الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زال الطغاة وبقى الشعب الكوردي

منذر الفضل

2006 / 3 / 14
القضية الكردية


صبيحة يوم السادس من اذار 2006 , نهضت مبكرا على صوت وصول عامل الفندق وهو يرمي من تحت باب غرفتي صحيفة خه بات باللغة الكوردية حيث احرص على رؤية كل المواضيع المكتوبة لا بل احيانا أسأل الاصدقاء عن معاني الكلمات اذا لم افهم معانيها ويصححون لي النطق بها , وعلى الرغم من عدم قدرتي قراءة اللغة الكوردية جيدا الا ان الفضول يدفعني الى زيارة مواقع الانتريت وبعض الصحف الكوردية ومنها خه بات . وليوم السادس من اذار او نوروز من كل عام معاني ودلالات كبيرة اتذكرها جيدا , لا بل صار شهر نوروز او مارس شهرا حافلا بالتواريخ التي لا يمكن ان تنسى من ذاكرة الشعب الكوردي .
وقد اقترن اسم الكورد مع شهر نوروز او شهر اذار من كل عام حيث تضمن هذا الشهر العديد من المناسبات المفرحة والمؤلمة للشعب الكوردي , ففي هذا الشهر تعرض الكورد خلاله الى ابشع صنوف الجرائم والابادة وهو شهر تضمن مناسبات مفرحة واعيادا مايزال يتذكرها ويحيها الكورد متجاوزين جروحهم منادين بالسلام و ينشدون بالتسامح من موقع القوة . ففي نوروز ( اذار ) حصلت جريمة حلبجة التي راح ضحيتها اكثر من 5000 مدني قتلوا بالسلاح الكيماوي والغازات السامة في 16 اذار من عام 1988 وفي 14 نوروز 1903 ولد القائد العظيم البارزاني في قرية بارزان وفي 1 اذار 1979 توقف قلب البارزاني في المنفى وفي 11 اذار من عام 1970 ولدت اتفاقية اذار ثم تخلى عنها نظام نظام البعث وصدام وتنصل من بنودها ناكثا العهود وفي 6 اذار عام 1975 وقع صدام وشاه ايران اتفاقية الجزائر التي فرط بموجبها صدام بنصف شط العرب لقاء تخلي شاه ايران عن دعم الثورة الكردية وفي 1 اذار عام 1991 انطلقت شرارة الانتفاضة الباسلة في كردستان ضد حكم الطاغية وتحررت كردستان من الحكم العنصري الصدامي.
أعود الى صحيفة خه بات التي اطلعت عليها صبيحة يوم السادس من أذار حيث شاهدت صورا ثلاث أوحت لي بكتابة هذه السطور وفي اختيار العنوان , تضمنت الصفحة رقم 11 صورة للطاغية المجرم صدام الذي شن الحروب الداخلية ضد الكورد وضد الشيعة وشن الحروب الاقليمية ومنها الحرب ضد ايران والتي دامت 8 سنوات وكذلك العدوان على دولة الكويت وما تبع ذلك من تداعيات لحروب قائد الفكر النازي العربي والايديولوجية المتخلفة , والى جانبه صورة شاه ايران وهواري بومدين اعداء الكورد والانسانية .
لقد تذكرت تضحيات الشعب الكوردي العظيمة وامكانات هذا الشعب المعروف بنضاله وطاقاته ومقاومته ضد اشرس نظام عرفته البشرية منذ سقوط النازية في الحرب العالمية الثانية عام 1945 حيث ان قانون الحياة يقرر زوال الطغاة الى مزابل التاريخ وبقاء الشعوب حية لن تزول عن وجه الارض ومن هذه الشعوب الحية الكورد الذين أستقروا على ارضهم منذ الاف السنين وهم يعيشون الان بشموخ بفضل تضحيات البشمركة الابطال والشعب الكوردي الذي لن يسجد لطاغية او جلاد , هذا الشعب الذي انجب قادة للعراق ولكوردستان صنعوا الحرية ومنهم البارزاني الخالد الذي كان ومايزال مدرسة في الشجاعة والبطولة والاخلاق الرفيعة .
ولا ادري لما تذكرت كلمات الدكتور محمد عبد اللة الدوري عميد كلية القانون بجامعة بغداد سابقا والذي شغل منصب ممثل العراق الدائم في جنيف ومن ثم في نيويورك حتى سقوط النظام في 9 نيسان 2003 , ففي صبيحة يوم 17 نوروز من عام 1988كنت عائدا من محاضرتي والتقيت بالمذكور في ساحة الكلية وسمعته يقول ( أجمعوا المال للاكراد من حلبجة ..! شوية بودرة بيضاء رشينه عليهم ..!) ولم أفهم المقصود وهل مزاج الدوري اليوم رائقا الى الحد الذي يطلق النكته وهو الذي يقتنص زله اللسان من الاساتذة او الطلبة ليخبر الاجهزة الامنية عنها حتى يثبت انه خادم مطيع لهؤلاء القتله ؟
دار السؤال في ذهني ولم افهم المقصود حتى انفردت بأحد الطلبة من السيلمانية ممن يزودونني بأخبار معارك البشمركة مع نظام الطاغية المجرم وكان في وضع يرثى له وعرفت ان شيئا ما غير طبيعي قد حصل للكورد وناديته الى غرفتي وطلبت منه ان يخبرني مالذي حصل ؟ وقد أجابني والعبرات تنهمر منه ان البعث ضرب مدبنة حلبجة الشهيدة بالسلاح الكيماوي وان عشرات الطلبة من اصدقاءه لا يعرف مصيرهم ولا يدري كيف يتصرف , وكان الذهول يلفني بين مصدق او غير مصدق لما يجري ,
نعم , نؤمن بزوال الطغاة الى مزابل التاريخ وببقاء الشعوب الحية تعيش حرة , أبية , مرفوعة الرأس بفضل تضحياتها ومقاومتها ضد الجلادين فالشعوب لا تهزم أبدا ..
تحية للشعب الكوردي في يوم لن ينسى من ذاكرته حين اتفق الطاغية صدام في الجزائر وبرعاية هواري بومدين وبفكرة من هنري كيسنجر لتوقيع اتفاقية الجزائر المشؤومة والتي تنازل فيها صدام عن نصف شط العرب لقاء وقف شاه ايران دعم الثورة الكوردية متوهمين ان بهذا الاتفاق سيقضون على الحركة التحررية الكوردية .
الكورد اليوم اقوى من أي وقت مضى , اذ لولاهم ما كان هناك اي تحرير للعراق ولا كانت هناك عملية سياسة ناجحة ولا دستور للدولة العراقية ولا مؤسسات دولة العراق , والقادة الكورد صاروا يلعبون دورا فاعلا مؤثرا لصنع مستقبل فجر جديد اما الطغاة فهم الى مزابل التاريخ ولم تتمكن حملات الابادة للكورد من الانفال واستعمال السلاح الكيماوي والاختفاء القسري وسياسة الارض المحروقة ان تزيل الشعب الكوردي العظيم من الوجود بل صار أقوى من أي وقت مضى .
وفي الختام أقول كمواطن عراقي – عربي ان الواجب الاخلاقي والانساني يوجب علينا الاعتذار من الشعب الكوردي عن جرائم بعض العرب من ذوي الفكر العنصري الذي ارتكبوا جرائم خطيرة وعمدية ضد الكورد في حلبجة والانفال وقلعة دزة وضد الكورد الفيلية حيث كان ينبغي ان نفعل المستحيل للحيلولة بين النازية العربية وجرائمها ضد الشعب الكوردي وان لا نسكت عليها مطلقها مهما كانت قوة الاجهزة القمعية وأيا كان الخوف الذي ينشره بين العراقيين في داخل العراق و لهذا فانني انحني اجلالا لتضحيات الكورد ولشهدائهم وللبيشمركة الابطال , تلك النسور الجبلية الشجاعة , وان كل ما جرى ضد الكورد من جرائم وويلات لن تخرب مطلقا الاخوة العربية – الكوردية فهم شركاء في الوطن والتاريخ والدين والجغرافية والمصير الواحد وبعقولهم وحكمة الخيرين من ابناء بلاد الرافدين ستبنى الديمقراطية وتؤسس دولة القانون وتغرد الطيور اناشيد الحرية في عراق يقوده الكورد والعرب وكل القوميات الاخرى ومن مختلف الديانات والاطياف السياسية بروح التسامح والمحبة القائمة على احترام الاخر والاعتراف به ونبذ ثقافة الكراهية ونشر ثقافة حقوق الانسان في ظل المجتمع المدني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين