الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاية إبن الفرطوس المصرى

أيمن غالى

2018 / 4 / 14
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


إبن الفرطوس كلمة تُطلق على من إتسم بالحيطة و الحذر و المكر و خاصة فى صعيد مصر .. إيه بقى حكاية إبن الفرطوس دى ؟
حسب النظام الذى كان معمولاً به فى جمع الجزية من أقباط مصر؛ كان يتم إستدعاء كبار القِبط, و فرض قيمة الجزية العامة عليهم, و يتم تقسيمها عليهم لدفعها نيابة عن ذويهم أو شريحة من الشعب القبطى, و عليهم بدورهم جمعها منهم أو دفعها عنهم أو تروح عليهم, و فى الغالب إنها كانت بتروح عليهم لفقر العامة الشديد حينها ..
و فى سنة 1813 فرض محمد على مبلغ 15000 كيس** من السكوينات على الأقباط العاملين فى المجال المالى " 18000 جنيه إسترلينى " و قام بتقسيم المبلغ عليهم و كان من نصيب أحدهم - المعلم فلتوس* - 1200 كيس؛ و لكنه إدعى الفقر, و عدم قدرته على دفع سوى 200 كيس بعد مفاوضات كثيرة, فأمر محمد على بجلده حتى يدفع و بعد جلده 500 جلدة و وسط قسمه بعدم قدرته للدفع و إشرافه على الموت؛ وافق محمد على على العفو عنه و قبول الـ 200 كيس, و لكن إبنه إبراهيم باشا أقنع أبوه بإستكمال جلده لأنه غير مصدقاً لفقره؛ و بعد زيادة الجلدات إلى 800 وافق فلتوس على دفع المبلغ, و بعدها ذهب مندوبى محمد على و عُمال إلى بيت فلتوس و الذى نزل بهم إلى مرحاض ( كنيف ), و كان يخفى أمواله فى صندوقين من الحديد داخل حفرة - مسدودة بحجر كبير - على شكل ممر يحوى كوة مقنطرة كان بهم 2000 كيس, أخذوا ما تم فرضه عليه و تركوا له الباقى, و بعدها بـ 3 أشهر مات فلتوس حزنا على ماله لا بسبب الـ 800 جلدة ..
و بعد وفاة فلتوس ذهب رجال الباشا للتنقيب عن باقى أمواله لنهبها؛ فلم يعثروا عليها فى مكانها؛ فقد أخفاها ثانية فلتوس و هو يحتضر فى مكان لم يعلمه أحد ..
و كان الإبداع فى وسائل إخفاء الأموال من الحكام هو المعتاد و المتبع من ذوى الأموال من التجار و الصيارفة؛ حتى لا يسطوا عليها كما كان متبعاً من العامة أو من القائمين على الحكم فى أن يخفى صاحب المال أمواله و أن يتظاهر بالفقر فى ملبسه و مسكنه البسيط ..
و ورث نفس الطريقة يهود مصر - و التى ورثوها عن أجدادهم لأنهم كانوا تحت نفس النير الذى كان للأقباط لتطبيق نظام أهل الذمة عليهم - حتى لا يثيروا حسد الناس و لا اللصوص لسرقتهم ..
و من عصر فلتوس و الذى تحرف إسمه إلى فرطوس, و تم إطلاق لقب إبن الفرطوس على كل من إتسم بالمكر و الحذر و الحيطة الشديدة ..
و كل ما تسيمعوا كلمة إبن الفرطوس إبقوا إفتكروا الراجل إللى مات بحسرته على شقى و تحويشة عمره ..

- بتصرف عن كتاب " المجتمع المصرى تحت الحكم العثمانى " ميكل ونتر, ترجمة إبراهيم محمد إبراهيم, إصدار الهيئة المصرية العامة للكتاب 2001, ص15, 16
- حسب إحصائية عدد الأقباط كما أوردها إدوارد وليم لين فى كتابه " عادات المصريين المحدثين و شمائلهم " سنة 1835, كانوا 150 ألف, و لن يختلف العدد كثيرا عنه فى سنة 1813 و هذا لتقريب قيمة الجزية المفروضه على الأقباط حينها
* فَلتُوس هو إسم مشتق من الإسم اليونانى فَلتَاؤس و منها أيضا فَلتَس
** كيس السكوينات بيساوى 5 جنيه مصرى حسب تقدير الأمير عمر طوسون فى كتابه مالية مصر فى سنة 1921م, و احنا عارفين إن الجنيه الدهب ( 5240 جنيهاً حالياً ) كان بيساوى 96 قرش مصرى .. يعنى الكيس كان بيساوى حوالى 26200 ج مصرى تقريباً بسعر النهاردة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعرف على تفاصيل كمين جباليا الذي أعلنت القسام فيه عن قتل وأس


.. قراءة عسكرية.. منظمة إسرائيلية تكشف عن أن عدد جرحى الاحتلال




.. المتحدث العسكري باسم أنصار الله: العمليات حققت أهدافها وكانت


.. ماذا تعرف عن طائرة -هرميس 900- التي أعلن حزب الله إسقاطها




.. استهداف قوات الاحتلال بعبوة ناسفة محلية الصنع في مخيم بلاطة