الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منزلق نعت المخالفين ب-الخوارج- عن المذهب المالكي

سامر أبوالقاسم

2006 / 3 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اعتماد أسلوب التقديس المذهبي، أينما كان، يعد تجاوزا لكل خطوط الاعتدال المتعارف عليها بين الفقهاء في مختلف الأزمنة، ويدفع أصحابه إلى ردهات الإفراط والغلو، وهو ما قد يجعل أي باحث جاد متخوف من إعادة النظر في أية مسألة، بل ومتخوف من أن يتم نعته وتصنيفه ضمن خانة "الخوارج"، كما بدأ يلوح في أفق هذه العقود الأخيرة، علما بأن الاختلاف يشكل خاصية أساسية بالنسبة للفقهاء، وهو ما ينزع صبغة القداسة عن آرائهم وعن مواقف كل المجتهدين المتقدمين منهم والمتأخرين.

أشد ما نتخوف من الوصول إليه، عبر هذا "التجديد" المقدِّس للمذهب المالكي، هو تلك الحالة التي وصل إليها الفقهاء، في وقت ما، مع مسألة الدعوة إلى التقديس والخضوع للمشهور من الحديث النبوي، إذ أخذ البعض ينظر إلى أن مخالفة المشهور "من الناحية العلمية" خروجا عن جادة الشريعة وابتعادا عن خط الاستقامة في الاجتهاد.

فهل معنى هذا أنه يراد للمجتهدين بالمغرب، حسب الدعوة إلى التشبث بالمذهب المالكي كثابت من ثوابت البلاد، أن ينطلقوا من كون المنهج العلمي يقتضي أن مخالفة المذهب المالكي في مسألة ما هو خروج عن ثوابت البلاد وابتعاد عن خط الاستقامة في الدين والاجتهاد؟

إن تداول مصطلح "الخوارج عن المذهب المالكي" يحمل من الدلالات الدينية والسياسية ما يكفي للتلميح والتصريح باستخدام كافة أشكال الإقصاء الديني والمذهبي عن طريق التكفير، وكل طرق التهميش السياسي والاجتماعي عن طريق التجريم.

فـ"الخوارج" كما ترسخ في الوعي الجمعي، هم من كفروا مخالفيهم واعتبروهم خارج نطاق شرع الله، والقول بـانطباق ذلك على "خوارج المذهب المالكي" فيه الكثير من التجني على من لا يرى ضرورة علمية وواقعية للتشبث بالمذهب المالكي. إذ ليس كل من قال بغير المذهب المالكي هو خارج ومكفر للغير، لأن هذا التعميم غير المنهجي وغير العلمي في الخطاب والاستنتاج يؤدي إلى الضرب في عمق قيم الاختلاف والتسامح، ويعمل على هدم أسس المنهجية الديمقراطية في التعاطي مع مختلف فرقاء الساحة الفكرية أو الفقهية أو السياسية.

ألا يمكن اعتبار هذه النظرة إلى المجتهدين ضيقة ومنحازة. ضيقة، لأنها بنت مفهوم الاختلاف وموضوعه بالاقتصار على منظور المذهب المالكي لمختلف القضايا والأمور. ومنحازة، لغلوها وتطرفها وتشددها وتعصبها للمذهب وتحاملها على غير أتباعه؟

ألا يستشف أن هذه النظرة لا تعبر حتى على مستويات التحول، التي عرفها المذهب المالكي نفسه، من التشبث بالنصية في مرحلة ما، والانتقال إلى وضع مجاراة بعض متغيرات العصر في مراحل أخرى، على الرغم من الاستمرار الشكلي والظاهري في تشبث أصحاب المذهب بمناهج ورؤى أهل الأثر؟

إن بوادر وإرهاصات الإكثار من الاتكال على الإسناد، الملاحظ عند بعض الباحثين، والتقليل من أهمية الاهتمام بالقضايا والموضوعات والمشاكل المطروحة، هو أشد ما يخيف في طرح هؤلاء، وبالتالي يتضح أن أفق إعمال العقل والنقد، كما هو شأن أهل النظر، سيشهد نوعا من الضمور والاضمحلال في الساحة الفكرية والفقهية والسياسية، وهو مؤشر سلبي دال، في نظرنا، نتمنى من أصحاب هذا المنحى أن ينتبهوا له جيدا، ويعملوا على تفاديه، إن كانت المصلحة الوطنية، وصلاح أحوال المواطنين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تعنيهم بالدرجة الأولى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد أنباء سقوط طائرة الرئيس الإيراني.. المرشد الأعلى: لا تعط


.. عالم دين شيعي: حتى القانون الألهي لا يمكن أن يعتبره الجميع م




.. 202-Al-Baqarah


.. 204-Al-Baqarah




.. 206--Al-Baqarah