الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فائدة قراءة كتب التراث العربى/ الإسلامى

طلعت رضوان

2018 / 4 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



أعتقد أنّ قراءة كتب التراث العربى/ الإسلامى فى غاية الأهمية لأى باحث يجعل الحقيقة قبلته الأولى، خاصة إذا كان مؤلفو تلك الكتب التراثية من المؤمنين برسالة الإسلام ومُـدافعين عنها، وبالتالى لايجوزالطعن على ما كتبوه نقلا عن آخرين كانوا قريبين من الأحداث، مثل ابن عبدالحكم القرشى..إلخ، سواء فيما يتعلق بأسباب نزول القرآن أوما يتعلق بسيرة نبى الإسلام..ومن بين الكتب المهمة كتاب (أسد الغابة فى معرفة الصحابة- تأليف عزالدين ابن الأثير- عشرة أجزاء- دارالتعاون- الشعب- عام1970)
وعلى سبيل المثال ذكرفى حديثه عن نبى الإسلام، أنه أصدرالأوامرلأتباعه بقتل خصومه ومن بينهم (الأسود بن أبيض) الذى أرسل النبى ستة أشخاص (ذكرابن الأثيرأسماءهم) لقتله ولما رجعوا وأخبروا النبى بتمام المهمة قال: ((ناولونى السيف الذى قتله..هذا طعامه فى ذباب السيف)) (المجلد الأول- ص98) وذكرأنّ أتباع النبى استأذنوه فى قتل أبى رافع اليهودى فأذن لهم..وأنّ النبى عندما حاصرخيبرفإنه أمـّـرعليـًـا لقتالهم.. فبرز رجل من (مذحج من خيبر) فقتله الأسود بن خزاعى وأخذ سلبه (ص101) وذكرأنّ (أسيد بن أبى أناس) كان يقرض الشعرفأهدرالنبى دمه. نقلا عن ابن عباس (ص108) وقال وفد من خزاعة للنبى أنّ (أنس بن زنيم الديلى) يهجوك يا رسول الله فأهدردمه (ص147) وأنّ النبى قتل رجلا (أعرس بامرأة أبيه) وخمّـس ماله (ص182) وأنّ (الحارث بن سويد بن الصامت) ارتد عن الإسلام فقتله النبى (ص397)
وبينما وصف المأثورالإسلامى الفترة السابقة على الإسلام ب (الجاهلية) فإنّ كتب التراث العربى/ الإسلامى جاء بها أنّ الكثيرمن تشريعات الإسلام كانت موجودة فى العصرالسابق على الإسلام..ومن بينها تحريم الربا والزنا.. ((وأنّ أهل الجاهلية كانوا يعلمون شرع إبراهيم عليه السلام)) (ص24) وأنّ من أسماء العرب الشائعة قبل الإسلام اسم (تيم اللات وقيل تيم الله بن ثعلبة بن الخزرج الأكبر الأنصارى (ص61)
وذكرابن الأثيرأمثلة عديدة أكد فيها أنّ الكثيرمن آيات القرآن، كانت بسبب وقائع حدثت..مما يعنى أنّ تلك الآيات كانت لاحقة للحدث، وليست سابقة عليه، أى أنّ القرآن يرد على أحداث واقعية، ومن بينها آية ((يا أيها الذين آمنوا لاتتخذوا عدوى وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة)) (الممتحنة/1) وسبب نزولها أنّ الرسول علم بوجود رسالة تـُـخبركفارمكة بقرب وصول النبى ومن معه من المهاجرين الذين لهم قرابات وأهلهم وأموالهم بمكة..وأنه لما أراد النبى أنْ يغزومكة عام الفتح دعا الله أنْ يعمى الأخبارعن قريش..إلخ)) (ص432) وذكرأسماء من كتبوا الوحى وكان من بينهم (عبدالله بن سعد بن أبى سرح) الذى ارتد عن الإسلام ورجع إلى مكة فنزل فيه ((ومن أظلم ممن افترى على الله كذبـًـا أوقال أوحى إلىّ ولم يوح إليه شىء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله..إلخ)) (الأنعام/93) وروى سعيد بن جبيروعكرمة عن ابن عباس أنه قال: لما أسلم عبدالله بن سلام وثعلبة بن أسيد وأسد بن عبيد ومن أسلم معهم من اليهود، فآمنوا وصدقوا ورغبوا فيه..لكن أحباراليهود والكفارقالوا: ما آمن بمحمد ولا اتبعه إلاّشرارنا..فأنزل الله ((ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة)) (آل عمران/113) وهذا تأكيد جديد على أنّ القرآن كان يــُـلاحق الأحداث وليس العكس.
والأشعث بن قيس كان قد ارتد عن الإسلام..وعاد إليه بعد أنْ قال لأبى بكر: استبقنى لحربك وزوجنى أختك..فأطلقه أبوبكروزوجه أخته..وهذا الأشعث روى الكثيرمن أحاديث النبى..وقال عنه جريربن عبدالله البجلى: إنّ هذا لم يرتد عن الإسلام وإنْ ارتددتُ..فأنزل الله فيه ((إنّ الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنـًـا قليلا أولئك لاخلاق لهم فى الآخرة ولايكلمهم الله ولاينظرإليهم يوم القيامة ولايزكيهم)) (آل عمران/77) وهذه الآية لاتؤكد أنّ القرآن كان يـُـلاحق الواقع (فقط) وإنما هى- أيضـًـا- تــُـثيرسؤالاغاية فى الأهمية هو: هل الأخلاق مطلوبة فى الآخرة؟ أليست الآخرة- وفق المنظورالإسلامى- نهاية مطاف البشربعد حسابهم وتقريرمصيرمن سيدخل الجنة ومن سيدخل النار؟ والسؤال الثانى: ما مغزى ما جاء فى الآية ((ولايكلمهم الله ولاينظرإليهم يوم القيامة ولايـُـزكيهم))؟ فهل الله يتكلم بلغة البشر؟ ولماذا يتكلم معهم أصلا خاصة وأنّ ختام الآية ((ولهم عذاب أليم)) وما مغزى قوله ((ولايـُـزكيهم))؟ أليست (التزكية) تكون من شخص إلى شخص أعلى منه مرتبة؟ وأليس الله هوالأعلى؟ وهل تناول الفقه الإسلامى أومن يـُـطلقون على أنفسهم- فى العصرالحديث- لقب (مُـفكرإسلامى) هذه الأسئلة؟
وعن ملاحقة القرآن للواقع، حدث أنّ وفدًا من (بنى تميم) جاء لمقابلة النبى، ولكنهم نادوا عليه بأسلوب غيرمهذب فأنزل الله فيهم ((إنّ الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لايعقلون)) (الحجرات/4) وأنّ (أوس بن ثابت) شهد غزوة بدر، وقـُـتل فى غزوة أحد ولم يكن له أبناء..وفيه وفى امرأته أنزل الله ((للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب)) (النساء/7) وهذه الآية ليست ملاحقة للواقع وتابعة له (فقط) وإنما هى كاشفة عن شىء أهم وأخطر: أى أنّ هذا المجتمع البدوى/ الرعوى كان ينتظر(الوحى) للإجابة عن البديهات مثل حق الزوجة بعد وفاة زوجها..ومثل (الحيض) إلخ.
وعن متابعة القرآن للواقع فإنّ (أوس بن خزام) أحد الستة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك..فربط خزام نفسه إلى سارية فى مسجد الرسول..فأنزل الله فيه وفى أصحابه ((وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحـًـا وآخرسيــًـئا)) (التوبة/ 102) ونزل قرآن فى عدوالله (شاس بن قيس) لأنه كان ((عظيم الكفرشديد الظعن على المسلمين)) فنزلتْ آية ((قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله..إلخ)) (آل عمران/98، 99)
جاء ثعلبة بن حاطب الأنصارى إلى رسول الله وقال: يا رسول الله ادع الله أنْ يرزقنى مالا..فقال رسول الله: اللهم ارزق ثعلبة مالا..ولكن عندما أرسل النبى أتباعه لأخذ الصدقة..فإن ثعلبة قال لمن أرسلهم الرسول: ما الصدقة إلاجزية.. الصدقة أخت الجزية..فقالوا له: ويحك يا ثعلبة..هذا كتاب رسول الله. ولكنه ظلّ يـُـردّد: الصدقة أخت الجزية..ولما أخبروا النبى بما حصل أنزل الله ((ومنهم من عاهد الله لئن أتانا من فضله..إلى ((وبما كانوا يكذبون)) (التوبة: من75- 77) وقال رجل من أقارب ثعلبة: ويحك يا ثعلبة..لقد أنزل الله فيك كذا وكذا..فذهب ثعلبة وقابل النبى وطلب منه أنْ يقبل صدقته..فقال له النبى: إنّ الله تبارك وتعالى منعنى أنْ أقبل منك صدقتك..فوضع ثعلبة التراب على رأسه ووجهه..فقال النبى: هذا عملك.. لقد أمرتك فلم تــُـطعنى)) (ابن الأثير- مصدرسابق- ص284)
ويوجد شخص آخراسمه (ثعلبة بن سعية) وعن فلان عن فلان عن ابن عباس قال: لما أسلم عبدالله بن سلام وثعلبة بن سعية وغيرهما من اليهود.. فآمنوا وصدقوا ورغبوا فى الإسلام..ولكن أحباراليهود وأهل الكفرقالوا: والله ما آمن بمحمد ولا اتبعه إلا أشرارنا ولوكانوا من أخيارنا ما تركوا دين آبائنا وذهبوا إلى غيره..فأنزل الله ((ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة..إلخ)) (آل عمران/113، 114)
وأنّ آية ((يسألونك عن الأهلة)) (البقرة/189) نزلتْ فى ابن جبل وثعلبة بن عتمة وهما من الأنصارقالا: يا رسول الله ما بال الهلال يبدو رقيقــًـا ثم يزيد حتى يعظم ويستوى ويستديرثم لايزال ينقص حتى يعود كما كان فنزلت الآية.
وعن الذين ارتدوا عن الإسلام ثم عادوا إليه مثل (سويد بن الصامت) أنزل الله فيهم ((إلاّ الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا)) (آل عمران/ 89) وقال البعض عن (جميل بن معمر) أنه لم يكن له عقب (= أبناء) والعقب لأخيه الحارث..وكان لايكتم ما استودعه أحد من سر..وخبره مع عمربن الخطاب مشهور..وكان يـُـسمى (ذا القلبيْن) وفيه أنزل الله ((ما جعل الله لرجل من قلبيْن فى جوفه)) (الأحزاب/4)
ونزلتْ آية (ومن يخرج من بيته مهاجرًا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت..إلخ) (النساء/100) وعن فلان عن فلان عن ابن عباس قال: كان جندب بن زهيرإذا صلى أوصام (تذكرالخيرمن وراء ذلك) فزاد (فى تعبده) فأنزل الله فيه ((فمن كان يرجولقاء ربه فليعمل عملا صالحـًـا ولايـُـشرك بعبادة ربه أحدًا)) (الكهف/110) ومع ملاحظة أنّ كلمة (يرجو) مكتوبة فى المصحف بالألف بعد الواو(يرجوا)
وكان الحارث بن زيد يؤذى المسلمين بمكة..فلما هاجرأصحاب النبى أسلم الحارث..ولم يعلموا بإسلامه..ثم أقبل مهاجرًا..حتى لقيه (عياش بن أبى ربيعة) فقتله لأنه ظن أنه لايزال على شركه..فأنزل الله ((وما كان لمؤمن أنْ يقتل مؤمنــًـا إلاّ خطأ..إلخ)) (النساء/92) وهذه الآية تــُـثيرالسؤال التالى: لماذا تطوّع عياش بن أبى ربيعة بقتل الحارث بن زيد؟ فهل نصــّـب نفسه وكيلا عن الله وعن الرسول؟ أم أنه تصرّف تحت تأثيرما حدث من (وجوب قتل المشركين) حتى يفوزبالجنة؟ ومامغزى أنّ المؤمن لايقتل مؤمنـًـا؟ لأنه بمفهوم المخالفة..فإنّ المؤمن من حقه قتل غير المؤمن.
وبعث الرسول الوليد بن عقبة بن معيط لجمع الزكاة..فلما عاد قال للرسول: إنّ الحارث بن ضرارمنعنى الزكاة وأراد ضربى...ولكن الحارث نفى ذلك..فأنزل الله ((يا أيها الذين آمنوا إنْ جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أنْ تصيبوا قومًـا بجهالة)) (الحجرات/من 6- 8) وكان الحارث بن قيس بن عدى من المستهزئين بالإسلام، فأنزل الله فيه ((أفرأيت من اتخذ إلهه هواه)) (الجاثية/23) وسأل الحارث بن يزيد الرسول: يا رسول الله.. الحج فى كل عام؟ فأنزل الله ((ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا)) (آل عمران/97)
الأمثلة كثيرة جدًا وكلها تؤكد على أنّ القرآن كان يـُـتابع ما يحدث على أرض الواقع..وأنّ تلك الآيات كانت استجابة للواقع أو(رد فعل) لأسئلة الواقع..ولم تكن (سابقة للواقع) أى أنه لولا أسئلة الواقع.. لما كانت هذه الآيات.
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اجندات سوء
ابراهيم الثلجي ( 2018 / 4 / 30 - 08:12 )
موضوعك الاطار اهميته توجيه الانتباه الى سلبيات العبث البشري بما يسمى الكتابة والتاريخ
فان لم تكن انت صاحب العقيدة التامة والمكتملة بتكتب ليه؟
اما لطاؤوسية عند ذلك المعتقد بانه يخدم العقيدة او الشرع فيسيء اليه ويفرق الناس بدل ان بعد ان جمعتهم عقيدتهم وربهم
واما لكيد من خارج العقيدة بالتحريف تحت عتوان الكتابة وحرية الاعتقاد
وهذا ما كان خلال البناء العقائدي عند اليهود والنصارى فانهار البنيان العقائدي عندهم في ذاتهم فاصبح من غير المجدي البناء على الاطلال والعقد والصراعات الداخلية
عند المسلمين ليس عبثا كانت الانطلاقة الجديدة عند امة امية لا تقرا ولا تكتب تسمع فتفهم وتسمع وتفهم بضم التاء
واستمرت المسيرة على هذا النمط بانطلاقة بزخم ما انزل على هذه الامة من عقيدة دون توقف او قصور ذاتي بالرغم من الازمات والعوارض والحروب الكبرى مع رافضي العقيدة من الداخل والخارج
والتراجع والتهافت ابتدا مع مجالس الكتابة الايدولوجية لتبدا تصفية الحسابات مع الاسلام من المتضررين منه من الزعامات التقليدية وتجار الممنوعات
ان تكتب بحضرة القران يعني انت عاي ايه
تحديث تجديد تصليح
كلها اجندات سوء هي واقلامها


2 - أستاذ طلعت
عدلي جندي ( 2018 / 4 / 30 - 18:08 )
لمؤاخذة
إذا كانت أمة أمية كما يقول الجهبذ في تعليق
عند المسلمين ليس عبثا كانت الانطلاقة الجديدة عند امة امية لا تقرا ولا تكتب تسمع فتفهم وتسمع وتفهم بضم التاء
يبقي مفيش فايدة
الجاهل الأكبر أملي ما أملي علي كتبة الكتاب
والقطيع من خلف تسمع وتسير متتبعة الصوت
إذا كانت الكتب فيها علوم فالكتاب الديني أصل العلم وإن لم تكن يبقي الحرق
ولا يزال الجهل سيد الأمة
تحية لمجهوداتكً

اخر الافلام

.. المجتمع اليهودي.. سلاح بيد -سوناك- لدعمه بالانتخابات البريطا


.. رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يزور كنيسا يهوديا في لندن




.. -الجنة المفقودة-.. مصري يستكشف دولة ربما تسمع عنها أول مرة


.. وجوه تقارب بين تنظيم الاخوان المسلمين والتنظيم الماسوني يطرح




.. الدوحة.. انعقاد الاجتماع الأممي الثالث للمبعوثين الخاصين الم