الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحماية الاجتماعية بين الحاجة .. و الإطار القانوني

صلاح عبد العاطي

2006 / 3 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تمهيد:-
يحتاج الجميع، بغض النظر عن المكان الذي يعيشون فيه، إلى حد أدنى من الحماية الاجتماعية وسلامة الدخل، يحدد وفقاً لقدرة مجتمعهم ومستواه من التنمية، ولن يحدث هذا تلقائياً، وقد ثبت التجارب إن الاعتماد على التنمية الاقتصادية والديمقراطية وحدها ليس كافياً، ولذلك يجب على كل بلد من البلدان أن يطور من خلال الحوار الاجتماعي نظاماً وطنياً للحماية الاجتماعية يلبي احتياجات كل سكانه، وخاصة منهم الأطفال والنساء والمعاقين والعاطلين عن العمل.
فلسطينيا أدي غياب سلطة "حكومة فلسطينية" خلال فترات طويلة سبقت قدوم السلطة الوطنية إلي إبقاء البنية النحتية للخدمات العامة والاجتماعية خاصة دون تطور وعاجزة عن تلبية حاجات السكان المتنامية كما أن وزارة الشؤون الاجتماعية لا توفر ما يكفي لسد العجز وإضافة إلي ذلك تعرضت الموارد الشحيحة المتاحة إلي الضغط الشديد في السنوات الأخيرة بسبب الفقر والبطالة المتزايدين بفعل سياسات وممارسات الاحتلال الإسرائيلي.
الحماية الاجتماعية:-
تشكل إدارة الاقتصاد بصورة أفضل في إطار رؤية شاملة للحماية الاجتماعية العنصر الرئيسي في تخفيف المخاطر الاجتماعية وتوسيع الفرص أمام الفقراء والمعرضين للخطر،لهذا فإن السياسات الحكيمة المتعلقة بالاقتصاد الكلي والإدارة الأفضل والمؤسسات التنظيمية الأكثر كفاءة تعتبر عناصر ضرورية لإستراتيجية عالمية للحماية الاجتماعية.ومن المرغوب فيه أيضا إشراك القطاع الخاص والمجتمع المدني في وضع وتطبيق وإدارة الحماية الاجتماعية، ويعتبر تحسين الاستدامة المالية لأنظمة المعاشات التي تحتجز الأقساط من المنبع بإعادة موازنة الاشتراكات مع المنافع وعن طريق دمج وتحقيق التناسق بين مختلف الخطط, اتجاها هاما للإصلاح. ويجب أن تنظر الدول في مدى مناسبة الأنظمة ذات الركائز المتعددة في المدى المتوسط. تقتضي الاقتصادات الفعالة والقائمة علي عدالة التوزيع نظماً فعالة للحماية الاجتماعية، فمن شأن هذه النظم أن تشجع على التكيف مع التغير وان تضمن في الوقت ذاته تمتع الناس بالأمن الاجتماعي والاقتصادي الأساسي الذي يمكنهم من تنمية إمكاناتهم البشرية: في العمل، وضمن أسرهم، وفي المجتمع عموماً. ولكن الأولويات لا تتماثل في أنحاء العالم المختلفة، فالبلدان النامية تحتاج إلى آليات توسع نطاق الحماية الاجتماعية ليشمل أولئك الذين يوجدون على هامش البقاء، وتدمج هذه النظم في الوقت ذاته في المفاهيم التعددية الوطنية المتعلقة بالحماية الاجتماعية الشاملة. أما البلدان التي تمر بمرحلة انتقالية، فهي تحتاج إلى إقامة نظم اكثر استجابة لحقائق التغيرات الهيكلية والأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وأما البلدان الصناعية، فهي تحتاج إلى إلقاء نظرة جديدة على التغطية والكفاية والاستدامة المالية للعديد من أشكال الحماية الاجتماعية بغية تحسين تجاوبها مع زيادة مرونة ولامركزية أسواق العمل، ومع تغير الهياكل الأسرية، مما يطهر بان البلدان أينما كانت، تحتاج إلى إدماج أنماط مختلفة من الحماية الاجتماعية لتشكل كلاً واحداً متماسكاً، يدعم التفاهم الوطني ويطور الحوار الاجتماعي بصورة مستمرة ويضمن الاستقرار الإنساني الحضاري المؤسس علي حقوق الانسان.

الحماية الاجتماعية في فلسطين:
يوجد في فلسطين أنواع مختلفة من الخدمات الاجتماعية الاغاثية والتنموية التي تقدم لقطاع واسع من المهمشين" فقراء واسر شهداء واسري ومعاقين وعمال عاطلين عن العمل الخ" ولكن لا نستطيع القول بان هناك نظام متكامل لرعاية وحماية المحتاجين من أبناء الشعب الفلسطيني علي كثرتهم وتزايدهم المستمر بفعل السياسات التي تتبعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي من جهة وبفعل سؤ وتردي الأوضاع الاقتصادية للشعب الفلسطيني، يمكن القول بأن من أحد معالم نظام الحماية الاجتماعية في فلسطين هو تنوع المساهمين فيه وتأتي في مقدمة هؤلاء وزارة الشؤون الاجتماعية، ومن المساهمين أيضا وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأنروا) وعدد كبير من المنظمات الفلسطينية وفي مقدمتها لجان الزكاة الإسلامية ومنظمات نسائية ومنظمات خيرية أخري كما وفرت الأحزاب والجبهات السياسية ومنظمة التحرير الفلسطينية خلال العقود الثلاثة الماضية مصادر مهمة لدعم عائلات السجناء والشهداء وأفراد محتاجين آخرين.
ولا حاجة للتأكيد بأن عوامل خارجية كثيرة قد أثرت على أداء المؤسسات الرسمية والأهلية في مجال تقديم خدمات الحماية الاجتماعية، حيث كان العامل الذاتي حاجزاً باستمرار في الأداء الحكومي والأهلي في حالتي النجاح والإخفاق، حيث وقعت في علاقة جدلية بين التنمية ومقاومة الاحتلال البغيض، بسبب ضغط المسار السياسي على السياق الفلسطيني العام، واحتلال المقاومة موقعاً متقدماً على التنمية والمشاركة المجتمعية ونتيجة لذلك نشأت بين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة حالة هي مزيج من الرضي عن أدائها على الصعيد الحياتي. وتعزز هذا الشعور مع اندلاع انتفاضة الثانية في أواخر سبتمبر 2000، والتراجع الذي أصاب المؤسسات الرسمية، وغياب دور مؤثر لها في إدارة الأزمات التي واجهها الفلسطينيون على الصعد الحقوقية، الأمنية، الخدمية والتموينية. وقد ترجم المجتمع حالة عدم الرضي هذه إلى مطالبة بتوسيع الممارسة الديمقراطية، وفتح الأبواب أمام المجتمع بكافة شرائحه للمشاركة في إدارة شؤونه. وتصاعدت المطالبة بضرورة الخروج من مأزق الفصل بين السياسي والتنموي، ومن التمركز العالي للسلطة وانحصارها في القمة، والمطالبة بتفعيل العلاقة بين المؤسسات الرسمية والأهلية وتعزيزها بالقدر الكافي للقيام بمسؤولياتها. وعزز النقد مع تنامي عدد الهيئات المحلية، (كالبلديات والمجالس القروية، والمنظمات الأهلية)، دون دعم مالي، يمكنها من القيام بالواجبات المنوطة بها بموجب القانون، ودون تفويضها بصلاحيات كافية تسمح لها بالمشاركة في صناعة القرار.

وكما هي الحال في مجتمعات أخري في العالم الثالث، حيث لا تتوفر حماية اجتماعية ملائمة تظل العائلة وشبكات غير رسمية أخري هي المصدر الرئيس للدعم الاجتماعي بالنسبة للفلسطينيين مع حمل النساء لجزر كبير من عبء رعاية الأسرة، وكما ان مشاكل الفقر والبطالة وانعدام الأمن والاستقرار والعدالة في المجتمعات التي كانت تؤرق جزءا كبيرا من العالم آنذاك، لا تزال مثارا للقلق بنفس القدر، حتى بعد مرور عشر سنوات على ذلك المؤتمر. بيد أنه منذ ذلك الحين طرأ تغيير على طريقة التعامل مع القضايا الاجتماعية حيث أصبح ينظر إليها باعتبارها ذات أولوية أعلى.
وعلى مستوى الأرقام، يصعب القول بأن قدرا كبيرا من التقدم الاجتماعي قد أحرز منذ انعقاد القمة الاجتماعية، بل إنه مما يبعث على الانزعاج أن عدد الأشخاص الذين يعيشون في حالة من الفقر ازداد بالفعل خلال السنوات الأخيرة، وبلغت معدلات البطالة مستويات مرتفعة بشكل غير مقبول، كما أن عدد الصراعات الداخلية المتأججة في مختلف أرجاء العالم لا يزال مرتفعا مما يحول دون القول بتحقيق أهداف الاندماج الاجتماعي.
ومع تسارع وتيرة العولمة، اتسعت الهوة بين الأغنياء والفقراء فيما بين البلدان وداخلها. وحسب تقرير التنمية الاجتماعية لعام 1999 الذي نشره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن موجودات ثلاثة من أغنى أصحاب البلايين في العالم تتجاوز، من حيث القيمة، مجموع الناتج القومي الإجمالي لجميع أقل البلدان نموا بعدد سكانها البالغين 600 مليون نسمة. وأفاد التقرير بأن الهوة في الدخل بين خُمس سكان العالم الذين يعيشون في أغنى البلدان وخُمس السكان في أفقر البلدان التي كانت في عام 1960 بنسبة 30 إلى 1. اتسعت في عام 1997 لتصبح 74 الى 1.
وقد يكون من المفيد طرح السؤال التالي إلي أي حد يمكن اعتبار العائلة الممتدة الكبيرة المكونة من عدد من الأشخاص البالغين في سن العمل هي النموذج المثالي بدل أن تكون هي الواقع القائم في فلسطين حالياً؟، وللإجابة على السؤال نقول: بأنه رغم اختلاف وتفاوت المعلومات المتوفرة عن الأسرة المعيشية وتكوينها، إلا أن نتائج المسح الذي أجرته دائرة الإحصاء المركزية الفلسطينية سنة 1995 أظهرت أن معدل عدد أفراد الأسرة المعيشية في الضفة الغربية وقطاع غزة يبلغ 7.6 شخص _(7.81 في غزة و 6.7 في الضفة الغربية باستثناء القدس) ويعني هذا إذا ما أخذنا بالاعتبار مشاركة النساء المنخفضة في القوة العاملة أن عبء توفير الدخل في الأسرة المعيشية يقع علي عاتق عدد محدد من البالغين الذكور ( بمعدل اثنين لكل أسرة معيشية في المناطق الثلاث المذكورة ) وربما لا يكونون جميعاً من كاسبي الدخل أصلاً.

وفي ضوء هذه الحقيقة فان الصورة التي تظهر للعيان هي صورة عائلة ممتدة مقلصة تشكل النموذج السائد في الضفة الغربية وقطاع غزة مع وجود نسبة كبيرة من الأسر المعيشية مشكلة من عائلات نووية مما يوحي بأن نظام الضمان الاجتماعي المشار إليه أعلاه قد يكون هشاً بالفعل وليس مقصورا علي الأسر المعيشية التي ترأسها النساء أو الأسر التي لا يوجد فيها عاملون من البالغين ومع ذلك فانه لا يمكن الافتراض بأن الأسر المعيشية هي وحدات اجتماعية – اقتصادية مستقلة ومعزولة بل الأكثر احتمالاً من ذلك هو وجود مقدار كبير من الاعتماد الاجتماعي والاقتصادي المتبادل بين الأسر المعيشية.
رغم ذلك ينبغي ألا يدفعنا التركيز علي الدخل الثاني من الأجور ( الذي يحققه الرجال أساساً بسبب مشاركة النساء المنخفضة في قوة العمل) إلي إغفال مساهمة عمل النساء في معيشة الأسر سواء كان هذا العمل بأجر أو بغير اجر وخاصة في أوساط المجموعات الأكثر حرماناً فقد طورت النساء طرقاً مختلفة وطأة لمواجهة الوضع الاقتصادي ومنها القيام بالإنتاج في البيت ( حيث يتم عادة علي أسس التعاقد من الباطن) وكذلك البيع بالتجول والاعتماد علي الأقرباء وبيع الممتلكات الشخصية (مهورهن أساساً – المصاغ ) كما يمكن رؤية مساهمة النساء في دعم معيشة العائلة في مجال آخر وهو مجال السعي للحصول علي المساعدة من المؤسسات المختلفة التي تقدم الدعم للعائلات المحتاجة الأمر الذي يستهلك جهداً ووقتاً كبيرين.
السياسة الاجتماعية الفلسطينية
إن أهداف أي سياسة اجتماعية يرتبط بالضرورة بفلسفة السلطة الحاكمة في التغيير الاجتماعي، والأنظمة الديمقراطية التي تعتمد العدالة الاجتماعية تسعي لتطبيق الضمان الاجتماعي باعتباره الأساس الأول للمجتمع، ومضمونه تأدية كل مواطن واجبه كاملاً تجاه مجتمعه على أن يكفل للمواطن كامل حقوقه وحرياته وواجباته، فالأسرة هي نواة المجتمع، تكفل السلطة حمايتها ودعمها وترعى فيها الأمومة والطفولة، كما تكفل السلطة جميع أشكال التعاون في الإنتاج والتوزيع والاستهلاك، وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين والمساواة في الحصول على فرص العمل، باعتباره حق لكل مواطن قادر عليه، وتكفل السلطة أيضا توفير أوسع الضمانات الاجتماعية للمواطنين في حالات الاستشهاد والإصابة والمرض والشيخوخة.. إذا كان تنظيم الإنتاج المادي والمعنوي يلقى على كاهل الأفراد والجماعات القادرين على العمل مهام محدودة، فان المجتمع الممثل بالسلطة ملزم هو الآخر بالمقابل بالرعاية الكريمة، في مقدمتهم الأسر ذات الدخل المنخفض ومعدومة الدخل والأطفال والمعوقين بدنياً وعقلياً ونفسياً، ومساعدتهم في مواكبة المسيرة والاندماج فيها عن طريق تأهيلهم وزجهم في العملية الإنتاجية واستثمار ما لديهم من طاقات..لقد جاء هذا التشريع ليغطي شرائح هي بأمس الحاجة إلى الرعاية، بل إن شمولها يعطي المسيرة مزيداً من النجاح، ويرفع من مكانتها.
إن الرعاية الاجتماعية هي جزء من مكونات المجتمع ومبدأ أساسي من مبادئ أي دولة.. لقد استند قانون الرعاية الاجتماعية في أحكامه إلى مبادئ أساسية تعكس وضوح الرؤية في مجال الرعاية الاجتماعية، والتي يمكن إجمالها كما يلي:
شمولية الرعاية الاجتماعية لكل فئات وطبقات المجتمع المشمولة بأحكامه والتدرج في تطبيقه بوتائر متصاعدة، رعاية الأسرة باعتبارها نواة المجتمع، والاهتمام بالطفولة لأن ثروتنا القومية البشرية تبدأ بالطفل، جعل إشراك المشمولين بمساعدة مادية، والرعاية في العمل هدفاً أساسيا في أهداف هذا القانون ما دام قادراً عليه، ولو بصورة جزئية، لأن إسهامه في العمل الاجتماعي يعيد إليه إنسانيته، ويرفع مكانته في محيطه، ويجعل منه عضواً نافعاً في المجتمع.
ولتحقيق كل ما تقدم يجب إتباع سياسية اجتماعية واضحة لرعاية وتعليم وتأهيل فئات المجتمع الأكثر تضرراً ومنها المعوقين والمسنين والمقعدين وتقديم الخدمات الاجتماعية والثقافية والطبية والعلاجية والخدمات المهنية والتوجيهية والتدريبية وتزويدهم بالخبرات التأهيلية الكافية مما يكفل تكيفهم مع أدوارهم، ووضع القواعد المنظمة لسير العمل وكذلك إجراء الدارسات والمقارنات وإعداد الإحصائيات عن هؤلاء.
إن الرعاية الاجتماعية هي الوسيلة الأساسية في تحقيق التكافل والتضامن الاجتماعي في المجتمع الفلسطيني، وبالتالي فإنها موجهة نحو تخفيف الأعباء الحياتية والمعاشية عن كاهل المواطنين الأكثر حاجة إليها بما يجنبهم حالات العوز وسوء الأحوال ويساعدهم على إيجاد فرص أفضل للحياة، والعمل انسجاماً مع مستوى التطور والحركة العامة في المجتمع، فان الهدف الأول هو التكافل والضمان الاجتماعي في المجتمع.
وفي فلسطين تشكل وزارة الشؤون الاجتماعية مع بعض الوزارات الأخرى والمنظمات الأهلية الخيرية واحدة من المؤسسات التي اكتسبت المفاهيم والرؤية، حيث أصبحت برامجها وخططها تحتل أولوية في إطار معالجة مواجهة الاحتلال العنصري بالمقاومة، وما يرافق هذا الاحتلال من القتل والتدمير والحصار وما صاحبها من تحولات اجتماعية إيجابية وسلبية، وما يصاحبها من توفير المقومات الإدارية الأساسية السياسية والاجتماعية والاعتماد الجماعي على الذات، وتعميق الوعي الاجتماعي الإنساني في الجوانب المادية والروحية والمعنوية في الصمود على أرض الوطن، ومحاولة خلق وتحقيق التنمية مع المؤسسات العاملة في هذا المجال كافة، والتي تضمن الصمود. وتجدر الإشارة إلى قانون الرعاية الاجتماعية الذي أقرة المجلس التشريعي باعتباره المنظم الأساسي للنشاطات المختلفة في المجتمع، انطلاقاً من المسؤولية التي كفلتها السلطة ضمن أبواب هذا القانون عن التنمية في جوانبها الاقتصادية والاجتماعية، الا انه غاب عن القانون النص علي حماية العاطلين عن العمل من البطالة والفقر. ومع ذلك تبقي الخدمات المقدمة في مجال الحماية الاجتماعية للمواطنين بفلسطين شحيحة مقارنة مع الحاجات المتزايدة لها وكبر حجم الشريحة الاجتماعية التي تحتاج إلي حماية حيث تبلغ نسبة الفقر في فلسطين قرابة 70% لذا يحتاج هذا الملف إلي جهد السلطة ومؤسسات المجتمع ويحتاج إلي تفعيل شبكة الاتصالات والتمويل من اجل تلبية هذه الاحتياجات المتزايدة بما يساهم في تعزيز الصمود والسلم الأهلي في فلسطين .
لذا يجب علي السياسية الاجتماعية أن تصل إلى حلول تهدف إلى رأب الصدع بين الموارد والحاجات، نتيجة جريمة الاحتلال والحصار الاقتصادي الجائر، وذلك من خلال:
ـ توسيع قاعدة الشمول بمساعدة ورعاية الأسرة معدومة الدخل، والتي لا تملك دخلاً مستمراً خاصاً بها يعينها على العيش، تشمل المعاقين وأسر الشهداء والجرحى والمسنين والطفولة والمرأة والعمال . الخ ، تعزيز لجان الدعم المالي والعيني للفقراء ، وغير ذلك، توفير الاحتياجات الأساسية من خلال اعتماد بطاقة تموينية ممنوحة، إذا أمكن، التي تضم ما تحتاجه الأسرة، زيادة فرص العمل المنتج، عن طريق تسهيلات منح القروض وبدون فوائد، كمشاريع التأهيل والمشاريع الصغيرة وبرامج مكافحة الفقر، رفع مستوى تأهيل القوى العاملة، لتصبح أكثر إنتاجاً وأكثر مقدرة على الاستجابة لمتطلبات العمل، وذلك من خلال التدريب والتأهيل المهني، وبرامج شاملة ومنسقة لصقل قدرات الشباب لإعدادهم لأعمال مدرة للدخل وتزويدهم بالإرشاد والخبرة العملية، كإدراج التدريب والتأهيل المهني ضمن إجراءات تمكين محدودي الدخل والقضاء على البطالة ورفع مستوى القدرات على زيادة مواردهم.
ـ استحداث آليات وطنية لتعزيز قدرات المرأة في مواجهة جريمة الاحتلال والحصار مثل اللجان الوطنية للنهوض بالمرأة الفلسطينية، وتعميق رعاية الأسرة والمرأة، من خلال تنمية وتأكيد دورها في حركة المجتمع وتوظيف قدراتها في تحقيق أهدافها، وتوظيف الحوافز المادية والاجتماعية في مجال تنمية الأسرة والمرأة. وتوفير الخدمات التي تدعم الأسرة وتساعدها على رفع مستوى مساهمتها في ميادين العمل وإتاحة الفرص لتتبوأ مكانتها فيها، وتوفير الضمانات المادية في الحياة الكريمة للأسرة من خلال الرعاية الاجتماعية، وتوفير المستلزمات الاجتماعية والاقتصادية والقانونية، التي ساعدت وتساعد المرأة على الخروج إلى العمل، في مجال التشريعات الاقتصادية وتشريعات العمل كقانون العمل ومشروع قانون الضمان الاجتماعي وقانون الأحوال الشخصية وما تضمنت هذه التشريعات من حماية حقوق المرأة العاملة ومساواتها بالرجل العامل في الأجور، وتوفير فرص العمل والتأهيل والضمانات الاجتماعية، إضافة إلى إجازات الحمل والأمومة ، الشمول بمظلة التأمينات الاجتماعية والرعاية الاجتماعية إلى جانب التشريعات الأخرى وفي مقدمتها مشروع قانون الضمان الاجتماعي للعمال، توفير الموارد من خلال تدابير المجتمع المحلي وذلك بتقديم المنح الصغيرة وتقديم خدمات الدعم الاجتماعي، للموارد المنتجة الأسرية منها، تعزيز وتدعيم بناء القدرة المؤسسية على التنسيق بين الوزارات والتعاون بين المؤسسات الاجتماعية المدنية وزيادة العمالة المنتجة وتعزيز التكافل الاجتماعي، خلق وعي عام عربياً ودولياً بإشباع الاحتياجات الإنسانية الأساسية، عنصر أساسي للحد من العوز، وهذه الاحتياجات مترابطة ترابطاً وثيقاً وتشمل (التغذية، الصحة، المياه والصرف الصحي، التعليم، البطالة، الإسكان، المشاركات في الحياة الثقافية والاجتماعية)، تشجيع وتعزيز المشاريع والأعمال التجارية الصغيرة الجديدة والمشاريع التعاونية،تعزيز سبل الرزق المستديمة عن طريق توفير أو زيادة إمكانية الحصول على القروض الميسرة وغيرها من خدمات المساعدة على إيجاد عمل، ونجاحه للنساء والشباب والعاطلين عن العمل، الاهتمام بالطفولة باعتبار الطفل أساس المجتمع السليم..
العاملين في مجال الحماية الاجتماعية
يمنحون الأمل لمن هم في وضعية صعبة، ذلك هو دور الفاعلين والمرشدين الاجتماعيين الذي يتمثل بالأساس في التدخل لوضع حد لمعاناة اجتماعية أو نفسية مهما اختلفت المهام فإن الهدف يبقى واحدا: وهو تقديم المساندة والمساعدة للأشخاص الذين يعانون من أوضاع صعبة، الأمر الذي يجعل دورهم يتزايد أهمية في ظل التغيرات التي تعرفها الأسرة والمجتمع ،والتي أدت إلى بروز ظواهر اجتماعية ونفسية تتطلب اتساع مجال المساندة والحماية الاجتماعية في فلسطين والعالم.
وأمام تزايد حاجة المجتمع إلى خدمات الحماية الاجتماعية, يلاحظ أن هذه المهنة تتخبط في العديد من المشاكل لعل من أبرزها انعدام نص قانوني ينظمها ويوفر حماية قانونية للمساعدة الاجتماعية التي يعرضها عملها في بعض الأحيان للمخاطر ، وما يثير الاستغراب هو الخلط الواقع بين كلمة مساعدة اجتماعية و"أخصائي وباحث ومرشد" لدى عامة الناس، وذلك بحكم أن عمل المساعد الاجتماعي يجعله في بعض الأحيان يقوم بزيارة الى المنازل لتقييم الحالة الاجتماعية لبعض الأشخاص وما يطرح إشكالية حقيقية هو كبر الجهات التي تحتاج لمساعدة وحماية،إذ أن جميع المؤسسات تجد نفسها عاجزة عن تقديم المساعدة بالإضافة إلى حالات أخرى تتعلق بالأشخاص بدون مأوى والنساء اللائي يتعرضن للعنف، وأمام هذه المشاكل والتي تعرقل عمل المرشد الاجتماعي.
وهنا يكتسب موضوع صياغة نص قانوني خاص" يحدد مفهوم الحماية الاجتماعية ويعمل علي تقنين المهنة" ففي عصر تطورت فيه الخدمات الاجتماعية بشكل كبير فإنه من غير المعقول أن تظل الحماية الاجتماعية تعمل بشكل عشوائي ، وحتى يتم ذلك سيظل التساؤل قائما لدى المرشدين الاجتماعيين ،حول الآفاق المستقبلية للمهنة في ضوء تزايد الحالات التي تحتاج إلي دعم ومساندة نفسية واجتماعية، وبالرغم من الدور البارز والخدمات النبيلة التي يقوم بها المرشدين لاجتماعيين، فإن غياب قانون منظم لمهنة الإرشاد والمساعدة الاجتماعية وعدم توفرها على اختصاص المرشد وحدود تدخلة ودوره في متابعة الحالات أدى إلى تقليص دورهم والحد من فعالية خدماتهم، هذا في الوقت التي تنص فيه القوانين الدولية على مجالات واسعة لتدخل المرشد والمساعدة الاجتماعية ولاسيما في ما يتعلق بالفئات الموجودة في وضعية صعبة غير أن هذه النصوص لم يتم تفعيلها في الواقع المحلي.

وتؤكد بعض النصوص القانونية على الحماية الاجتماعية في قانون العمل والتأمينات الاجتماعية وقانون رعاية الطفل الفلسطيني والذي يتضمن أيضا فصولا تنص على حماية الأطفال ضحايا الجنايات والجنح والأطفال الموجودين في وضعية صعبة
وتابع "بحكم عملنا في مجال العمل الحقوقي والاجتماعي في الهيئة المستقلة لحقوق المواطن مؤسسات أهلية أخري، فإن الطفل علي سبيل المثال : غير قادر على الدفاع عن نفسه ولا يمكنه التبليغ عن الجريمة لأنه في بعض الأحيان لا يدرك أن الأمر يتعلق بجريمة عندما يتعرض لاعتداء جنسي أو لسوء المعاملة أو سوء التغذية وفي هذه الحالات لا يمكن معرفة ذلك لأن معظم هذه الجرائم تقع داخل البيت أو من طرف بعض الأقارب "للكشف عن هذه الجرائم لابد للمرشد من صفة لدخول المنازل وتحرير تقارير ومحاضر وتبليغها لبعض الجهات لتكتسب قيمة قانونية.
تتعدد المشاكل والصعوبات التي يواجهها العاملين الاجتماعين بتعدد المهام الأساسية والخدمات النبيلة التي يقومون بها بما فيها مشاكل نتج عدم استقلالية المهنة وتشتت الجهود ونقص التأهيل والإمكانيات وغياب التحفيز الخ ،غير أن التغلب على كل هذه المشاكل يبقى رهنا بإعداد نص قانوني صريح من حيث تحديد اختصاصات العاملين في المجال الاجتماعي ومهامهم وصلاحياتهم والتدريب الخ واقل ما يمكن أن يقدم لتطوير واقع المهن الاجتماعية والعاملين فيها هو الحماية القانونية والاعتراف بدور المهنة وأهميتها ودور العاملين فيها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة