق من كون القيم تشكل منظومة مطلقة، إذ هي تشكل ذاك الملتقى العام لمختلف الغايات والمقاصد الأخلاقية لجميع المجتمعات البشرية، ومن ثمة يجزم بأن هذه القيم لا تتغير ولا تتبدل بتبدل الأحوال والظروف، بل هي تتخذ شكل منظومة كونية للقيم.
وهناك من يعتبر أن لكل ثقافة معاييرها الخاصة، والمرغوب من القيم يختلف من ثقافة إلى أخرى، ومن ثمة لا يمكن لهذه القيم في كل الأحوال والظروف أن تصير مطلقة وثابتة. فهي إذا متغيرة بتغير منطلقات كل ثقافة أو حضارة أو إيديولوجية، سواء في أبعادها الدينية أو الفكرية أو السياسية أو الاجتماعية.
وبين هذا الانفتاح الكلي على العالم، بمختلف أشكال وأنواع تجاربه الشرقية والغربية، الشمالية والجنوبية، والذي أدى في حالاته القصوى إلى ظهور دعاة التنميط العالمي، وبين هذا الانغلاق الكلي على الذات المحلية، بمختلف أشكال وأنواع الذرائع الدينية والعرقية والسياسية، والذي أدى في أقصى درجاته إلى بروز دعاة الخصوصية والتميز والشمول. فبين هؤلاء وأولئك تكمن الصعوبة في مقاربة إشكال المنظومة القيمية المتوخاة لإنجاح أي مشروع إصلاحي يروم تحقيق أهدافه ورهاناته المجتمعية.
وبما أن الاختلاف والتغيير هما خاصيتان من خصائص المجتمع الواحد، بالنظر لما يقع لنظمه وأطره العامة من تطور وتغير، وبما أن هذه النظم والأطر تخضع لمسارات وتحولات اجتماعية في التاريخ، وبما أنها تخضع لظروف وملابسات المحيط الثقافي التي توجد فيه، فإن القيم منها ما يثبت قدرته على الثبات وعدم التحول، وإن كان ذلك على مستوى التأطير النظري الذي يعد منطلق أي مشروع مجتمعي طموح، يتغيى تحقيق أو القرب من تحقيق المثل، ومنها ما يثبت خضوعه للاختلاف والتغير باختلاف وتغير النظم والأطر الاجتماعية العامة داخل المجتمع الواحد.
لذلك فمن المشروع أن يطرح التساؤل حول ما إذا كانت "منظومة القيم الإسلامية" ثابتة أم متحولة، كما أنه من المنطقي أن يتم التساؤل حول ما إذا كانت هذه المنظومة مرتبطة بالمشيئة الإلهية أم بالإرادة الإنسانية.
بصيغة أخرى يمكننا التساؤل مع مرصد القيم، الذي تم إحداثه تحت رعاية وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، حول إمكانيات التمييز والفصل بين ما يرجع إلى قيم العقيدة الإسلامية من جهة أولى، وقيم الهوية الحضارية ومبادئها الأخلاقية والثقافية من جهة ثانية، وقيم المواطنة من جهة ثالثة، وقيم حقوق الإنسان ومبادئها الكونية من جهة رابعة، وطريقة تكييف ذلك مع الحاجات المتجددة للمجتمع المغربي بصفة عامة، والحاجات الشخصية للأجيال الناشئة بصفة خاصة.
والشيء بالشيء يذكر، ألا يمكننا التركيز اليوم على مراجعة القيم التي تشكل مضمون مادة التربية الإسلامية في المدرسة الوطنية، وذلك في اتجاه إعطاء الناشئة المغربية رؤية نسبية ومتجددة للعالم؛ رؤية تقبل بشكل أفضل قيم التعدد والاختلاف، وتمكن الأجيال الصاعدة من تملك ولو أفكار أولية حول المعتقدات الدينية الأخرى، وحول أهمية الحوار بين الأديان والمذاهب؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تبدأ النظر في تجنيد -اليهود المتش


.. الشرطة الإسرائيلية تعتدي على اليهود الحريديم بعد خروجهم في ت




.. 86-Ali-Imran


.. 87-Ali-Imran




.. 93-Ali-Imran