الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما هدف المشروع الأمريكى / السعودى من (تنقية التراث)؟

طلعت رضوان

2018 / 5 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أسفرتْ الإدارة الأمريكية عن وجهها الحقيقى فى دعم وترسيخ الأصولية الإسلامية، واعتبرتْ نفسها أنها الوريث الشرعى للأزهرولكل الأصوليين. وقد تبدى ذلك بموقف (عملى) حيث أعلن وزيرالخارجية الأمريكية تيلرسون (قبل إقالته من منصبه بأسبوع) أنه تـمّ إنشاء المكتب المشترك فى الرياض بهدف ((تنقية الكتب الدينية من التطرف، وذلك بإنتاج غيرها من الكتب، لتدريسها فى السعودية. وأنه سيتم توزيعها على مستوى العالم. وسيتم سحب جميع الكتب التى تــُـدرّس الآن. كما سيتم إعداد أئمة مساجد من شبان معتدلين، وذلك تحت رعاية خبراء من البيت الأبيض مباشرة))
وأرجوملاحظة أنّ إقالة تيلرسون من منصبه ليس بسبب هذا البيان عن الدورالأمريكى فيما يـُـسمى (تنقية الكتب الدينية) أوإشراف الأمريكان على أئمة المساجد، وإنما السبب الخلافات بين الرئيس الأمريكى ووزيرالخارجية، حول البرنامج النووى الإيرانى، والتجارة مع الصين المُـهـدّدة للتجارة الأمريكية ولميزان المدفوعات الأمريكى..إلخ.
كما أرجوملاحظة أنّ موضوع (تنقية كتب التراث) سبق أنْ تبناه ودافع عنه عتاة الأصوليين الإسلاميين، والأمثلة كثيرة فى أرشيفى أختارمن بينها الدعوى القضائية التى رفعها أحد المحامين ضد د.محمد سيد طنطاوى شيخ الجامع الأزهريـُـطالبه فيها بتجريــــد (= حذف) الأحاديث النبوية التى يعتقد مقيم الدعوى أنها تــُـسىء إلى الرسول. ثم جمـْـع النسخ الأصلية وهــى صحيح البخارى وصحيح مسلم وسنن أبوداود وسنن النسائى وسنن ابن ماجه وجامع الترمذى ومسند أحمد بن حنبـل من الأسواق ووضع ما أمكن منها فى المكتبات العامة. ويُحظرالإطلاع عليها لغيرالخاصة. كما يُحظرنقل ما لم يُـنقل منها فى التجريد (التفاصيل: صحيفة القاهرة 24/4/2007 ص3)
ذكــّـرتنى تلك الدعوى بمقالة د0وسيم السيسى فى صحيفة الأهرام والمتضمنة مناشـدة قداسة البابا (رأس الكنيسة المصرية) لحذف الآيات الواردة فى العهد القديم المُعادية لأجدادنا المصريين القدمــــاء. وذكــّـرتنى تلك الدعوى أيضًا بالدعوى القضائية التى أقامتها المواطنة الأيرلندية (كاثرين ماك أنثير) أمام المحكمـــة العليا بدبلن، وطالبتْ فيها بمنع تداول العهد القديم لأنه يُسيىء للحضارة المصرية (نقلا عن د0وسيم السيسى– مجلة روزاليوسف: 13– 19يناير2007)
وبالرغم من أننى أجللتُ تلك المواطنة الأيرلندية التى عقدتْ مقارنة بين ما ورد فى العهد القديم من لعنات ضـــد المصريين القدماء، وتحويل نهرالنيل والبيوت والأشجارإلى دم، والدعاء إلى إله العبرانيين ل ((قتل كل بكرفـى أرض مصرمن بكرالناس إلى بكرالبهائم )) ( خروج12: 29 وخروج13: 15 ومزمور78: 51 ) على سبيل المثال فقط، وبين معلوماتها عن الحضارة المصرية (نتيجة التعليم فى كل أوروبا) أنها الحضارة الوحيدة فى العالم القديم التى بزغ فيها (فجرالضمير) وبالرغم من أننى أتفق مع هذه المواطنة الأيرلندية فى أنّ صفحات العهد القديـــم تمتلىء بالعداء غيرالمبرر، لاعلى المستوى الإنسانى ولاعلى مستوى وقائع التاريخ، ضد أجدادنا المصريين القدماء، فإننى أرفض مصادرة أى حرف كتبه إنسان، حتى لوكنتُ أختلف تمامًا مع ما هومكتوب، وبناءً على ذلك فإننـــــى أختلف مع كل أصولى مدعوم من الأمريكان، لترويج (مشروع تنقية التراث العربى/الإسلامى)
فهل يجوزأنْ نرتد إلى عصورالظلمات، العصورالتى كانت تــُـصادرحرية الإنسان فى المعرفة، وتفرض عليه الوصاية، وتــُـحـدّد له ماذا يقرأ وماذا يحب وماذا يكره إلخ؟ وهل التراث الإنسانى (مهما كانت درجة اختلافنا معه) ملكٌ لشخص أوحتى لتيارفكرى بعينه، فيطالب بالحذف، لأنّ المكتوب فى هـذا الجزء أوذاك لايوافق توجهاته السياسية أوالدينية؟ أم أنّ التراث الإنسانى ملكٌ لكل البشر؟ ومن حقهم أنْ يطــّـلعــــــوا على هذا التراث، ثم لهم بعد ذلك أنْ يُحدّدوا موقفهم منه، سواء بالإتفاق أوبالاختلاف.
إنّ مشروع الأمريكان (فى السعودية) سيفتح الباب للمطالبة بحذف الكثيرالذى يـــــــراه الأصوليون لايتفق مع توجهاتهم، خصوصًا وقد سبق لكثيرين من التيارالأصولى، المطالبة بما أطلقوا عليه (تنقيح) مجمل التراث العربى الإسلامى الذى يرفضونه، مثل تاريخ الطبرى وتفسيره للقرآن، وتفسيرابن كثيـــــــر، الفتوحات المكية، السيرة الحلبية، أسد الغابة فى معرفة الصحابة لعزالدين بن الأثير( 7مجلدات) ومؤلفــــــــات اليعقوبى، البلاذرى ،المسعودى والواقدى إلخ ناهيك عن ألف ليلة وليلة والأغانى لأبى فرج الأصفهانى، والقائمـــة يطول ذكرها والأخطرمن ذلك أنّ الأصوليين يتمنون إحراق كتب كل مؤرخ موضوعى، مثل ابن عبد الحكـــــــم الذى أرّخ للغزوالعربى على مصروعلى بعض الشعوب الأخرى.
والمشروع الأمريكى سيحرم الباحث من التعرف على العقلية العربية والتعرف على موقف العرب من المرأة. فإذا كان حديث ((لايفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)) لم يقله الرسول، فإنه كاشف لنظرة العرب التى تحتقرالمرأة وترى أنها أقل من الرجل. وإذا كان حديث ((أمرتُ أنْ أقاتل النــــــاس حتى يشهدوا أن لا إله إلاّ الله..إلخ )) حديث لم يقله الرسول، فهوكاشف عن العقلية العربية التى ترى أنّ الدخول فى الإسلام كان بقتال غيرالمسلمين. صحيح أنّ هذا الحديث موضع خلاف كبير، ويراه البعض أنه من الأحاديث الموضوعة، بينما يراه الأصوليون من الأحاديث الصحيحة0 ووصل الأمرلدرجة أنّ أحد المستشرقين رفــض أنْ يُـنسب هذا الحديث إلى الرسول، لأنه يؤكد أنّ الإسلام انتشربحد السيف، فإذا بأحد شيوخ مجلة الأزهــريكتب أنّ هذا المستشرق يتعمّد الطعن فى عالمية الإسلام وإنكارورودها فى القرآن. وأنّ الحديث الذى يدّعى هــــذا المستشرق أنه موضوع هوحديث ((متفق عليه)) (مجلة الأزهر- نوفمبر1990 ص448)
وماذا سيفعل الأمريكان مع آلاف المكتبات التى تبيع كتب التراث؟ هل يـُـصادرونها؟ وألايـُـعتبرذلك تعديًا على الملكية الخاصة؟ وماذا عن ملايين النسخ الموجودة فى بيوت الأفراد؟ والمُـخزّنة على أجهزة الكمبيوتر؟
كما أنّ المشروع الأمريكى/السعودى قد يؤدى إلى مصادرة كتب الفيزيا والأحياء وكتب الإبداع والفلسفة..إلخ. وهكذا تتأكد حقيقة: إنّ الإدارة الأمريكية وراء دعم الأصوليات الدينية.
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انتاج فرعون جديد
ابراهيم الثلجي ( 2018 / 5 / 1 - 21:38 )
سيد طلعت الموضوع هذا له علاقة بمادته بالموضوع الاسبق حيث انك تقول ان امريكا تزيل النصوص الاصولية وتتجه بالسعودية المعتبره كبير السنة في العالم نحو الحداثة وقطعها وفك ارتباطها بام الكتاب والدين الاساس والسؤال من يبقى للدين المسلمين الكارهين لامريكا بالمعظم؟ الجواب الوحيد هم الشيعة او ما يسمى معسكر الممانعة شيعة ال بيت رسول الله
لاحظ عملية الاختزال والاحلال فخطة تيلرسون العالمية المعادية للتوحيد ليست وليدة افكاره بل هي صياغة كهنوتية بابوية يهودية لجعل الجسد الايماني يتقبل وكلاء لله على الارض لدرجة ان قد ينصبوا واحد ساقط مثل ترامب لهذه المهمة
ولا عجب ان يقول احدهم ان الدعوة الوهابية كانت من تصميم وزارة المستعمرات لاهداف تخصها واخرها محاربة الشيوعية
بالمجمل هم انفسهم يتكلمون عن المؤامرة وهي حقيقة كذلك وعند الضربة الصاروخية لسوريا فقد ارتفعت شعبيا اسهم ايران والاسد للعلالي وهذا هو المطلوب
سنة سياحية في لندن وديزني لاند وكهنوت ديني عاد ليحكم بمراجع تكتبها ايدي الكهنة ولا يهم من اي صنف ليعود حلف الكهان مع الحكام ويعود جلد ظهور العامة ونهبهم والراجل منهم حينها يطلب اجر او مقابل لجهده وعرقه


2 - انتاج فرعون جديد 2
ابراهيم الثلجي ( 2018 / 5 / 1 - 22:27 )
لاحقا لما تقدم فان المقصود من سياسة خلط الاوراق او قلبها ان صح التعبير هو جعل الشيعة الوريث الشرعي للتصدي والصمود ومقارعة امريكا واسرائيل لتحتل صدارة قيادة المسلمين مقابل السعودية واخواتها الخليجيات المنحلين عن الدين والاصول
وهنا يضمنوا التحول للفرقة التي تعبد الله وحده دون واسطة او وكيل ان تتحول للعبادة عبر الوسيط الولي المعصوم قدس سره
قد يقول قائل والراسمالية والحداثة هل تقبل بهذا؟؟
نعم هذا هو حلم الراسمالية الجديدة ان تنهب باسم رب مزعوم وهو بالحقيقة دجال او عرص يلبس ثياب القداسة ويامر الناس بالطاعة بصفته ابن الرب او مسميات اخرى ويا ويل حال الغلابة؟ هو في حد منهم يتجرا يطلب اجرة او حتى رغيف مع عرق جرجير ليقوي نفسه ويعمل بالسخرة ويخلف خلفه سلالة تعمل ببلاش في مزارع ومصانع الرب
يا اخوان الكهنوت محضر اكبر خازوق عرفته البشرية للكادحين ومذهب باسم الدين
تماما كما فعل فرعون مع شركائه العسكر وقضاة الزور وقارون البنك الدولي حينئذ
يوم تفتقت عبقريتهم على تسميته الها لا يطالبه فلاح او عامل باي اجر خوفا واحتراما
هذا هو الرب الدجال الذي تجهزه دوائر الكهنوت من كل الديانات

اخر الافلام

.. د. حامد عبد الصمد: الإلحاد جزء من منظومة التنوير والشكّ محرك


.. المجتمع اليهودي.. سلاح بيد -سوناك- لدعمه بالانتخابات البريطا




.. رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يزور كنيسا يهوديا في لندن


.. -الجنة المفقودة-.. مصري يستكشف دولة ربما تسمع عنها أول مرة




.. وجوه تقارب بين تنظيم الاخوان المسلمين والتنظيم الماسوني يطرح