الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجرد أسئلة حول حملة المقاطعة

عبدالله مهتدي

2018 / 5 / 3
المجتمع المدني


مجرد أسئلة حول المقاطعة؟
حينما اندلعت شرارة الأزمة الاقتصادية الرأسمالية بأوربا خاصة مع بدايات سنة 2008،أصبح كارل ماركس أكثر مقروئية ،خاصة بألمانيا بلاد الفلسفة بامتياز،بما يفسر هذا الزحف الهائل نحو كتب ماركس؟هل لأنه فكر الأزمات التاريخية ؟لنتذكر أن أطروحات كتبت في هذا المجال مع مفكرين كبار حول نهاية السرديات الكبرى ،لكن ذلك لم يمنع من العودة إلى ما أبدعه هذا الذي قال بأنه ليس ماركسيا ،إشارة إلى محاولات تحنيط الماركسية في قوالب جاهزة بعيدا عن جدلية وحيوية الفكر في مجابهة الواقع،إنها العودة من أجل الفهم،من أجل استيعاب حركية التاريخ في أفق الفعل فيها من منطلق الفاعلية الإنسانية،أكيد اغتنت الماركسية بعد ماركس،لكن الواقع هو أيضا تطور في اتجاه التعقيد،فصار يطرح على الفكر النقدي التاريخي الكثير من المخاطرة من أجل تعميق فهم ما وقع ويقع وسيقع،وفي قلب هذا الفكر النقدي التاريخي تبرز الماركسية .
ما علاقة ذلك بحملة المقاطعة ؟لا يهمني –على أهميته-من مع ومن ضد،فذلك تقرر أهميته نتائج المقاطعة نفسها،وثأتيرها على مرامي هؤلاء وأولئك،ما يهمني بالدرجة الأولى هو هذا السجال الذي برز على هامش فعل المقاطعة بين اليساريين،إن الجدال السياسي الذي اندلع حول الحملة إيجابي وحيوي ومفيد،أصوات مع المقاطعة،وأصوات ضدها،جهات تبحث عن من حرك الصخرة،وأخرى تحاول استغلال أي ثقب في جدار الخصم ،لم يتحول هذا الجدال السياسي مع الأسف إلى سجال فكري بين يساريين من مختلف المشارب،وهذه علته وضعفه،فمعارك كثيرة يخوضها اليسار بدون تقعيد فكري وأرضية نظرية،حتى النقاش بين اليسار الماركسي –سواء اعلن انتماءه للإشتراكية العلمية أو الماركسية اللينينيةأو الماوية أوالتروتسكية........تحس أنه بلا بوصلة مرجعية،وكأننا نتبنى النظرية،ونحلل من خارجها،إنه وجه من وجوه بؤس اليسار،البؤس الفكري الذي لم يستطع أن يتخلص من صدمة سقوط جدار برلين،و"فشل" الاشتراكيات المطبقة،رغم الاجتهادات اللاحقة ،أين هي المرجعيات النظرية والفكرية؟هل التعبئة انطلاقا من وسائط التواصل الإجتماعي كأسلوب جديد تغني عن التعبئة بالوسائل التقليدية؟هل النقاش على مواقع التواصل الإجتماعي يفرض هذا النوع من ضحالة الفكر النظري؟
ينبني فكر المقاطعة على تاريخ طويل من النضال المدني،في إطار ما يسمى بالمقاومة المدنية،وهي المقاومة التي تدير معاركها بأدوات سلمية ،لكن ضرباتها موجعة، فهل لها تأثير على حركة الطبقات؟هل هي معنية بميزان القوى داخل المجتمع؟من يدير المقاطعة،هل هي قوى تمارس على أرض الواقع ؟أم جهات في عالم الواقع الافتراضي؟ألا تحتاج المقاطعة إلى تأسيس وتقعيد نظريين؟أم تترك هكذاعرضة للعفوية والارتجال لأن "الجماهير" تتجاوب مع مطالبها ولو من باب الإنتقام النفسي التعويضي من غلاء المعيشة؟ أليس في كل حركة عفوية حد أدنى من التنظيم؟هل توجد عفوية في العمل السياسي الجماهيري أصلا؟ ألا تحتاج المقاطعة إلى سياسة مقاطعة؟أم أن قوتها في عفويتها ومقتلها في محاولات تنظيمها؟ من يقوم بتقييم حركة المقاطعة الحالية؟في أي اتجاه يتم الدفع بها؟اي أفق سياسي واقتصادي لها؟كيف يمكن استثمار ها سياسيا؟ماهي انعكاساتها على المدى القريب والمتوسط؟من يقاطع؟من المستهدف من المقاطعة؟هل المقاطعة الحالية تنمي الخبرات النضالية للجماهير المتضررة من الغلاء؟ هل هناك فلسفة ما خلف انتقائية المواد التي تتم مقاطعتها؟هل المقاطعة الحالية محاطة بضمانات نجاحها النظرية والفكرية والسياسية؟أم يغلب الحماس على مواقع التواصل الاجتماعي باعتباره فعلا في واقع افتراضي؟هل المقاطعة الحالية حركة عابرة أم مرتبطة بالرغبة في بناء حركة مقاومة مدنية ببعد جماهيري من أجل تغيير جدري؟كيف يمكن لحركة المقاطعة الحالية أن تتحول لحركة جماهيرية فعلية؟
أكيد لا يمكن الإستخفاف بحركة المقاطعة الجارية ،شريطة الاجابة على تساؤلات كثيرة ،فالمقاطعة تبقى من ابداعات الفعل النضالي الجماهيري،فلا نجاح بدون جماهيرية،يكفي أن نتذكر حركة مقاطعة باصات النقل العام في ولاية ألاباما الجنوبية ،انها كانت البداية لحركة جماهيرية شاملة شكلت الشرارة لالغاء جميع التعبيرات القانونية والمؤسساتية للتمييز العنصري ضد السود في الولايات المتحدة الأمريكية،كما أعطت دروسا كبرى في الوحدة والاصرار على الحقوق والمطالب.
على اليسار ألا يأخد دروسا من أحد،فله الخبرة النضالية الكافية شريطة أن يحرك الفكر إن أراد تحريك الواقع،والتأثير فيه.لا بديل عن ثورة ثقافية وسط اليسار تراهن على بناء الذات ،وسط المشترك،فالحقيقة لا يملكها طرف ما، والتغيير لن تصنعه الأوهام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظمة هيومن رايتس ووتش تدين مواقف ألمانيا تجاه المسلمين.. ما


.. الخارجية السودانية: المجاعة تنتشر في أنحاء من السودان بسبب ا




.. ناشطون يتظاهرون أمام مصنع للطائرات المسيرة الإسرائيلية في بر


.. إسرائيل تفرج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين عند حاجز عوفر




.. الأونروا تحذر... المساعدات زادت ولكنها غير كافية| #غرفة_الأخ