الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة فعل يهدف التقرب إلى معاني الصلاح

سامر أبوالقاسم

2006 / 3 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يقول أبو الوفاء البغدادي علي بن عقيل: » السياسة كل فعل تكون معه الناس أقرب إلى الصلاح، وأبعد عن الفساد، وإن لم يضعه الرسول، ولا نزل به وحي، ومن قال لا سياسة إلا بما نطق به الشرع فقد غلط وغلّط الصحابة في شريعتهم «.

ونحن، في ظرفنا الراهن، إن استخدمنا دلالات منطوق هذه المقولة، سيتضح أن كل سياسة تنحو بالناس إلى الصلاح وتبتعد بهم عن الفساد، من خلال طبيعة وشكل أنظمة الحكم والاجتماع المستجدة، ولو لم تكن صادرة عن وحي أو سٌنّة، فهي سياسة غائية ناجعة تحظى برضا الله والرسول والإنسان. ومن يقول بأن لا سياسة إلا بما جاء به الشرع في القرآن والسنة، فقد ابتعد عن الصواب وأخطأ غيره ممن اجتهد قبله وفق فهمه لشروط وظروف وملابسات ومدلولات الآيات والأحاديث.

وإن استعملنا دلالات المفهوم الموافق لهذه المقولة، أمكننا التوصل إلى أن الديمقراطية كرؤية ومنهج وآلية، والتنمية الشاملة لكل الأبعاد في تدبير شؤون الدولة والمجتمع في زماننا، إن كان فيهما صلاح للناس على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وابتعدتا بهم عن فساد الاستغلال والتسلط، فهي سياسة غائية ناجعة تحظى برضا الله والرسول والإنسان. ومن قال بأن الديمقراطية والتنمية لا مكان لهما في الشرع لعدم ورودهما في القرآن والسٌّنة فقد وقع في الابتعاد عن الصواب وأخطأ غيره ممن يجد ويجتهد في سبيل البحث عن التخلص من مشكلات وآفات المجتمع المتخلف.
وإن عمدنا إلى توظيف دلالات المفهوم المخالف لهذه المقولة، استطعنا أن نتبين بأن من قال لا سياسة ولا رؤية ولا منهج ولا آليات لتدبير أمور الدولة والمجتمع، إلا ما كان لها أصل في القرآن أو السنة، فقد جانب طريق ومسلك الصواب، على اعتبار أن المقياس الأساسي والمركزي في الحكم على هذه الأمور هو مدى تحقق الصلاح للناس والابتعاد بهم عن فساد هياكل وخيارات وممارسات السلطة السياسية الفاسدة والموالين لها، ويتضح أن السياسة الغائية الناجعة التي تحظى برضا الله والرسول والإنسان، هي ما قامت على مقياس القرب من الصلاح والابتعاد عن الفساد لا على مقياس ما جاء به النص الشرعي. إذ النصوص متناهية، والواقع بمتغيراته لا متناهي إلى قيام الساعة.

وأما إذا انتقلنا إلى مستوى إعمال دلالات مفهوم الاقتضاء لهذه المقولة، فسيتجلى لنا وللقارئ معنا، أن السياسة هي فعل بإمكانه أن يقترب إلى الصلاح ويبتعد عن الفساد وينال رضا الله والرسول والإنسان، حتى وإن لم ينزل بخصوصها وحي، وحتى إن لم يٌشرَّع لها عن طريق السنة، فبالأولى والأحرى إن لم يكن حكمها واردا في مذهب أو اجتهاد أحد أئمة المذاهب. كما سيتضح للقارئ كذلك، أن من يقول لا سياسة إلا بما جاء في القرآن والسنة فقد وقع في الخطأ وأخطأ غيره، وبالأولى والأحرى من يقول لا سياسة إلا بما جاء في/أو من خلال المذهب.

وهنا بحق، نقف على مدى عمق الأزمة، المولدة للعديد من المشاكل، سواء على مستوى القراءة والتحليل والاستنتاج أو على مستوى التواصل، وهو ما يدعونا جميعا إلى ضرورة إعادة النظر في مناهج تعاملنا مع الواقع من جهة، ومع النص الشرعي من جهة ثانية، ومع التراث الفقهي والمذهبي من جهة ثالثة، ومع التراكم الإنساني والكوني المعاصر من جهة رابعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah